nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164nindex.php?page=treesubj&link=28978_33981_32020_32016وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=165فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بيس بما كانوا يفسقون nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=166فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين
جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164وإذ قالت أمة منهم عطف على قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=163إذ يعدون والتقدير : واسأل
بني إسرائيل nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164إذ قالت أمة منهم ، فإذ فيه اسم زمان للماضي ، وليست ظرفا ، ولها حكم ( إذ ) أختها ، المعطوفة هي عليها ، فالتقدير : واسألهم عن وقت قالت أمة ، أي عن زمن قول أمة منهم ، والضمير المجرور بمن عائد إلى ما عاد إليه ضمير اسألهم وليس عائدا إلى القرية ؛ لأن المقصود توبيخ
بني إسرائيل كلهم ، فإن كان هذا القول حصل في تلك القرية كما ذكروه المفسرون كان غير منظور إلى حصوله في تلك القرية ، بل منظورا إليه بأنه مظهر آخر من مظاهر عصيانهم وعتوهم وقلة جدوى الموعظة
[ ص: 151 ] فيهم ، وأن ذلك شأن معلوم منهم عند علمائهم وصلحائهم ، ولذلك لما عطفت هذه القصة أعيد معها لفظ اسم الزمان فقيل
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164وإذ قالت أمة ولم يقل : وقالت أمة .
والأمة الجماعة من الناس المشتركة في هذا القول ، قال المفسرون : أن أمة من
بني إسرائيل كانت دائبة على القيام بالموعظة والنهي عن المنكر ، وأمة كانت قامت بذلك ثم أيست من اتعاظ الموعوظين وأيقنت أن قد حقت على الموعوظين المصمين آذانهم كلمة العذاب ، وأمة كانت سادرة في غلوائها ، لا ترعوي عن ضلالتها ، ولا ترقب الله في أعمالها .
وقد أجملت الآية ما كان من الأمة القائلة إيجازا في الكلام ، اعتمادا على القرينة لأن قولهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164الله مهلكهم ) يدل على أنهم كانوا منكرين على الموعوظين . وأنهم ما علموا أن الله مهلكهم إلا بعد أن مارسوا أمرهم ، وسبروا غورهم ، ورأوا أنهم لا تغني معهم العظات ، ولا يكون ذلك إلا بعد التقدم لهم بالموعظة . وبقرينة قوله بعد ذلك "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=165أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بيس " إذ جعل الناس فريقين ، فعلمنا أن القائلين من الفريق الناجي ، لأنهم ليسوا بظالمين . وعلمنا أنهم ينهون عن السوء .
وقد تقدم ذكر الوعظ عند قوله - تعالى -
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63فأعرض عنهم وعظهم في سورة النساء وعند قوله آنفا
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=145موعظة وتفصيلا لكل شيء في هذه السورة .
واللام في (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164لم تعظون ) للتعليل ، فالمستفهم عنه من نوع العلل ، والاستفهام إنكاري في معنى النفي ، فيدل على انتفاء جميع العلل التي من شأنها أن يوعظ لتحصيلها . وذلك يفضي إلى اليأس من حصول اتعاظهم ، والمخاطب بـ تعظون أمة أخرى .
ووصف القوم بأن الله مهلكهم : مبني على أنهم تحققت فيهم الحال التي أخبر الله بأنه يهلك أو يعذب من تحققت فيه ، وقد أيقن القائلون بأنها قد تحققت فيهم وأيقن المقول لهم بذلك حتى جاز أن يصفهم القائلون للمخاطبين بهذا الوصف الكاشف لهم بأنهم موصوفون بالمصير إلى أحد الوعيدين .
واسما الفاعل في قوله مهلكهم أو معذبهم مستعملان في معنى الاستقبال بقرينة المقام ، وبقرينة التردد بين الإهلاك والعذاب ، فإنها تؤذن بأن أحد الأمرين غير معين
[ ص: 152 ] الحصول ؛ لأنه مستقبل ولكن لا يخلو حالهم عن أحدهما .
وفصلت جملة قالوا لوقوعها في سياق المحاورة ، كما تقدم غير مرة أي قال المخاطبون بـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164لم تعظون قوما ) إلخ .
nindex.php?page=treesubj&link=28910والمعذرة - بفتح الميم وكسر الذال - مصدر ميمي لفعل ( اعتذر ) على غير قياس ، ومعنى اعتذر أظهر العذر - بضم العين وسكون الذال - والعذر السبب الذي تبطل به المؤاخذة بذنب أو تقصير ، فهو بمنزلة الحجة التي يبديها المؤاخذ بذنب ليظهر أنه بريء مما نسب إليه ، أو متأول فيه ، ويقال : عذره إذا قبل عذره وتحقق براءته ، ويعدى فعل الاعتذار بإلى لما فيه من معنى الإنهاء والإبلاغ .
وارتفع " معذرة " على أنه خبر لمبتدأ محذوف دل عليه قول السائلين لم تعظون والتقدير موعظتنا معذرة منا إلى الله .
وبالرفع قرأ الجمهور ، وقرأه
حفص عن
عاصم بالنصب على المفعول لأجله أي وعظناهم لأجل المعذرة .
وقوله ولعلهم يتقون علة ثانية للاستمرار على الموعظة أي لتأثير الموعظة فيهم بتكرارها .
فالمعنى : أن صلحاء القوم كانوا فريقين ، فريق منهم أيس من نجاح الموعظة وتحقق حلول الوعيد بالقوم ، لتوغلهم في المعاصي ، وفريق لم ينقطع رجاؤهم من حصول أثر الموعظة بزيادة التكرار ، فأنكر الفريق الأول على الفريق الثاني استمرارهم على كلفة الموعظة ، واعتذر الفريق الثاني بقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون فالفريق الأول أخذوا بالطرف الراجح الموجب للظن ، والفريق الثاني أخذوا بالطرف المرجوح جمعا بينه وبين الراجح لقصد الاحتياط ، ليكون لهم عذرا عند الله إن سألهم " لماذا أقلعتم عن الموعظة ؟ " ولما عسى أن يحصل من تقوى الموعوظين بزيادة الموعظة . فاستعمال حرف الرجاء في موقعه ؛ لأن الرجاء يقال على جنسه بالتشكيك فمنه قوي ومنه ضعيف .
وضمير نسوا عائد إلى ( قوما ) والنسيان مستعمل في الإعراض المفضي إلى النسيان كما تقدم عند قوله - تعالى -
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فلما نسوا ما ذكروا به في سورة الأنعام .
[ ص: 153 ] و ( الذين ينهون عن السوء ) هم الفريقان المذكوران في قوله آنفا
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما إلى قوله ولعلهم يتقون ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=165الذين ظلموا ) هم القوم المذكورون في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164قوما الله مهلكهم ) إلخ .
والظلم هنا بمعنى العصيان ، وهو ظلم النفس وظلم حق الله - تعالى - في عدم الامتثال لأمره .
و " بيس " قرأه
نافع وأبو جعفر بكسر الباء الموحدة مشبعة بياء تحتية ساكنة وبتنوين السين على أن أصله ( بئس ) بسكون الهمزة فخففت الهمزة ياء مثل قولهم ذيب في ذئب .
وقرأه
ابن عامر " بئس " بالهمزة الساكنة وإبقاء التنوين على أن أصله ( بئيس ) .
وقرأه الجمهور ( بئيس ) بفتح الموحدة وهمزة مكسورة بعدها تحتية ساكنة وتنوين السين على أنه مثال مبالغة من فعل ( بؤس ) بفتح الموحدة وضم الهمزة إذا أصابه البؤس ، وهو الشدة من الضر . أو على أنه مصدر مثل عذير ونكير .
وقرأه
أبو بكر عن
عاصم " بيئس " بوزن صيقل ، على أنه اسم للموصوف بفعل البؤس ، والمعنى ، على جميع القراءات : أنه عذاب شديد الضر .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=165بما كانوا يفسقون تقدم القول في نظيره قريبا .
وقد أجمل هذا العذاب هنا ، فقيل هو عذاب غير المسخ المذكور بعده وهو عذاب أصيب به الذين نسوا ما ذكروا به ، فيكون المسخ عذابا ثانيا أصيب به فريق شاهدوا العذاب الذي حل بإخوانهم ، وهو عذاب أشد ، وقع بعد العذاب البيس ، أي أن الله أعذر إليهم فابتدأهم بعذاب الشدة فلما لم ينتهوا وعتوا سلط عليهم عذاب المسخ .
