القول في تأويل قوله ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر )
قال أبو جعفر : يقول : وعند الله مفاتح الغيب .
و " المفاتح " : جمع " مفتح " يقال فيه : " مفتح " و " مفتاح " . فمن قال : " مفتح " جمعه " مفاتح " ومن قال : " مفتاح " جمعه " مفاتيح " .
ويعني بقوله : " وعنده مفاتح الغيب " خزائن الغيب ، كالذي : -
13305 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : " السدي وعنده مفاتح الغيب " قال يقول : خزائن الغيب .
13306 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن مسعر ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة ، عن ابن مسعود قال : أعطي نبيكم كل شيء إلا مفاتح الغيب . [ ص: 402 ]
13307 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ابن عباس : " وعنده مفاتح الغيب " قال : هن خمس : إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث إلى إن الله عليم خبير [ سورة لقمان : 34 ] .
قال أبو جعفر : فتأويل الكلام إذا : والله أعلم بالظالمين من خلقه ، وما هم مستحقوه وما هو بهم صانع ، فإن عنده علم ما غاب علمه عن خلقه فلم يطلعوا عليه ولم يدركوه ، ولن يعلموه ولن يدركوه " ويعلم ما في البر والبحر " يقول : وعنده علم ما لم يغب أيضا عنكم ، لأن ما في البر والبحر مما هو ظاهر للعين ، يعلمه العباد . فكأن معنى الكلام : وعند الله علم ما غاب عنكم ، أيها الناس ، مما لا تعلمونه ولن تعلموه مما استأثر بعلمه نفسه ، ويعلم أيضا مع ذلك جميع ما يعلمه جميعكم ، لا يخفى عليه شيء ، لأنه لا شيء إلا ما يخفى عن الناس أو ما لا يخفى عليهم . فأخبر الله - تعالى ذكره - أن عنده علم كل شيء كان ويكون ، وما هو كائن مما لم يكن بعد ، وذلك هو الغيب .