القول في ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون ( 13 ) ) تأويل قوله جل ثناؤه : (
قال أبو جعفر : وهذا خبر من الله تعالى عن المنافقين الذين تقدم نعته لهم ، ووصفه إياهم بما وصفهم به من الشك والتكذيب - أنهم هم الجهال في أديانهم ، [ ص: 295 ] الضعفاء الآراء في اعتقاداتهم واختياراتهم التي اختاروها لأنفسهم ، من الشك والريب في أمر الله وأمر رسوله وأمر نبوته ، وفيما جاء به من عند الله ، وأمر البعث ، لإساءتهم إلى أنفسهم بما أتوا من ذلك وهم يحسبون أنهم إليها يحسنون . وذلك هو عين السفه ، لأن السفيه إنما يفسد من حيث يرى أنه يصلح ، ويضيع من حيث يرى أنه يحفظ ، فكذلك المنافق : يعصي ربه من حيث يرى أنه يطيعه ، ويكفر به من حيث يرى أنه يؤمن به ، ويسيء إلى نفسه من حيث يحسب أنه يحسن إليها ، كما وصفهم به ربنا جل ذكره ، فقال : ( ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ) ، وقال : ( ألا إنهم هم السفهاء ) - دون المؤمنين المصدقين بالله وبكتابه ، وبرسوله وثوابه وعقابه - ( ولكن لا يعلمون ) . وكذلك كان ابن عباس يتأول هذه الآية .
348 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، عن بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس يقول الله جل ثناؤه : ( ألا إنهم هم السفهاء ) ، يقول : الجهال ، ( ولكن لا يعلمون ) ، يقول : ولكن لا يعقلون .
وأما وجه دخول الألف واللام في " السفهاء " فشبيه بوجه دخولهما في " الناس " في قوله : ( وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس ) ، وقد بينا العلة في دخولهما هنالك ، والعلة في دخولهما في " السفهاء " نظيرتها في دخولهما في " الناس " هنالك ، سواء .
والدلالة التي تدل عليه هذه الآية من خطأ قول من زعم أن العقوبة من الله لا يستحقها إلا المعاند ربه ، بعد علمه بصحة ما عانده فيه - نظير دلالة الآيات الأخر التي قد تقدم ذكرنا تأويلها في قوله " ولكن لا يشعرون " ونظائر ذلك .