[ ص: 297 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا ( 52 ) )
اختلف أهل التأويل في
nindex.php?page=treesubj&link=29004_11468_23676تأويل قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لا يحل لك النساء من بعد ) فقال بعضهم : معنى ذلك : لا يحل لك النساء من بعد نسائك اللاتي خيرتهن ، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله ( لا يحل لك النساء من بعد . . . ) الآية إلى ( رقيبا ) قال : نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتزوج بعد نسائه الأول شيئا .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله ( لا يحل لك النساء من بعد . . . ) إلى قوله ( إلا ما ملكت يمينك ) قال : لما خيرهن فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة قصره عليهن ؛ فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ) وهن التسع التي اخترن الله ورسوله .
وقال آخرون : إنما معنى ذلك : لا يحل لك النساء بعد التي أحللنا لك بقولنا (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك ) إلى قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها ) وكأن قائلي هذه المقالة وجهوا الكلام إلى أن معناه : لا يحل لك من النساء إلا التي أحللناها لك .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى قال : ثنا
عبد الوهاب قال : ثنا
داود ، عن
[ ص: 298 ] محمد بن أبي موسى ، عن
زياد قال :
nindex.php?page=showalam&ids=34لأبي بن كعب : هل كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - لو مات أزواجه أن يتزوج ؟ قال : ما كان يحرم عليه ذلك ، فقرأت عليه هذه الآية ( يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك ) قال : فقال : أحل له ضربا من النساء ، وحرم عليه ما سواهن ، أحل له كل امرأة آتى أجرها ، وما ملكت يمينه مما أفاء الله عليه ، وبنات عمه وبنات عماته وبنات خاله وبنات خالاته ، وكل امرأة وهبت نفسها له إن أراد أن يستنكحها خالصة له من دون المؤمنين .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى قال : ثنا
عبد الأعلى قال : ثنا
داود ، عن
محمد بن أبي موسى ، عن
زياد الأنصاري قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=34لأبي بن كعب : أرأيت لو مات نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - أكان يحل له أن يتزوج ؟ قال : وما يحرم ذلك عليه ؟ قال : قلت قوله : ( لا يحل لك النساء من بعد ) قال : إنما أحل الله له ضربا من النساء .
حدثني
يعقوب قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند قال : ثني
محمد بن أبي موسى ، عن
زياد ، رجل من
الأنصار ، قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=34لأبي بن كعب : أرأيت لو أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - توفين ، أما كان له أن يتزوج ؟ فقال : وما يمنعه من ذلك ؟ وربما قال داود : وما يحرم عليه ذلك ؟ قلت : قوله ( لا يحل لك النساء من بعد ) فقال : إنما أحل الله له ضربا من النساء ، فقال : ( يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك . . . ) إلى قوله ( إن وهبت نفسها للنبي ) ثم قيل له ( لا يحل لك النساء من بعد ) .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15738حكام بن سلم ، عن
عنبسة ، عمن ذكره ، عن
أبي صالح ( لا يحل لك النساء من بعد ) قال : أمر أن لا يتزوج أعرابية ولا غريبة ، ويتزوج بعد من نساء تهامة ، ومن شاء من بنات العم والعمة والخال والخالة إن شاء ثلاثمائة .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، عن
عكرمة ( لا يحل لك النساء من بعد ) هؤلاء التي سمى الله إلا ( بنات عمك . . . )
[ ص: 299 ] الآية .
حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله ( لا يحل لك النساء من بعد ) يعني من بعد التسمية ، يقول : لا يحل لك امرأة إلا ابنة عم أو ابنة عمة أو ابنة خال أو ابنة خالة أو امرأة وهبت نفسها لك ، من كان منهن هاجر مع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - . وفي حرف
ابن مسعود : ( واللاتي هاجرن معك ) يعني بذلك : كل شيء هاجر معه ليس من بنات العم والعمة ، ولا من بنات الخال والخالة .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : لا يحل لك النساء من غير المسلمات ، فأما اليهوديات والنصرانيات والمشركات فحرام عليك .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله ( لا يحل لك النساء من بعد ) لا يهودية ولا نصرانية ولا كافرة .
وأولى الأقوال عندي بالصحة قول من قال : معنى ذلك : لا يحل لك النساء من بعد بعد اللواتي أحللتهن لك بقولي (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن ) إلى قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي ) .
