nindex.php?page=treesubj&link=28973_29417القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10في قلوبهم مرض )
قال
أبو جعفر : وأصل المرض : السقم ، ثم يقال ذلك في الأجساد والأديان . فأخبر الله جل ثناؤه أن في قلوب المنافقين مرضا ، وإنما عنى تبارك وتعالى بخبره
[ ص: 279 ] عن مرض قلوبهم ، الخبر عن مرض ما في قلوبهم من الاعتقاد ولكن لما كان معلوما بالخبر عن مرض القلب ، أنه معني به مرض ما هم معتقدوه من الاعتقاد - استغنى بالخبر عن القلب بذلك والكفاية عن تصريح الخبر عن ضمائرهم واعتقاداتهم كما قال
عمر بن لجأ :
وسبحت المدينة ، لا تلمها ، رأت قمرا بسوقهم نهارا
يريد : وسبح
أهل المدينة ، فاستغنى بمعرفة السامعين خبره بالخبر عن
المدينة ، عن الخبر عن أهلها . ومثله قول
عنترة العبسي :
هلا سألت الخيل يا ابنة مالك ؟ إن كنت جاهلة بما لم تعلمي
يريد : هلا سألت أصحاب الخيل ؟ ومنه قولهم : "يا خيل الله اركبي " ، يراد : يا أصحاب خيل الله اركبوا . والشواهد على ذلك أكثر من أن يحصيها كتاب ، وفيما ذكرنا كفاية لمن وفق لفهمه .
فكذلك معنى قول الله جل ثناؤه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10في قلوبهم مرض ) إنما يعني : في اعتقاد قلوبهم الذي يعتقدونه في الدين ، والتصديق
بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وبما جاء به من عند الله - مرض وسقم . فاجتزأ بدلالة الخبر عن قلوبهم على معناه ، عن تصريح الخبر عن اعتقادهم .
والمرض الذي ذكر الله جل ثناؤه أنه في اعتقاد قلوبهم الذي وصفناه : هو شكهم في أمر
محمد وما جاء به من عند الله ، وتحيرهم فيه ، فلا هم به موقنون إيقان إيمان ، ولا هم له منكرون إنكار إشراك ، ولكنهم ، كما وصفهم الله عز وجل ، مذبذبون بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء كما يقال : فلان يمرض في هذا الأمر
[ ص: 280 ] أي يضعف العزم ولا يصحح الروية فيه .
وبمثل الذي قلنا في تأويل ذلك ، تظاهر القول في تفسيره من المفسرين .
ذكر من قال ذلك :
322 - حدثنا
محمد بن حميد ، قال : حدثنا
سلمة ، عن
محمد بن إسحاق ، عن
محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ، عن
عكرمة ، أو عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10في قلوبهم مرض " أي شك .
323 - وحدثت عن
المنجاب ، قال : حدثنا
بشر بن عمارة ، عن
أبي روق ، عن
الضحاك ، عن
ابن عباس ، قال : المرض : النفاق .
324 - حدثني
موسى بن هارون ، قال : حدثنا
عمرو بن حماد ، قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي في خبر ذكره ، عن
أبي مالك ، وعن
أبي صالح ، عن
ابن عباس - وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17058مرة الهمداني ، عن
ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10في قلوبهم مرض " يقول : في قلوبهم شك .
325 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
عبد الرحمن بن زيد ، في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10في قلوبهم مرض " قال : هذا مرض في الدين ، وليس مرضا في الأجساد ، قال : وهم المنافقون .
326 - حدثني
المثنى بن إبراهيم ، قال : حدثنا
سويد بن نصر ، قال : أخبرنا
ابن المبارك قراءة ، عن
سعيد ، عن
قتادة ، في قوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10في قلوبهم مرض " قال : في قلوبهم ريبة وشك في أمر الله جل ثناؤه .
327 - وحدثت عن
عمار بن الحسن ، قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع بن أنس : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10في قلوبهم مرض " قال : هؤلاء أهل النفاق ، والمرض الذي في قلوبهم : الشك في أمر الله تعالى ذكره .
328 - حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
عبد الرحمن بن زيد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=8ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر ) حتى بلغ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10في قلوبهم مرض )
[ ص: 281 ] قال : المرض : الشك الذي دخلهم في الإسلام .
nindex.php?page=treesubj&link=28973_29417الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَصْلُ الْمَرَضِ : السَّقَمُ ، ثُمَّ يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْأَجْسَادِ وَالْأَدْيَانِ . فَأَخْبَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ فِي قُلُوبِ الْمُنَافِقِينَ مَرَضًا ، وَإِنَّمَا عَنَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِخَبَرِهِ
[ ص: 279 ] عَنْ مَرَضِ قُلُوبِهِمْ ، الْخَبَرَ عَنْ مَرَضِ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الِاعْتِقَادِ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ مَعْلُومًا بِالْخَبَرِ عَنْ مَرَضِ الْقَلْبِ ، أَنَّهُ مَعْنِيٌّ بِهِ مَرَضُ مَا هُمْ مُعْتَقِدُوهُ مِنَ الِاعْتِقَادِ - اسْتَغْنَى بِالْخَبَرِ عَنِ الْقَلْبِ بِذَلِكَ وَالْكِفَايَةِ عَنْ تَصْرِيحِ الْخَبَرِ عَنْ ضَمَائِرِهِمْ وَاعْتِقَادَاتِهِمْ كَمَا قَالَ
عُمَرُ بْنُ لَجَأَ :
وَسَبَّحَتِ الْمَدِينَةُ ، لَا تَلُمْهَا ، رَأَتْ قَمَرًا بِسُوقِهِمُ نَهَارَا
يُرِيدُ : وَسَبَّحَ
أَهْلُ الْمَدِينَةِ ، فَاسْتَغْنَى بِمَعْرِفَةِ السَّامِعِينَ خَبَرَهُ بِالْخَبَرِ عَنِ
الْمَدِينَةِ ، عَنِ الْخَبَرِ عَنْ أَهْلِهَا . وَمِثْلُهُ قَوْلُ
عَنْتَرَةَ الْعَبْسِيِّ :
هَلَا سَأَلْتِ الْخَيْلَ يَا ابْنَةَ مَالِكٍ ؟ إِنْ كُنْتِ جَاهِلَةً بِمَا لَمْ تَعْلَمِي
يُرِيدُ : هَلَّا سَأَلْتِ أَصْحَابَ الْخَيْلِ ؟ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : "يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي " ، يُرَادُ : يَا أَصْحَابَ خَيْلِ اللَّهِ ارْكَبُوا . وَالشَّوَاهِدُ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصِيَهَا كِتَابٌ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ لِمَنْ وُفِّقَ لِفَهْمِهِ .
فَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) إِنَّمَا يَعْنِي : فِي اعْتِقَادِ قُلُوبِهِمُ الَّذِي يَعْتَقِدُونَهُ فِي الدِّينِ ، وَالتَّصْدِيقِ
بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ - مَرَضٌ وَسُقْمٌ . فَاجْتَزَأَ بِدَلَالَةِ الْخَبَرِ عَنْ قُلُوبِهِمْ عَلَى مَعْنَاهُ ، عَنْ تَصْرِيحِ الْخَبَرِ عَنِ اعْتِقَادِهِمْ .
وَالْمَرَضُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ فِي اعْتِقَادِ قُلُوبِهِمُ الَّذِي وَصَفْنَاهُ : هُوَ شَكُّهُمْ فِي أَمْرِ
مُحَمَّدٍ وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَتَحَيُّرُهُمْ فِيهِ ، فَلَا هُمْ بِهِ مُوقِنُونَ إِيقَانَ إِيمَانٍ ، وَلَا هُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ إِنْكَارَ إِشْرَاكٍ ، وَلَكِنَّهُمْ ، كَمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، مُذَبْذَبُونَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ كَمَا يُقَالُ : فُلَانٌ يُمَرِّضُ فِي هَذَا الْأَمْرِ
[ ص: 280 ] أَيْ يُضَعِّفُ الْعَزْمَ وَلَا يُصَحِّحُ الرَّوِيَّةَ فِيهِ .
وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ ، تَظَاهَرَ الْقَوْلُ فِي تَفْسِيرِهِ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
322 - حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، أَوْ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ " أَيْ شَكٌّ .
323 - وَحُدِّثْتُ عَنِ
الْمِنْجَابِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ ، عَنْ
أَبِي رَوْقٍ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : الْمَرَضُ : النِّفَاقُ .
324 - حَدَّثَنِي
مُوسَى بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ فِي خَبَرٍ ذَكَرَهُ ، عَنْ
أَبِي مَالِكٍ ، وَعَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ - وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17058مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ ، عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ " يَقُولُ : فِي قُلُوبِهِمْ شَكٌّ .
325 - حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=17418يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : قَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ " قَالَ : هَذَا مَرَضٌ فِي الدِّينِ ، وَلَيْسَ مَرَضًا فِي الْأَجْسَادِ ، قَالَ : وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ .
326 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ الْمُبَارَكِ قِرَاءَةً ، عَنْ
سَعِيدٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ " قَالَ : فِي قُلُوبِهِمْ رِيبَةٌ وَشَكٌّ فِي أَمْرِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ .
327 - وَحُدِّثْتُ عَنْ
عَمَّارِ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ " قَالَ : هَؤُلَاءِ أَهْلُ النِّفَاقِ ، وَالْمَرَضُ الَّذِي فِي قُلُوبِهِمْ : الشَّكُّ فِي أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ .
328 - حَدَّثَنِي
يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : قَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=8وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ ) حَتَّى بَلَغَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ )
[ ص: 281 ] قَالَ : الْمَرَضُ : الشَّكُّ الَّذِي دَخَلَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ .