nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114nindex.php?page=treesubj&link=28973_25986ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم عطف على
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وقالت اليهود ليست النصارى على شيء باعتبار ما سبق ذلك من الآيات الدالة على
nindex.php?page=treesubj&link=29435أفانين أهل الكتاب في الجراءة وسوء المقالة أي أن قولهم هذا وما تقدمه ظلم ولا كظلم من منع مساجد الله وهذا استطراد واقع معترضا بين ذكر أحوال
اليهود والنصارى لذكر
nindex.php?page=treesubj&link=29435_30554مساوئ المشركين في سوء تلقيهم دعوة الإسلام الذي جاء لهديهم ونجاتهم .
والآية نازلة في مشركي العرب كما في رواية
عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وهو الذي يقتضيه قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين الآية كما سيأتي وهي تشير إلى منع أهل
مكة النبيء - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين من الدخول
لمكة كما جاء في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ [ ص: 679 ] حين دخل
مكة خفية وقال له
أبو جهل : ألا أراك تطوف بالبيت آمنا وقد أويتم الصباء ، وتكرر ذلك في عام
الحديبية .
وقيل نزلت في
بختنصر ملك
أشور وغزوه
بيت المقدس ثلاث غزوات أولاها في سنة 606 قبل
المسيح زمن الملك
يهوياقيم ملك
اليهود سبى فيها جمعا من
شعب إسرائيل . والثانية بعد ثمان سنين سبى فيها رؤساء المملكة والملك
يهوا كين بن يهوياقيم ونهب المسجد المقدس من جميع نفائسه وكنوزه . والثالثة بعد عشر سنين في زمن الملك
صدقيا فأسر الملك وسمل عينيه وأحرق
المسجد الأقصى وجميع المدينة وسبى جميع
بني إسرائيل وانقرضت بذلك مملكة
يهوذا وذلك سنة 578 قبل
المسيح وتسمى هذه الواقعة بالسبي الثالث فهو في كل ذلك قد منع مسجد
بيت المقدس من أن يذكر فيه اسم الله وتسبب في خرابه .
وقيل : نزلت في غزو
طيطس الروماني لأورشليم سنة 79 قبل
المسيح فخرب
بيت المقدس وأحرق التوراة وترك
بيت المقدس خرابا إلى أن بناه المسلمون بعد فتح البلاد الشامية . وعلى هاتين الروايتين الأخيرتين لا تظهر مناسبة لذكرها عقب ما تقدم فلا ينبغي بناء التفسير عليهما .
والوجه هو التعويل على الرواية الأولى وهي المأثورة عن ابن عباس فالمناسبة أنه بعد أن وفي أهل الكتاب حقهم من فضح نواياهم في دين الإسلام وأهله وبيان أن تلك شنشنة متأصلة فيهم مع كل من جاءهم بما يخالف هواهم وكان قد أشار إلى أن المشركين شابهوهم في ذلك عند قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=105ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم عطف الكلام إلى بيان ما تفرع عن عدم ودادة المشركين نزول القرآن فبين أن ظلمهم في ذلك لم يبلغه أحد ممن قبلهم إذ منعوا مساجد الله وسدوا طريق الهدى وحالوا بين الناس وبين زيارة المسجد الحرام الذي هو فخرهم وسبب مكانتهم وليس هذا شأن طالب صلاح الخلق بل هذا
nindex.php?page=treesubj&link=18717شأن الحاسد المغتاظ .
والاستفهام بمن إنكاري ولما كان أصل من أنها نكرة موصوفة أشربت معنى الاستفهام وكان الاستفهام الإنكاري في معنى النفي صار الكلام من وقوع النكرة في سياق النفي فلذلك فسروه بمعنى لا أحد أظلم .
[ ص: 680 ] nindex.php?page=treesubj&link=25985والظلم الاعتداء على حق الغير بالتصرف فيه بما لا يرضى به ، ويطلق على وضع الشيء في غير ما يستحق أن يوضع فيه والمعنيان صالحان هنا .
وإنما كانوا أظلم الناس لأنهم أتوا بظلم عجيب فقد ظلموا المسلمين من المسجد الحرام وهم أحق الناس به وظلموا أنفسهم بسوء السمعة بين الأمم .
