القول في تأويل قوله ( كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون ( 122 ) )
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : كما خذلت هذا الكافر - الذي يجادلكم أيها المؤمنون بالله ورسوله ، في أكل ما حرمت عليكم من المطاعم - عن الحق ، فزينت له سوء عمله فرآه حسنا ، ليستحق به ما أعددت له من أليم العقاب ، كذلك زينت لغيره ممن كان على مثل ما هو عليه من الكفر بالله وآياته ، ما كانوا يعملون من معاصي الله ، ليستوجبوا بذلك من فعلهم ، ما لهم عند ربهم من النكال .
قال أبو جعفر : وفي هذا أوضح البيان على تكذيب الله الزاعمين أن الله فوض الأمور إلى خلقه في أعمالهم ، فلا صنع له في أفعالهم ، وأنه قد سوى بين جميعهم في [ ص: 93 ] الأسباب التي بها يصلون إلى الطاعة والمعصية ؛ لأن ذلك لو كان كما قالوا ، لكان قد زين لأنبيائه وأوليائه من الضلالة والكفر ، نظير ما زين من ذلك لأعدائه وأهل الكفر به ، وزين لأهل الكفر به من الإيمان به ، نظير الذي زين منه لأنبيائه وأوليائه . وفي إخباره جل ثناؤه أنه زين لكل عامل منهم عمله ، ما ينبئ عن تزيين الكفر والفسوق والعصيان ، وخص أعداءه وأهل الكفر ، بتزيين الكفر لهم والفسوق والعصيان ، وكره إليهم الإيمان به والطاعة .