القول في تأويل قوله تعالى : ( ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ( 75 ) ونجيناه وأهله من الكرب العظيم ( 76 ) وجعلنا ذريته هم الباقين ( 77 ) )
يقول - تعالى ذكره - : لقد نادانا نوح بمسألته إيانا هلاك قومه ، فقال : ( رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا ) . . . إلى قوله ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) وقوله ( فلنعم المجيبون ) يقول : فلنعم المجيبون كنا له إذ دعانا ، فأجبنا له دعاءه ، فأهلكنا قومه ( ونجيناه وأهله ) يعني : أهل نوح الذين ركبوا معه السفينة . وقد ذكرناهم فيما مضى ، وبينا اختلاف العلماء في عددهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ) قال : أجابه الله . وقوله ( من الكرب العظيم ) يقول : من الأذى والمكروه الذي كان فيه [ ص: 59 ] من الكافرين ، ومن كرب الطوفان والغرق الذي هلك به قوم نوح .
كما حدثني محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط عن ( السدي ، ونجيناه وأهله من الكرب العظيم ) قال : من الغرق
وقوله ( وجعلنا ذريته هم الباقين ) يقول : وجعلنا ذرية نوح هم الذين بقوا في الأرض بعد مهلك قومه ، وذلك أن الناس كلهم من بعد مهلك نوح إلى اليوم إنما هم ذرية نوح ، فالعجم والعرب أولاد سام بن نوح ، والترك والصقالبة والخزر أولاد يافث بن نوح ، والسودان أولاد حام بن نوح ، وبذلك جاءت الآثار ، وقالت العلماء .
حدثنا قال : ثنا محمد بن بشار ابن عشمة قال : ثنا عن سعيد بن بشير ، قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، وجعلنا ذريته هم الباقين ) قال : " سام وحام ويافث " . عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله (
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله ( وجعلنا ذريته هم الباقين ) قال : فالناس كلهم من ذرية نوح .
حدثنا علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله ( وجعلنا ذريته هم الباقين ) يقول : لم يبق إلا ذرية نوح