إن يعف عن طائفة منكم تعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين
جاءت هذه الجملة على عادة القرآن في تعقيب النذارة بالتبشير للراغب في التوبة تذكيرا له بإمكان تدارك حاله .
ولما كان حال المنافقين عجيبا كانت البشارة لهم مخلوطة ببقية النذارة ، فأنبأهم أن طائفة منهم قد يعفى عنها إذا طلبت سبب العفو : بإخلاص الإيمان ، وأن طائفة تبقى في حالة العذاب ، والمقام دال على أن ذلك لا يكون عبثا ولا ترجيحا بدون مرجح ، فما هو إلا أن طائفة مرجوة الإيمان ، فيغفر عما قدمته من النفاق ، وأخرى تصر على النفاق حتى الموت ، فتصير إلى العذاب . والآيات الواردة بعد هذه تزيد ما دل عليه المقام وضوحا من قوله : نسوا الله فنسيهم إلى قوله : عذاب مقيم . وقوله [ ص: 253 ] بعد ذلك : فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة
وقد آمن بعض المنافقين بعد نزول هذه الآية ، وذكر المفسرون من هذه الطائفة مخشي بن حمير الأشجعي لما سمع هذه الآية تاب من النفاق ، وحسن إسلامه ، فعد من الصحابة ، وقد جاهد يوم اليمامة واستشهد فيه ، وقد قيل : إنه المقصود " بالطائفة " دون غيره فيكون من باب إطلاق لفظ الجماعة على الواحد في مقام الإخفاء والتعمية كقوله - صلى الله عليه وسلم - . وقد توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله المدينة بقية من المنافقين وكان في خلافته يتوسمهم . عمر بن الخطاب
والباء في بأنهم كانوا مجرمين للسببية ، والمجرم الكافر .
وقرأ الجمهور ( يعف ) و ( تعذب ) ببناء الفعلين إلى النائب ، وقرأه عاصم بالبناء للفاعل وبنون العظمة في الفعلين ونصب ( طائفة ) الثاني .