القول في تأويل قوله تعالى : ( له ملك السماوات والأرض وإلى الله ترجع الأمور ( 5 ) يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وهو عليم بذات الصدور ( 6 ) )
يقول - تعالى ذكره - : له سلطان السماوات والأرض نافذ في جميعهن ، وفي جميع ما فيهن أمره . ( وإلى الله ترجع الأمور ) يقول - جل ثناؤه - : وإلى الله مصير أمور جميع خلقه ، فيقضي بينهم بحكمه .
وقوله : ( يولج الليل في النهار ) يعني بقوله : ( يولج الليل في النهار ) يدخل ما نقص من ساعات الليل في النهار ، فيجعله زيادة في ساعاته ، ( ويولج النهار في الليل ) يقول : ويدخل ما نقص من ساعات النهار في الليل ، فيجعله زيادة في ساعات الليل .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
وقد ذكرنا الرواية بما قالوا فيما مضى من كتابنا هذا ، غير أنا نذكر في هذا الموضع بعض ما لم نذكر هنالك - إن شاء الله تعالى - .
حدثنا قال : ثنا هناد بن السري أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة في قوله : ( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ) قال : قصر هذا في طول هذا ، وطول هذا في قصر هذا .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا مؤمل قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم في قوله : ( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ) قال : دخول الليل في النهار ، ودخول النهار في الليل . [ ص: 171 ]
حدثني أبو السائب قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم في قوله : ( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ) قال : قصر أيام الشتاء في طول ليله ، وقصر ليل الصيف في طول نهاره .
وقوله : ( وهو عليم بذات الصدور ) يقول : وهو ذو علم بضمائر صدور عباده ، وما عزمت عليه نفوسهم من خير أو شر ، أو حدثت بهما أنفسهم ، لا يخفى عليه من ذلك خافية .