nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=28981_30549ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين
عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=18ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم فبعد أن ذكر افتراءهم في جانب الإلهية نفى بهتانهم في جانب النبوة .
والضمير في عليه عائد للنبيء - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يجر له ذكر قبل ذلك في الآية ، فإن معرفة المراد من الضمير مغنية عن ذكر المعاد . وقد كان ذكر النبيء - صلى الله عليه وسلم - بينهم في نواديهم ومناجاتهم في أيام مقامه بينهم بعد البعثة هو شغلهم الشاغل لهم ، قد أجري في كلامهم ضمير الغيبة بدون سبق معاد ، علم المتخاطبون أنه المقصود . ونظير هذا كثير في القرآن .
[ ص: 130 ] و لولا في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20لولا أنزل عليه آية من ربه حرف تحضيض ، وشأن التحضيض أن يواجه به المحضض لأن التحضيض من الطلب وشأن الطلب أن يواجه به المطلوب ، ولذلك كان تعلق فعل الإنزال بضمير الغائب في هذه الآية مؤولا بأحد وجهين :
إما أن يكون التفاتا ، وأصل الكلام : لولا أنزل عليك وهو من حكاية القول بالمعنى كقوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة أي قل لهم أقيموا ، ونكتة ذلك نكتة الالتفات لتجديد نشاط السامع .
وإما أن يكون هذا القول صدر منهم فيما بينهم ليبين بعضهم لبعض شبهة على انتفاء رسالة
محمد - صلى الله عليه وسلم - أو صدر منهم للمسلمين طمعا في أن يردوهم إلى الكفر .
والآية : علامة الصدق . وأرادوا خارقا للعادة على حسب اقتراحهم مثل قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=93أو ترقى في السماء وقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48لولا أوتي مثل ما أوتي موسى وهذا من جهلهم بحقائق الأشياء وتحكيمهم الخيال والوهم في حقائق الأشياء ، فهم يفرضون أن الله حريص على إظهار صدق رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأنه يستفزه تكذيبهم إياه فيغضب ويسرع في مجاراة عنادهم ليكفوا عنه ، فإن لم يفعل فقد أفحموه وأعجزوه وهو القادر ، فتوهموا أن مدعي الرسالة عنه غير صادق في دعواه وما دروا أن الله قدر نظام الأمور تقديرا ، ووضع الحقائق وأسبابها ، وأجرى الحوادث على النظام الذي قدره ، وجعل الأمور بالغة مواقيتها التي حدد لها ، ولا يضره أن يكذب المكذبون أو يعاند الجاهلون وقد وضع لهم ما يليق بهم من الزواجر في الآخرة لا محالة ، وفي الدنيا تارات ، كل ذلك يجري على نظم اقتضتها الحكمة لا يحمله على تبديلها سؤال سائل ولا تسفيه سفيه . وهو الحكيم العليم . فهم جعلوا استمرار الرسول - صلى الله عليه وسلم - على دعوتهم بالأدلة التي أمره الله أن يدعوهم بها وعدم تبديله ذلك بآيات أخرى على حسب رغبتهم - جعلوا كل ذلك دليلا على أنه غير مؤيد من الله فاستدلوا بذلك على انتفاء أن يكون الله أرسله ; لأنه لو أرسله لأيده بما يوجب له القبول عند المرسل إليهم . وما درى المساكين أن الله إنما أرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - رحمة بهم
[ ص: 131 ] وطلبا لصلاحهم ، وأنه لا يضره عدم قبولهم رحمته وهدايته . ولذلك أتى في حكاية كلامهم العدول عن اسم الجلالة إلى لفظ الرب المضاف إلى ضمير الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قوله : من ربه إيماء إلى الربوبية الخاصة بالتعلق بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وهي ربوبية المصطفي ( بصيغة اسم الفاعل ) للمصطفى ( بصيغة المفعول ) من بين بقية الخلق المقتضية الغضب لغضبه لتوهمهم أن غضب الله مثل غضب الخلائق يستدعي الإسراع إلى الانتقام وما علموا أسرار الحكمة الإلهية والحكم الإلهي والعلم الأعلى .
