القول في واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب ( 25 ) ) تأويل قوله (
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله : " اتقوا " ، أيها المؤمنون " فتنة " ، يقول : اختبارا من الله يختبركم ، وبلاء يبتليكم " لا تصيبن " ، هذه الفتنة التي حذرتكموها " الذين ظلموا " ، وهم الذين فعلوا ما ليس لهم فعله ، إما أجرام أصابوها ، وذنوب بينهم وبين الله ركبوها . يحذرهم جل ثناؤه أن يركبوا له معصية ، أو يأتوا مأثما يستحقون بذلك منه عقوبة . * * *
وقيل : إن هذه الآية نزلت في قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم الذين عنوا بها .
* ذكر من قال ذلك :
15903 - حدثنا قال ، حدثنا محمد بن المثنى محمد بن إبراهيم قال ، حدثنا الحسن بن أبي جعفر قال ، حدثنا ، عن داود بن أبي هند الحسن في قوله : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) ، قال : نزلت في علي ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير ، رحمة الله عليهم .
15904 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) ، قال قتادة : قال : لقد نزلت وما نرى أحدا منا يقع بها . ثم خلفنا في إصابتنا خاصة . [ ص: 474 ] الزبير بن العوام
15905 - حدثني المثنى قال ، حدثنا زيد بن عوف أبو ربيعة قال ، حدثنا حماد ، عن حميد ، عن الحسن : أن قال : نزلت هذه الآية : ( الزبير بن العوام واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) ، وما نظننا أهلها ، ونحن عنينا بها .
15906 - . . . . قال ، حدثنا قبيصة ، عن سفيان ، عن الصلت بن دينار ، عن ابن صهبان قال : سمعت يقول : قرأت هذه الآية زمانا ، وما أرانا من أهلها ، فإذا نحن المعنيون بها : ( الزبير بن العوام واتقوا فتنه لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب ) .
15907 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن : ( السدي واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصه ) ، قال : هذه نزلت في أهل بدر خاصة ، وأصابتهم يوم الجمل ، فاقتتلوا .
15908 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن ابن أبي خالد ، عن : ( السدي واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب ) ، قال : أصحاب الجمل .
15909 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو صالح قال ، حدثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) ، قال : أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم ، فيعمهم الله بالعذاب . [ ص: 475 ]
15910 - . . . . قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) ، قال : هي أيضا لكم .
15911 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) ، قال : " الفتنة " ، الضلالة .
15912 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن المسعودي ، عن القاسم قال : قال عبد الله : ما منكم من أحد إلا وهو مشتمل على فتنة ، إن الله يقول : ( إنما أموالكم وأولادكم فتنة ) [ سورة الأنفال : 28 ] ، فليستعذ بالله من مضلات الفتن .
15913 - حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا ، عن مبارك بن فضالة الحسن قال : قال الزبير : لقد خوفنا بها يعني قوله : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) . * * *
واختلف أهل العربية في تأويل ذلك .
فقال بعض نحويي البصرة : ( اتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا ) ، قوله : " لا تصيبن " ، ليس بجواب ، ولكنه نهي بعد أمر ، ولو كان جوابا ما دخلت " النون " . * * *
وقال بعض نحويي الكوفة قوله : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا ) ، أمرهم ثم نهاهم . وفيه طرف من الجزاء ، وإن كان نهيا . قال : ومثله قوله : [ ص: 476 ] ( يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان ) ، [ سورة النمل : 18 ] ، أمرهم ثم نهاهم ، وفيه تأويل الجزاء .
وكأن معنى الكلام عنده : اتقوا فتنة ، إن لم تتقوها أصابتكم . * * *
وأما قوله : ( واعلموا أن الله شديد العقاب ) ، فإنه تحذير من الله ، ووعيد لمن واقع الفتنة التي حذره إياها بقوله : ( واتقوا فتنة ) ، يقول : اعلموا ، أيها المؤمنون ، أن ربكم شديد عقابه لمن افتتن بظلم نفسه ، وخالف أمره ، فأثم به . * * *