وإنما قلت ذلك أولى بتأويل الآية ؛ لأن قوله ( لا يحل لك النساء ) عقيب قوله ( إنا أحللنا لك أزواجك ) وغير جائز أن يقول : قد أحللت لك هؤلاء ولا يحللن لك إلا بنسخ أحدهما صاحبه ، وعلى أن يكون وقت فرض إحدى الآيتين ، فعل الأخرى منهما . فإذ كان ذلك كذلك ولا دلالة ولا برهان على نسخ حكم إحدى الآيتين حكم الأخرى ، ولا تقدم تنزيل إحداهما قبل صاحبتها ، وكان غير مستحيل مخرجهما على الصحة ، لم يجز أن يقال : إحداهما ناسخة الأخرى . وإذا كان ذلك كذلك ، ولم يكن لقول من قال : معنى ذلك : لا يحل
[ ص: 300 ] من بعد المسلمات يهودية ولا نصرانية ولا كافرة ، معنى مفهوم ، إذ كان قوله ( من بعد ) إنما معناه : من بعد المسميات المتقدم ذكرهن في الآية قبل هذه الآية ، ولم يكن في الآية المتقدم فيها ذكر المسميات بالتحليل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر إباحة المسلمات كلهن ، بل كان فيها ذكر أزواجه وملك يمينه الذي يفيء الله عليه ، وبنات عمه وبنات عماته ، وبنات خاله وبنات خالاته اللاتي هاجرن معه ، وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي ، فتكون الكوافر مخصوصات بالتحريم ، صح ما قلنا في ذلك ، دون قول من خالف قولنا فيه .
واختلفت القراء في قراءة قوله ( لا يحل لك النساء ) فقرأ ذلك عامة
قراء المدينة والكوفة ( يحل ) بالياء ، بمعنى : لا يحل لك شيء من النساء بعد . وقرأ ذلك بعض قراء
أهل البصرة ( لا تحل لك النساء ) بالتاء توجيها منه إلى أنه فعل للنساء ، والنساء جمع للكثير منهن .
وأولى القراءتين بالصواب في ذلك قراءة من قرأه بالياء للعلة التي ذكرت لهم ، ولإجماع الحجة من القراء على القراءة بها ، وشذوذ من خالفهم في ذلك .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ؛ فقال بعضهم : معنى ذلك : لا يحل لك النساء من بعد المسلمات ، لا يهودية ولا نصرانية ولا كافرة ، ولا أن تبدل بالمسلمات غيرهن من الكوافر .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ( ولا أن تبدل بهن من أزواج ) ولا أن تبدل بالمسلمات غيرهن من النصارى واليهود والمشركين (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك ) .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
جرير ، عن
منصور ، عن
أبي رزين في قوله
[ ص: 301 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك ) قال : لا يحل لك أن تتزوج من المشركات إلا من سبيت فملكته يمينك منهن .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولا أن تبدل بأزواجك اللواتي هن في حبالك أزواجا غيرهن بأن تطلقهن وتنكح غيرهن .
ذكر من قال ذلك :
حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن ) يقول : لا يصلح لك أن تطلق شيئا من أزواجك ليس يعجبك ، فلم يكن يصلح ذلك له .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولا أن تبادل من أزواجك غيرك ; بأن تعطيه زوجتك وتأخذ زوجته .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن ) قال : كانت العرب في الجاهلية يتبادلون بأزواجهم ; يعطي هذا امرأته هذا ويأخذ امرأته فقال (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك ) لا بأس أن تبادل بجاريتك ما شئت أن تبادل ، فأما الحرائر فلاقال : وكان ذلك من أعمالهم في الجاهلية .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : معنى ذلك : ولا أن تطلق أزواجك فتستبدل بهن غيرهن أزواجا .
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب لما قد بينا قبل من أن قول الذي قال معنى
[ ص: 302 ] قوله ( لا
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52يحل لك النساء من بعد ) لا يحل لك اليهودية أو النصرانية والكافرة ، قول لا وجه له .
فإذ كان ذلك كذلك فكذلك قوله ( ولا أن تبدل بهن ) كافرة لا معنى له ، إذ كان من المسلمات من قد حرم عليه بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لا يحل لك النساء من بعد ) الذي دللنا عليه قبل . وأما الذي قاله
ابن زيد في ذلك أيضا فقول لا معنى له ، لأنه لو كان بمعنى المبادلة لكانت القراءة والتنزيل : ولا أن تبادل بهن من أزواج ، أو ولا أن تبدل بهن بضم التاء ، ولكن القراءة المجمع عليها : ولا أن تبدل بهن بفتح التاء ، بمعنى : ولا أن تستبدل بهن ، مع أن الذي ذكر
ابن زيد من فعل الجاهلية غير معروف في أمة نعلمه من الأمم : أن يبادل الرجل آخر بامرأته الحرة ، فيقال : كان ذلك من فعلهم فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن فعل مثله .
فإن قال قائل : أفلم يكن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتزوج امرأة على نسائه اللواتي كن عنده ، فيكون موجها تأويل قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52ولا أن تبدل بهن من أزواج ) إلى ما تأولت ، أو قال : وأين ذكر أزواجه اللواتي كن عنده في هذا الموضع ، فتكون الهاء من قوله ( ولا أن تبدل بهن ) من ذكرهن ، وتوهم أن الهاء في ذلك عائدة على النساء ، في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لا يحل لك النساء من بعد ) ؟ قيل : قد كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتزوج من شاء من النساء اللواتي كان الله أحلهن له على نسائه اللاتي كن عنده يوم نزلت هذه الآية ، وإنما نهي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الآية أن يفارق من كان عنده بطلاق أراد به استبدال غيرها بها ، لإعجاب حسن المستبدلة له بها إياه إذ كان الله قد جعلهن أمهات المؤمنين وخيرهن بين الحياة الدنيا والدار الآخرة ، والرضا بالله ورسوله ، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة ، فحرمن على غيره بذلك ، ومنع من فراقهن بطلاق ، فأما نكاح غيرهن فلم يمنع منه ، بل أحل الله له ذلك على ما بين في كتابه . وقد روي عن
عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقبض حتى أحل الله له نساء أهل الأرض . [ ص: 303 ]
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء ، عن
عائشة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810917ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أحل له النساء ، تعني : أهل الأرض .
حدثني
عبيد بن إسماعيل الهباري قال : ثنا
سفيان ، عن
عمرو ، عن
عطاء ، عن
عائشة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810917ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أحل له النساء .
حدثنا
العباس بن أبي طالب قال : ثنا
معلى قال : ثنا
وهيب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير الليثي ، عن
عائشة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810918ما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أحل له أن يتزوج من النساء ما شاء .
حدثني
أبو زيد عمر بن شبة قال : ثنا
أبو عاصم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء قال : أحسب
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير حدثني ، قال
أبو زيد وقال
أبو عاصم مرة ، عن
عائشة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810917ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أحل الله له النساء . قال : وقال
أبو الزبير : شهدت رجلا يحدثه
عطاء .
حدثنا
أحمد بن منصور قال : ثنا
موسى بن إسماعيل قال : ثنا
همام ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير ، عن
عائشة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810919ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى حل له النساء .
فإن قال قائل : فإن كان الأمر على ما وصفت من أن الله حرم على نبيه بهذه الآية طلاق نسائه اللواتي خيرهن فاخترنه ، فما وجه الخبر الذي روي عنه أنه طلق
حفصة ثم راجعها ، وأنه أراد طلاق
سودة حتى صالحته على ترك طلاقه إياها ، ووهبت يومها
لعائشة؟ قيل : كان ذلك قبل نزول هذه الآية .
والدليل على صحة ما قلنا من أن ذلك كان قبل تحريم الله على نبيه طلاقهن ، الرواية الواردة أن
عمر دخل على
حفصة معاقبها حين اعتزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه ، كان من قيله لها :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810920قد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلقك ، فكلمته فراجعك ، فوالله لئن طلقك ، أو لو كان طلقك [ ص: 304 ] لا كلمته فيك . وذلك لا شك قبل نزول آية التخيير ، لأن آية التخيير إنما نزلت حين انقضى وقت يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على اعتزالهن .
وأما أمر الدلالة على أن أمر
سودة كان قبل نزول هذه الآية ، أن الله إنما أمر نبيه بتخيير نسائه بين فراقه والمقام معه على الرضا بأن لا قسم لهن ، وأنه يرجي من يشاء منهن ، ويئوي منهن من يشاء ، ويؤثر من شاء منهن على من شاء ، ولذلك قال له - تعالى ذكره - (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=51ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن ) ومن المحال أن يكون الصلح بينها وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جرى على تركها يومها
nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة في حال لا يوم لها منه .
وغير جائز أن يكون كان ذلك منها إلا في حال كان لها منه يوم هو لها حق كان واجبا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أداؤه إليها ، ولم يكن ذلك لهن بعد التخيير لما قد وصفت قبل فيما مضى من كتابنا هذا .
