الشهاب الطوسي
الشيخ الإمام ، العالم العلامة ، شيخ الشافعية شهاب الدين ، أبو الفتح ، محمد بن محمود بن محمد الخراساني الطوسي صاحب الفقيه محمد بن يحيى .
ولد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة .
وحدث عن أبي الوقت السجزي ، وغيره .
وقدم بغداد ، وعظم قدره ، وصاهر قاضي القضاة أبا البركات بن الثقفي ، ثم حج ، وأتى مصر سنة تسع وسبعين ، ونزل بالخانقاه وتردد إليه الفقهاء .
[ ص: 388 ] وروى عنه : الإمام بهاء الدين بن الجميزي ، وشهاب الدين القوصي .
ثم درس بمنازل العز ، وتخرج به أئمة ، وكان جامعا للفنون ، غير محتفل بأبناء الدنيا . وعظ بجامع مصر مدة .
قال الإمام أبو شامة قيل : إنه قدم بغداد ، فكان يركب بالسنجق والسيوف المسللة والغاشية والطوق في عنق البغلة ، فمنع من ذلك ، فسافر إلى مصر ، ووعظ ، وأظهر مقالة الأشعري ، فثارت الحنابلة ، وكان يجري بينه وبين زين الدين بن نجية كبيرهم العجائب والسب .
قال : وبلغني أنه سئل : أيما أفضل دم الحسين ، أو دم الحلاج ؟ فاستعظم ذلك ، قالوا : فدم الحلاج كتب على الأرض : الله ، الله ، ولا كذلك دم الحسين ؟ ! قال : المتهم يحتاج إلى تزكية !
قلت : لم يصح هذا عن دم الحلاج ، وليسا سواء : فالحسين -رضي الله عنه- شهيد قتل بسيف أهل الشر ، والحلاج فقتل على الزندقة بسيف أهل الشرع .
وقال الموفق عبد اللطيف : كان طوالا ، مهيبا ، مقداما ، ساد الجواب في المحافل ، أقبل عليه تقي الدين عمر ، وبنى له مدرسة ، وكان يلقي الدرس من كتاب ، وكان يرتاعه كل أحد ، وهو يرتاع من الخبوشاني ، ويتضاءل له ، وكان يحمق بظرافة ، ويتيه على الملوك بلباقة ، ويخاطب الفقهاء بصرامة ، عرض له جدري بعد الثمانين عم جسده ، وجاء يوم عيد ، [ ص: 389 ] والسلطان بالميدان ، فأقبل الطوسي وبين يديه مناد ينادي : هذا ملك العلماء ، والغاشية على الأصابع ، فإذا رآها المجان ، قرءوا : هل أتاك حديث الغاشية فتفرق الأمراء غيظا منه .
وجرى له مع العادل ومع ابن شكر قضايا عجيبة ، لما تعرضوا لأوقاف المدارس ، فذب عن الناس ، وثبت .
قال ابن النجار : مات بمصر في ذي القعدة سنة ست وتسعين وخمسمائة وحمله أولاد السلطان على رقابهم -رحمه الله .