القول في تأويل قوله عز ذكره (
nindex.php?page=treesubj&link=28976_28826nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم ) "
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ولو شاء ربكم لجعل شرائعكم واحدة ، ولم يجعل لكل أمة شريعة ومنهاجا غير شرائع الأمم الأخر ومنهاجهم ، فكنتم تكونون أمة واحدة لا تختلف شرائعكم ومنهاجكم ، ولكنه تعالى ذكره يعلم ذلك ، فخالف بين شرائعكم ليختبركم ، فيعرف المطيع منكم من العاصي ، والعامل بما أمره في الكتاب الذي أنزله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم من المخالف .
و"الابتلاء" : هو الاختبار ، وقد أبنت ذلك بشواهده فيما مضى قبل .
وقوله : "فيما آتاكم " ، يعني : فيما أنزل عليكم من الكتب ، كما : -
[ ص: 390 ] 12148 - حدثنا
القاسم ، قال ، حدثنا
الحسين ، قال ، حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48ولكن ليبلوكم فيما آتاكم ) قال
عبد الله بن كثير : لا أعلمه إلا قال ، ليبلوكم فيما آتاكم من الكتب .
فإن قال قائل : وكيف قال : " ليبلوكم فيما آتاكم " ، ومن المخاطب بذلك؟ وقد ذكرت أن المعني بقوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا " نبينا مع الأنبياء الذين مضوا قبله وأممهم ، والذين قبل نبينا صلى الله عليه وسلم على حدة؟
قيل : إن الخطاب وإن كان لنبينا صلى الله عليه وسلم : فإنه قد أريد به الخبر عن الأنبياء قبله وأممهم . ولكن العرب من شأنها إذا خاطبت إنسانا وضمت إليه غائبا ، فأرادت الخبر عنه ، أن تغلب المخاطب ، فيخرج الخبر عنهما على وجه الخطاب ، فلذلك قال تعالى ذكره : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا " .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ ذِكْرُهُ (
nindex.php?page=treesubj&link=28976_28826nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ) "
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَلَوْ شَاءَ رَبُّكُمْ لَجَعَلَ شَرَائِعَكُمْ وَاحِدَةً ، وَلَمْ يَجْعَلْ لِكُلِّ أُمَّةٍ شَرِيعَةً وَمِنْهَاجًا غَيْرَ شَرَائِعِ الْأُمَمِ الْأُخَرَ وَمِنْهَاجِهِمْ ، فَكُنْتُمْ تَكُونُونَ أُمَّةً وَاحِدَةً لَا تَخْتَلِفُ شَرَائِعُكُمْ وَمِنْهَاجُكُمْ ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ ، فَخَالَفَ بَيْنَ شَرَائِعِكُمْ لِيَخْتَبِرَكُمْ ، فَيَعْرِفَ الْمُطِيعَ مِنْكُمْ مِنَ الْعَاصِي ، وَالْعَامِلَ بِمَا أَمَرَهُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَهُ إِلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُخَالِفِ .
وَ"الِابْتِلَاءُ" : هُوَ الِاخْتِبَارُ ، وَقَدْ أَبَنْتُ ذَلِكَ بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ .
وَقَوْلُهُ : "فِيمَا آتَاكُمْ " ، يَعْنِي : فِيمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكُتُبِ ، كَمَا : -
[ ص: 390 ] 12148 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ ، حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ ، حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِيمَا آتَاكُمْ ) قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ : لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ ، لِيَبْلُوَكُمْ فِيمَا آتَاكُمْ مِنَ الْكُتُبِ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : وَكَيْفَ قَالَ : " لِيَبْلُوَكُمْ فِيمَا آتَاكُمْ " ، وَمَنِ الْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ؟ وَقَدْ ذَكَرْتَ أَنَّ الْمَعْنِيَّ بِقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا " نَبِيُّنَا مَعَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ مَضَوْا قَبْلَهُ وَأُمَمِهِمْ ، وَالَّذِينَ قَبْلَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِدَةٍ؟
قِيلَ : إِنَّ الْخِطَابَ وَإِنْ كَانَ لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَإِنَّهُ قَدْ أُرِيدَ بِهِ الْخَبَرُ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ وَأُمَمِهِمْ . وَلَكِنَّ الْعَرَبَ مِنْ شَأْنِهَا إِذَا خَاطَبَتْ إِنْسَانًا وَضَمَّتْ إِلَيْهِ غَائِبًا ، فَأَرَادَتِ الْخَبَرَ عَنْهُ ، أَنْ تُغَلِّبَ الْمُخَاطَبَ ، فَيَخْرُجُ الْخَبَرُ عَنْهُمَا عَلَى وَجْهِ الْخِطَابِ ، فَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا " .