يقول تعالى ذكره : سيقول بعض الخائضين في أمر الفتية من أصحاب الكهف ، هم ثلاثة رابعهم كلبهم ، ويقول بعضهم : هم خمسة سادسهم كلبهم ( رجما بالغيب ) : يقول : قذفا بالظن غير يقين علم ، كما قال الشاعر :
وأجعل مني الحق غيبا مرجما
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ) : أي قذفا بالغيب .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( رجما بالغيب ) قال : قذفا بالظن .
وقوله ( ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم ) يقول : ويقول بعضهم : هم سبعة وثامنهم كلبهم .
( قل ربي أعلم بعدتهم ) يقول عز ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لقائلي هذه الأقوال في عدد الفتية من أصحاب الكهف رجما منهم بالغيب : ( ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم ) يقول : ما يعلم عددهم ( إلا قليل ) من خلقه . [ ص: 642 ]
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ما يعلمهم إلا قليل ) يقول : قليل من الناس .
وقال آخرون : بل عنى بالقليل : أهل الكتاب .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، ابن عباس ( ما يعلمهم إلا قليل ) قال : يعني أهل الكتاب ، وكان ابن عباس يقول : أنا ممن استثناه الله ، ويقول : عدتهم سبعة .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ( ما يعلمهم إلا قليل ) قال : أنا من القليل ، كانوا سبعة .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، ذكر لنا أن ابن عباس كان يقول : أنا من أولئك القليل الذين استثنى الله ، كانوا سبعة وثامنهم كلبهم .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال : قال ابن جريج ابن عباس : ، وأنا ممن استثنى الله . عدتهم سبعة وثامنهم كلبهم
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( ما يعلمهم إلا قليل ) قال : كان ابن عباس يقول : أنا من القليل ، هم سبعة وثامنهم كلبهم .
وقوله : ( فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ) يقول عز ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فلا تمار يا محمد : يقول : لا تجادل أهل الكتاب فيهم ، يعني في عدة أهل الكهف ، وحذفت العدة اكتفاء بذكرهم فيها لمعرفة السامعين بالمراد .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : ( فلا تمار فيهم ) قال : لا تمار في عدتهم .
وقوله : ( إلا مراء ظاهرا ) اختلف أهل التأويل في معنى المراء الظاهر الذي استثناه الله ، ورخص فيه لنبيه صلى الله عليه وسلم ، فقال بعضهم : هو ما قص [ ص: 643 ] الله في كتابه أبيح له أن يتلوه عليهم ، ولا يماريهم بغير ذلك .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ) يقول : حسبك ما قصصت عليك فلا تمار فيهم .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد ( فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ) يقول : إلا بما قد أظهرنا لك من أمرهم .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ) : أي حسبك ما قصصنا عليك من شأنهم .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ( فلا تمار فيهم ) قال : حسبك ما قصصنا عليك من شأنهم .
حدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ) يقول : حسبك ما قصصنا عليك .
وقال آخرون : المراء الظاهر هو أن يقول ليس كما تقولون ، ونحو هذا من القول .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : ( إلا مراء ظاهرا ) قال : أن يقول لهم : ليس كما تقولون ، ليس تعلمون عدتهم إن قالوا كذا وكذا فقل ليس كذلك ، فإنهم لا يعلمون عدتهم ، وقرأ سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ) حتى بلغ ( رجما بالغيب ) .
وقوله : ( ولا تستفت فيهم منهم أحدا ) يقول تعالى ذكره : ولا تستفت في عدة الفتية من أصحاب الكهف منهم ، يعني من أهل الكتاب أحدا ، لأنهم لا يعلمون عدتهم ، وإنما يقولون فيهم رجما بالغيب ، لا يقينا من القول .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا يحيى بن عيسى ، عن سفيان ، عن قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : ( ولا تستفت فيهم منهم أحدا ) [ ص: 644 ] قال : هم أهل الكتاب .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( ولا تستفت فيهم منهم أحدا ) من يهود .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد ( ولا تستفت فيهم منهم أحدا ) : من يهود ، قال : ولا تسأل يهود عن أمر أصحاب الكهف ، إلا ما قد أخبرتك من أمرهم .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ولا تستفت فيهم منهم أحدا ) : من أهل الكتاب . كنا نحدث أنهم كانوا بني الركنا والركنا : ملوك الروم ، رزقهم الله الإسلام ، فتفردوا بدينهم ، واعتزلوا قومهم ، حتى انتهوا إلى الكهف ، فضرب الله على أصمختهم ، فلبثوا دهرا طويلا حتى هلكت أمتهم وجاءت أمة مسلمة بعدهم ، وكان ملكهم مسلما .