القول في ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون ( 83 ) ) تأويل قوله تعالى : (
قال أبو جعفر : وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن ، بعدما أخذ الله ميثاقهم على الوفاء له ، بأن لا يعبدوا غيره ، وأن يحسنوا إلى الآباء والأمهات ، ويصلوا الأرحام ، ويتعطفوا على الأيتام ، ويؤدوا حقوق أهل المسكنة إليهم ، ويأمروا عباد الله بما أمرهم الله به ويحثوهم على طاعته ، ويقيموا الصلاة بحدودها وفرائضها ، ويؤتوا زكاة أموالهم - فخالفوا أمره في ذلك كله ، وتولوا عنه معرضين ، إلا من عصمه الله منهم ، فوفى لله بعهده وميثاقه ، كما : - يهود بني إسرائيل ، أنهم نكثوا عهده ونقضوا ميثاقه
1461 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، عن بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك عن ابن عباس قال : لما فرض الله جل وعز عليهم - يعني : على هؤلاء الذين وصف الله أمرهم في كتابه من بني إسرائيل - هذا الذي ذكر أنه أخذ ميثاقهم به ، أعرضوا عنه استثقالا له وكراهية ، وطلبوا ما خف عليهم إلا قليلا منهم ، وهم الذين استثنى الله فقال : ( ثم توليتم ) ، يقول : أعرضتم عن طاعتي ، ( إلا قليلا منكم ) ، قال : القليل الذين اخترتهم [ ص: 299 ] لطاعتي ، وسيحل عقابي بمن تولى وأعرض عنها يقول : تركها استخفافا بها . .
1462 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة قال : حدثنا ابن إسحاق قال : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن سعيد بن جبير ، أو عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون ) ، أي تركتم ذلك كله .
وقال بعضهم : عنى الله جل ثناؤه بقوله : ( وأنتم معرضون ) ، اليهود الذين كانوا على عهد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وعنى بسائر الآية أسلافهم . كأنه ذهب إلى أن معنى الكلام : ( ثم توليتم إلا قليلا منكم ) : ثم تولى سلفكم إلا قليلا منهم ، ولكنه جعل خطابا لبقايا نسلهم - على ما ذكرناه فيما مضى قبل - ثم قال : وأنتم يا معشر بقاياهم معرضون أيضا عن الميثاق الذي أخذ عليكم بذلك ، وتاركوه ترك أوائلكم .
وقال آخرون : بل قوله : ( ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون ) ، خطاب لمن كان بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهود بني إسرائيل ، وذم لهم بنقضهم الميثاق الذي أخذ عليهم في التوراة ، وتبديلهم أمر الله ، وركوبهم معاصيه .