وقيل العذاب البئس هو المسخ ، فيكون قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=166فلما عتوا عن ما نهوا عنه بيانا لإجمال العذاب البئس ، ويكون قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=166فلما عتوا بمنزلة التأكيد لقوله فلما نسوا صيغ بهذا الأسلوب لتهويل النسيان والعتو ، ويكون المعنى : أن النسيان ، وهو الإعراض ، وقع مقارنا للعتو .
و ما ذكروا به و ما نهوا عنه ماصدقهما شيء واحد ، فكان مقتضى الظاهر
[ ص: 154 ] أن يقال : فلما نسوا وعتوا عما نهوا عنه وذكروا به قلنا لهم إلخ فعدل عن مقتضى الظاهر إلى هذا الأسلوب من الإطناب لتهويل أمر العذاب ، وتكثير أشكاله ، ومقام التهويل من مقتضيات الإطناب وهذا كإعادة التشبيه في قول
لبيد :
فتنازعا سبطا يطير ظلالـه كدخان مشعلة يشب ضرامها مشمولة غلثت بنابت عرفـج
كدخان نار ساطع أسنامهـا
ولكن أسلوب الآية أبلغ وأوفر فائدة ، وأبعد عن التكرير اللفظي ، فما في بيت
لبيد كلام بليغ ، وما في الآية كلام معجز .
والعتو تقدم عند قوله - تعالى -
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=77فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم في هذه السورة .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=166قلنا لهم كونوا قردة خاسئين تقدم القول في نظيره عند قوله - تعالى -
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين في سورة البقرة ، ولأجل التشابه بين الآيتين ، وذكر العدو في السبت فيهما ، وذكره هنا في الإخبار عن القرية ، جزم المفسرون بأن الذين نسوا ما ذكروا به وعتوا عما نهوا عنه هم أهل هذه القرية ، وبأن الأمة القائلة لم تعظون قوما هي أمة من هذه القرية فجزموا بأن القصة واحدة ، وهذا وإن كان لا ينبو عنه المقام كما أنه لا يمنع تشابه فريقين في العذاب ، فقد بينت أن ذلك لا ينافي جعل القصة في معنى قصتين من جهة الاعتبار .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164nindex.php?page=treesubj&link=28978_33981_32020_32016وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=165فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَيِسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=166فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ
جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=163إِذْ يَعْدُونَ وَالتَّقْدِيرُ : وَاسْأَلْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164إِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ ، فَإِذْ فِيهِ اسْمُ زَمَانٍ لِلْمَاضِي ، وَلَيْسَتْ ظَرْفًا ، وَلَهَا حُكْمُ ( إِذْ ) أُخْتِهَا ، الْمَعْطُوفَةِ هِيَ عَلَيْهَا ، فَالتَّقْدِيرُ : وَاسْأَلْهُمْ عَنْ وَقْتِ قَالَتْ أُمَّةٌ ، أَيْ عَنْ زَمَنِ قَوْلِ أُمَّةٍ مِنْهُمْ ، وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِمِنْ عَائِدٌ إِلَى مَا عَادَ إِلَيْهِ ضَمِيرُ اسْأَلْهُمْ وَلَيْسَ عَائِدًا إِلَى الْقَرْيَةِ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَوْبِيخُ
بَنِي إِسْرَائِيلَ كُلِّهِمْ ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ حَصَلَ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ كَمَا ذَكَرُوهُ الْمُفَسِّرُونَ كَانَ غَيْرَ مَنْظُورٍ إِلَى حُصُولِهِ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ ، بَلْ مَنْظُورًا إِلَيْهِ بِأَنَّهُ مَظْهَرٌ آخَرُ مِنْ مَظَاهِرِ عِصْيَانِهِمْ وَعُتُوِّهِمْ وَقِلَّةِ جَدْوَى الْمَوْعِظَةِ
[ ص: 151 ] فِيهِمْ ، وَأَنَّ ذَلِكَ شَأْنٌ مَعْلُومٌ مِنْهُمْ عِنْدَ عُلَمَائِهِمْ وَصُلَحَائِهِمْ ، وَلِذَلِكَ لَمَّا عُطِفَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ أُعِيدَ مَعَهَا لَفْظُ اسْمِ الزَّمَانِ فَقِيلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ وَلَمْ يُقَلْ : وَقَالَتْ أُمَّةٌ .
