[ ص: 68 ] القول في البيان عن
nindex.php?page=treesubj&link=28860_28865معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=811230أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة " ، وذكر الأخبار الواردة بذلك
قال أبو جعفر : اختلفت النقلة في ألفاظ الخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
67 - فروي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد ، ونزل القرآن من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف : زاجر وآمر وحلال وحرام ، ومحكم ومتشابه ، وأمثال ، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه ، وافعلوا ما أمرتم به ، وانتهوا عما نهيتم عنه ، واعتبروا بأمثاله ، واعملوا بمحكمه ، وآمنوا بمتشابهه ، وقولوا : آمنا به كل من عند ربنا .
حدثني بذلك
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : أنبأنا
ابن وهب ، قال : أخبرني
حيوة بن شريح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16581عقيل بن خالد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16021سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، عن
ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 69 ] وروي عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا غير ذلك :
68 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، قال حدثنا
عباد بن زكريا ، عن
عوف ، عن
أبي قلابة ، قال : بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أنزل القرآن على سبعة أحرف ، أمر وزجر وترغيب وترهيب وجدل وقصص ومثل .
69 - وروي عن أبي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ما حدثني به
أبو كريب ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل ، عن
إسماعيل بن أبي خالد ، عن
عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، عن جده ، عن
أبي بن كعب ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811896قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد ، فقلت : رب خفف عن أمتي . قال : اقرأه على حرفين . فقلت : رب خفف عن أمتي . فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب من الجنة ، كلها شاف كاف .
وروي عن
ابن مسعود من قيله خلاف ذلك كله .
70 - وهو ما حدثنا به
أبو كريب ، قال : حدثنا
المحاربي ، عن
الأحوص بن حكيم ، عن
ضمرة بن حبيب ، عن
القاسم بن عبد الرحمن ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، قال : إن الله أنزل القرآن على خمسة أحرف : حلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال . فأحل الحلال ، وحرم الحرام ، واعمل بالمحكم ، وآمن بالمتشابه ، واعتبر بالأمثال .
[ ص: 70 ]
وكل هذه الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، متقاربة المعاني ، لأن قول القائل : فلان مقيم على باب من أبواب هذا الأمر ، وفلان مقيم على وجه من وجوه هذا الأمر ، وفلان مقيم على حرف من هذا الأمر - سواء . ألا ترى أن الله جل ثناؤه وصف قوما عبدوه على وجه من وجوه العبادات ، فأخبر عنهم أنهم عبدوه على حرف فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11ومن الناس من يعبد الله على حرف ) [ سورة الحج : 11 ] ، يعني أنهم عبدوه على وجه الشك ، لا على اليقين والتسليم لأمره .
فكذلك رواية من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810016نزل القرآن من سبعة أبواب " و "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810017نزل على سبعة أحرف " سواء ، معناهما مؤتلف ، وتأويلهما غير مختلف في هذا الوجه .
ومعنى ذلك كله ، الخبر منه صلى الله عليه وسلم عما خصه الله به وأمته ، من الفضيلة والكرامة التي لم يؤتها أحدا في تنزيله .
وذلك أن كل كتاب تقدم كتابنا نزوله على نبي من أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم ، فإنما نزل بلسان واحد ، متى حول إلى غير اللسان الذي نزل به ، كان ذلك له ترجمة وتفسيرا لا تلاوة له على ما أنزله الله .
وأنزل كتابنا بألسن سبعة ، بأي تلك الألسن السبعة تلاه التالي ، كان له تاليا على ما أنزله الله لا مترجما ولا مفسرا ، حتى يحوله عن تلك الألسن السبعة إلى غيرها ، فيصير فاعل ذلك حينئذ - إذا أصاب معناه - مترجما له . كما كان التالي
[ ص: 71 ] لبعض الكتب التي أنزلها الله بلسان واحد - إذا تلاه بغير اللسان الذي نزل به - له مترجما ، لا تاليا على ما أنزله الله به .
