اختلفت القرأة في قراءة ذلك . تأويل قوله (
فقرأه بعضهم : ( شنآن ) بتحريك"الشين والنون" إلى الفتح ، بمعنى : بغض قوم ، توجيها منهم ذلك إلى المصدر الذي يأتي على"فعلان" ، نظير"الطيران" و"النسلان" و"العسلان" و"الرملان" .
وقرأ ذلك آخرون : شنآن قوم بتسكين"النون" وفتح"الشين" بمعنى : الاسم ، توجيها منهم معناه إلى : لا يجرمنكم بغيض قوم فيخرج"شنآن" على تقدير"فعلان" ، لأن"فعل" منه على"فعل" كما يقال : "سكران" من"سكر" ، و"عطشان" من"عطش" ، وما أشبه ذلك من الأسماء .
قال أبو جعفر : والذي هو أولى القراءتين في ذلك بالصواب ، قراءة من قرأ : ( شنآن قوم ) بفتح"النون" محركة ، لشائع تأويل أهل التأويل على أن معناه : بغض قوم وتوجيههم ذلك إلى معنى المصدر دون معنى الاسم .
وإذ كان ذلك موجها إلى معنى المصدر ، فالفصيح من كلام العرب فيما جاء من المصادر على"الفعلان" بفتح"الفاء" ، تحريك ثانيه دون تسكينه ، كما وصفت من قولهم : "الدرجان" و"الرملان" ، من"درج" و"رمل" ، فكذلك"الشنآن" من"شنئته أشنؤه شنآنا" ، ومن العرب من يقول : "شنان" على تقدير"فعال" ، ولا أعلم قارئا قرأ ذلك كذلك ، ومن ذلك قول الشاعر : [ ص: 487 ]
وما العيش إلا ما تلذ وتشتهي وإن لام فيه ذو الشنان وفندا
وهذا في لغة من ترك الهمز من"الشنآن" ، فصار على تقدير"فعال" وهو في الأصل"فعلان" .
ذكر من قال من أهل التأويل : "شنآن قوم" ، بغض قوم .
10993 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : "ولا يجرمنكم شنآن قوم" ، لا يحملنكم بغض قوم .
10994 - وحدثني به المثنى مرة أخرى بإسناده ، عن ابن عباس فقال : لا يحملنكم عداوة قوم أن تعتدوا .
10995 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : "ولا يجرمنكم شنآن قوم" ، لا يجرمنكم بغض قوم .
10996 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : "ولا يجرمنكم شنآن قوم " ، قال : بغضاؤهم ، أن تعتدوا .