القول في تأويل قوله ( وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون ( 61 ) )
قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : " وهو القاهر " والله الغالب خلقه ، العالي عليهم بقدرته ، لا المقهور من أوثانهم وأصنامهم ، المذلل المعلو عليه [ ص: 409 ] لذلته " ويرسل عليكم حفظة " وهي ملائكته الذين يتعاقبونكم ليلا ونهارا ، يحفظون أعمالكم ويحصونها ، ولا يفرطون في حفظ ذلك وإحصائه ولا يضيعون .
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
13323 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن قوله : " السدي ويرسل عليكم حفظة " قال : هي المعقبات من الملائكة ، يحفظونه ويحفظون عمله .
13324 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا قال : حدثنا يزيد بن زريع سعيد ، عن قتادة قوله : " وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون " يقول : حفظة ، يا ابن آدم ، يحفظون عليك عملك ورزقك وأجلك ، إذا توفيت ذلك قبضت إلى ربك " حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون " يقول - تعالى ذكره - : إن ربكم يحفظكم برسل يعقب بينها ، يرسلهم إليكم بحفظكم وبحفظ أعمالكم ، إلى أن يحضركم الموت ، وينزل بكم أمر الله ، فإذا جاء ذلك أحدكم ، توفاه أملاكنا الموكلون بقبض الأرواح ، ورسلنا المرسلون به " وهم لا يفرطون " في ذلك فيضيعونه .
فإن قال قائل : أوليس الذي يقبض الأرواح ملك الموت ، فكيف قيل : " توفته رسلنا " " والرسل " جملة وهو واحد ؟ أوليس قد قال : قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم [ سورة السجدة : 11 ] ؟ [ ص: 410 ]
قيل : جائز أن يكون الله - تعالى ذكره - أعان ملك الموت بأعوان من عنده ، فيتولون ذلك بأمر ملك الموت ، فيكون " التوفي " مضافا وإن كان ذلك من فعل أعوان ملك الموت إلى ملك الموت إذ كان فعلهم ما فعلوا من ذلك بأمره ، كما يضاف قتل من قتل أعوان السلطان وجلد من جلدوه بأمر السلطان ، إلى السلطان ، وإن لم يكن السلطان باشر ذلك بنفسه ، ولا وليه بيده .
وقد تأول ذلك كذلك جماعة من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
13325 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن إدريس قال : حدثنا الحسن بن عبيد الله ، عن إبراهيم في قوله : " حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون " قال : كان ابن عباس يقول : لملك الموت أعوان من الملائكة .
13326 - حدثني أبو السائب قال : حدثنا ابن إدريس ، عن الحسن بن عبيد الله في قوله : " توفته رسلنا وهم لا يفرطون " قال : سئل ابن عباس عنها فقال : . إن لملك الموت أعوانا من الملائكة
13327 - حدثنا قال : حدثنا محمد بن بشار عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن إبراهيم في قوله : " توفته رسلنا وهم لا يفرطون " قال : أعوان ملك الموت .
13328 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم : " توفته رسلنا وهم لا يفرطون " قال : الرسل توفى الأنفس ، ويذهب بها ملك الموت .
13329 - حدثنا هناد قال : حدثنا حفص ، عن الحسن بن عبيد الله ، [ ص: 411 ] عن إبراهيم ، عن ابن عباس : " توفته رسلنا وهم لا يفرطون " أعوان ملك الموت من الملائكة .
13330 - [ حدثنا هناد قال : حدثنا حفص ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن ابن عباس : " توفته رسلنا وهم لا يفرطون " . قال : أعوان ملك الموت من الملائكة ] .
13331 - حدثنا هناد قال : حدثنا قبيصة ، عن سفيان ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن إبراهيم : " توفته رسلنا " قال : هم الملائكة أعوان ملك الموت .
13332 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور قال : حدثنا معمر ، عن قتادة : " توفته رسلنا " قال : إن ملك الموت له رسل ، فيرسل ويرفع ذلك إليه وقال الكلبي : إن ملك الموت هو يلي ذلك ، فيدفعه ، إن كان مؤمنا إلى ملائكة الرحمة ، وإن كان كافرا إلى ملائكة العذاب .
13333 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : " توفته رسلنا " قال : يلي قبضها الرسل ، ثم يدفعونها إلى ملك الموت .
13334 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن منصور عن إبراهيم في قوله : " توفته رسلنا " قال : تتوفاه الرسل ، ثم يقبض منهم ملك الموت الأنفس قال الثوري : وأخبرني الحسن بن عبيد الله ، عن إبراهيم قال : هم أعوان لملك الموت قال الثوري : وأخبرني [ ص: 412 ] رجل ، عن مجاهد قال : جعلت الأرض لملك الموت مثل الطست يتناول من حيث شاء ، وجعلت له أعوان يتوفون الأنفس ثم يقبضها منهم .
13335 حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا ابن إدريس ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن إبراهيم ، عن ابن عباس في قوله : " توفته رسلنا " قال : أعوان ملك الموت من الملائكة .
13336 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن إبراهيم قال : الملائكة أعوان ملك الموت .
13337 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا قبيصة ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم : " توفته رسلنا " قال : يتوفونه ، ثم يدفعونه إلى ملك الموت .
13338 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه قال : سألت الربيع بن أنس عن ملك الموت ، أهو وحده الذي يقبض الأرواح ، قال : هو الذي يلي أمر الأرواح ، وله أعوان على ذلك ، ألا تسمع إلى قول الله - تعالى ذكره - : ح تى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم ؟ [ سورة الأعراف : 37 ] . وقال : " توفته رسلنا وهم لا يفرطون " غير أن ملك الموت هو الذي يسير ، كل خطوة منه من المشرق إلى المغرب . قلت : أين تكون أرواح المؤمنين ؟ قال : عند السدرة في الجنة .
13339 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا محمد بن مسلم ، عن إبراهيم بن ميسرة ، عن مجاهد قال : ما من أهل بيت شعر ولا مدر إلا وملك الموت يطيف بهم كل يوم مرتين .
وقد بينا أن معنى " التفريط " التضييع ، فيما مضى قبل . وكذلك تأوله المتأولون في هذا الموضع . [ ص: 413 ]
13340 - حدثنا المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " وهم لا يفرطون " يقول : لا يضيعون .
13341 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : " وهم لا يفرطون " قال : لا يضيعون . السدي