القول في تأويل فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ( 101 ) ) قوله تعالى : (
اختلف أهل التأويل في المعني بقوله : ( فإذا نفخ في الصور ) من النفختين أيتهما عني بها ، فقال بعضهم : عني بها النفخة الأولى .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا قال : ثنا حكام بن سلم ، عمرو بن مطرف ، عن عن المنهال بن عمرو ، سعيد بن جبير ، أن رجلا أتى ابن عباس فقال : سمعت الله يقول : ( فلا أنساب بينهم يومئذ ) . . . الآية ، وقال في آية أخرى : ( وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ) فقال : أما قوله : ( فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) فذلك في النفخة الأولى ، فلا يبقى على الأرض شيء ( فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) وأما قوله : ( وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ) فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون .
[ ص: 72 ] حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفيان ، عن في قوله : ( السدي ، فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) قال : في النفخة الأولى .
حدثنا علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) فذلك حين ينفخ في الصور ، فلا حي يبقى إلا الله ( وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ) فذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية .
قال أبو جعفر : فمعنى ذلك على هذا التأويل : فإذا نفخ في الصور ، فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ، فلا أنساب بينهم يومئذ يتواصلون بها ، ولا يتساءلون ، ولا يتزاورون ، فيتساءلون عن أحوالهم وأنسابهم .
وقال آخرون : بل عني بذلك النفخة الثانية .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن فضيل ، عن هارون بن أبي وكيع ، قال : سمعت زاذان يقول : أتيت ابن مسعود ، وقد اجتمع الناس إليه في داره ، فلم أقدر على مجلس ، فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، من أجل أني رجل من العجم تحقرني؟ قال : ادن! قال : فدنوت ، فلم يكن بيني وبينه جليس ، فقال : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رءوس الأولين والآخرين ، قال : وينادي مناد : ألا إن هذا فلان ابن فلان ، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه ، قال : فتفرح المرأة يومئذ أن يكون لها حق على ابنها ، أو على أبيها ، أو على أخيها ، أو على زوجها ( فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا عيسى بن يونس ، عن هارون بن عنترة ، عن زاذان ، قال : سمعت ابن مسعود يقول : يؤخذ العبد أو الأمة يوم القيامة ، فينصب على رءوس الأولين والآخرين ، ثم ينادي مناد ، ثم ذكر نحوه ، وزاد فيه : فيقول الرب تبارك وتعالى للعبد : أعط هؤلاء حقوقهم ، فيقول : أي رب ، فنيت الدنيا ، فمن أين أعطيهم؟ فيقول للملائكة : خذوا من أعماله الصالحة وأعطوا لكل إنسان بقدر طلبته ، فإن كان له فضل مثقال حبة من خردل ضاعفها الله له حتى يدخله بها الجنة ، ثم تلا ابن مسعود ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ) وإن كان عبدا شقيا ، قالت الملائكة : ربنا ، فنيت حسناته وبقي طالبون كثير ، فيقول : خذوا من أعمالهم السيئة فأضيفوها إلى سيئاته ، وصكوا له صكا إلى النار .
[ ص: 73 ] قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج : ( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) قال : لا يسأل أحد يومئذ بنسب شيئا ، ولا يتساءلون ، ولا يمت إليه برحم .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني محمد بن كثير ، عن حفص بن المغيرة ، عن قتادة ، قال : ليس شيء أبغض إلى الإنسان يوم القيامة من أن يرى من يعافه ، مخافة أن يذوب له عليه شيء ، ثم قرأ ( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ) .
قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا الحكم بن سنان ، عن سدوس صاحب السائري ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " . " . إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، نادى مناد من أهل العرش : يا أهل التظالم تداركوا مظالمكم ، وادخلوا الجنة