فذلك معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810018كان الكتاب الأول ، نزل على حرف واحد ، ونزل القرآن على سبعة أحرف .
وأما معنى قوله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810019إن الكتاب الأول نزل من باب واحد ، ونزل القرآن من سبعة أبواب " ، فإنه صلى الله عليه وسلم عنى بقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810020نزل الكتاب الأول من باب واحد " ، والله أعلم ، ما نزل من كتب الله على من أنزله من أنبيائه ، خاليا من الحدود والأحكام والحلال والحرام ، كزبور داود ، الذي إنما هو تذكير ومواعظ ، وإنجيل عيسى ، الذي هو تمجيد ومحامد وحض على الصفح والإعراض - دون غيرها من الأحكام والشرائع - وما أشبه ذلك من الكتب التي نزلت ببعض المعاني السبعة التي يحوي جميعها كتابنا ، الذي خص الله به نبينا
محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته . فلم يكن المتعبدون بإقامته يجدون لرضى الله تعالى ذكره مطلبا ينالون به الجنة ، ويستوجبون به منه القربة ، إلا من الوجه الواحد الذي أنزل به كتابهم ، وذلك هو الباب الواحد من أبواب الجنة الذي نزل منه ذلك الكتاب .
وخص الله نبينا
محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته ، بأن أنزل عليهم كتابه على أوجه سبعة من الوجوه التي ينالون بها رضوان الله ، ويدركون بها الفوز بالجنة ، إذا أقاموها فكل وجه من أوجهه السبعة باب من أبواب الجنة التي نزل منها القرآن . لأن العامل بكل وجه من أوجهه السبعة ، عامل في باب من أبواب الجنة ، وطالب من قبله الفوز بها . والعمل بما أمر الله جل ذكره في كتابه ، باب من أبواب الجنة ، وترك ما نهى الله عنه فيه; باب آخر ثان من أبوابها; وتحليل ما أحل الله فيه ، باب ثالث من أبوابها; وتحريم ما حرم الله فيه ، باب رابع من أبوابها;
[ ص: 72 ] والإيمان بمحكمه المبين ، باب خامس من أبوابها; والتسليم لمتشابهه الذي استأثر الله بعلمه وحجب علمه عن خلقه والإقرار بأن كل ذلك من عند ربه ، باب سادس من أبوابها; والاعتبار بأمثاله والاتعاظ بعظاته ، باب سابع من أبوابها .
فجميع ما في القرآن - من حروفه السبعة ، وأبوابه السبعة التي نزل منها - جعله الله لعباده إلى رضوانه هاديا ، ولهم إلى الجنة قائدا . فذلك معنى قوله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810016نزل القرآن من سبعة أبواب الجنة " .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم في القرآن : "
إن لكل حرف منه حدا " ، يعني لكل وجه من أوجهه السبعة حد حده الله جل ثناؤه ، لا يجوز لأحد أن يتجاوزه .
وقوله صلى الله عليه وسلم : "
وإن لكل حرف منها ظهرا وبطنا " ، فظهره : الظاهر في التلاوة ، وبطنه : ما بطن من تأويله .
وقوله : "
وإن لكل حد من ذلك مطلعا " ، فإنه يعني أن لكل حد من حدود الله التي حدها فيه - من حلال وحرام ، وسائر شرائعه - مقدارا من ثواب الله وعقابه ، يعاينه في الآخرة ، ويطلع عليه ويلاقيه في القيامة . كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه : "لو أن لي ما في الأرض من صفراء وبيضاء لافتديت به من هول المطلع " ، يعني بذلك ما يطلع عليه ويهجم عليه من أمر الله بعد وفاته .
