القول في تأويل قوله ( إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا ( 168 ) إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا ( 169 ) )
قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : إن الذين جحدوا رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، فكفروا بالله بجحود ذلك ، وظلموا بمقامهم على الكفر على علم منهم ، بظلمهم عباد الله ، وحسدا للعرب ، وبغيا على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم" لم يكن الله ليغفر لهم " ، يعني : لم يكن الله ليعفو عن ذنوبهم بتركه عقوبتهم عليها ، ولكنه يفضحهم بها بعقوبته إياهم عليها " ولا ليهديهم طريقا " ، يقول : ولم يكن الله تعالى ذكره ليهدي هؤلاء الذين كفروا وظلموا ، الذين وصفنا صفتهم ، فيوفقهم لطريق من الطرق التي ينالون بها ثواب الله ، ويصلون بلزومهم إياه إلى الجنة ، ولكنه يخذلهم عن ذلك ، حتى يسلكوا طريق جهنم . وإنما كنى بذكر"الطريق" عن الدين . وإنما معنى الكلام : لم يكن الله ليوفقهم للإسلام ، ولكنه يخذلهم عنه إلى"طريق جهنم" ، وهو الكفر ، يعني : حتى يكفروا بالله ورسله ، فيدخلوا جهنم"خالدين فيها أبدا" ، يقول : مقيمين فيها أبدا"وكان ذلك على الله يسيرا" ، يقول : وكان تخليد هؤلاء الذين وصفت لكم صفتهم في جهنم ، [ ص: 412 ] على الله يسيرا ، لأنه لا يقدر من أراد ذلك به على الامتناع منه ، ولا له أحد يمنعه منه ، ولا يستصعب عليه ما أراد فعله به من ذلك ، وكان ذلك على الله يسيرا ، لأن الخلق خلقه ، والأمر أمره .