وقد أمر الله رسوله بأن يجيب عن اقتراحهم بما هو الحقيقة المرشدة وإن كانت أعلى من مداركهم - جوابا فيه تعريض بالتهديد لهم وهو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=29692فقل إنما الغيب لله فجاء بفاء التفريع هنا دون بعض نظائره للإشارة إلى تعقيب كلامهم بالجواب شأن المتمكن من حاله المتثبت في أمره .
والغيب : ما غاب عن حواس الناس من الأشياء ، والمراد به هنا ما يتكون من مخلوقات غير معتادة في العالم الدنيوي من المعجزات . وتفسير هذا قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=109قل إنما الآيات عند الله
واللام للملك ، أي الأمور المغيبة لا يقدر عليها إلا الله . وجاء الكلام بصيغة القصر للرد عليهم في اعتقادهم أن في مكنة الرسول الحق أن يأتي بما يسأله قومه من الخوارق ، فجعلوا عدم وقوع مقترحهم علامة على أنه ليس برسول من الله ، فلذلك رد عليهم بصيغة القصر الدالة على أن الرسول ليس له تصرف في إيقاع ما سألوه ليعلموا أنهم يرمون بسؤالهم إلى الجراءة على الله - تعالى - بالإفحام .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20فانتظروا إني معكم من المنتظرين تفريع على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20إنما الغيب لله أي ليس دأبي ودأبكم إلا انتظار ما يأتي به الله إن شاء ، كقول نوح لقومه
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=33إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين
وهذا تعريض بالتهديد لهم أن ما يأتي به الله لا يترقبون منه إلا شرا لهم ، كقوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون [ ص: 132 ] والمعية في قوله : معكم مجازية مستعملة في الاشتراك في مطلق الانتظار .
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=28981_30549وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=18وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ فَبَعْدَ أَنْ ذَكَرَ افْتِرَاءَهُمْ فِي جَانِبِ الْإِلَهِيَّةِ نَفَى بُهْتَانَهُمْ فِي جَانِبِ النُّبُوَّةِ .
وَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ عَائِدٌ لِلنَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ ، فَإِنَّ مَعْرِفَةَ الْمُرَادِ مِنَ الضَّمِيرِ مُغْنِيَةٌ عَنْ ذِكْرِ الْمُعَادِ . وَقَدْ كَانَ ذِكْرُ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمْ فِي نَوَادِيهِمْ وَمُنَاجَاتِهِمْ فِي أَيَّامِ مُقَامِهِ بَيْنَهُمْ بَعْدَ الْبَعْثَةِ هُوَ شُغْلُهُمُ الشَّاغِلُ لَهُمْ ، قَدْ أُجْرِيَ فِي كَلَامِهِمْ ضَمِيرُ الْغَيْبَةِ بِدُونِ سَبْقِ مُعَادٍ ، عَلِمَ الْمُتَخَاطِبُونَ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ . وَنَظِيرُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ .
[ ص: 130 ] وَ لَوْلَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ حَرْفُ تَحْضِيضٍ ، وَشَأْنُ التَّحْضِيضِ أَنْ يُوَاجَهَ بِهِ الْمُحَضَّضُ لِأَنَّ التَّحْضِيضَ مِنَ الطَّلَبِ وَشَأْنُ الطَّلَبِ أَنْ يُوَاجَهَ بِهِ الْمَطْلُوبُ ، وَلِذَلِكَ كَانَ تَعَلُّقُ فِعْلِ الْإِنْزَالِ بِضَمِيرِ الْغَائِبِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُؤَوَّلًا بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ :
إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْتِفَاتًا ، وَأَصْلُ الْكَلَامِ : لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْكَ وَهُوَ مِنْ حِكَايَةِ الْقَوْلِ بِالْمَعْنَى كَقَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ أَيْ قُلْ لَهُمْ أَقِيمُوا ، وَنُكْتَةُ ذَلِكَ نُكْتَةُ الِالْتِفَاتِ لِتَجْدِيدِ نَشَاطِ السَّامِعِ .
