القول في تأويل قوله تعالى : ( فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون ( 49 ) )
يقول - تعالى ذكره - : فإذا أصاب الإنسان بؤس وشدة دعانا مستغيثا بنا من جهة ما أصابه من الضر ، ( ثم إذا خولناه نعمة منا ) يقول : ثم إذا أعطيناه فرجا مما كان فيه من الضر - بأن أبدلناه بالضر رخاء وسعة ، وبالسقم صحة وعافية - فقال : إنما أعطيت الذي أعطيت من الرخاء والسعة في المعيشة ، والصحة في البدن والعافية على علم عندي - يعني - على علم من الله بأني له أهل لشرفي ورضاه بعملي ( عندي ) يعني : فيما عندي . كما يقال : أنت محسن في هذا الأمر عندي : أي فيما أظن وأحسب .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( ثم إذا خولناه نعمة منا ) حتى بلغ ( على علم ) عندي أي على خير عندي .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( إذا خولناه نعمة منا ) قال : أعطيناه . [ ص: 304 ]
وقوله : ( أوتيته على علم ) : أي على شرف أعطانيه .
وقوله : ( بل هي فتنة ) يقول - تعالى ذكره - : بل عطيتنا إياهم تلك النعمة - من بعد الضر الذي كانوا فيه - فتنة لهم ، يعني بلاء ابتليناهم به ، واختبارا اختبرناهم به ( ولكن أكثرهم ) لجهلهم ، وسوء رأيهم ( لا يعلمون ) لأي سبب أعطوا ذلك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( بل هي فتنة ) : أي بلاء .