[ ص: 135 ] [ ص: 136 ] [ ص: 137 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=treesubj&link=29009_32450nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص والقرآن ذي الذكر ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بل الذين كفروا في عزة وشقاق ( 2 ) )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في معنى قول الله عز وجل : ( ص ) فقال بعضهم : هو من المصاداة ، من صاديت فلانا ، وهو أمر من ذلك ، كأن معناه عندهم : صاد بعملك القرآن : أي عارضه به ، ومن قال هذا تأويله ؛ فإنه يقرؤه بكسر الدال ، لأنه أمر ، وكذلك روي عن
الحسن .
ذكر الرواية بذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قال : قال
الحسن ( ص ) قال : حادث القرآن .
وحدثت عن
nindex.php?page=showalam&ids=16627علي بن عاصم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16711عمرو بن عبيد عن
الحسن في قوله ( ص ) قال : عارض القرآن بعملك .
حدثت عن
عبد الوهاب ، عن
سعيد ، عن
قتادة عن
الحسن في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص والقرآن ) قال : عارض القرآن ، قال
عبد الوهاب : يقول اعرضه على عملك ، فانظر أين عملك من القرآن .
حدثني
أحمد بن يوسف قال : ثنا
القاسم قال : ثنا
حجاج ، عن
هارون ، عن
إسماعيل ، عن
الحسن أنه كان يقرأ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص والقرآن ) بخفض الدال ،
[ ص: 138 ] وكان يجعلها من المصاداة ، يقول : عارض القرآن .
وقال آخرون : هي حرف هجاء .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن الحسين قال : ثنا
أحمد بن المفضل قال : ثنا
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : أما ( ص ) فمن الحروف . وقال آخرون : هو قسم أقسم الله به .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية عن
علي عن
ابن عباس قوله ( ص ) قال : قسم أقسمه الله ، وهو من أسماء الله .
وقال آخرون : هو اسم من أسماء القرآن أقسم الله به .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ( ص ) قال : هو اسم من أسماء القرآن أقسم الله به . وقال آخرون : معنى ذلك : صدق الله .
ذكر من قال ذلك :
حدثت عن
المسيب بن شريك عن
أبي روق عن
الضحاك فى قوله ( ص ) قال : صدق الله .
واختلفت القراء في قراءة ذلك فقرأته عامة قراء الأمصار خلا
عبد الله بن أبي إسحاق وعيسى بن عمر بسكون الدال ، فأما
عبد الله بن أبي إسحاق فإنه كان يكسرها لاجتماع الساكنين ، ويجعل ذلك بمنزلة الأداة ، كقول العرب : تركته حاث باث ، وخاز باز يخفضان من أجل أن الذي
[ ص: 139 ] يلي آخر الحروف ألف فيخفضون مع الألف ، وينصبون مع غيرها ، فيقولون حيث بيث ، ولأجعلنك في حيص بيص : إذا ضيق عليه . وأما
عيسى بن عمر فكان يوفق بين جميع ما كان قبل آخر الحروف منه ألف ، وما كان قبل آخره ياء أو واو فيفتح جميع ذلك وينصبه ، فيقول : ص و ق و ن ويس ، فيجعل ذلك مثل الأداة كقولهم : ليت ، وأين وما أشبه ذلك .
والصواب من القراءة في ذلك عندنا - السكون في كل ذلك ؛ لأن ذلك القراءة التي جاءت بها قراء الأمصار مستفيضة فيهم ، وأنها حروف هجاء لأسماء المسميات ، فيعرب إعراب الأسماء والأدوات والأصوات ، فيسلك به مسالكهن . فتأويلها إذ كانت كذلك - تأويل نظائرها التي قد تقدم بيانها قبل فيما مضى .
وكان بعض أهل العربية يقول : ( ص ) في معناها كقولك : وجب والله ، نزل والله ، وحق والله ، وهي جواب لقوله ( والقرآن ) كما تقول : حقا والله ، نزل والله .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28904_29568_29009والقرآن ذي الذكر ) وهذا قسم أقسمه الله تبارك وتعالى بهذا القرآن فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1والقرآن ذي الذكر )
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ذي الذكر ) فقال بعضهم : معناه : ذي الشرف .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
نصر بن علي قال : ثنا
أبو أحمد عن
قيس ، عن
أبي حصين ، عن
سعيد (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص والقرآن ذي الذكر ) قال : ذي الشرف .