[ ص: 68 ] الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28860_28865مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=811230أُنْزِلَ الْقُرْآنُ مِنْ سَبْعَةِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ " ، وَذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ بِذَلِكَ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : اخْتَلَفَتِ النَّقَلَةُ فِي أَلْفَاظِ الْخَبَرِ بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
67 - فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ الْكِتَابُ الْأَوَّلُ نَزَلَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَعَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ مِنْ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ وَعَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ : زَاجِرٍ وَآمِرٍ وَحَلَالٍ وَحَرَامٍ ، وَمُحْكَمٍ وَمُتَشَابِهٍ ، وَأَمْثَالٍ ، فَأَحِلُّوا حَلَالَهُ وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ ، وَافْعَلُوا مَا أُمِرْتُمْ بِهِ ، وَانْتَهُوا عَمَّا نُهِيتُمْ عَنْهُ ، وَاعْتَبِرُوا بِأَمْثَالِهِ ، وَاعْمَلُوا بِمُحْكَمِهِ ، وَآمِنُوا بِمُتَشَابِهِهِ ، وَقُولُوا : آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا .
حَدَّثَنِي بِذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=17418يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : أَنْبَأَنَا
ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي
حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16581عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16021سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
[ ص: 69 ] ورُوي عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم مُرْسَلا غيرُ ذلك :
68 - حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15573مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا
عَبَّادُ بْنُ زَكَرِيَّا ، عَنْ
عَوْفٍ ، عَنْ
أَبِي قِلَابَةَ ، قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ ، أَمْرٍ وَزَجْرٍ وَتَرْغِيبٍ وَتَرْهِيبٍ وَجَدَلٍ وَقَصَصٍ وَمَثَلٍ .
69 - وَرُوِيَ عَنْ أُبَيٍّ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ، مَا حَدَّثَنِي بِهِ
أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17011مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ
أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811896قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ ، فَقُلْتُ : رَبِّ خَفِّفْ عَنْ أُمَّتِي . قَالَ : اقْرَأْهُ عَلَى حَرْفَيْنِ . فَقُلْتُ : رَبِّ خَفِّفْ عَنْ أُمَّتِي . فَأَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَهُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ مِنْ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ مِنَ الْجَنَّةِ ، كُلُّهَا شَافٍ كَافٍ .
وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قِيلِهِ خِلَافُ ذَلِكَ كُلِّهِ .
70 - وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا بِهِ
أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
الْمُحَارِبِيُّ ، عَنِ
الْأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ ، عَنْ
ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ ، عَنِ
الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ عَلَى خَمْسَةِ أَحْرُفٍ : حَلَالٍ وَحَرَامٍ وَمُحْكَمٍ وَمُتَشَابِهٍ وَأَمْثَالٍ . فَأَحِلَّ الْحَلَالَ ، وَحَرِّمِ الْحَرَامَ ، وَاعْمَلْ بِالْمُحْكَمِ ، وَآَمِنْ بِالْمُتَشَابِهِ ، وَاعْتَبِرْ بِالْأَمْثَالِ .
[ ص: 70 ]
وَكُلُّ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مُتَقَارِبَةُ الْمَعَانِي ، لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ : فُلَانٌ مُقِيمٌ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابٍ هَذَا الْأَمْرِ ، وَفُلَانٌ مُقِيمٌ عَلَى وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ هَذَا الْأَمْرِ ، وَفُلَانٌ مُقِيمٌ عَلَى حَرْفٍ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ - سَوَاءٌ . أَلَّا تَرَى أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَصَفَ قَوْمًا عَبَدُوهُ عَلَى وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْعِبَادَاتِ ، فَأَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ عَبَدُوهُ عَلَى حَرْفٍ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ ) [ سُورَةُ الْحَجِّ : 11 ] ، يَعْنِي أَنَّهُمْ عَبَدُوهُ عَلَى وَجْهِ الشَّكِّ ، لَا عَلَى الْيَقِينِ وَالتَّسْلِيمِ لِأَمْرِهِ .
