قال أبو جعفر : يقول : ثم يجيء من بعد السنين السبع التي تزرعون فيها دأبا ، سنون سبع شداد ، يقول : جدوب قحطة ( يأكلن ما قدمتم لهن ) ، يقول : يؤكل فيهن ما قدمتم في إعداد ما أعددتم لهن في السنين السبعة الخصبة من الطعام والأقوات .
وقال جل ثناؤه : ( يأكلن ) ، فوصف السنين بأنهن ( يأكلهن ) ، وإنما المعنى : أن أهل تلك الناحية يأكلون فيهن ، كما قيل :
نهارك يا مغرور سهو وغفلة وليلك نوم والردى لك لازم
[ ص: 127 ]فوصف النهار بالسهو والغفلة ، والليل بالنوم ، وإنما يسهى في هذا ويغفل فيه ، وينام في هذا ، لمعرفة المخاطبين بمعناه والمراد منه .
( إلا قليلا مما تحصنون ) ، يقول : إلا يسيرا مما تحرزونه .
والإحصان : التصيير في الحصن ، وإنما المراد منه الإحراز .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
19371 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله : ( يأكلن ما قدمتم لهن ) ، يقول : يأكلن ما كنتم اتخذتم فيهن من القوت ( إلا قليلا مما تحصنون ) .
19372 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد ) ، وهن الجدوب المحول ( يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ) .
19373 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد ) ، وهن الجدوب ، ( يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ) ، مما تدخرون . [ ص: 128 ]
19374 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله : ( إلا قليلا مما تحصنون ) ، يقول : تخزنون .
19375 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن قال قال ابن جريج ابن عباس : ( تحصنون ) ، تحرزون .
19376 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن : ( السدي يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ) ، قال : مما ترفعون .
قال أبو جعفر : وهذه الأقوال في قوله : ( تحصنون ) ، وإن اختلفت ألفاظ قائليها فيه ، فإن معانيها متقاربة ، وأصل الكلمة وتأويلها على ما بينت .