حدثنا
نصر بن علي وابن بشار قالا ثنا
أبو أحمد عن
مسعر ، عن
أبي حصين [ ص: 140 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ذي الذكر ) : ذي الشرف .
قال : ثنا
أبو أحمد عن
سفيان عن
إسماعيل ، عن
أبي صالح أو غيره ( ذي الذكر ) : ذي الشرف .
حدثنا
محمد بن الحسين قال : ثنا
أحمد بن المفضل قال : ثنا
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1والقرآن ذي الذكر ) قال : ذي الشرف .
حدثنا
أبو كريب قال : ثنا
معاوية بن هشام عن
سفيان ، عن
يحيى بن عمارة عن
سعيد بن جبير عن
ابن عباس (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص والقرآن ذي الذكر ) ذي الشرف .
وقال بعضهم : بل معناه : ذي التذكير ، ذكركم الله به .
ذكر من قال ذلك :
حدثت عن
المسيب بن شريك عن
أبي روق عن
الضحاك (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ذي الذكر ) قال : فيه ذكركم قال : ونظيرتها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=10لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم ) .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ذي الذكر ) : أي ما ذكر فيه .
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : معناه : ذي التذكير لكم ، لأن الله أتبع ذلك قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بل الذين كفروا في عزة وشقاق ) فكان معلوما بذلك أنه إنما أخبر عن القرآن أنه أنزله ذكرا لعباده ، ذكرهم به ، وأن الكفار من الإيمان به في عزة وشقاق .
واختلف في الذي وقع عليه اسم القسم ، فقال بعضهم ، وقع القسم على قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بل الذين كفروا في عزة وشقاق )
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بل الذين كفروا في عزة ) قال : هاهنا وقع القسم .
وكان بعض أهل العربية يقول : " بل " دليل على تكذيبهم ، فاكتفى ببل
[ ص: 141 ] من جواب القسم ، وكأنه قيل : ص ، ما الأمر كما قلتم ، بل أنتم في عزة وشقاق . وكان بعض نحويي
الكوفة يقول : زعموا أن موضع القسم في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=14إن كل إلا كذب الرسل ) وقال بعض نحويي
الكوفة : قد زعم قوم أن جواب ( والقرآن ) قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=64إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ) قال : وذلك كلام قد تأخر عن قوله ( والقرآن ) تأخرا شديدا ، وجرت بينهما قصص ، مختلفة ، فلا نجد ذلك مستقيما في العربية ، والله أعلم .
قال : ويقال : إن قوله ( والقرآن ) يمين ، اعترض كلام دون موقع جوابها ، فصار جوابها للمعترض ولليمين ، فكأنه أراد : والقرآن ذي الذكر لكم أهلكنا ، فلما اعترض قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بل الذين كفروا في عزة ) صارت كم جوابا للعزة واليمين . قال : ومثله قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=1والشمس وضحاها ) اعترض دون الجواب - قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=7ونفس وما سواها فألهمها ) فصارت " قد أفلح " تابعة لقوله : " فألهمها " ، وكفى من جواب القسم ، فكأنه قال : والشمس وضحاها لقد أفلح .
والصواب من القول في ذلك عندي - القول الذي قاله
قتادة وأن قوله ( بل ) لما دلت على التكذيب وحلت محل الجواب استغني بها من الجواب ، إذ عرف المعنى . فمعنى الكلام إذ كان ذلك كذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص والقرآن ذي الذكر ) ما الأمر كما يقول هؤلاء الكافرون ، بل هم في عزة وشقاق .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بل الذين كفروا في عزة وشقاق ) يقول - تعالى ذكره - : بل الذين كفروا بالله من مشركي
قريش في حمية ومشاقة ، وفراق
لمحمد وعداوة ، وما بهم أن لا يكونوا أهل علم ، بأنه ليس بساحر ولا كذاب .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2في عزة وشقاق ) قال : معازين .