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَوْلُ صَدَرَ مِنْهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ لِيُبَيِّنَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ شُبْهَةً عَلَى انْتِفَاءِ رِسَالَةِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ صَدَرَ مِنْهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ طَمَعًا فِي أَنْ يَرُدُّوهُمْ إِلَى الْكُفْرِ .
وَالْآيَةُ : عَلَامَةُ الصِّدْقِ . وَأَرَادُوا خَارِقًا لِلْعَادَةِ عَلَى حَسَبِ اقْتِرَاحِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=93أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَقَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى وَهَذَا مِنْ جَهْلِهِمْ بِحَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ وَتَحْكِيمِهِمُ الْخَيَالَ وَالْوَهمَ فِي حَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ ، فَهُمْ يَفْرِضُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرِيصٌ عَلَى إِظْهَارِ صِدْقِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ يَسْتَفِزُّهُ تَكْذِيبُهُمْ إِيَّاهُ فَيَغْضَبُ وَيُسْرِعُ فِي مُجَارَاةِ عِنَادِهِمْ لِيَكُفُّوا عَنْهُ ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ أَفْحَمُوهُ وَأَعْجَزُوهُ وَهُوَ الْقَادِرُ ، فَتَوَهَّمُوا أَنَّ مُدَّعِيَ الرِّسَالَةِ عَنْهُ غَيْرُ صَادِقٍ فِي دَعْوَاهُ وَمَا دَرَوْا أَنَّ اللَّهَ قَدَّرَ نِظَامَ الْأُمُورِ تَقْدِيرًا ، وَوَضَعَ الْحَقَائِقَ وَأَسْبَابَهَا ، وَأَجْرَى الْحَوَادِثَ عَلَى النِّظَامِ الَّذِي قَدَّرَهُ ، وَجَعَلَ الْأُمُورَ بَالِغَةً مَوَاقِيتَهَا الَّتِي حَدَّدَ لَهَا ، وَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يُكَذِّبَ الْمُكَذِّبُونَ أَوْ يُعَانِدَ الْجَاهِلُونَ وَقَدْ وَضَعَ لَهُمْ مَا يَلِيقُ بِهِمْ مِنَ الزَّوَاجِرِ فِي الْآخِرَةِ لَا مَحَالَةَ ، وَفِي الدُّنْيَا تَارَاتٍ ، كُلُّ ذَلِكَ يَجْرِي عَلَى نُظُمٍ اقْتَضَتْهَا الْحِكْمَةُ لَا يَحْمِلُهُ عَلَى تَبْدِيلِهَا سُؤَالُ سَائِلٍ وَلَا تَسْفِيهُ سَفِيهٍ . وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ . فَهُمْ جَعَلُوا اسْتِمْرَارَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى دَعْوَتِهِمْ بِالْأَدِلَّةِ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوَهُمْ بِهَا وَعَدَمَ تَبْدِيلِهِ ذَلِكَ بِآيَاتٍ أُخْرَى عَلَى حَسَبِ رَغْبَتِهِمْ - جَعَلُوا كُلَّ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُؤَيَّدٍ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَدَلُّوا بِذَلِكَ عَلَى انْتِفَاءِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ أَرْسَلَهُ ; لِأَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَهُ لَأَيَّدَهُ بِمَا يُوجِبُ لَهُ الْقَبُولَ عِنْدَ الْمُرْسَلِ إِلَيْهِمْ . وَمَا دَرَى الْمَسَاكِينُ أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَرْسَلَ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَحْمَةً بِهِمْ
[ ص: 131 ] وَطَلَبًا لِصَلَاحِهِمْ ، وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّهُ عَدَمُ قَبُولِهِمْ رَحْمَتَهُ وَهِدَايَتَهُ . وَلِذَلِكَ أَتَى فِي حِكَايَةِ كَلَامِهِمُ الْعُدُولُ عَنِ اسْمِ الْجَلَالَةِ إِلَى لَفْظِ الرَّبِّ الْمُضَافِ إِلَى ضَمِيرِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ : مِنْ رَبِّهِ إِيمَاءً إِلَى الرُّبُوبِيَّةِ الْخَاصَّةِ بِالتَّعَلُّقِ بِالرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ رُبُوبِيَّةُ الْمُصْطَفِي ( بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ ) لِلْمُصْطَفَى ( بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ ) مِنْ بَيْنِ بَقِيَّةِ الْخَلْقِ الْمُقْتَضِيَةِ الْغَضَبَ لِغَضَبِهِ لِتَوَهُّمِهِمْ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ مِثْلُ غَضَبِ الْخَلَائِقِ يَسْتَدْعِي الْإِسْرَاعَ إِلَى الِانْتِقَامِ وَمَا عَلِمُوا أَسْرَارَ الْحِكْمَةِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْحُكْمِ الْإِلَهِيِّ وَالْعِلْمِ الْأَعْلَى .
وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ بِأَنْ يُجِيبَ عَنِ اقْتِرَاحِهِمْ بِمَا هُوَ الْحَقِيقَةُ الْمُرْشِدَةُ وَإِنْ كَانَتْ أَعْلَى مِنْ مَدَارِكِهِمْ - جَوَابًا فِيهِ تَعْرِيضٌ بِالتَّهْدِيدِ لَهُمْ وَهُوَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=29692فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَجَاءَ بِفَاءِ التَّفْرِيعِ هُنَا دُونَ بَعْضِ نَظَائِرِهِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى تَعْقِيبِ كَلَامِهِمْ بِالْجَوَابِ شَأْنَ الْمُتَمَكِّنِ مِنْ حَالِهِ الْمُتَثَبِّتِ فِي أَمْرِهِ .
وَالْغَيْبُ : مَا غَابَ عَنْ حَوَاسِّ النَّاسِ مِنَ الْأَشْيَاءِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَتَكَوَّنُ مِنْ مَخْلُوقَاتٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ فِي الْعَالَمِ الدُّنْيَوِيِّ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ . وَتَفْسِيرُ هَذَا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=109قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ
وَاللَّامُ لِلْمِلْكِ ، أَيِ الْأُمُورُ الْمُغَيَّبَةُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا إِلَّا اللَّهُ . وَجَاءَ الْكَلَامُ بِصِيغَةِ الْقَصْرِ لِلرَّدِّ عَلَيْهِمْ فِي اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ فِي مُكْنَةِ الرَّسُولِ الْحَقِّ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَسْأَلُهُ قَوْمُهُ مِنَ الْخَوَارِقِ ، فَجَعَلُوا عَدَمَ وُقُوعِ مُقْتَرَحِهِمْ عَلَامَةً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِرَسُولٍ مِنَ اللَّهِ ، فَلِذَلِكَ رَدَّ عَلَيْهِمْ بِصِيغَةِ الْقَصْرِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ لَيْسَ لَهُ تَصَرُّفٌ فِي إِيقَاعِ مَا سَأَلُوهُ لِيَعْلَمُوا أَنَّهُمْ يَرْمُونَ بِسُؤَالِهِمْ إِلَى الْجَرَاءَةِ عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - بِالْإِفْحَامِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ تَفْرِيعٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ أَيْ لَيْسَ دَأْبِي وَدَأْبُكُمْ إِلَّا انْتِظَارَ مَا يَأْتِي بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ ، كَقَوْلِ نُوحٍ لِقَوْمِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=33إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ
وَهَذَا تَعْرِيضٌ بِالتَّهْدِيدِ لَهُمْ أَنَّ مَا يَأْتِي بِهِ اللَّهُ لَا يَتَرَقَّبُونَ مِنْهُ إِلَّا شَرًّا لَهُمْ ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ [ ص: 132 ] وَالْمَعِيَّةُ فِي قَوْلِهِ : مَعَكُمْ مَجَازِيَّةٌ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الِاشْتِرَاكِ فِي مُطْلَقِ الِانْتِظَارِ .