وَالْأُمَّةُ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ الْمُشْتَرِكَةُ فِي هَذَا الْقَوْلِ ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : أَنَّ أُمَّةً مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ دَائِبَةً عَلَى الْقِيَامِ بِالْمَوْعِظَةِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَأَمَةً كَانَتْ قَامَتْ بِذَلِكَ ثُمَّ أَيِسَتْ مِنَ اتِّعَاظِ الْمَوْعُوظِينَ وَأَيْقَنَتْ أَنْ قَدْ حَقَّتْ عَلَى الْمَوْعُوظِينَ الْمُصِمِّينَ آذَانَهُمْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ ، وَأُمَّةً كَانَتْ سَادِرَةً فِي غُلَوَائِهَا ، لَا تَرْعَوِي عَنْ ضَلَالَتِهَا ، وَلَا تَرْقُبُ اللَّهَ فِي أَعْمَالِهَا .
وَقَدْ أَجْمَلَتِ الْآيَةُ مَا كَانَ مِنَ الْأُمَّةِ الْقَائِلَةِ إِيجَازًا فِي الْكَلَامِ ، اعْتِمَادًا عَلَى الْقَرِينَةِ لِأَنَّ قَوْلَهُمُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مُنْكِرِينَ عَلَى الْمَوْعُوظِينَ . وَأَنَّهُمْ مَا عَلِمُوا أَنَّ اللَّهَ مُهْلِكُهُمْ إِلَّا بَعْدَ أَنْ مَارَسُوا أَمْرَهُمْ ، وَسَبَرُوا غَوْرَهُمْ ، وَرَأَوْا أَنَّهُمْ لَا تُغْنِي مَعَهُمُ الْعِظَاتُ ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ التَّقَدُّمِ لَهُمْ بِالْمَوْعِظَةِ . وَبِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=165أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَيِسٍ " إِذْ جَعَلَ النَّاسَ فَرِيقَيْنِ ، فَعَلِمْنَا أَنَّ الْقَائِلِينَ مِنَ الْفَرِيقِ النَّاجِي ، لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِظَالِمِينَ . وَعَلِمْنَا أَنَّهُمْ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْوَعْظِ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعَالَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ وَعِنْدَ قَوْلِهِ آنِفًا
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=145مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فِي هَذِهِ السُّورَةِ .
وَاللَّامُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164لِمَ تَعِظُونَ ) لِلتَّعْلِيلِ ، فَالْمُسْتَفْهَمُ عَنْهُ مِنْ نَوْعِ الْعِلَلِ ، وَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيٌّ فِي مَعْنَى النَّفْيِ ، فَيَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ جَمِيعِ الْعِلَلِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يُوعَظَ لِتَحْصِيلِهَا . وَذَلِكَ يُفْضِي إِلَى الْيَأْسِ مِنْ حُصُولِ اتِّعَاظِهِمْ ، وَالْمُخَاطَبُ بِـ تَعِظُونَ أُمَّةً أُخْرَى .
وَوَصْفُ الْقَوْمِ بِأَنَّ اللَّهَ مُهْلِكُهُمْ : مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُمْ تَحَقَّقَتْ فِيهِمُ الْحَالُ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ بِأَنَّهُ يُهْلِكُ أَوْ يُعَذِّبُ مَنْ تَحَقَّقَتْ فِيهِ ، وَقَدْ أَيْقَنَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهَا قَدْ تَحَقَّقَتْ فِيهِمْ وَأَيْقَنَّ الْمَقُولُ لَهُمْ بِذَلِكَ حَتَّى جَازَ أَنْ يَصِفَهُمُ الْقَائِلُونَ لِلْمُخَاطَبِينَ بِهَذَا الْوَصْفِ الْكَاشِفِ لَهُمْ بِأَنَّهُمْ مَوْصُوفُونَ بِالْمَصِيرِ إِلَى أَحَدِ الْوَعِيدَيْنِ .
