يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم :
نحن يا محمد نقص عليك خبر هؤلاء الفتية الذين أووا إلى الكهف بالحق ، يعني : بالصدق واليقين الذي لا شك فيه ( إنهم فتية آمنوا بربهم ) يقول : إن الفتية الذين أووا إلى الكهف الذين سألك عن نبئهم الملأ من مشركي قومك ، فتية آمنوا بربهم ، ( وزدناهم هدى ) يقول : وزدناهم إلى إيمانهم بربهم إيمانا ، وبصيرة بدينهم ، حتى صبروا على هجران دار قومهم ، والهرب من بين أظهرهم بدينهم إلى الله ، وفراق ما كانوا فيه من خفض العيش ولينه ، إلى خشونة المكث في كهف الجبل .
وقوله : ( وربطنا على قلوبهم ) يقول عز ذكره :
وألهمناهم الصبر ، وشددنا قلوبهم بنور الإيمان حتى عزفت أنفسهم عما كانوا عليه من خفض العيش .
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد عن قتادة ( وربطنا على قلوبهم ) يقول : بالإيمان .
وقوله : ( إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض ) يقول : حين قاموا بين يدي الجبار دقينوس ، فقالوا له إذ عاتبهم على تركهم عبادة آلهته ( ربنا رب السماوات والأرض ) يقول : قالوا ربنا ملك السماوات والأرض وما فيهما من شيء ، وآلهتك مربوبة ، وغير جائز لنا أن نترك عبادة الرب ونعبد المربوب ( لن ندعو من دونه إلها ) يقول : لن ندعو من دون رب السماوات والأرض إلها ، لأنه لا إله غيره ، وإن كل ما دونه فهو خلقه ( لقد قلنا إذا شططا ) يقول جل ثناؤه : لئن دعونا إلها غير إله السماوات والأرض ، لقد قلنا إذن بدعائنا غيره إلها ، شططا من القول : يعني غاليا من الكذب ، مجاوزا مقداره في البطول والغلو : كما قال الشاعر :
ألا يا لقومي قد أشطت عواذلي ويزعمن أن أودى بحقي باطلي
[ ص: 616 ]
يقال منه : قد أشط فلان في السوم إذا جاوز القدر وارتفع ، يشط إشطاطا وشططا . فأما من البعد فإنما يقال : شط منزل فلان يشط شطوطا ، ومن الطول : شطت الجارية تشط شطاطا وشطاطة : إذا طالت .
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله ( شططا ) قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( لقد قلنا إذا شططا ) يقول كذبا .
حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( لقد قلنا إذا شططا ) قال : لقد قلنا إذن خطأ ، قال : الشطط : الخطأ من القول .