قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك : فانكحوا مزدرع أولادكم من حيث شئتم من وجوه المأتى .
و " الإتيان " في هذا الموضع ، كناية عن اسم الجماع .
واختلف أهل التأويل في معنى قوله : " أنى شئتم " .
فقال بعضهم : معنى " أنى " كيف .
ذكر من قال ذلك :
4309 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن عطية قال : حدثنا شريك عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : " فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، قال : يأتيها كيف شاء ، ما لم يكن يأتيها في دبرها أو في الحيض .
4310 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا شريك عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله : " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، قال : ائتها أنى شئت ، مقبلة ومدبرة ، ما لم تأتها في الدبر والمحيض .
4311 - حدثنا علي بن داود قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله : " فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، يعني بالحرث : الفرج . يقول : تأتيه كيف شئت ، مستقبله ومستدبره وعلى أي ذلك أردت ، بعد أن لا تجاوز الفرج إلى غيره ، وهو قوله : " فأتوهن من حيث أمركم الله " . [ ص: 399 ]
4312 - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا شريك عن عبد الكريم عن عكرمة : " فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، قال : يأتيها كيف شاء ، ما لم يعمل عمل قوم لوط .
4313 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا الحسن بن صالح عن ليث عن مجاهد : " فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، قال : يأتيها كيف شاء ، واتق الدبر والحيض .
4314 - حدثني عبيد الله بن سعد قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي قال : حدثني يزيد : أن ابن كعب كان يقول : إنما قوله : " فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، يقول : ائتها مضجعة وقائمة ومنحرفة ومقبلة ومدبرة كيف شئت ، إذا كان في قبلها . [ ص: 400 ]
4315 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا حصين عن قال : سمعته يحدث مرة الهمداني نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " يقول : كيف شاء ، بعد أن يكون في الفرج . أن رجلا من اليهود لقي رجلا من المسلمين فقال له : أيأتي أحدكم أهله باركا؟ قال : نعم . قال : فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فنزلت هذه الآية : "
4316 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، إن شئت قائما أو قاعدا أو على جنب ، إذا كان يأتيها من الوجه الذي يأتي منه المحيض ، ولا يتعدى ذلك إلى غيره .
4317 - حدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط عن : " السدي فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، ائت حرثك كيف شئت من قبلها ، ولا تأتيها في دبرها . " أنى شئتم " ، قال : كيف شئتم .
4318 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرنا عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال : أن عبد الله بن علي حدثه : أنه بلغه أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلسوا يوما ورجل من اليهود قريب منهم ، فجعل بعضهم يقول : إني لآتي امرأتي وهي مضطجعة . ويقول الآخر : إني لآتيها وهي قائمة . ويقول الآخر : إني لآتيها على جنبها وباركة . فقال اليهودي : ما أنتم إلا أمثال البهائم ! ولكنا إنما نأتيها على هيئة واحدة ! فأنزل الله تعالى ذكره : " نساؤكم حرث لكم " ، فهو القبل .
وقال آخرون : معنى : " أنى شئتم " ، من حيث شئتم ، وأي وجه أحببتم .
ذكر من قال ذلك : [ ص: 401 ]
4319 - حدثنا سهل بن موسى الرازي قال : حدثنا ابن أبي فديك عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهل عن عن داود بن الحصين عكرمة عن ابن عباس : أنه كان يكره أن تؤتى المرأة في دبرها ، ويقول : إنما الحرث من القبل الذي يكون منه النسل والحيض ، وينهى عن ويقول : إنما نزلت هذه الآية : " إتيان المرأة في دبرها نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، يقول : من أي وجه شئتم .
4320 - حدثنا ابن حميد قال حدثنا قال : حدثنا ابن واضح العتكي عن عكرمة : " فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، قال : ظهرها لبطنها غير معاجزة - يعني الدبر .
4321 - حدثنا عبيد الله بن سعد قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي [ ص: 402 ] عن يزيد [ عن الحارث بن كعب ] ، عن محمد بن كعب قال : إن ابن عباس كان يقول : اسق نباتك من حيث نباته .