وَاسْمَا الْفَاعِلِ فِي قَوْلِهِ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ مُسْتَعْمَلَانِ فِي مَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ ، وَبِقَرِينَةِ التَّرَدُّدِ بَيْنَ الْإِهْلَاكِ وَالْعَذَابِ ، فَإِنَّهَا تُؤْذِنُ بِأَنَّ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ غَيْرُ مُعَيَّنِ
[ ص: 152 ] الْحُصُولِ ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقْبَلٌ وَلَكِنْ لَا يَخْلُو حَالُهُمْ عَنْ أَحَدِهِمَا .
وَفُصِلَتْ جُمْلَةُ قَالُوا لِوُقُوعِهَا فِي سِيَاقِ الْمُحَاوَرَةِ ، كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أَيْ قَالَ الْمُخَاطَبُونَ بِـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ) إِلَخْ .
nindex.php?page=treesubj&link=28910وَالْمَعْذِرَةُ - بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الذَّالِ - مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ لِفِعْلِ ( اعْتَذَرَ ) عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ ، وَمَعْنَى اعْتَذَرَ أَظْهَرَ الْعُذْرَ - بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الذَّالِ - وَالْعُذْرُ السَّبَبُ الَّذِي تَبْطُلُ بِهِ الْمُؤَاخَذَةُ بِذَنْبٍ أَوْ تَقْصِيرٍ ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحُجَّةِ الَّتِي يُبْدِيهَا الْمُؤَاخَذُ بِذَنْبٍ لِيُظْهِرَ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِمَّا نُسِبَ إِلَيْهِ ، أَوْ مُتَأَوِّلٌ فِيهِ ، وَيُقَالُ : عَذَرَهُ إِذَا قَبِلَ عُذْرَهُ وَتَحَقَّقَ بَرَاءَتَهُ ، وَيُعَدَّى فِعْلُ الِاعْتِذَارِ بِإِلَى لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْإِنْهَاءِ وَالْإِبْلَاغِ .
وَارْتَفَعَ " مَعْذِرَةٌ " عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُ السَّائِلَيْنِ لِمَ تَعِظُونَ وَالتَّقْدِيرُ مَوْعِظَتُنَا مَعْذِرَةٌ مِنَّا إِلَى اللَّهِ .
وَبِالرَّفْعِ قَرَأَ الْجُمْهُورُ ، وَقَرَأَهُ
حَفْصٌ عَنْ
عَاصِمٍ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ أَيْ وَعَظْنَاهُمْ لِأَجْلِ الْمَعْذِرَةِ .
وَقَوْلُهُ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ لِلِاسْتِمْرَارِ عَلَى الْمَوْعِظَةِ أَيْ لِتَأْثِيرِ الْمَوْعِظَةِ فِيهِمْ بِتَكْرَارِهَا .
فَالْمَعْنَى : أَنَّ صُلَحَاءَ الْقَوْمِ كَانُوا فَرِيقَيْنِ ، فَرِيقٌ مِنْهُمْ أَيِسَ مِنْ نَجَاحِ الْمَوْعِظَةِ وَتَحَقَّقَ حُلُولَ الْوَعِيدِ بِالْقَوْمِ ، لِتَوَغُّلِهِمْ فِي الْمَعَاصِي ، وَفَرِيقٌ لَمْ يَنْقَطِعْ رَجَاؤُهُمْ مِنْ حُصُولِ أَثَرِ الْمَوْعِظَةِ بِزِيَادَةِ التَّكْرَارِ ، فَأَنْكَرَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ عَلَى الْفَرِيقِ الثَّانِي اسْتِمْرَارَهُمْ عَلَى كُلْفَةِ الْمَوْعِظَةِ ، وَاعْتَذَرَ الْفَرِيقُ الثَّانِي بِقَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164مَعْذِرَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَالْفَرِيقُ الْأَوَّلُ أَخَذُوا بِالطَّرَفِ الرَّاجِحِ الْمُوجِبِ لِلظَّنِّ ، وَالْفَرِيقُ الثَّانِي أَخَذُوا بِالطَّرَفِ الْمَرْجُوحِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّاجِحِ لِقَصْدِ الِاحْتِيَاطِ ، لِيَكُونَ لَهُمْ عُذْرًا عِنْدَ اللَّهِ إِنْ سَأَلَهُمْ " لِمَاذَا أَقْلَعْتُمْ عَنِ الْمَوْعِظَةِ ؟ " وَلِمَا عَسَى أَنْ يَحْصُلَ مِنْ تَقْوَى الْمَوْعُوظِينَ بِزِيَادَةِ الْمَوْعِظَةِ . فَاسْتِعْمَالُ حَرْفِ الرَّجَاءِ فِي مَوْقِعِهِ ؛ لِأَنَّ الرَّجَاءَ يُقَالُ عَلَى جِنْسِهِ بِالتَّشْكِيكِ فَمِنْهُ قَوِيٌّ وَمِنْهُ ضَعِيفٌ .