وجمع المساجد وإن كان المشركون منعوا
الكعبة فقط إما للتعظيم فإن الجمع يجيء للتعظيم كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=37وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وإما لما فيه من أماكن العبادة وهي البيت
والمسجد الحرام ومقام إبراهيم والحطيم ، وإما لما يتصل به أيضا من
الخيف ومنى والمشعر الحرام وكلها مساجد والإضافة على هذه الوجوه على معنى لام التعريف العهدي ، وإما لقصد دخول جميع مساجد الله لأنه جمع تعرف بالإضافة ووقع في سياق منع الذي هو في معنى النفي ليشمل الوعيد كل مخرب لمسجد أو مانع من العبادة بتعطيله عن إقامة العبادات ويدخل المشركون في ذلك دخولا أوليا على حكم ورود العام على سبب خاص ، والإضافة على هذا الوجه على معنى لام الاستغراق ولعل ضمير الجمع المنصوب في قوله " أن يدخلوها " يؤيد أن المراد من المساجد مساجد معلومة لأن هذا الوعيد لا يتعدى لكل من منع مسجدا إذ هو عقاب دنيوي لا يلزم اطراده في أمثال المعاقب .
والمراد من المنع منع العبادة في أوقاتها الخاصة بها كالطواف والجماعة إذا قصد بالمنع حرمان فريق من المتأهلين لها منها . وليس منه
nindex.php?page=treesubj&link=27244_631_728_729_1960_1958_1956_1957غلق المساجد في غير أوقات الجماعة لأن صلاة الفذ لا تفضل في المسجد على غيره ، وكذلك غلقها من دخول الصبيان والمسافرين للنوم ، وقد سئل
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابن عرفة في درس التفسير عن هذا فقال : غلق باب المسجد في غير أوقات الصلاة حفظ وصيانة ا ه . وكذلك منع غير المتأهل لدخوله وقد منع رسول الله المشركين الطواف والحج ومنع مالك الكافر من دخول المسجد ومعلوم منع الجنب والحائض .
والسعي أصله المشي ثم صار مجازا مشهورا في التسبب المقصود كالحقيقة العرفية نحو
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=22ثم أدبر يسعى ويعدى بفي الدالة على التعليل نحو : سعيت في حاجتك فالمنع هنا حقيقة على الرواية الأولى المتقدمة في سبب النزول والسعي مجاز في التسبب غير المقصود فهو مجاز على مجاز . وأما على الروايتين الأخريين فالمنع مجاز والسعي حقيقة لأن
بختنصر وطيطس لم يمنعا أحدا من الذكر ولكنهما تسببا في الخراب بالأمر بالتخريب فأفضى ذلك إلى المنع وآل إليه .
[ ص: 681 ] وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين جملة مستأنفة تغني عن سؤال ناشئ عن قوله " من أظلم " أو عن قوله " سعى " لأن السامع إذا علم أن فاعل هذا أظلم الناس أو سمع هذه الجرأة وهي السعي في الخراب تطلب بيان جزاء من اتصف بذلك أو فعل هذا . ويجوز كونها اعتراضا بين " من أظلم " وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114لهم في الدنيا خزي والإشارة بـ " أولئك " بعد إجراء الأوصاف الثلاثة عليهم للتنبيه على أنهم استحضروا بتلك الأوصاف ليخبر عنهم بعد تلك الإشارة بخبرهم جديرون بمضمونه على حد ما تقدم في
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أولئك على هدى من ربهم وهذا يدل على أن المقصود من هذه الجمل ليس هو بيان جزاء فعلهم أو التحذير منه بل المقصود بيان هاته الحالة العجيبة من أحوال المشركين بعد بيان عجائب أهل الكتاب ثم يرتب العقاب على ذلك حتى تعلم جدارتهم به وقد ذكر لهم عقوبتين دنيوية وهي الخوف والخزي وأخروية وهي العذاب العظيم .
ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين أنهم لا يكون لهم بعد هذه الفعلة أن يدخلوا تلك المساجد التي منعوها إلا وهم خائفون فإن " ما كان " إذا وقع أن والمضارع في خبرها تدل على نفي المستقبل وإن كان لفظ " كان " لفظ الماضي ، وأن هذه هي التي تستتر عند مجيء اللام نحو ما كان الله ليعذبهم فلا إشعار لهذه الجملة بمضي . واللام في قوله لهم للاستحقاق أي ما كان يحق لهم الدخول في حالة إلا في حالة الخوف فهم حقيقون بها وأحرياء في علم الله تعالى وهذا وعيد بأنهم قدر الله عليهم أن ترفع أيديهم من التصرف في
المسجد الحرام وشعائر الله هناك وتصير للمسلمين فيكونوا بعد ذلك لا يدخلون
المسجد الحرام إلا خائفين ، ووعد للمؤمنين وقد صدق الله وعده فكانوا يوم فتح
مكة خائفين وجلين حتى نادى منادي النبيء - صلى الله عليه وسلم - من دخل
المسجد الحرام فهو آمن فدخله الكثير منهم مذعورين أن يؤخذوا بالسيف قبل دخولهم .
