[ ص: 493 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب ( 110 ) )
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره ، مسليا نبيه في تكذيب مشركي قومه إياه فيما أتاهم به من عند الله ، بفعل بني إسرائيل بموسى فيما أتاهم به من عند الله . يقول له تعالى ذكره : ولا يحزنك ، يا محمد ، تكذيب هؤلاء المشركين لك ، وامض لما أمرك به ربك من تبليغ رسالته ، فإن الذي يفعل بك هؤلاء من ردذ ما جئتهم به عليك من النصيحة من فعل ضربائهم من الأمم قبلهم وسنة من سنتهم .
ثم أخبره جل ثناؤه بما فعل قوم موسى به فقال : ( ولقد آتينا موسى الكتاب ) ، يعني : التوراة ، كما آتيناك الفرقان ، فاختلف في ذلك الكتاب قوم موسى ، فكذب به بعضهم وصدق به بعضهم ، كما قد فعل قومك بالفرقان من تصديق بعض به ، وتكذيب بعض ( ولولا كلمة سبقت من ربك ) ، يقول تعالى ذكره : ولولا كلمة سبقت ، يا محمد ، من ربك بأنه لا يعجل على خلقه العذاب ، ولكن يتأنى حتى يبلغ الكتاب أجله ( لقضي بينهم ) ، يقول : لقضي بين المكذب منهم به والمصدق ، بإهلاك الله المكذب به منهم ، وإنجائه المصدق به ( وإنهم لفي شك منه مريب ) ، يقول : وإن المكذبين به منهم لفي شك من حقيقته أنه من عند الله ( مريب ) ، يقول : يريبهم ، فلا يدرون أحق هو أم باطل؟ ولكنهم فيه ممترون .