القول في تأويل قوله تعالى : ( إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون ( 6 ) )
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره منبها عباده على موضع الدلالة على ربوبيته ، وأنه خالق كل ما دونه : إن في اعتقاب الليل النهار ، واعتقاب النهار الليل ، إذا ذهب هذا جاء هذا ، وإذا جاء هذا ذهب هذا ، وفيما خلق الله في السماوات من الشمس والقمر والنجوم ، وفي الأرض من عجائب الخلق الدالة على أن لها صانعا ليس كمثله شيء ( لآيات ) ، يقول : لأدلة وحججا وأعلاما واضحة ( لقوم يتقون ) الله ، فيخافون وعيده ويخشون عقابه على إخلاص العبادة لربهم . [ ص: 25 ]
فإن قال قائل : أو لا دلالة فيما خلق الله في السماوات والأرض على صانعه ، إلا لمن اتقى الله ؟
قيل : في ذلك الدلالة الواضحة على صانعه لكل من صحت فطرته ، وبرئ من العاهات قلبه . ولم يقصد بذلك الخبر عن أن فيه الدلالة لمن كان قد أشعر نفسه تقوى الله وإنما معناه : إن في ذلك لآيات لمن اتقى عقاب الله ، فلم يحمله هواه على خلاف ما وضح له من الحق ، لأن ذلك يدل كل ذي فطرة صحيحة على أن له مدبرا يستحق عليه الإذعان له بالعبودة ، دون ما سواه من الآلهة والأنداد .