فتأويل الكلام : لا يحل لك يا
محمد النساء من بعد اللواتي أحللتهن لك في الآية قبل ، ولا أن تطلق نساءك اللواتي اخترن الله ورسوله والدار الآخرة ، فتبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسن من أردت أن تبدل به منهن ، إلا ما ملكت يمينك . وأن في قوله ( أن تبدل بهن ) رفعا ، لأن معناها : لا يحل لك النساء من بعد ، ولا الاستبدال بأزواجك ، وإلا في قوله : ( إلا ما ملكت يمينك ) استثناء من النساء . ومعنى ذلك : لا يحل لك النساء من بعد اللواتي أحللتهن لك إلا ما ملكت يمينك من الإماء ، فإن لك أن تملك من أي أجناس الناس شئت من الإماء .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52وكان الله على كل شيء رقيبا ) يقول : وكان الله على كل شيء ; ما أحل لك ، وحرم عليك ، وغير ذلك من الأشياء كلها ، حفيظا لا يعزب عنه علم شيء من ذلك ، ولا يئوده حفظ ذلك كله .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52وكان الله على كل شيء رقيبا ) : أي
[ ص: 305 ] حفيظا في قول الحسن ،
وقتادة .
[ ص: 297 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِ شَيْءٍ رَقِيبًا ( 52 ) )
اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29004_11468_23676تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدِ نِسَائِكَ اللَّاتِي خَيَّرْتَهُنَّ ، فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : ثَنِي أَبِي ، قَالَ : ثَنِي عَمِّي ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ ( لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ . . . ) الْآيَةَ إِلَى ( رَقِيبًا ) قَالَ : نُهِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَزَوَّجَ بَعْدَ نِسَائِهِ الْأُوَلِ شَيْئًا .
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلَهُ ( لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ . . . ) إِلَى قَوْلِهِ ( إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ) قَالَ : لَمَّا خَيَّرَهُنَّ فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ قَصَرَهُ عَلَيْهِنَّ ؛ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ ) وَهُنَّ التِّسْعُ الَّتِي اخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ .
وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ بَعْدَ الَّتِي أَحْلَلْنَا لَكَ بِقَوْلِنَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ) إِلَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا ) وَكَأَنَّ قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ وَجَّهُوا الْكَلَامَ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : لَا يَحِلُّ لَكَ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا الَّتِي أَحْلَلْنَاهَا لَكَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ : ثَنَا
دَاوُدُ ، عَنْ
[ ص: 298 ] مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى ، عَنْ
زِيَادٍ قَالَ :
nindex.php?page=showalam&ids=34لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : هَلْ كَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ مَاتَ أَزْوَاجُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ؟ قَالَ : مَا كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ) قَالَ : فَقَالَ : أَحَلَّ لَهُ ضَرْبًا مِنَ النِّسَاءِ ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ مَا سِوَاهُنَّ ، أَحَلَّ لَهُ كُلَّ امْرَأَةٍ آتَى أَجْرَهَا ، وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَبَنَاتِ عَمِّهِ وَبَنَاتِ عَمَّاتِهِ وَبَنَاتِ خَالِهِ وَبَنَاتِ خَالَاتِهِ ، وَكُلَّ امْرَأَةٍ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَهُ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ .
حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ : ثَنَا
دَاوُدُ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى ، عَنْ
زِيَادٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ : قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=34لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : أَرَأَيْتَ لَوْ مَاتَ نِسَاءُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكَانَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ؟ قَالَ : وَمَا يُحَرِّمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ ؟ قَالَ : قُلْتُ قَوْلُهُ : ( لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ ) قَالَ : إِنَّمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ ضَرْبًا مِنَ النِّسَاءِ .
حَدَّثَنِي
يَعْقُوبُ قَالَ : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15854دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَالَ : ثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُوسَى ، عَنْ
زِيَادٍ ، رَجُلٍ مِنَ
الْأَنْصَارِ ، قَالَ : قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=34لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّينَ ، أَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ؟ فَقَالَ : وَمَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ ؟ وَرُبَّمَا قَالَ دَاوُدُ : وَمَا يُحَرِّمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ ؟ قُلْتُ : قَوْلُهُ ( لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ ) فَقَالَ : إِنَّمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ ضَرْبًا مِنَ النِّسَاءِ ، فَقَالَ : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ . . . ) إِلَى قَوْلِهِ ( إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ) ثُمَّ قِيلَ لَهُ ( لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ ) .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15738حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ ، عَنْ
عَنْبَسَةَ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ ( لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ ) قَالَ : أُمِرَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ أَعْرَابِيَّةً وَلَا غَرِيبَةً ، وَيَتَزَوَّجُ بَعْدُ مِنْ نِسَاءِ تِهَامَةَ ، وَمَنْ شَاءَ مِنْ بَنَاتِ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ وَالْخَالِ وَالْخَالَةِ إِنْ شَاءَ ثَلَاثَمِائَةٍ .
