قال أبو جعفر : وهذا خبر من الله جل ثناؤه عما تقول رسل الله التي تقبض أرواح هؤلاء الكفار لها ، يخبر عنها أنها تقول لأجسامها ولأصحابها : " أخرجوا أنفسكم " إلى سخط الله ولعنته ، فإنكم اليوم تثابون على كفركم بالله ، وقيلكم عليه الباطل ، وزعمكم أن الله أوحى إليكم ولم يوح إليكم شيئا ، وإنكاركم أن يكون الله أنزل على بشر شيئا ، واستكباركم عن الخضوع لأمر الله وأمر رسوله ، والانقياد لطاعته " عذاب الهون " وهو عذاب جهنم الذي يهينهم فيذلهم ، حتى يعرفوا صغار أنفسهم وذلتها ، كما : -
13568 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : أما " السدي عذاب الهون " فالذي يهينهم . [ ص: 541 ]
13569 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج ، عن : " ابن جريج اليوم تجزون عذاب الهون " قال : عذاب الهون في الآخرة " بما كنتم تعملون " .
والعرب إذا أرادت ب " الهون " معنى " الهوان " ضمت " الهاء " وإذا أرادت به الرفق والدعة وخفة المئونة ، فتحت " الهاء " فقالوا : هو " قليل هون المئونة " ومنه قول الله : الذين يمشون على الأرض هونا ) [ سورة الفرقان : 63 ] ، يعني : بالرفق والسكينة والوقار ، ومنه قول جندل بن المثنى الطهوي :
ونقض أيام نقضن أسره هونا وألقى كل شيخ فخره
ومنه قول الآخر :
هونكما لا يرد الدهر ما فاتا لا تهلكا أسفا في إثر من ماتا
[ ص: 542 ] يريد : أرودا . وقد حكي فتح " الهاء " في ذلك بمعنى " الهوان " واستشهدوا على ذلك ببيت عامر بن جوين :
يهين النفوس ، وهون النفو س عند الكريهة أغلى لها
والمعروف من كلامهم ، ضم " الهاء " منه ، إذا كان بمعنى الهوان والذل ، كما قال ذو الإصبع العدواني :
اذهب إليك فما أمي براعية ترعى المخاض ولا أغضي على الهون
يعني : على الهوان وإذا كان بمعنى الرفق ، ففتحها .