وعلى تفسير " مساجد الله " بالعموم يكون قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114ما كان لهم أن يدخلوها أي منعوا مساجد الله في حال أنهم كان ينبغي لهم أن يدخلوها خاشعين من الله فيفسر الخوف بالخشية من الله فلذلك كانوا ظالمين بوضع الجبروت في موضع الخضوع فاللام على هذا في قوله " ما كان لهم " للاختصاص وهذا الوجه وإن فرضه كثير من المفسرين إلا أن مكان اسم الإشارة المؤذن بأن ما بعده ترتب عما قبله ينافيه لأن هذا الابتغاء متقرر وسابق على المنع والسعي في الخراب .
[ ص: 682 ] وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114لهم في الدنيا خزي استئناف ثان ولم يعطف على ما قبله ليكون مقصودا بالاستئناف اهتماما به لأن المعطوف لكونه تابعا لا يهتم به السامعون كمال الاهتمام ولأنه يجري من الاستئناف الذي قبله مجرى البيان من المبين فإن الخزي خوف ، والخزي الذل والهوان وذلك ما نال صناديد المشركين يوم
بدر من القتل الشنيع والأسر ، وما نالهم يوم فتح
مكة من خزي الانهزام . وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114ولهم في الآخرة عذاب عظيم عطفت على ما قبلها لأنها تتميم لها إذ المقصود من مجموعهما أن لهم عذابين عذابا في الدنيا وعذابا في الآخرة .
وعندي أن نزول هذه الآية مؤذن بالاحتجاج على المشركين من سبب انصراف النبيء عن استقبال
الكعبة بعد هجرته فإن منعهم المسلمين من
المسجد الحرام أشد من استقبال غير
الكعبة في الصلاة على حد قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114nindex.php?page=treesubj&link=28973_25986وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ عَطْفٌ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ بِاعْتِبَارِ مَا سَبَقَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=29435أَفَانِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الْجُرْاءَةِ وَسُوءِ الْمَقَالَةِ أَيْ أَنَّ قَوْلَهُمْ هَذَا وَمَا تَقَدَّمُهُ ظُلْمٌ وَلَا كَظُلْمِ مَنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ وَهَذَا اسْتِطْرَادٌ وَاقِعٌ مُعْتَرِضًا بَيْنَ ذِكْرِ أَحْوَالِ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِذِكْرِ
nindex.php?page=treesubj&link=29435_30554مَسَاوِئِ الْمُشْرِكِينَ فِي سُوءِ تَلَقِّيهُمْ دَعْوَةَ الْإِسْلَامِ الَّذِي جَاءَ لِهَدْيِهِمْ وَنَجَاتِهِمْ .
وَالْآيَةُ نَازِلَةٌ فِي مُشْرِكِي الْعَرَبِ كَمَا فِي رِوَايَةِ
عَطَاءٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ الْآيَةَ كَمَا سَيَأْتِي وَهِيَ تُشِيرُ إِلَى مَنْعِ أَهْلِ
مَكَّةَ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمِينَ مِنَ الدُّخُولِ
لِمَكَّةَ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ [ ص: 679 ] حِينَ دَخَلَ
مَكَّةَ خِفْيَةً وَقَالَ لَهُ
أَبُو جَهْلٍ : أَلَا أَرَاكَ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ آمِنًا وَقَدْ أَوَيْتُمُ الصِّبَاءَ ، وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ فِي عَامِ
الْحُدَيْبِيَةِ .