4322 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع قوله : " فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، يقول : من أين شئتم . ذكر لنا - والله أعلم - أن اليهود قالوا : إن العرب يأتون النساء من قبل أعجازهن ، فإذا فعلوا ذلك ، جاء الولد أحول ، فأكذب الله أحدوثتهم فقال : " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " .
4323 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا حجاج عن عن ابن جريج مجاهد قال يقول : ائتوا النساء في [ غير ] أدبارهن على كل نحو قال : سمعت ابن جريج عطاء بن أبي رباح قال : تذاكرنا هذا عند ابن عباس فقال ابن عباس : ائتوهن من حيث شئتم ، مقبلة ومدبرة . فقال رجل : كأن هذا حلال! فأنكر عطاء أن يكون هذا هكذا ، وأنكره كأنه إنما يريد الفرج ، مقبلة ومدبرة في الفرج .
وقال آخرون معنى قوله : " أنى شئتم " ، متى شئتم .
ذكر من قال ذلك : [ ص: 403 ]
4324 - حدثت عن حسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد قال : أخبرنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، يقول : متى شئتم .
4325 - حدثني قال : أخبرنا يونس بن عبد الأعلى ابن وهب قال : حدثنا أبو صخر عن أبي - عن معاوية البجلي - وهو عمار الدهني سعيد بن جبير أنه قال : بينا أنا ومجاهد جالسان عند ابن عباس أتاه رجل فوقف على رأسه فقال : يا أبا العباس - أو : يا أبا الفضل - ألا تشفيني عن آية المحيض؟ فقال : بلى! فقرأ : " ويسألونك عن المحيض " حتى بلغ آخر الآية ، فقال ابن عباس : من حيث جاء الدم ، من ثم أمرت أن تأتي . فقال له الرجل : يا أبا الفضل ، كيف بالآية التي تتبعها : " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " ؟ فقال : إي! ويحك! وفي الدبر من حرث!! لو كان ما تقول حقا ، لكان المحيض منسوخا! إذا اشتغل من ههنا ، جئت من ههنا! ولكن : أنى شئتم من الليل والنهار .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : أين شئتم ، وحيث شئتم .
ذكر من قال ذلك :
4326 - حدثني يعقوب قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا ابن عون عن [ ص: 404 ] نافع قال كان ابن عمر إذا قرئ القرآن لم يتكلم . قال : فقرأت ذات يوم هذه الآية : " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، فقال : أتدري فيمن نزلت هذه الآية؟ قلت : لا! قال : نزلت في إتيان النساء في أدبارهن .
4326 حدثني يعقوب حدثنا حدثنا ابن علية ابن عون عن نافع قال : قرأت ذات يوم : " نساؤكم حرث لكم فائتوا حرثكم أنى شئتم " فقال ابن عمر : أتدري فيم نزلت؟ قلت : لا ! قال : نزلت في إتيان النساء في أدبارهن ) .
4327 - حدثني إبراهيم بن عبد الله بن مسلم أبو مسلم قال : حدثنا أبو عمر الضرير قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم صاحب الكرابيس عن ابن عون عن نافع قال : كنت أمسك على ابن عمر المصحف ، إذ تلا هذه الآية : " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، فقال : أن يأتيها في دبرها . [ ص: 405 ]
4328 - حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال : حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال : حدثنا الدراوردي قال : قيل : إن لزيد بن أسلم محمد بن المنكدر ينهى عن إتيان النساء في أدبارهن . فقال زيد : أشهد على محمد لأخبرني أنه يفعله .
4329 - حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال : حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن أحمد بن أبي الغمر قال : حدثني عبد الرحمن بن القاسم عن مالك بن أنس أنه قيل له : يا أبا عبد الله ، إن الناس يروون عن سالم : " كذب العبد ، أو : العلج ، على أبي " ! فقال مالك : أشهد على يزيد بن رومان أنه أخبرني ، عن عن سالم بن عبد الله ابن عمر مثل ما قال نافع . فقيل له : فإن الحارث بن يعقوب يروي عن : أنه سأل أبي الحباب سعيد بن يسار ابن عمر فقال له : يا أبا عبد الرحمن ، إنا نشتري الجواري فنحمض لهن؟ فقال : وما التحميض؟ قال : الدبر . فقال ابن عمر : أف ! أف ! يفعل ذلك مؤمن ! - أو قال : مسلم ! - فقال مالك : أشهد على ربيعة لأخبرني عن أبي الحباب عن ابن عمر مثل ما قال نافع . [ ص: 406 ]
4330 - حدثني محمد بن إسحاق قال : أخبرنا عمرو بن طارق قال : أخبرنا يحيى بن أيوب عن موسى بن أيوب الغافقي قال : قلت لأبي ماجد الزيادي : إن يحدث عن نافعا ابن عمر في دبر المرأة . فقال : كذب نافع ! صحبت ابن عمر ونافع مملوك ، فسمعته يقول : ما نظرت إلى فرج امرأتي منذ كذا وكذا .