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ( لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ ) هَؤُلَاءِ الَّتِي سَمَّى اللَّهُ إِلَّا ( بَنَاتِ عَمِّكَ . . . )
[ ص: 299 ] الْآيَةَ .
حُدِّثْتُ عَنِ
الْحُسَيْنِ قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ : أَخْبَرَنَا
عُبَيْدٌ قَالَ : سَمِعْتُ
الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ ( لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ ) يَعْنِي مِنْ بَعْدِ التَّسْمِيَةِ ، يَقُولُ : لَا يَحِلُّ لَكَ امْرَأَةٌ إِلَّا ابْنَةَ عَمٍّ أَوِ ابْنَةَ عَمَّةٍ أَوِ ابْنَةَ خَالٍ أَوِ ابْنَةَ خَالَةٍ أَوِ امْرَأَةً وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ ، مَنْ كَانَ مِنْهُنَّ هَاجَرَ مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَفِي حَرْفِ
ابْنِ مَسْعُودٍ : ( وَاللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ ) يَعْنِي بِذَلِكَ : كُلَّ شَيْءٍ هَاجَرَ مَعَهُ لَيْسَ مِنْ بَنَاتِ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ ، وَلَا مِنْ بَنَاتِ الْخَالِ وَالْخَالَةِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمَاتِ ، فَأَمَّا الْيَهُودِيَّاتُ وَالنَّصْرَانِيَّاتُ وَالْمُشْرِكَاتُ فَحَرَامٌ عَلَيْكَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ ( لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ ) لَا يَهُودِيَّةً وَلَا نَصْرَانِيَّةً وَلَا كَافِرَةً .
وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ عِنْدِي بِالصِّحَّةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ بَعْدَ اللَّوَاتِي أَحْلَلْتُهُنَّ لَكَ بِقَوْلِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ) إِلَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ) .
وَإِنَّمَا قُلْتُ ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ( لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ ) عَقِيبَ قَوْلِهِ ( إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ) وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَقُولَ : قَدْ أَحْلَلْتُ لَكَ هَؤُلَاءِ وَلَا يَحْلُلْنَ لَكَ إِلَّا بِنَسْخِ أَحَدِهِمَا صَاحِبَهُ ، وَعَلَى أَنْ يَكُونَ وَقْتُ فَرْضِ إِحْدَى الْآيَتَيْنِ ، فَعَلَ الْأُخْرَى مِنْهُمَا . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَلَا دَلَالَةَ وَلَا بُرْهَانَ عَلَى نَسْخِ حُكْمِ إِحْدَى الْآيَتَيْنِ حُكْمَ الْأُخْرَى ، وَلَا تَقَدَّمَ تَنْزِيلُ إِحْدَاهُمَا قَبْلَ صَاحِبَتِهَا ، وَكَانَ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ مَخْرَجَهُمَا عَلَى الصِّحَّةِ ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ : إِحْدَاهُمَا نَاسِخَةٌ الْأُخْرَى . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، وَلَمْ يَكُنْ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلُّ
[ ص: 300 ] مِنْ بَعْدِ الْمُسْلِمَاتِ يَهُودِيَّةٌ وَلَا نَصْرَانِيَّةٌ وَلَا كَافِرَةٌ ، مَعْنًى مَفْهُومٌ ، إِذْ كَانَ قَوْلُهُ ( مِنْ بَعْدُ ) إِنَّمَا مَعْنَاهُ : مِنْ بَعْدِ الْمُسَمَّيَاتِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُنَّ فِي الْآيَةِ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدَّمِ فِيهَا ذِكْرُ الْمُسَمَّيَاتِ بِالتَّحْلِيلِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْمُسْلِمَاتِ كُلِّهِنَّ ، بَلْ كَانَ فِيهَا ذِكْرُ أَزْوَاجِهِ وَمِلْكِ يَمِينِهِ الَّذِي يَفِيءُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَبَنَاتِ عَمِّهِ وَبَنَاتِ عَمَّاتِهِ ، وَبَنَاتِ خَالِهِ وَبَنَاتِ خَالَاتِهِ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَهُ ، وَامْرَأَةٍ مُؤْمِنَةٍ إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ، فَتَكُونُ الْكَوَافِرُ مَخْصُوصَاتٌ بِالتَّحْرِيمِ ، صَحَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ ، دُونَ قَوْلِ مَنْ خَالَفَ قَوْلَنَا فِيهِ .
وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ ( لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ ) فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ
قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ ( يَحِلُّ ) بِالْيَاءِ ، بِمَعْنَى : لَا يَحِلُّ لَكَ شَيْءٌ مِنَ النِّسَاءِ بَعْدُ . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ
أَهْلِ الْبَصْرَةِ ( لَا تَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ ) بِالتَّاءِ تَوْجِيهًا مِنْهُ إِلَى أَنَّهُ فِعْلٌ لِلنِّسَاءِ ، وَالنِّسَاءُ جَمْعٌ لِلْكَثِيرِ مِنْهُنَّ .
وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَهُ بِالْيَاءِ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذُكِرَتْ لَهُمْ ، وَلِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِهَا ، وَشُذُوذِ مَنْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ ) اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلٍ ذَلِكَ ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدِ الْمُسْلِمَاتِ ، لَا يَهُودِيَّةً وَلَا نَصْرَانِيَّةً وَلَا كَافِرَةً ، وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِالْمُسْلِمَاتِ غَيْرَهُنَّ مِنَ الْكَوَافِرِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ( وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ ) وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِالْمُسْلِمَاتِ غَيْرَهُنَّ مِنَ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ وَالْمُشْرِكِينَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ) .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا
جَرِيرٌ ، عَنْ
مَنْصُورٍ ، عَنْ
أَبِي رَزِينٍ فِي قَوْلِهِ
[ ص: 301 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ) قَالَ : لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَتَزَوَّجَ مِنَ الْمُشْرِكَاتِ إِلَّا مَنْ سَبَيْتَ فَمَلَكَتْهُ يَمِينُكَ مِنْهُنَّ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِأَزْوَاجِكَ اللَّوَاتِي هُنَّ فِي حِبَالِكَ أَزْوَاجًا غَيْرَهُنَّ بِأَنْ تُطَلِّقَهُنَّ وَتَنْكِحَ غَيْرَهُنَّ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حُدِّثْتُ عَنِ
الْحُسَيْنِ قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ : ثَنَا
عُبَيْدٌ قَالَ : سَمِعْتُ
الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ ) يَقُولُ : لَا يَصْلُحُ لَكَ أَنْ تُطَلِّقَ شَيْئًا مِنْ أَزْوَاجِكَ لَيْسَ يُعْجِبُكَ ، فَلَمْ يَكُنْ يَصْلُحُ ذَلِكَ لَهُ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا أَنْ تُبَادِلَ مِنْ أَزْوَاجِكَ غَيْرَكَ ; بِأَنْ تُعْطِيَهُ زَوْجَتَكَ وَتَأْخُذَ زَوْجَتَهُ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ ) قَالَ : كَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَادَلُونَ بِأَزْوَاجِهِمْ ; يُعْطِي هَذَا امْرَأَتَهُ هَذَا وَيَأْخُذُ امْرَأَتَهُ فَقَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ) لَا بَأْسَ أَنْ تُبَادِلَ بِجَارِيَتِكَ مَا شِئْتَ أَنْ تُبَادِلَ ، فَأَمَّا الْحَرَائِرُ فَلَاقَالَ : وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ .
وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا أَنْ تُطَلِّقَ أَزْوَاجَكَ فَتَسْتَبْدِلَ بِهِنَّ غَيْرَهُنَّ أَزْوَاجًا .
وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ لِمَا قَدْ بَيَّنَّا قَبْلُ مِنْ أَنَّ قَوْلَ الَّذِي قَالَ مَعْنَى
[ ص: 302 ] قَوْلِهِ ( لَا
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ ) لَا يَحِلُّ لَكَ الْيَهُودِيَّةُ أَوِ النَّصْرَانِيَّةُ وَالْكَافِرَةُ ، قَوْلٌ لَا وَجْهَ لَهُ .
فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ ( وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ ) كَافِرَةً لَا مَعْنَى لَهُ ، إِذْ كَانَ مِنَ الْمُسْلِمَاتِ مَنْ قَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ ) الَّذِي دَلَّلْنَا عَلَيْهِ قَبْلُ . وَأَمَّا الَّذِي قَالَهُ
ابْنُ زَيْدٍ فِي ذَلِكَ أَيْضًا فَقَوْلٌ لَا مَعْنَى لَهُ ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِمَعْنَى الْمُبَادَلَةِ لَكَانَتِ الْقِرَاءَةُ والتَّنْزِيلُ : وَلَا أَنْ تَبَادَلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ ، أَوْ وَلَا أَنْ تُبَدِّلَ بِهِنَّ بِضَمِّ التَّاءِ ، وَلَكِنَّ الْقِرَاءَةَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا : وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ بِفَتْحِ التَّاءِ ، بِمَعْنَى : وَلَا أَنْ تَسْتَبْدِلَ بِهِنَّ ، مَعَ أَنَّ الَّذِي ذَكَرَ
ابْنُ زَيْدٍ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي أُمَّةٍ نَعْلَمُهُ مِنَ الْأُمَمِ : أَنْ يُبَادِلَ الرَّجُلُ آخَرَ بِامْرَأَتِهِ الْحُرَّةِ ، فَيُقَالُ : كَانَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ فِعْلِ مِثْلِهِ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : أَفَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى نِسَائِهِ اللَّوَاتِي كُنَّ عِنْدَهُ ، فَيَكُونُ مُوَجَّهًا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ ) إِلَى مَا تَأَوَّلْتُ ، أَوْ قَالَ : وَأَيْنَ ذِكْرُ أَزْوَاجِهِ اللَّوَاتِي كُنَّ عِنْدَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، فَتَكُونُ الْهَاءُ مِنْ قَوْلِهِ ( وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ ) مِنْ ذِكْرِهِنَّ ، وَتُوُهِّمَ أَنَّ الْهَاءَ فِي ذَلِكَ عَائِدَةٌ عَلَى النِّسَاءِ ، فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ ) ؟ قِيلَ : قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي كَانَ اللَّهُ أَحَلَّهُنَّ لَهُ عَلَى نِسَائِهِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدَهُ يَوْمَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ، وَإِنَّمَا نُهِيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يُفَارِقَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ بِطَلَاقٍ أَرَادَ بِهِ اسْتِبْدَالَ غَيْرِهَا بِهَا ، لِإِعْجَابِ حُسْنِ الْمُسْتَبْدَلَةِ لَهُ بِهَا إِيَّاهُ إِذْ كَانَ اللَّهُ قَدْ جَعَلَهُنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَخَيَّرَهُنَّ بَيْنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالدَّارِ الْآخِرَةِ ، وَالرِّضَا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ ، فَحَرُمْنَ عَلَى غَيْرِهِ بِذَلِكَ ، وَمُنِعَ مِنْ فِرَاقِهِنَّ بِطَلَاقٍ ، فَأَمَّا نِكَاحُ غَيْرِهِنَّ فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ ، بَلْ أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا بَيَّنَ فِي كِتَابِهِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُقْبَضْ حَتَّى أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ نِسَاءَ أَهْلِ الْأَرْضِ . [ ص: 303 ]
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
عَطَاءٍ ، عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810917مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أُحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ ، تَعْنِي : أَهْلَ الْأَرْضِ .
حَدَّثَنِي
عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ قَالَ : ثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
عَمْرٍو ، عَنْ
عَطَاءٍ ، عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810917مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أُحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ .
حَدَّثَنَا
الْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : ثَنَا
مُعَلًّى قَالَ : ثَنَا
وُهَيْبٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
عَطَاءٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16531عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ ، عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810918مَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أُحِلَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنَ النِّسَاءِ مَا شَاءَ .
حَدَّثَنِي
أَبُو زَيْدٍ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
عَطَاءٍ قَالَ : أَحْسَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16531عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ حَدَّثَنِي ، قَالَ
أَبُو زَيْدٍ وَقَالَ
أَبُو عَاصِمٍ مَرَّةً ، عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810917مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ النِّسَاءَ . قَالَ : وَقَالَ
أَبُو الزُّبَيْرِ : شَهِدْتُ رَجُلًا يُحَدِّثُهُ
عَطَاءٌ .
حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : ثَنَا
مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : ثَنَا
هَمَّامٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
عَطَاءٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16531عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810919مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى حَلَّ لَهُ النِّسَاءُ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْتُ مِنْ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى نَبِيِّهِ بِهَذِهِ الْآيَةِ طَلَاقَ نِسَائِهِ اللَّوَاتِي خَيَّرَهُنَّ فَاخْتَرْنَهُ ، فَمَا وَجْهُ الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ طَلَّقَ
حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا ، وَأَنَّهُ أَرَادَ طَلَاقَ
سَوْدَةَ حَتَّى صَالَحَتْهُ عَلَى تَرْكِ طَلَاقِهِ إِيَّاهَا ، وَوَهَبَتْ يَوْمَهَا
لِعَائِشَةَ؟ قِيلَ : كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ .
وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّهِ طَلَاقَهُنَّ ، الرِّوَايَةُ الْوَارِدَةُ أَنَّ
عُمَرَ دَخَلَ عَلَى
حَفْصَةَ مُعَاقِبَهَا حِينَ اعْتَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِسَاءَهُ ، كَانَ مِنْ قِيلِهِ لَهَا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810920قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلَّقَكِ ، فَكَلَّمْتُهُ فَرَاجَعَكِ ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ طَلَّقَكِ ، أَوْ لَوْ كَانَ طَلَّقَكِ [ ص: 304 ] لَا كَلَّمْتُهُ فِيكِ . وَذَلِكَ لَا شَكَّ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ التَّخْيِيرِ ، لِأَنَّ آيَةَ التَّخْيِيرِ إِنَّمَا نَزَلَتْ حِينَ انْقَضَى وَقْتُ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى اعْتِزَالِهِنَّ .
وَأَمَّا أَمْرُ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ أَمْرَ
سَوْدَةَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ ، أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَمَرَ نَبِيَّهُ بِتَخْيِيرِ نِسَائِهِ بَيْنَ فِرَاقِهِ وَالْمَقَامِ مَعَهُ عَلَى الرِّضَا بِأَنْ لَا قَسْمَ لَهُنَّ ، وَأَنَّهُ يُرْجِي مَنْ يَشَاءُ مِنْهُنَّ ، وَيُئْوِي مِنْهُنَّ مَنْ يَشَاءُ ، وَيُؤْثِرُ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ عَلَى مَنْ شَاءَ ، وَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=51وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ ) وَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَرَى عَلَى تَرْكِهَا يَوْمَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=25لِعَائِشَةَ فِي حَالِ لَا يَوْمَ لَهَا مِنْهُ .
وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ كَانَ ذَلِكَ مِنْهَا إِلَّا فِي حَالِ كَانَ لَهَا مِنْهُ يَوْمٌ هُوَ لَهَا حَقٌّ كَانَ وَاجِبًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَدَاؤُهُ إِلَيْهَا ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُنَّ بَعْدَ التَّخْيِيرِ لِمَا قَدْ وَصَفْتُ قَبْلُ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا .
فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ : لَا يَحِلُّ لَكَ يَا
مُحَمَّدُ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدِ اللَّوَاتِي أَحْلَلْتُهُنَّ لَكَ فِي الْآيَةِ قَبْلُ ، وَلَا أَنْ تُطَلِّقَ نِسَاءَكَ اللَّوَاتِي اخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ ، فَتَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُ مَنْ أَرَدْتَ أَنْ تَبَدَّلَ بِهِ مِنْهُنَّ ، إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ . وَأَنَّ فِي قَوْلِهِ ( أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ ) رَفْعًا ، لِأَنَّ مَعْنَاهَا : لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ ، وَلَا الِاسْتِبْدَالُ بِأَزْوَاجِكَ ، وَإِلَّا فِي قَوْلِهِ : ( إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ) اسْتِثْنَاءٌ مِنَ النِّسَاءِ . وَمَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدِ اللَّوَاتِي أَحْلَلْتُهُنَّ لَكَ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِنَ الْإِمَاءِ ، فَإِنَّ لَكَ أَنْ تَمْلِكَ مِنْ أَيِّ أَجْنَاسِ النَّاسِ شِئْتَ مِنَ الْإِمَاءِ .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا ) يَقُولُ : وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ; مَا أَحَلَّ لَكَ ، وَحَرَّمَ عَلَيْكَ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا ، حَفِيظًا لَا يَعْزُبُ عَنْهُ عِلْمُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُ ذَلِكَ كُلِّهِ .
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا ) : أَيْ
[ ص: 305 ] حَفِيظًا فِي قَوْلِ الْحَسَنِ ،
وَقَتَادَةَ .