[ ص: 329 ] القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28973_32428_30539تأويل قوله تعالى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=174أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ( 174 ) )
قال
أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : " أولئك " ، - هؤلاء الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب في شأن
محمد صلى الله عليه وسلم بالخسيس من الرشوة يعطونها ، فيحرفون لذلك آيات الله ويغيرون معانيها " ما يأكلون في بطونهم " - بأكلهم ما أكلوا من الرشى على ذلك والجعالة ، وما أخذوا عليه من الأجر " إلا النار " - يعني : إلا ما يوردهم النار ويصليهموها ، كما قال تعالى ذكره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=10إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ) [ سورة النساء : 10 ] معناه : ما يأكلون في بطونهم إلا ما يوردهم النار بأكلهم . فاستغنى بذكر " النار" وفهم السامعين معنى الكلام ، عن ذكر " ما يوردهم ، أو يدخلهم" . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
2499 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=174أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار " ، يقول : ما أخذوا عليه من الأجر .
فإن قال قائل : فهل يكون الأكل في غير البطن فيقال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=174ما يأكلون في بطونهم " ؟
قيل : قد تقول العرب : " جعت في غير بطني ، وشبعت في غير بطني " ، فقيل : في بطونهم لذلك ، كما يقال : " فعل فلان هذا نفسه " . وقد بينا ذلك في غير هذا الموضع ، فيما مضى .
[ ص: 330 ]
وأما قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=174ولا يكلمهم الله يوم القيامة " ، يقول : ولا يكلمهم بما يحبون ويشتهون ، فأما بما يسوءهم ويكرهون ، فإنه سيكلمهم . لأنه قد أخبر تعالى ذكره أنه يقول لهم - إذا قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=107ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال اخسئوا فيها ولا تكلمون ) الآيتين [ سورة المؤمنون : 107 - 108 ] .
وأما قوله : "ولا يزكيهم" ، فإنه يعني : ولا يطهرهم من دنس ذنوبهم وكفرهم ، " ولهم عذاب أليم " ، يعني : موجع
[ ص: 329 ] الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28973_32428_30539تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=174أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 174 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ : " أُولَئِكَ " ، - هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ فِي شَأْنِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَسِيسِ مِنَ الرِّشْوَةِ يُعْطَوْنَهَا ، فَيُحَرِّفُونَ لِذَلِكَ آيَاتِ اللَّهِ وَيُغَيِّرُونَ مَعَانِيَهَا " مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ " - بِأَكْلِهِمْ مَا أَكَلُوا مِنَ الرُّشَى عَلَى ذَلِكَ وَالْجُعَالَةِ ، وَمَا أَخَذُوا عَلَيْهِ مِنَ الْأَجْرِ " إِلَّا النَّارَ " - يَعْنِي : إِلَّا مَا يُورِدُهُمُ النَّارَ وَيُصْلِيهُمُوهَا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=10إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) [ سُورَةُ النِّسَاءِ : 10 ] مَعْنَاهُ : مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا مَا يُورِدُهُمُ النَّارَ بِأَكْلِهِمْ . فَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ " النَّارِ" وَفَهْمِ السَّامِعِينَ مَعْنَى الْكَلَامِ ، عَنْ ذِكْرِ " مَا يُورِدُهُمْ ، أَوْ يُدْخِلُهُمْ" . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
2499 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
الرَّبِيعِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=174أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ " ، يَقُولُ : مَا أَخَذُوا عَلَيْهِ مِنَ الْأَجْرِ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَهَلْ يَكُونُ الْأَكْلُ فِي غَيْرِ الْبَطْنِ فَيُقَالُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=174مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ " ؟
قِيلَ : قَدْ تَقُولُ الْعَرَبُ : " جُعْتُ فِي غَيْرِ بَطْنِي ، وَشَبِعْتُ فِي غَيْرِ بَطْنِي " ، فَقِيلَ : فِي بُطُونِهِمْ لِذَلِكَ ، كَمَا يُقَالُ : " فَعَلَ فُلَانٌ هَذَا نَفْسُهُ " . وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ، فِيمَا مَضَى .
[ ص: 330 ]
وَأَمَّا قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=174وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " ، يَقُولُ : وَلَا يُكَلِّمُهُمْ بِمَا يُحِبُّونَ وَيَشْتَهُونَ ، فَأَمَّا بِمَا يَسُوءُهُمْ وَيَكْرَهُونَ ، فَإِنَّهُ سَيُكَلِّمُهُمْ . لِأَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ لَهُمْ - إِذَا قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=107رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ) الْآيَتَيْنِ [ سُورَةُ الْمُؤْمِنُونَ : 107 - 108 ] .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : "وَلَا يُزَكِّيهِمْ" ، فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَلَا يُطَهِّرُهُمْ مِنْ دَنَسِ ذُنُوبِهِمْ وَكُفْرِهِمْ ، " وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " ، يَعْنِي : مُوجِعٌ