4331 - حدثني أبو قلابة قال : حدثنا عبد الصمد قال : حدثني أبي ، عن أيوب عن نافع عن ابن عمر : " فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، قال : في الدبر . [ ص: 407 ]
4332 - حدثني أبو مسلم قال : حدثنا أبو عمر الضرير قال : حدثنا قال : حدثنا يزيد بن زريع روح بن القاسم عن قتادة قال : سئل أبو الدرداء عن إتيان النساء في أدبارهن ، فقال : هل يفعل ذلك إلا كافر! قال روح : فشهدت ابن أبي مليكة يسأل عن ذلك فقال : قد أردته من جارية لي البارحة فاعتاص علي ، فاستعنت بدهن أو بشحم . قال : فقلت له ، سبحان الله!! أخبرنا قتادة أن أبا الدرداء قال : هل يفعل ذلك إلا كافر! فقال : لعنك الله ولعن قتادة! فقلت : لا أحدث عنك شيئا أبدا! ثم ندمت بعد ذلك .
قال أبو جعفر واعتل قائلو هذه المقالة لقولهم بما : -
4333 - حدثني به محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : أخبرنا أبو بكر بن أبي أويس الأعشى عن عن سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم ابن عمر : أن رجلا أتى امرأته في دبرها فوجد في نفسه من ذلك ، فأنزل الله : " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " . [ ص: 408 ]
4334 - حدثني يونس قال : أخبرني ابن نافع عن عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم : عطاء بن يسار أن رجلا أصاب امرأته في دبرها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنكر الناس ذلك وقالوا : أثفرها! فأنزل الله تعالى ذكره : " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " الآية .
وقال آخرون : معنى ذلك : ائتوا حرثكم كيف شئتم - إن شئتم فاعزلوا ، وإن شئتم فلا تعزلوا .
ذكر من قال ذلك :
4335 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا الحسن بن صالح عن ليث عن عيسى بن سنان عن : " سعيد بن المسيب فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، إن شئتم فاعزلوا ، وإن شئتم فلا تعزلوا .
4336 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عن وكيع يونس عن أبي إسحاق عن زائدة بن عمير عن ابن عباس قال : إن شئت فاعزل ، وإن شئت فلا تعزل .
قال أبو جعفر : وأما الذين قالوا : معنى قوله : " أنى شئتم " ، كيف شئتم مقبلة ومدبرة في الفرج والقبل ، فإنهم قالوا : إن الآية إنما نزلت في استنكار قوم من اليهود استنكروا إتيان النساء في أقبالهن من قبل أدبارهن . قالوا : وفي ذلك دليل على صحة ما قلنا [ ص: 409 ] من أن معنى ذلك على ما قلنا . واعتلوا لقيلهم ذلك بما : -
4337 - حدثني به أبو كريب قال : حدثنا المحاربي قال : حدثنا محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد قال : عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته ، أوقفه عند كل آية وأساله عنها ، حتى انتهى إلى هذه الآية : " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، فقال ابن عباس : نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " إن شئت فمقبلة ، وإن شئت فمدبرة ، وإن شئت فباركة ، وإنما يعني بذلك موضع الولد للحرث . يقول : ائت الحرث من حيث شئت . إن هذا الحي من قريش كانوا يشرحون النساء بمكة ، ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات . فلما قدموا المدينة تزوجوا في الأنصار ، فذهبوا ليفعلوا بهن كما كانوا يفعلون بالنساء بمكة ، فأنكرن ذلك وقلن : هذا شيء لم نكن نؤتى عليه ! فانتشر الحديث حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى ذكره في ذلك : "
4338 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عن يونس بن بكير محمد بن إسحاق بإسناده نحوه .
