القول في تأويل ولا يحض على طعام المسكين ( 34 ) قوله تعالى : ( فليس له اليوم ها هنا حميم ( 35 ) ولا طعام إلا من غسلين ( 36 ) لا يأكله إلا الخاطئون ( 37 ) )
يقول تعالى ذكره مخبرا عن هذا الشقي الذي أوتي كتابه بشماله : إنه كان في الدنيا لا يحض الناس على إطعام أهل المسكنة والحاجة .
وقوله : ( فليس له اليوم ها هنا حميم ) يقول جل ثناؤه : ( فليس له اليوم ) وذلك يوم القيامة ، ( ها هنا ) يعني في الدار الآخرة ، ( حميم ) ، يعني قريب يدفع عنه ، ويغيثه مما هو فيه من البلاء .
كما حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( فليس له اليوم ها هنا حميم ) القريب في كلام العرب ، ( ولا طعام إلا من غسلين ) يقول جل ثناؤه : ولا له طعام كما كان لا يحض في الدنيا على طعام المسكين ، إلا طعام [ ص: 591 ] من غسلين ، وذلك ما يسيل من صديد أهل النار .
وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول : كل جرح غسلته فخرج منه شيء فهو غسلين ، فعلين من الغسل من الجراح والدبر ، وزيد فيه الياء والنون بمنزلة عفرين .
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( ولا طعام إلا من غسلين ) : صديد أهل النار .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( ولا طعام إلا من غسلين ) قال : ما يخرج من لحومهم .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( ولا طعام إلا من غسلين ) : شر الطعام وأخبثه وأبشعه .
وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( ولا طعام إلا من غسلين ) قال : الغسلين والزقوم لا يعلم أحد ما هو .
وقوله : ( لا يأكله إلا الخاطئون ) يقول : لا يأكل الطعام الذي من غسلين إلا الخاطئون ، وهم المذنبون الذين ذنوبهم كفر بالله .