وَقِيلَ نَزَلَتْ فِي
بُخْتُنَصَّرَ مَلِكِ
أَشُورَ وَغَزْوِهِ
بَيْتَ الْمَقْدِسِ ثَلَاثَ غَزَوَاتٍ أَوَّلَاهَا فِي سَنَةِ 606 قَبْلَ
الْمَسِيحِ زَمَنَ الْمَلِكِ
يَهُويَاقِيمَ مَلِكِ
الْيَهُودِ سَبَى فِيهَا جَمْعًا مِنْ
شَعْبِ إِسْرَائِيلَ . وَالثَّانِيَةُ بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ سَبَى فِيهَا رُؤَسَاءَ الْمَمْلَكَةِ وَالْمَلِكَ
يَهُوَا كِينَ بْنَ يَهُويَاقِيمَ وَنَهَبَ الْمَسْجِدَ الْمُقَدَّسَ مِنْ جَمِيعِ نَفَائِسِهِ وَكُنُوزِهِ . وَالثَّالِثَةُ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ فِي زَمَنِ الْمَلِكِ
صِدْقِيَا فَأَسَرَ الْمَلِكَ وَسَمَلَ عَيْنَيْهِ وَأَحْرَقَ
الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى وَجَمِيعَ الْمَدِينَةِ وَسَبَى جَمِيعَ
بَنِي إِسْرَائِيلَ وَانْقَرَضَتْ بِذَلِكَ مَمْلَكَةُ
يَهُوذَا وَذَلِكَ سَنَةَ 578 قَبْلَ
الْمَسِيحِ وَتُسَمَّى هَذِهِ الْوَاقِعَةُ بِالسَّبْيِ الثَّالِثِ فَهُوَ فِي كُلِّ ذَلِكَ قَدْ مَنَعَ مَسْجِدَ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ مِنْ أَنْ يَذْكُرَ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ وَتَسَبَّبَ فِي خَرَابِهِ .
وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي غَزْوِ
طَيْطَسَ الرُّومَانِيِّ لِأُورَشْلِيمَ سَنَةَ 79 قَبْلَ
الْمَسِيحِ فَخَرَّبَ
بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَأَحْرَقَ التَّوْرَاةَ وَتَرَكَ
بَيْتَ الْمَقْدِسِ خَرَابًا إِلَى أَنْ بَنَاهُ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ فَتْحِ الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ . وَعَلَى هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ لَا تَظْهَرُ مُنَاسَبَةٌ لِذِكْرِهَا عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ فَلَا يَنْبَغِي بِنَاءُ التَّفْسِيرِ عَلَيْهِمَا .
وَالْوَجْهُ هُوَ التَّعْوِيلُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَهِيَ الْمَأْثُورَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَالْمُنَاسِبَةُ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ وُفِّيَ أَهْلُ الْكِتَابِ حَقَّهُمْ مَنْ فَضْحِ نَوَايَاهُمْ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ وَبَيَانِ أَنَّ تِلْكَ شَنْشَنَةٌ مُتَأَصِّلَةٌ فِيهِمْ مَعَ كُلِّ مَنْ جَاءَهُمْ بِمَا يُخَالِفُ هَوَاهُمْ وَكَانَ قَدْ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْمُشْرِكِينَ شَابُهُوهُمْ فِي ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=105مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ عَطَفَ الْكَلَامَ إِلَى بَيَانِ مَا تَفَرَّعَ عَنْ عَدَمِ وِدَادَةِ الْمُشْرِكِينَ نُزُولِ الْقُرْآنِ فَبَيَّنَ أَنَّ ظُلْمَهُمْ فِي ذَلِكَ لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ قَبْلَهُمْ إِذْ مَنَعُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ وَسَدُّوا طَرِيقَ الْهُدَى وَحَالُوا بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ زِيَارَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي هُوَ فَخْرُهُمْ وَسَبَبُ مَكَانَتِهِمْ وَلَيْسَ هَذَا شَأْنُ طَالِبِ صَلَاحِ الْخَلْقِ بَلْ هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=18717شَأْنُ الْحَاسِدِ الْمُغْتَاظِ .
وَالِاسْتِفْهَامُ بِمَنْ إِنْكَارِيٌّ وَلَمَّا كَانَ أَصْلُ مَنْ أَنَّهَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ أَشُرِبَتْ مَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ وَكَانَ الِاسْتِفْهَامُ الْإِنْكَارِيُّ فِي مَعْنَى النَّفْيِ صَارَ الْكَلَامُ مِنْ وُقُوعِ النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَلِذَلِكَ فَسَّرُوهُ بِمَعْنَى لَا أَحَدَ أَظْلَمُ .
[ ص: 680 ] nindex.php?page=treesubj&link=25985وَالظُّلْمُ الِاعْتِدَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ بِمَا لَا يَرْضَى بِهِ ، وَيُطْلَقُ عَلَى وَضْعِ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُوضَعَ فِيهِ وَالْمَعْنَيَانِ صَالِحَانِ هُنَا .
وَإِنَّمَا كَانُوا أَظْلَمَ النَّاسِ لِأَنَّهُمْ أَتَوْا بِظُلْمٍ عَجِيبٍ فَقَدْ ظَلَمُوا الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَهُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِسُوءِ السُّمْعَةِ بَيْنَ الْأُمَمِ .
وَجَمَعَ الْمَسَاجِدَ وَإِنْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ مَنَعُوا
الْكَعْبَةَ فَقَطْ إِمَّا لِلتَّعْظِيمِ فَإِنَّ الْجَمْعَ يَجِيءُ لِلتَّعْظِيمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=37وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَإِمَّا لِمَا فِيهِ مِنْ أَمَاكِنِ الْعِبَادَةِ وَهِيَ الْبَيْتُ
وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَمَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَالْحَطِيمُ ، وَإِمَّا لِمَا يَتَّصِلُ بِهِ أَيْضًا مِنَ
الْخَيْفِ وَمِنًى وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَكُلُّهَا مَسَاجِدُ وَالْإِضَافَةُ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ عَلَى مَعْنَى لَامِ التَّعْرِيفِ الْعَهْدِيِّ ، وَإِمَّا لِقَصْدِ دُخُولِ جَمِيعِ مَسَاجِدِ اللَّهِ لِأَنَّهُ جَمْعٌ تَعَرَّفَ بِالْإِضَافَةِ وَوَقَعَ فِي سِيَاقِ مَنْعِ الَّذِي هُوَ فِي مَعْنَى النَّفْيِ لِيَشْمَلَ الْوَعِيدُ كُلَّ مُخَرِّبٍ لِمَسْجِدٍ أَوْ مَانِعٍ مِنَ الْعِبَادَةِ بِتَعْطِيلِهِ عَنْ إِقَامَةِ الْعِبَادَاتِ وَيَدْخُلُ الْمُشْرِكُونَ فِي ذَلِكَ دُخُولًا أَوَّلِيًّا عَلَى حُكْمِ وُرُودِ الْعَامِّ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ ، وَالْإِضَافَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَلَى مَعْنَى لَامِ الِاسْتِغْرَاقِ وَلَعَلَّ ضَمِيرَ الْجَمْعِ الْمَنْصُوبَ فِي قَوْلِهِ " أَنْ يَدْخُلُوهَا " يُؤَيِّدُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْمَسَاجِدِ مَسَاجِدُ مَعْلُومَةٌ لِأَنَّ هَذَا الْوَعِيدَ لَا يَتَعَدَّى لِكُلِّ مَنْ مَنَعَ مَسْجِدًا إِذْ هُوَ عِقَابٌ دُنْيَوِيٌّ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهُ فِي أَمْثَالِ الْمُعَاقَبِ .
وَالْمُرَادُ مِنَ الْمَنْعِ مَنْعُ الْعِبَادَةِ فِي أَوْقَاتِهَا الْخَاصَّةِ بِهَا كَالطَّوَافِ وَالْجَمَاعَةِ إِذَا قُصِدَ بِالْمَنْعِ حِرْمَانُ فَرِيقٍ مِنَ الْمُتَأَهِّلِينَ لَهَا مِنْهَا . وَلَيْسَ مِنْهُ
nindex.php?page=treesubj&link=27244_631_728_729_1960_1958_1956_1957غَلْقُ الْمَسَاجِدِ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّ صَلَاةَ الْفَذِّ لَا تُفَضَّلُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى غَيْرِهِ ، وَكَذَلِكَ غَلْقُهَا مِنْ دُخُولِ الصِّبْيَانِ وَالْمُسَافِرِينَ لِلنَّوْمِ ، وَقَدْ سُئِلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابْنُ عَرَفَةَ فِي دَرْسِ التَّفْسِيرِ عَنْ هَذَا فَقَالَ : غَلْقُ بَابِ الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ حِفْظٌ وَصِيَانَةٌ ا ه . وَكَذَلِكَ مَنْعُ غَيْرِ الْمُتَأَهِّلِ لِدُخُولِهِ وَقَدْ مَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ الْمُشْرِكِينَ الطَّوَافَ وَالْحَجَّ وَمَنَعَ مَالِكٌ الْكَافِرَ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَمَعْلُومٌ مَنْعُ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ .
وَالسَّعْيُ أَصْلُهُ الْمَشْيُ ثُمَّ صَارَ مَجَازًا مَشْهُورًا فِي التَّسَبُّبِ الْمَقْصُودِ كَالْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ نَحْوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=22ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى وَيُعَدَّى بِفِي الدَّالَّةِ عَلَى التَّعْلِيلِ نَحْوَ : سَعَيْتُ فِي حَاجَتِكَ فَالْمَنْعُ هُنَا حَقِيقَةٌ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى الْمُتَقَدِّمَةِ فِي سَبَبِ النُّزُولِ وَالسَّعْيُ مَجَازٌ فِي التَّسَبُّبِ غَيْرِ الْمَقْصُودِ فَهُوَ مَجَازٌ عَلَى مَجَازٍ . وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ فَالْمَنْعُ مَجَازٌ وَالسَّعْيُ حَقِيقَةٌ لِأَنَّ
بُخْتُنَصَّرَ وَطِيطَسَ لَمْ يَمْنَعَا أَحَدًا مِنَ الذِّكْرِ وَلَكِنَّهُمَا تَسَبَّبَا فِي الْخَرَابِ بِالْأَمْرِ بِالتَّخْرِيبِ فَأَفْضَى ذَلِكَ إِلَى الْمَنْعِ وَآلَ إِلَيْهِ .
[ ص: 681 ] وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ تُغْنِي عَنْ سُؤَالٍ نَاشِئٍ عَنْ قَوْلِهِ " مَنْ أَظْلَمُ " أَوْ عَنْ قَوْلِهِ " سَعَى " لِأَنَّ السَّامِعَ إِذَا عَلِمَ أَنَّ فَاعِلَ هَذَا أَظْلَمُ النَّاسِ أَوْ سَمِعَ هَذِهِ الْجُرْأَةَ وَهِيَ السَّعْيُ فِي الْخَرَابِ تَطَلَّبَ بَيَانُ جَزَاءِ مَنِ اتَّصَفَ بِذَلِكَ أَوْ فَعَلَ هَذَا . وَيَجُوزُ كَوْنُهَا اعْتِرَاضًا بَيْنَ " مَنْ أَظْلَمُ " وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَالْإِشَارَةُ بِـ " أُولَئِكَ " بَعْدَ إِجْرَاءِ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ عَلَيْهِمْ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُمُ اسْتُحْضِرُوا بِتِلْكَ الْأَوْصَافِ لِيُخْبَرَ عَنْهُمْ بَعْدَ تِلْكَ الْإِشَارَةِ بِخَبَرِهِمْ جَدِيرُونَ بِمَضْمُونِهِ عَلَى حَدِّ مَا تَقَدَّمَ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ الْجُمَلِ لَيْسَ هُوَ بَيَانُ جَزَاءِ فِعْلِهِمْ أَوِ التَّحْذِيرِ مِنْهُ بَلِ الْمَقْصُودُ بَيَانُ هَاتِهِ الْحَالَةِ الْعَجِيبَةِ مِنْ أَحْوَالِ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ بَيَانِ عَجَائِبِ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ يُرَتِّبُ الْعِقَابَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَعْلَمَ جَدَارَتَهُمْ بِهِ وَقَدْ ذَكَرَ لَهُمْ عُقُوبَتَيْنِ دُنْيَوِيَّةً وَهِيَ الْخَوْفُ وَالْخِزْيُ وَأُخْرَوِيَّةً وَهِيَ الْعَذَابُ الْعَظِيمُ .
وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ أَنَّهُمْ لَا يَكُونُ لَهُمْ بَعْدَ هَذِهِ الْفِعْلَةِ أَنْ يَدْخُلُوا تِلْكَ الْمَسَاجِدَ الَّتِي مَنَعُوهَا إِلَّا وَهُمْ خَائِفُونَ فَإِنَّ " مَا كَانَ " إِذَا وَقَعَ أَنْ وَالْمُضَارِعُ فِي خَبَرِهَا تَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنَّ كَانَ لَفْظُ " كَانَ " لَفْظَ الْمَاضِي ، وَأَنْ هَذِهِ هِيَ الَّتِي تَسْتَتِرُ عِنْدَ مَجِيءِ اللَّامِ نَحْوَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ فَلَا إِشْعَارَ لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ بِمُضِيٍّ . وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لَهُمْ لِلِاسْتِحْقَاقِ أَيْ مَا كَانَ يَحِقُّ لَهُمُ الدُّخُولُ فِي حَالَةٍ إِلَّا فِي حَالَةِ الْخَوْفِ فَهُمْ حَقِيقُونَ بِهَا وَأَحْرِيَاءُ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا وَعِيدٌ بِأَنَّهُمْ قَدَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ تُرْفَعَ أَيْدِيهِمْ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَشَعَائِرِ اللَّهِ هُنَاكَ وَتَصِيرَ لِلْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُوا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَدْخُلُونَ
الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِلَّا خَائِفِينَ ، وَوَعْدٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ فَكَانُوا يَوْمَ فَتْحِ
مَكَّةَ خَائِفِينَ وَجِلِينَ حَتَّى نَادَى مُنَادِي النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ دَخَلَ
الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَهُوَ آمِنٌ فَدَخَلَهُ الْكَثِيرُ مِنْهُمْ مَذْعُورِينَ أَنْ يُؤْخَذُوا بِالسَّيْفِ قَبْلَ دُخُولِهِمْ .
وَعَلَى تَفْسِيرِ " مَسَاجِدَ اللَّهِ " بِالْعُمُومِ يَكُونُ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا أَيْ مَنَعُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ فِي حَالِ أَنَّهُمْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُدْخُلُوهَا خَاشِعِينَ مِنَ اللَّهِ فَيُفَسَّرُ الْخَوْفُ بِالْخَشْيَةِ مِنَ اللَّهِ فَلِذَلِكَ كَانُوا ظَالِمِينَ بِوَضْعِ الْجَبَرُوتِ فِي مَوْضِعِ الْخُضُوعِ فَاللَّامُ عَلَى هَذَا فِي قَوْلِهِ " مَا كَانَ لَهُمْ " لِلِاخْتِصَاصِ وَهَذَا الْوَجْهُ وَإِنْ فَرَضَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ إِلَّا أَنَّ مَكَانَ اسْمِ الْإِشَارَةِ الْمُؤْذِنِ بِأَنَّ مَا بَعْدَهُ تَرَتَّبَ عَمَّا قَبْلَهُ يُنَافِيهِ لِأَنَّ هَذَا الِابْتِغَاءَ مُتَقَرِّرٌ وَسَابِقٌ عَلَى الْمَنْعِ وَالسَّعْيِ فِي الْخَرَابِ .
[ ص: 682 ] وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ اسْتِئْنَافٌ ثَانٍ وَلَمْ يَعْطِفْ عَلَى مَا قَبْلَهُ لِيَكُونَ مَقْصُودًا بِالِاسْتِئْنَافِ اهْتِمَامًا بِهِ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ لِكَوْنِهِ تَابِعًا لَا يَهْتَمُّ بِهِ السَّامِعُونَ كَمَالَ الِاهْتِمَامِ وَلِأَنَّهُ يَجْرِي مِنَ الِاسْتِئْنَافِ الَّذِي قَبْلَهُ مَجْرَى الْبَيَانِ مِنَ الْمُبِينِ فَإِنَّ الْخِزْيَ خَوْفٌ ، وَالْخِزْيُ الذُّلُّ وَالْهَوَانُ وَذَلِكَ مَا نَالَ صَنَادِيدَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ
بَدْرٍ مِنَ الْقَتْلِ الشَّنِيعِ وَالْأَسْرِ ، وَمَا نَالَهُمْ يَوْمَ فَتْحِ
مَكَّةَ مِنْ خِزْيِ الِانْهِزَامِ . وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ عُطِفَتْ عَلَى مَا قَبْلَهَا لِأَنَّهَا تَتْمِيمٌ لَهَا إِذِ الْمَقْصُودُ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا أَنَّ لَهُمْ عَذَابَيْنِ عَذَابًا فِي الدُّنْيَا وَعَذَابًا فِي الْآخِرَةِ .
وَعِنْدِي أَنَّ نُزُولَ هَذِهِ الْآيَةِ مُؤْذِنٌ بِالِاحْتِجَاجِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ سَبَبِ انْصِرَافِ النَّبِيءِ عَنِ اسْتِقْبَالِ
الْكَعْبَةِ بَعْدَ هِجْرَتِهِ فَإِنَّ مَنْعَهُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَشَدُّ مِنَ اسْتِقْبَالِ غَيْرِ
الْكَعْبَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