[ تفسير
ابن هشام لبعض الغريب ]
قال
ابن هشام : فباءوا بغضب : أي اعترفوا به واحتملوه . قال
أعشى بني قيس بن ثعلبة :
:
أصالحكم حتى تبوءوا بمثلها كصرخة حبلى يسرتها قبيلها
( قال
ابن هشام : يسرتها : أجلستها للولادة ) . وهذا البيت في قصيدة له .
قال
ابن إسحاق : فالغضب على الغضب لغضبه عليهم فيما كانوا ضيعوا من التوراة ، وهي معهم ، وغضب بكفرهم بهذا النبي صلى الله عليه وسلم الذي أحدث الله إليهم .
ثم أنبهم برفع
الطور عليهم ، واتخاذهم العجل إلها دون ربهم ، يقول الله تعالى
لمحمد صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=94قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين أي ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب عند الله ، فأبوا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم . يقول الله جل ثناؤه لنبيه عليه الصلاة والسلام :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=95ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم أي بعلمهم بما عندهم من العلم بك ، والكفر بذلك ، فيقال : لو تمنوه يوم قال ذلك لهم ما بقي على وجه الأرض يهودي إلا مات . ثم ذكر رغبتهم في الحياة الدنيا وطول العمر ، فقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=96ولتجدنهم أحرص الناس على حياة اليهود nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=96ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر [ ص: 543 ] أي ما هو بمنجيه من العذاب ، وذلك أن المشرك لا يرجو بعثا بعد الموت ، فهو يحب طول الحياة ، وأن اليهودي قد عرف ما له في الآخرة من الخزي بما ضيع مما عنده من العلم . ثم قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=97قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله
[ تَفْسِيرُ
ابْنِ هِشَامٍ لِبَعْضِ الْغَرِيبِ ]
قَالَ
ابْنُ هِشَامٍ : فَبَاءُوا بِغَضَبٍ : أَيْ اعْتَرَفُوا بِهِ وَاحْتَمَلُوهُ . قَالَ
أَعْشَى بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ :
:
أُصَالِحُكُمْ حَتَّى تَبُوءُوا بِمِثْلِهَا كَصَرْخَةِ حُبْلَى يَسَّرَتْهَا قَبِيلُهَا
( قَالَ
ابْنُ هِشَامٍ : يَسَّرَتْهَا : أَجَلَسَتْهَا لِلْوِلَادَةِ ) . وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ .
قَالَ
ابْنُ إسْحَاقَ : فَالْغَضَبُ عَلَى الْغَضَبِ لِغَضَبِهِ عَلَيْهِمْ فِيمَا كَانُوا ضَيَّعُوا مِنْ التَّوْرَاةِ ، وَهِيَ مَعَهُمْ ، وَغَضَبٌ بِكُفْرِهِمْ بِهَذَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَحْدَثَ اللَّهُ إلَيْهِمْ .
ثُمَّ أَنَّبَهُمْ بِرَفْعِ
الطُّورِ عَلَيْهِمْ ، وَاِتِّخَاذِهِمْ الْعِجْلَ إلَهًا دُونَ رَبِّهِمْ ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى
لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=94قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ أَيْ اُدْعُوا بِالْمَوْتِ عَلَى أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ أَكْذَبُ عِنْدَ اللَّهِ ، فَأَبَوْا ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=95وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ أَيْ بِعِلْمِهِمْ بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ بِكَ ، وَالْكُفْرِ بِذَلِكَ ، فَيُقَالُ : لَوْ تَمَنَّوْهُ يَوْمَ قَالَ ذَلِكَ لَهُمْ مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ يَهُودِيٌّ إلَّا مَاتَ . ثُمَّ ذَكَرَ رَغْبَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَطُولَ الْعُمْرِ ، فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=96وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ الْيَهُودَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=96وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ [ ص: 543 ] أَيْ مَا هُوَ بِمُنْجِيهِ مِنْ الْعَذَابِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكَ لَا يَرْجُو بَعْثًا بَعْدَ الْمَوْتِ ، فَهُوَ يُحِبُّ طُولَ الْحَيَاةِ ، وَأَنَّ الْيَهُودِيَّ قَدْ عَرَفَ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْخِزْيِ بِمَا ضَيَّعَ مِمَّا عِنْدَهُ مِنْ الْعِلْمِ . ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=97قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