فَكَذَلِكَ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810016نَزَلَ الْقُرْآنُ مِنْ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ " وَ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810017نَزَلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ " سَوَاءٌ ، مَعْنَاهُمَا مُؤْتَلِفٌ ، وَتَأْوِيلُهُمَا غَيْرُ مُخْتَلِفٍ فِي هَذَا الْوَجْهِ .
وَمَعْنَى ذَلِكَ كُلِّهِ ، الْخَبَرُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ وَأُمَّتَهُ ، مِنَ الْفَضِيلَةِ وَالْكَرَامَةِ الَّتِي لَمْ يُؤْتِهَا أَحَدًا فِي تَنْزِيلِهِ .
وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ كِتَابٍ تَقَدَّمَ كِتَابَنَا نُزُولُهُ عَلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانٍ وَاحِدٍ ، مَتَى حُوِّلَ إِلَى غَيْرِ اللِّسَانِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ ، كَانَ ذَلِكَ لَهُ تَرْجَمَةً وَتَفْسِيرًا لَا تِلَاوَةً لَهُ عَلَى مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ .
وَأُنْزِلَ كِتَابُنَا بِأَلْسُنٍ سَبْعَةٍ ، بِأَيِّ تِلْكَ الْأَلْسُنِ السَّبْعَةِ تَلَاهُ التَّالِي ، كَانَ لَهُ تَالِيًا عَلَى مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ لَا مُتَرْجِمًا وَلَا مُفَسِّرًا ، حَتَّى يُحَوِّلَهُ عَنْ تِلْكَ الْأَلْسُنِ السَّبْعَةِ إِلَى غَيْرِهَا ، فَيَصِيرَ فَاعِلُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ - إِذَا أَصَابَ مَعْنَاهُ - مُتَرْجِمًا لَهُ . كَمَا كَانَ التَّالِي
[ ص: 71 ] لِبَعْضِ الْكُتُبِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ بِلِسَانٍ وَاحِدٍ - إِذَا تَلَاهُ بِغَيْرِ اللِّسَانِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ - لَهُ مُتَرْجِمًا ، لَا تَالِيًا عَلَى مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ بِهِ .
فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810018كَانَ الْكِتَابُ الْأَوَّلُ ، نَزَلَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ .
وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810019إِنَّ الْكِتَابَ الْأَوَّلَ نَزَلَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ مِنْ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ " ، فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنَى بِقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810020نَزَلَ الْكِتَابُ الْأَوَّلُ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ " ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، مَا نَزَلَ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ عَلَى مَنْ أَنْزَلَهُ مِنْ أَنْبِيَائِهِ ، خَالِيًا مِنَ الْحُدُودِ وَالْأَحْكَامِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ ، كَزَبُورِ دَاوُدَ ، الَّذِي إِنَّمَا هُوَ تَذْكِيرٌ وَمَوَاعِظُ ، وَإِنْجِيلِ عِيسَى ، الَّذِي هُوَ تَمْجِيدٌ وَمَحَامِدُ وَحَضٌّ عَلَى الصَّفْحِ وَالْإِعْرَاضِ - دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْأَحْكَامِ وَالشَّرَائِعِ - وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي نَزَلَتْ بِبَعْضِ الْمَعَانِي السَّبْعَةِ الَّتِي يَحْوِي جَمِيعَهَا كِتَابُنَا ، الَّذِي خَصَّ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّنَا
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتَهُ . فَلَمْ يَكُنِ الْمُتَعَبِّدُونَ بِإِقَامَتِهِ يَجِدُونَ لِرِضَى اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ مَطْلَبًا يَنَالُونَ بِهِ الْجَنَّةَ ، وَيَسْتَوْجِبُونَ بِهِ مِنْهُ الْقُرْبَةَ ، إِلَّا مِنَ الْوَجْهِ الْوَاحِدِ الَّذِي أُنْزِلَ بِهِ كِتَابُهُمْ ، وَذَلِكَ هُوَ الْبَابُ الْوَاحِدُ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الَّذِي نَزَلَ مِنْهُ ذَلِكَ الْكِتَابُ .