4339 - حدثنا قال : حدثنا محمد بن بشار ابن مهدي قال : حدثنا سفيان عن محمد بن المنكدر قال : سمعت جابرا يقول : إن اليهود كانوا يقولون : إذا جامع الرجل أهله في فرجها من ورائها كان ولده أحول . فأنزل الله تعالى ذكره : " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " . [ ص: 410 ]
4340 - حدثنا مجاهد بن موسى قال : حدثنا قال : أخبرنا يزيد بن هارون الثوري عن محمد بن المنكدر عن قال : قالت اليهود : إذا أتى الرجل امرأته في قبلها من دبرها ، وكان بينهما ولد ، كان أحول . فأنزل الله تعالى ذكره : " جابر بن عبد الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " .
4341 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن [ ص: 411 ] عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن عبد الرحمن بن سابط عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : أم سلمة : فذكرت ذلك لي ، فذكرت أم سلمة ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أرسلي إليها . فلما جاءت قرأ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، صماما واحدا ، صماما واحدا . تزوج رجل امرأة فأراد أن يجبيها ، فأبت عليه ، وقالت : حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ! قالت
4342 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن عبد الله بن عثمان عن ابن سابط عن حفصة ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر عن أم سلمة قالت : نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، " صماما واحدا ، صماما واحدا " . قدم المهاجرون فتزوجوا في الأنصار ، وكانوا يجبون ، وكانت الأنصار لا تفعل ذلك ، فقالت امرأة لزوجها : حتى آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله عن ذلك ! فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فاستحيت أن تسأله ، فسألت أنا ، فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ عليها : "
4343 - حدثني أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان عن عبد الله بن عثمان عن عبد الرحمن بن سابط عن حفصة بنت عبد الرحمن عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .
4344 - حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا حدثنا ابن مهدي قال : حدثنا عن سفيان الثوري عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن عبد الرحمن بن سابط عن حفصة ابنة عبد الرحمن عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قوله : [ ص: 412 ] " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، قال : صماما واحدا ، صماما واحدا " .
4345 - حدثني محمد بن معمر البحراني قال : حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي قال : حدثني وهيب قال : حدثني عبد الله بن عثمان عن عبد الرحمن بن سابط قال : قلت إني أريد أن أسألك عن شيء ، وأنا أستحيي منك أن أسألك؟ قالت : سل يا بني عما بدا لك ! قلت : أسألك عن غشيان النساء في أدبارهن؟ قالت : حدثتني لحفصة أم سلمة قالت : كانت الأنصار لا تجبي ، وكان المهاجرون يجبون ، فتزوج رجل من المهاجرين امرأة من الأنصار ثم ذكر نحو حديث أبي كريب عن معاوية بن هشام .
4346 - حدثنا قال : حدثني ابن المثنى قال : حدثنا وهب بن جرير شعبة عن ابن المنكدر قال : سمعت يقول : إن اليهود كانوا يقولون : إذا أتى الرجل امرأته باركة جاء الولد أحول . فنزلت " جابر بن عبد الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " .
4347 - حدثني محمد بن أحمد بن عبد الله الطوسي قال : حدثنا الحسن بن موسى قال : حدثنا يعقوب القمي عن جعفر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، أقبل وأدبر ، واتق الدبر والحيضة " . جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، هلكت!! قال : وما الذي أهلكك؟ قال : حولت رحلي الليلة! قال : فلم يرد [ ص: 413 ] عليه شيئا ، قال : فأوحى الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : "
4348 - حدثنا زكريا بن يحيى المصري قال : حدثنا أبو صالح الحراني قال : حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب : أن عامر بن يحيى أخبره ، عن حنش الصنعاني عن ابن عباس : نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ائتها مقبلة ومدبرة ، إذا كان ذلك في الفرج " . أن ناسا من حمير أتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن أشياء ، فقال رجل منهم : يا رسول الله ، إني رجل أحب النساء ، فكيف ترى في ذلك؟ فأنزل الله تعالى ذكره في " سورة البقرة " بيان ما سألوا عنه ، وأنزل فيما سأل عنه الرجل : "
قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندنا قول من قال : معنى قوله " أنى شئتم " ، من أي وجه شئتم . وذلك أن " أنى " في كلام العرب كلمة تدل - إذا ابتدئ بها في الكلام - على المسألة عن الوجوه والمذاهب . فكأن القائل [ ص: 414 ] إذا قال لرجل : " أنى لك هذا المال " ؟ يريد : من أي الوجوه لك . ولذلك يجيب المجيب فيه بأن يقول : " من كذا وكذا " ، كما قال تعالى ذكره مخبرا عن زكريا في مسألته مريم : ( أنى لك هذا قالت هو من عند الله ) [ سورة آل عمران : 37 ] . وهي مقاربة " أين " و" كيف " في المعنى ، ولذلك تداخلت معانيها ، فأشكلت " أنى " على سامعيها ومتأوليها ، حتى تأولها بعضهم بمعنى : " أين " ، وبعضهم بمعنى " كيف " ، وآخرون بمعنى : " متى " - وهي مخالفة جميع ذلك في معناها ، وهن لها مخالفات .
وذلك أن " أين " إنما هي حرف استفهام عن الأماكن والمحال - وإنما يستدل على افتراق معاني هذه الحروف بافتراق الأجوبة عنها . ألا ترى أن سائلا لو سأل آخر فقال : " أين مالك " ؟ لقال : " بمكان كذا " ، ولو قال له : " أين أخوك " ؟ لكان الجواب أن يقول : " ببلدة كذا أو بموضع كذا " ، فيجيبه بالخبر عن محل ما سأله عن محله . فيعلم أن " أين " مسألة عن المحل .
ولو قال قائل لآخر : " كيف أنت " ؟ لقال : " صالح ، أو بخير ، أو في عافية " ، وأخبره عن حاله التي هو فيها ، فيعلم حينئذ أن " كيف " مسألة عن حال المسؤول عن حاله .
ولو قال له : " أنى يحيي الله هذا الميت؟ " ، لكان الجواب أن يقال : " من وجه كذا ووجه كذا " ، فيصف قولا نظير ما وصف الله تعالى ذكره للذي قال : ( أنى يحيي هذه الله بعد موتها ) [ سورة البقرة : 259 ] فعلا حين بعثه من بعد مماته . [ ص: 415 ]
وقد فرقت الشعراء بين ذلك في أشعارها ، فقال : الكميت بن زيد
تذكر من أنى ومن أين شربه؟ يؤامر نفسيه كذي الهجمة الأبل
وقال أيضا :أنى ومن أين - آبك - الطرب؟ من حيث لا صبوة ولا ريب
والذي يدل على فساد قول من تأول قول الله تعالى ذكره : " فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، كيف شئتم - أو تأوله بمعنى : حيث شئتم أو بمعنى : متى شئتم أو بمعنى : أين شئتم أن قائلا لو قال لآخر : " أنى تأتي أهلك؟ " ، لكان الجواب [ ص: 416 ] أن يقول : " من قبلها ، أو : من دبرها " ، كما أخبر الله تعالى ذكره عن مريم إذ سئلت : ( أنى لك هذا ) أنها قالت : ( هو من عند الله ) .
وإذ كان ذلك هو الجواب ، فمعلوم أن معنى قول الله تعالى ذكره : " فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، إنما هو : فأتوا حرثكم من حيث شئتم من وجوه المأتى - وأن ما عدا ذلك من التأويلات فليس للآية بتأويل .
وإذ كان ذلك هو الصحيح ، فبين خطأ قول من زعم أن قوله : " فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، دليل على إباحة إتيان النساء في الأدبار لأن الدبر لا محترث فيه ، وإنما قال تعالى ذكره : " حرث لكم " ، فأتوا الحرث من أي وجوهه شئتم . وأي محترث في الدبر فيقال : ائته من وجهه؟ وبين بما بينا ، صحة معنى ما روي عن جابر : من أن هذه الآية نزلت فيما كانت وابن عباس اليهود تقوله للمسلمين : " إذا أتى الرجل المرأة من دبرها في قبلها ، جاء الولد أحول " .