الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا ( 168 ) إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا ( 169 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : إن الذين جحدوا رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، فكفروا بالله بجحود ذلك ، وظلموا بمقامهم على الكفر على علم منهم ، بظلمهم عباد الله ، وحسدا للعرب ، وبغيا على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم" لم يكن الله ليغفر لهم " ، يعني : لم يكن الله ليعفو عن ذنوبهم بتركه عقوبتهم عليها ، ولكنه يفضحهم بها بعقوبته إياهم عليها " ولا ليهديهم طريقا " ، يقول : ولم يكن الله تعالى ذكره ليهدي هؤلاء الذين كفروا وظلموا ، الذين وصفنا صفتهم ، فيوفقهم لطريق من الطرق التي ينالون بها ثواب الله ، ويصلون بلزومهم إياه إلى الجنة ، ولكنه يخذلهم عن ذلك ، حتى يسلكوا طريق جهنم . وإنما كنى بذكر"الطريق" عن الدين . وإنما معنى الكلام : لم يكن الله ليوفقهم للإسلام ، ولكنه يخذلهم عنه إلى"طريق جهنم" ، وهو الكفر ، يعني : حتى يكفروا بالله ورسله ، فيدخلوا جهنم"خالدين فيها أبدا" ، يقول : مقيمين فيها أبدا"وكان ذلك على الله يسيرا" ، يقول : وكان تخليد هؤلاء الذين وصفت لكم صفتهم في جهنم ، [ ص: 412 ] على الله يسيرا ، لأنه لا يقدر من أراد ذلك به على الامتناع منه ، ولا له أحد يمنعه منه ، ولا يستصعب عليه ما أراد فعله به من ذلك ، وكان ذلك على الله يسيرا ، لأن الخلق خلقه ، والأمر أمره .

التالي السابق


الخدمات العلمية