قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره للمؤمنين به : أطيعوا ، أيها المؤمنون ، ربكم ورسوله فيما أمركم به ونهاكم عنه ، ولا تخالفوهما في شيء " ولا تنازعوا فتفشلوا " ، يقول : ولا تختلفوا فتفرقوا وتختلف قلوبكم " فتفشلوا " ، يقول : فتضعفوا وتجبنوا ، " وتذهب ريحكم " . * * *
وهذا مثل . يقال للرجل إذا كان مقبلا ما يحبه ويسر به " الريح مقبلة عليه " ، يعني بذلك : ما يحبه ، ومن ذلك قول عبيد بن الأبرص :
كما حميناك يوم النعف من شطب والفضل للقوم من ريح ومن عدد
[ ص: 576 ]يعني : من البأس والكثرة . * * *
وإنما يراد به في هذا الموضع : وتذهب قوتكم وبأسكم ، فتضعفوا ويدخلكم الوهن والخلل . * * *
" واصبروا " ، يقول : اصبروا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم عند لقاء عدوكم ، ولا تنهزموا عنه وتتركوه " إن الله مع الصابرين " ، يقول : اصبروا فإني معكم .
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
* ذكر من قال ذلك :
16163 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : " وتذهب ريحكم " ، قال : نصركم . قال : وذهبت ريح أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، حين نازعوه يوم أحد .
16164 - حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " وتذهب ريحكم " ، فذكر نحوه .
16165 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد ، نحوه إلا أنه قال : ريح أصحاب محمد حين تركوه يوم أحد .
16166 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن : " السدي ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " ، قال : [ ص: 577 ] حدكم وجدكم .
16167 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : " وتذهب ريحكم " ، قال : ريح الحرب .
16168 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : " وتذهب ريحكم " ، قال : " الريح " ، النصر ، لم يكن نصر قط إلا بريح يبعثها الله تضرب وجوه العدو ، فإذا كان ذلك لم يكن لهم قوام .
16169 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " ولا تنازعوا فتفشلوا " ، أي : لا تختلفوا فيتفرق أمركم " وتذهب ريحكم " ، فيذهب حدكم " واصبروا إن الله مع الصابرين " ، أي : إني معكم إذا فعلتم ذلك .
16170 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد ، في قوله : " ولا تنازعوا فتفشلوا " ، قال : الفشل ، الضعف عن جهاد عدوه والانكسار لهم ، فذلك " الفشل " . [ ص: 578 ] * * *