وَخَصَّ اللَّهُ نَبِيَّنَا
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتَهُ ، بِأَنْ أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ كِتَابَهُ عَلَى أَوْجُهٍ سَبْعَةٍ مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي يَنَالُونَ بِهَا رِضْوَانَ اللَّهِ ، وَيُدْرِكُونَ بِهَا الْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ ، إِذَا أَقَامُوهَا فَكُلُّ وَجْهٍ مِنْ أَوْجُهِهِ السَّبْعَةِ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الَّتِي نَزَلَ مِنْهَا الْقُرْآنُ . لِأَنَّ الْعَامِلَ بِكُلِّ وَجْهٍ مِنْ أَوْجُهِهِ السَّبْعَةِ ، عَامِلٌ فِي بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ، وَطَالِبٌ مِنْ قِبَلِهِ الْفَوْزَ بِهَا . وَالْعَمَلُ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ فِي كِتَابِهِ ، بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ، وَتَرْكُ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فِيهِ; بَابٌ آخَرُ ثَانٍ مِنْ أَبْوَابِهَا; وَتَحْلِيلُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِيهِ ، بَابٌ ثَالِثٌ مِنْ أَبْوَابِهَا; وَتَحْرِيمُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِيهِ ، بَابٌ رَابِعٌ مِنْ أَبْوَابِهَا;
[ ص: 72 ] وَالْإِيمَانُ بِمُحْكَمِهِ الْمُبِينِ ، بَابٌ خَامِسٌ مِنْ أَبْوَابِهَا; وَالتَّسْلِيمُ لِمُتَشَابِهِهِ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ وَحَجَبَ عِلْمَهُ عَنْ خَلْقِهِ وَالْإِقْرَارُ بِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ ، بَابٌ سَادِسٌ مِنْ أَبْوَابِهَا; وَالِاعْتِبَارُ بِأَمْثَالِهِ وَالِاتِّعَاظُ بِعِظَاتِهِ ، بَابٌ سَابِعٌ مِنْ أَبْوَابِهَا .
فَجَمِيعُ مَا فِي الْقُرْآنِ - مِنْ حُرُوفِهِ السَّبْعَةِ ، وَأَبْوَابِهِ السَّبْعَةِ الَّتِي نَزَلَ مِنْهَا - جَعَلَهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ إِلَى رِضْوَانِهِ هَادِيًا ، وَلَهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ قَائِدًا . فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810016نَزَلَ الْقُرْآنُ مِنْ سَبْعَةِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ " .
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُرْآنِ : "
إِنَّ لِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهُ حَدًّا " ، يَعْنِي لِكُلِّ وَجْهٍ مِنْ أَوْجُهِهِ السَّبْعَةِ حَدٌّ حَدَّهُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ، لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَجَاوَزَهُ .
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
وَإِنَّ لِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا ظَهْرًا وَبَطْنًا " ، فَظَهْرُهُ : الظَّاهِرُ فِي التِّلَاوَةِ ، وَبَطْنُهُ : مَا بَطَنَ مِنْ تَأْوِيلِهِ .
وَقَوْلُهُ : "
وَإِنَّ لِكُلِّ حَدٍّ مِنْ ذَلِكَ مُطَّلَعًا " ، فَإِنَّهُ يَعْنِي أَنَّ لِكُلِّ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ الَّتِي حَدَّهَا فِيهِ - مِنْ حَلَالٍ وَحَرَامٍ ، وَسَائِرِ شَرَائِعِهِ - مِقْدَارًا مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ وَعِقَابِهِ ، يُعَايِنُهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ وَيُلَاقِيهِ فِي الْقِيَامَةِ . كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : "لَوْ أَنَّ لِي مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ لَافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ " ، يَعْنِي بِذَلِكَ مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ وَيَهْجُمُ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ .