الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : [ ص: 641 ] ( مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا ( 25 ) وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ( 26 ) )

يعني تعالى ذكره بقوله : ( مما خطيئاتهم ) من خطيئاتهم ( أغرقوا ) والعرب تجعل "ما" صلة فيما نوي به مذهب الجزاء ، كما يقال : أينما تكن أكن ، وحيثما تجلس أجلس ، ومعنى الكلام : من خطيئاتهم أغرقوا .

وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( مما خطيئاتهم ) قال : فبخطيئاتهم ( أغرقوا ) فأدخلوا نارا ، وكانت الباء ههنا فصلا في كلام العرب .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، قوله : ( مما خطيئاتهم أغرقوا ) قال : بخطيئاتهم أغرقوا .

واختلفت القراء في قراءة قوله : ( مما خطيئاتهم ) فقرأته عامة قراء الأمصار غير أبي عمرو ( مما خطيئاتهم ) بالهمز والتاء ، وقرأ ذلك أبو عمرو "مما خطاياهم" بالألف بغير همز .

والقول عندنا أنهما قراءتان معروفتان ، فبأيتهما قرأ القارئ فهو مصيب .

وقوله : ( فأدخلوا نارا ) جهنم ( فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا ) تقتص لهم ممن فعل ذلك بهم ، ولا تحول بينهم وبين ما فعل بهم .

وقوله : ( وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) ويعني بالديار : من يدور في الأرض ، فيذهب ويجيء فيها ، وهو فيعال من الدوران ديوارا ، اجتمعت الياء والواو ، فسبقت الياء الواو وهي ساكنة ، وأدغمت الواو فيها ، وصيرتا ياء مشددة ، كما قيل : الحي القيام ، من قمت ، وإنما هو قيوام ، والعرب تقول : ما بها ديار ولا عريب ، ولا دوي ولا صافر ، ولا نافخ ضرمة ، يعني بذلك كله : ما بها أحد .

التالي السابق


الخدمات العلمية