وَضَمِيرُ نَسُوا عَائِدٌ إِلَى ( قَوْمًا ) وَالنِّسْيَانُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْإِعْرَاضِ الْمُفْضِي إِلَى النِّسْيَانِ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعَالَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ .
[ ص: 153 ] وَ ( الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ ) هُمُ الْفَرِيقَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي قَوْلِهِ آنِفًا
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا إِلَى قَوْلِهِ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=165الَّذِينَ ظَلَمُوا ) هُمُ الْقَوْمُ الْمَذْكُورُونَ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ ) إِلَخْ .
وَالظُّلْمُ هُنَا بِمَعْنَى الْعِصْيَانِ ، وَهُوَ ظُلْمُ النَّفْسِ وَظُلْمُ حَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي عَدَمِ الِامْتِثَالِ لِأَمْرِهِ .
وَ " بِيسٍ " قَرَأَهُ
نَافِعٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مُشْبَعَةً بِيَاءٍ تَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ وَبِتَنْوِينِ السِّينِ عَلَى أَنَّ أَصْلَهُ ( بِئْسَ ) بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ فَخُفِّفَتِ الْهَمْزَةُ يَاءً مِثْلَ قَوْلِهِمْ ذِيبٌ فِي ذِئْبٍ .
وَقَرَأَهُ
ابْنُ عَامِرٍ " بِئْسٍ " بِالْهَمْزَةِ السَّاكِنَةِ وَإِبْقَاءِ التَّنْوِينِ عَلَى أَنَّ أَصْلَهُ ( بَئِيسٍ ) .
وَقَرَأَهُ الْجُمْهُورُ ( بَئِيسٍ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَهَا تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ وَتَنْوِينِ السِّينِ عَلَى أَنَّهُ مِثَالُ مُبَالَغَةٍ مِنْ فِعْلِ ( بَؤُسَ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّ الْهَمْزَةِ إِذَا أَصَابَهُ الْبُؤْسُ ، وَهُوَ الشِّدَّةُ مِنَ الضُّرِّ . أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِثْلُ عَذِيرٍ وَنَكِيرٍ .
وَقَرَأَهُ
أَبُو بَكْرٍ عَنْ
عَاصِمٍ " بَيْئَسٍ " بِوَزْنِ صَيْقَلٍ ، عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ لِلْمَوْصُوفِ بِفِعْلِ الْبُؤْسِ ، وَالْمَعْنَى ، عَلَى جَمِيعِ الْقِرَاءَاتِ : أَنَّهُ عَذَابٌ شَدِيدُ الضُّرِّ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=165بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي نَظِيرِهِ قَرِيبًا .
