[ ص: 134 ] القول في تأويل قوله عز ذكره (
nindex.php?page=treesubj&link=28976_30961_20032_22201_22210nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين ( 13 ) )
قال
أبو جعفر : وهذا أمر من الله عز ذكره نبيه
محمدا صلى الله عليه وسلم بالعفو عن هؤلاء القوم الذين هموا أن يبسطوا أيديهم إليه من اليهود . يقول الله جل وعز له : اعف ، يا
محمد ، عن هؤلاء اليهود الذين هموا بما هموا به من بسط أيديهم إليك وإلى أصحابك بالقتل ، واصفح لهم عن جرمهم بترك التعرض لمكروههم ، فإني أحب من أحسن العفو والصفح إلى من أساء إليه .
وكان
قتادة يقول : هذه منسوخة . ويقول : نسختها آية "براءة" : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) الآية [ سورة التوبة : 29 ] .
11593 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة في قوله : "فاعف عنهم واصفح" ، قال : نسختها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ) .
11594 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
حجاج بن المنهال قال : حدثنا
همام ، عن
قتادة : "فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين" ، ولم يؤمر يومئذ بقتالهم ، فأمره الله عز ذكره أن يعفو عنهم ويصفح . ثم نسخ ذلك في"براءة" فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) [ سورة التوبة : 29 ] ، وهم أهل الكتاب ، فأمر الله
[ ص: 135 ] جل ثناؤه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقاتلهم حتى يسلموا أو يقروا بالجزية .
11595 - حدثنا
سفيان بن وكيع قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16513عبدة بن سليمان قال : قرأت على
ابن أبي عروبة ، عن
قتادة ، نحوه .
قال
أبو جعفر : والذي قاله
قتادة غير مدفوع إمكانه ، غير أن الناسخ الذي لا شك فيه من الأمر ، هو ما كان نافيا كل معاني خلافه الذي كان قبله ، فأما ما كان غير ناف جميعه ، فلا سبيل إلى العلم بأنه ناسخ إلا بخبر من الله جل وعز أو من رسوله صلى الله عليه وسلم . وليس في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) دلالة على الأمر بنفي معاني الصفح والعفو عن اليهود .
وإذ كان ذلك كذلك ، وكان جائزا ، مع إقرارهم بالصغار ، وأدائهم الجزية بعد القتال ، الأمر بالعفو عنهم في غدرة هموا بها ، أو نكثة عزموا عليها ، ما لم ينصبوا حربا دون أداء الجزية ، ويمتنعوا من الأحكام اللازمتهم لم يكن واجبا أن يحكم لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) الآية ، بأنه ناسخ قوله : "فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين" .
[ ص: 134 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ ذِكْرُهُ (
nindex.php?page=treesubj&link=28976_30961_20032_22201_22210nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ( 13 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ نَبِيَّهُ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَفْوِ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ هَمُّوا أَنْ يَبْسُطُوا أَيْدِيَهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْيَهُودِ . يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ لَهُ : اعْفُ ، يَا
مُحَمَّدُ ، عَنْ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ الَّذِينَ هَمُّوا بِمَا هَمُّوا بِهِ مِنْ بَسْطِ أَيْدِيهِمْ إِلَيْكَ وَإِلَى أَصْحَابِكَ بِالْقَتْلِ ، وَاصْفَحْ لَهُمْ عَنْ جُرْمِهِمْ بِتَرْكِ التَّعَرُّضِ لَمَكْرُوهِهِمْ ، فَإِنِّي أُحِبُّ مَنْ أَحْسَنَ الْعَفْوَ وَالصَّفْحَ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ .
وَكَانَ
قَتَادَةُ يَقُولُ : هَذِهِ مَنْسُوخَةٌ . وَيَقُولُ : نَسَخَتْهَا آيَةُ "بَرَاءَةٌ" : ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ) الْآيَةَ [ سُورَةُ التَّوْبَةِ : 29 ] .
11593 - حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ : "فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ" ، قَالَ : نَسَخَتْهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ) .
11594 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ : حَدَّثَنَا
هَمَّامٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ : "فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" ، وَلَمْ يُؤْمَرْ يَوْمَئِذٍ بِقِتَالِهِمْ ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَيَصْفَحَ . ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فِي"بَرَاءَةٌ" فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) [ سُورَةُ التَّوْبَةِ : 29 ] ، وَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ ، فَأَمَرَ اللَّهُ
[ ص: 135 ] جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُقِرُّوا بِالْجِزْيَةِ .
11595 - حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16513عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى
ابْنِ أَبِي عُرُوبَةَ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، نَحْوَهُ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَالَّذِي قَالَهُ
قَتَادَةُ غَيْرُ مَدْفُوعٍ إِمْكَانُهُ ، غَيْرَ أَنَّ النَّاسِخَ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ مِنَ الْأَمْرِ ، هُوَ مَا كَانَ نَافِيًا كُلَّ مَعَانِي خِلَافِهِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ ، فَأَمَّا مَا كَانَ غَيْرَ نَافٍ جَمِيعَهُ ، فَلَا سَبِيلَ إِلَى الْعِلْمِ بِأَنَّهُ نَاسِخٌ إِلَّا بِخَبَرٍ مِنَ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ أَوْ مِنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ) دَلَالَةٌ عَلَى الْأَمْرِ بِنَفْيِ مَعَانِي الصَّفْحِ وَالْعَفْوِ عَنِ الْيَهُودِ .
وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، وَكَانَ جَائِزًا ، مَعَ إِقْرَارِهِمْ بِالصَّغَارِ ، وَأَدَائِهِمُ الْجِزْيَةَ بَعْدَ الْقِتَالِ ، الْأَمْرُ بِالْعَفْوِ عَنْهُمْ فِي غَدْرَةٍ هَمُّوا بِهَا ، أَوْ نَكْثَةٍ عَزَمُوا عَلَيْهَا ، مَا لَمْ يَنْصِبُوا حَرْبًا دُونَ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ ، وَيَمْتَنِعُوا مِنَ الْأَحْكَامِ اللَّازِمَتِهِمْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا أَنْ يُحْكَمَ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ) الْآيَةَ ، بِأَنَّهُ نَاسِخٌ قَوْلَهُ : "فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" .