يقول تبارك وتعالى : وإذا أنعمنا على الإنسان ، فنجيناه من كرب ما هو فيه في البحر ، وهو ما قد أشرف فيه عليه من الهلاك بعصوف الريح عليه إلى البر ، وغير ذلك من نعمنا ، أعرض عن ذكرنا ، وقد كان بنا مستغيثا دون كل أحد سوانا في حال الشدة التي كان فيها ( ونأى بجانبه ) يقول : وبعد منا بجانبه ، يعني بنفسه ، ( كأن لم يدعنا إلى ضر مسه ) قبل ذلك .
كما حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن مجاهد ، في قوله ( ونأى بجانبه ) قال : تباعد منا .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد ، مثله .
والقراءة على تصيير الهمزة في نأى قبل الألف ، وهي اللغة الفصيحة ، وبها نقرأ . وكان بعض أهل المدينة يقرأ ذلك " وناء " فيصير الهمزة بعد الألف ، وذلك وإن كان لغة جائزة قد جاءت عن العرب بتقديمهم في نظائر ذلك الهمز [ ص: 540 ] في موضع هو فيه مؤخر ، وتأخيرهموه في موضع ، هو مقدم ، كما قال الشاعر :
أعلام يقلل راء رؤيا فهو يهذي بما رأى في المنام
وكما قال آبار وهي أبآر ، فقدموا الهمزة ، فليس ذلك هو اللغة الجودى ، بل الأخرى هي الفصيحة .
وقوله عز وجل ( وإذا مسه الشر كان يئوسا ) يقول : وإذا مسه الشر والشدة كان قنوطا من الفرج والروح .
وبنحو الذي قلنا في اليئوس ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا علي بن داود ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( وإذا مسه الشر كان يئوسا ) يقول : قنوطا .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وإذا مسه الشر كان يئوسا ) يقول : إذا مسه الشر أيس وقنط .