[ ص: 142 ] حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2في عزة وشقاق ) : أي في حمية وفراق .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد ، في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بل الذين كفروا في عزة وشقاق ) قال : يعادون أمر الله ورسله وكتابه ، ويشاقون ، ذلك عزة وشقاق ، فقلت له : الشقاق : الخلاف ، فقال : نعم .
[ ص: 135 ] [ ص: 136 ] [ ص: 137 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=treesubj&link=29009_32450nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ( 2 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( ص ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ مِنَ الْمُصَادَاةِ ، مِنْ صَادَيْتَ فُلَانًا ، وَهُوَ أَمْرٌ مِنْ ذَلِكَ ، كَأَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَهُمْ : صَادِ بِعَمَلِكَ الْقُرْآنَ : أَيْ عَارِضْهُ بِهِ ، وَمَنْ قَالَ هَذَا تَأْوِيلُهُ ؛ فَإِنَّهُ يَقْرَؤُهُ بِكَسْرِ الدَّالِ ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ
الْحَسَنِ .
ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَالَ : قَالَ
الْحَسَنُ ( ص ) قَالَ : حَادِثِ الْقُرْآنَ .
وَحُدِّثْتُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16627عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16711عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ
الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ ( ص ) قَالَ : عَارِضِ الْقُرْآنَ بِعَمَلِكَ .
حُدِّثْتُ عَنْ
عَبْدِ الْوَهَّابِ ، عَنْ
سَعِيدٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ عَنِ
الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص وَالْقُرْآنِ ) قَالَ : عَارِضِ الْقُرْآنَ ، قَالَ
عَبْدُ الْوَهَّابِ : يَقُولُ اعْرِضْهُ عَلَى عَمَلِكَ ، فَانْظُرْ أَيْنَ عَمَلُكَ مِنَ الْقُرْآنِ .
حَدَّثَنِي
أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ : ثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : ثَنَا
حَجَّاجٌ ، عَنْ
هَارُونَ ، عَنْ
إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ
الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص وَالْقُرْآنِ ) بِخَفْضِ الدَّالِ ،
[ ص: 138 ] وَكَانَ يَجْعَلُهَا مِنَ الْمُصَادَاةِ ، يَقُولُ : عَارِضِ الْقُرْآنَ .
وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ حَرْفُ هِجَاءٍ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : ثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ : ثَنَا
أَسْبَاطٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ : أَمَّا ( ص ) فَمِنَ الْحُرُوفِ . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ قَسَمٌ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ : ثَنَا
أَبُو صَالِحٍ قَالَ : ثَنِي
مُعَاوِيَةُ عَنْ
عَلِيٍّ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ ( ص ) قَالَ : قَسَمٌ أَقْسَمَهُ اللَّهُ ، وَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْقُرْآنِ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ( ص ) قَالَ : هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْقُرْآنِ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : صَدَقَ اللَّهُ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حُدِّثْتُ عَنِ
الْمُسَيَّبِ بْنِ شَرِيكٍ عَنْ
أَبِي رَوْقٍ عَنِ
الضَّحَّاكِ فَى قَوْلِهِ ( ص ) قَالَ : صَدَقَ اللَّهُ .
وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ خَلَا
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي إِسْحَاقَ وَعِيسَى بْنَ عُمَرَ بِسُكُونِ الدَّالِ ، فَأَمَّا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ فَإِنَّهُ كَانَ يَكْسِرُهَا لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ ، وَيَجْعَلُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْأَدَاةِ ، كَقَوْلِ الْعَرَبِ : تَرَكْتُهُ حَاثِ بَاثِ ، وَخَازِ بَازِ يَخْفِضَانِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الَّذِي
[ ص: 139 ] يَلِي آخِرَ الْحُرُوفِ أَلِفٌ فَيَخْفِضُونَ مَعَ الْأَلِفِ ، وَيَنْصِبُونَ مَعَ غَيْرِهَا ، فَيَقُولُونَ حَيْثَ بَيْثَ ، وَلَأَجْعَلَنَّكَ فِي حَيْصَ بَيْصَ : إِذَا ضَيَّقَ عَلَيْهِ . وَأَمَّا
عِيسَى بْنُ عُمَرَ فَكَانَ يُوَفِّقُ بَيْنَ جَمِيعِ مَا كَانَ قَبْلَ آخِرِ الْحُرُوفِ مِنْهُ أَلِفٌ ، وَمَا كَانَ قَبْلَ آخِرِهِ يَاءٌ أَوْ وَاوٌ فَيَفْتَحُ جَمِيعَ ذَلِكَ وَيَنْصِبُهُ ، فَيَقُولُ : ص وَ ق وَ ن وَيس ، فَيَجْعَلُ ذَلِكَ مِثْلَ الْأَدَاةِ كَقَوْلِهِمْ : لَيْتَ ، وَأَيْنَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ .
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا - السُّكُونُ فِي كُلِّ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقِرَاءَةُ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ مُسْتَفِيضَةً فِيهِمْ ، وَأَنَّهَا حُرُوفُ هِجَاءٍ لِأَسْمَاءِ الْمُسَمَّيَاتِ ، فَيُعْرَبُ إِعْرَابَ الْأَسْمَاءِ وَالْأَدَوَاتِ وَالْأَصْوَاتِ ، فَيَسْلُكُ بِهِ مَسَالِكَهُنَّ . فَتَأْوِيلُهَا إِذْ كَانَتْ كَذَلِكَ - تَأْوِيلُ نَظَائِرِهَا الَّتِي قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا قَبْلُ فِيمَا مَضَى .
وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ : ( ص ) فِي مَعْنَاهَا كَقَوْلِكَ : وَجَبَ وَاللَّهِ ، نَزَلَ وَاللَّهِ ، وَحَقَّ وَاللَّهِ ، وَهِيَ جَوَابٌ لِقَوْلِهِ ( وَالْقُرْآنِ ) كَمَا تَقُولُ : حَقًّا وَاللَّهِ ، نَزَلَ وَاللَّهِ .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28904_29568_29009وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) وَهَذَا قَسَمٌ أَقْسَمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهَذَا الْقُرْآنِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ )
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ذِي الذِّكْرِ ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَاهُ : ذِي الشَّرَفِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ : ثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ عَنْ
قَيْسٍ ، عَنْ
أَبِي حَصِينٍ ، عَنْ
سَعِيدٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) قَالَ : ذِي الشَّرَفِ .
حَدَّثَنَا
نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا ثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ عَنْ
مِسْعَرٍ ، عَنْ
أَبِي حَصِينٍ [ ص: 140 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ذِي الذِّكْرِ ) : ذِي الشَّرَفِ .
قَالَ : ثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ عَنْ
سُفْيَانَ عَنْ
إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ أَوْ غَيْرِهِ ( ذِي الذِّكْرِ ) : ذِي الشَّرَفِ .
حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : ثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ : ثَنَا
أَسْبَاطٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) قَالَ : ذِي الشَّرَفِ .
حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ : ثَنَا
مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ
سُفْيَانَ ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) ذِي الشَّرَفِ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ مَعْنَاهُ : ذِي التَّذْكِيرِ ، ذَكَّرَكُمُ اللَّهُ بِهِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حُدِّثْتُ عَنِ
الْمُسَيَّبِ بْنِ شَرِيكٍ عَنْ
أَبِي رَوْقٍ عَنِ
الضَّحَّاكِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ذِي الذِّكْرِ ) قَالَ : فِيهِ ذِكْرُكُمْ قَالَ : وَنَظِيرَتُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=10لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ) .
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ذِي الذِّكْرِ ) : أَيْ مَا ذُكِرَ فِيهِ .
وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : ذِي التَّذْكِيرِ لَكُمْ ، لِأَنَّ اللَّهَ أَتْبَعَ ذَلِكَ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ) فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَخْبَرَ عَنِ الْقُرْآنِ أَنَّهُ أَنْزَلَهُ ذِكْرًا لِعِبَادِهِ ، ذَكَّرَهُمْ بِهِ ، وَأَنَّ الْكَفَّارَ مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ .
وَاخْتُلِفَ فِي الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْقَسَمِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ ، وَقَعَ الْقَسَمُ عَلَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ )
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ ) قَالَ : هَاهُنَا وَقَعَ الْقِسْمُ .
وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ : " بَلْ " دَلِيلٌ عَلَى تَكْذِيبِهِمْ ، فَاكْتَفَى بِبَلْ
[ ص: 141 ] مِنْ جَوَابِ الْقَسَمِ ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ : ص ، مَا الْأَمْرُ كَمَا قُلْتُمْ ، بَلْ أَنْتُمْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ . وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي
الْكُوفَةِ يَقُولُ : زَعَمُوا أَنَّ مَوْضِعَ الْقَسَمِ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=14إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ ) وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي
الْكُوفَةِ : قَدْ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ جَوَابَ ( وَالْقُرْآنِ ) قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=64إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ) قَالَ : وَذَلِكَ كَلَامٌ قَدْ تَأَخَّرَ عَنْ قَوْلِهِ ( وَالْقُرْآنِ ) تَأَخُّرًا شَدِيدًا ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمَا قِصَصٌ ، مُخْتَلِفَةٌ ، فَلَا نَجِدُ ذَلِكَ مُسْتَقِيمًا فِي الْعَرَبِيَّةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَالَ : وَيُقَالُ : إِنَّ قَوْلَهُ ( وَالْقُرْآنِ ) يَمِينٌ ، اعْتَرَضَ كَلَامٌ دُونَ مَوْقِعِ جَوَابِهَا ، فَصَارَ جَوَابُهَا لِلْمُعْتَرِضِ وَلِلْيَمِينِ ، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ : وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ لَكَمْ أَهْلَكْنَا ، فَلَمَّا اعْتَرَضَ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ ) صَارَتْ كَمْ جَوَابًا لِلْعِزَّةِ وَالْيَمِينِ . قَالَ : وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=1وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ) اعْتَرَضَ دُونَ الْجَوَابِ - قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=7وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا ) فَصَارَتْ " قَدْ أَفْلَحَ " تَابِعَةً لِقَوْلِهِ : " فَأَلْهَمَهَا " ، وَكَفَى مِنْ جَوَابِ الْقَسَمِ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا لَقَدْ أَفْلَحَ .
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي - الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ
قَتَادَةُ وَأَنَّ قَوْلَهُ ( بَلْ ) لَمَّا دَلَّتْ عَلَى التَّكْذِيبِ وَحَلَّتْ مَحَلَّ الْجَوَابِ اسْتُغْنِيَ بِهَا مِنَ الْجَوَابِ ، إِذْ عُرِفَ الْمَعْنَى . فَمَعْنَى الْكَلَامِ إِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) مَا الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْكَافِرُونَ ، بَلْ هُمْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ) يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ مِنْ مُشْرِكِي
قُرَيْشٍ فِي حَمِيَّةٍ وَمُشَاقَّةٍ ، وَفِرَاقٍ
لِمُحَمَّدٍ وَعَدَاوَةٍ ، وَمَا بِهِمْ أَنْ لَا يَكُونُوا أَهْلَ عِلْمٍ ، بِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَاحِرٍ وَلَا كَذَّابٍ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ) قَالَ : مُعَازِّينَ .
[ ص: 142 ] حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ) : أَيْ فِي حَمِيَّةٍ وَفِرَاقٍ .
حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ) قَالَ : يُعَادَوْنَ أَمْرَ اللَّهِ وَرُسُلَهُ وَكِتَابَهُ ، وَيُشَاقُّونَ ، ذَلِكَ عِزَّةٌ وَشِقَاقٌ ، فَقُلْتُ لَهُ : الشِّقَاقُ : الْخِلَافُ ، فَقَالَ : نَعَمْ .