القول في درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما ( 96 ) ) تأويل قوله (
قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه : "درجات منه" ، فضائل منه ومنازل من منازل الكرامة .
واختلف أهل التأويل في معنى "الدرجات" التي قال جل ثناؤه : درجات منه .
فقال بعضهم بما : -
10256 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " درجات منه ومغفرة ورحمة " ، كان يقال : الإسلام درجة ، والهجرة في الإسلام درجة ، والجهاد في الهجرة درجة ، والقتل في الجهاد درجة .
وقال آخرون بما : -
10257 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : سألت ابن زيد عن قول الله تعالى : " وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه " "الدرجات" هي السبع التي ذكرها في "سورة براءة" : ( ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ) فقرأ حتى بلغ : [ ص: 98 ] ( أحسن ما كانوا يعملون ) [ سورة التوبة : 120 - 121 ] . قال : هذه السبع الدرجات . قال : وكان أول شيء ، فكانت درجة الجهاد مجملة ، فكان الذي جاهد بماله له اسم في هذه ، فلما جاءت هذه الدرجات بالتفصيل أخرج منها ، فلم يكن له منها إلا النفقة ، فقرأ : ( لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ) ، وقال : ليس هذا لصاحب النفقة . ثم قرأ : ( ولا ينفقون نفقة ) ، قال : وهذه نفقة القاعد .
وقال آخرون : عنى بذلك درجات الجنة .
ذكر من قال ذلك .
10258 - حدثنا علي بن الحسن الأزدي قال : حدثنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن عن هشام بن حسان ، . عن جبلة بن سحيم ابن محيريز في قوله : " وفضل الله المجاهدين على القاعدين " ، إلى قوله : درجات قال : الدرجات سبعون درجة ، ما بين الدرجتين حضر الفرس الجواد المضمر سبعين سنة .
قال أبو جعفر : وأولى التأويلات بتأويل قوله : "درجات منه" ، أن يكون معنيا به درجات الجنة ، كما قال ابن محيريز . لأن قوله تعالى ذكره : "درجات منه" : ترجمة وبيان عن قوله : "أجرا عظيما" ، ومعلوم أن "الأجر" ، إنما هو الثواب والجزاء . [ ص: 99 ] وإذ كان ذلك كذلك ، وكانت "الدرجات والمغفرة والرحمة" ترجمة عنه ، كان معلوما أن لا وجه لقول من وجه معنى قوله : "درجات منه" ، إلى الأعمال وزيادتها على أعمال القاعدين عن الجهاد ، كما قال قتادة وابن زيد : وإذ كان ذلك كذلك ، وكان الصحيح من تأويل ذلك ما ذكرنا ، فبين أن معنى الكلام : وفضل الله المجاهدين في سبيل الله على القاعدين من غير أولي الضرر ، أجرا عظيما ، وثوابا جزيلا وهو درجات أعطاهموها في الآخرة من درجات الجنة ، رفعهم بها على القاعدين بما أبلوا في ذات الله .
ومغفرة يقول : وصفح لهم عن ذنوبهم ، فتفضل عليهم بترك عقوبتهم عليها
ورحمة يقول : ورأفة بهم وكان الله غفورا رحيما يقول : ولم يزل الله غفورا لذنوب عباده المؤمنين ، يصفح لهم عن العقوبة عليها "رحيما" بهم ، يتفضل عليهم بنعمه ، مع خلافهم أمره ونهيه ، وركوبهم معاصيه .