وَقَدْ أُجْمِلَ هَذَا الْعَذَابُ هُنَا ، فَقِيلَ هُوَ عَذَابٌ غَيْرُ الْمَسْخِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ وَهُوَ عَذَابٌ أُصِيبَ بِهِ الَّذِينَ نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ ، فَيَكُونُ الْمَسْخُ عَذَابًا ثَانِيًا أُصِيبَ بِهِ فَرِيقٌ شَاهَدُوا الْعَذَابَ الَّذِي حَلَّ بِإِخْوَانِهِمْ ، وَهُوَ عَذَابٌ أَشَدُّ ، وَقَعَ بَعْدَ الْعَذَابِ الْبِيسِ ، أَيْ أَنَّ اللَّهَ أَعْذَرَ إِلَيْهِمْ فَابْتَدَأَهُمْ بِعَذَابِ الشِّدَّةِ فَلَمَّا لَمْ يَنْتَهُوا وَعَتَوْا سَلَّطَ عَلَيْهِمْ عَذَابَ الْمَسْخِ .
وَقِيلَ الْعَذَابُ الْبِئْسُ هُوَ الْمَسْخُ ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=166فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ بَيَانًا لِإِجْمَالِ الْعَذَابِ الْبِئْسِ ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=166فَلَمَّا عَتَوْا بِمَنْزِلَةِ التَّأْكِيدِ لِقَوْلِهِ فَلَمَّا نَسُوا صِيغَ بِهَذَا الْأُسْلُوبِ لِتَهْوِيلِ النِّسْيَانِ وَالْعُتُوِّ ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى : أَنَّ النِّسْيَانَ ، وَهُوَ الْإِعْرَاضُ ، وَقَعَ مُقَارِنًا لِلْعُتُوِّ .
وَ مَا ذُكِّرُوا بِهِ وَ مَا نُهُوا عَنْهُ مَاصَدَقَهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ ، فَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ
[ ص: 154 ] أَنْ يُقَالَ : فَلَمَّا نَسُوا وَعَتَوا عَمَّا نُهُوا عَنْهُ وَذُكِّرُوا بِهِ قُلْنَا لَهُمْ إِلَخْ فَعُدِلَ عَنْ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ إِلَى هَذَا الْأُسْلُوبِ مِنَ الْإِطْنَابِ لِتَهْوِيلِ أَمْرِ الْعَذَابِ ، وَتَكْثِيرِ أَشْكَالِهِ ، وَمَقَامُ التَّهْوِيلِ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْإِطْنَابِ وَهَذَا كَإِعَادَةِ التَّشْبِيهِ فِي قَوْلِ
لَبِيدٍ :
فَتَنَازَعَا سَبِطًا يَطِيرُ ظِلَالُـهُ كَدُخَانِ مُشْعَلَةٍ يُشَبُّ ضِرَامُهَا مَشْمُولَةٍ غُلِثَتْ بِنَابِتٍ عَرْفَـجِ
كَدُخَانِ نَارٍ سَاطِعٍ أَسْنَامُهَـا
وَلَكِنَّ أُسْلُوبَ الْآيَةِ أَبْلَغُ وَأَوْفَرُ فَائِدَةً ، وَأَبْعَدُ عَنِ التَّكْرِيرِ اللَّفْظِيِّ ، فَمَا فِي بَيْتِ
لَبِيدٍ كَلَامٌ بَلِيغٌ ، وَمَا فِي الْآيَةِ كَلَامٌ مُعْجِزٌ .
وَالْعُتُوُّ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعَالَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=77فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=166قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي نَظِيرِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعَالَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، وَلِأَجْلِ التَّشَابُهِ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ ، وَذِكْرِ الْعَدْوِ فِي السَّبْتِ فِيهِمَا ، وَذِكْرِهِ هُنَا فِي الْإِخْبَارِ عَنِ الْقَرْيَةِ ، جَزَمَ الْمُفَسِّرُونَ بِأَنَّ الَّذِينَ نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ وَعَتَوْا عَمَّا نُهُوا عَنْهُ هُمْ أَهْلُ هَذِهِ الْقَرْيَةِ ، وَبِأَنَّ الْأُمَّةَ الْقَائِلَةَ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا هِيَ أُمَّةٌ مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَجَزَمُوا بِأَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ لَا يَنْبُو عَنْهُ الْمَقَامُ كَمَا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ تَشَابُهَ فَرِيقَيْنِ فِي الْعَذَابِ ، فَقَدْ بَيَّنْتُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَافِي جَعْلَ الْقِصَّةِ فِي مَعْنَى قِصَّتَيْنِ مِنْ جِهَةِ الِاعْتِبَارِ .