nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124nindex.php?page=treesubj&link=28973_28914وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين
لما كملت الحجج نهوضا على
nindex.php?page=treesubj&link=29434_32424_32423_32431_30554_30549أهل الكتابين ومشركي العرب في عميق ضلالهم بإعراضهم عن الإسلام ، وتبين سوء نواياهم التي حالت دون الاهتداء بهديه والانتفاع بفضله ، وسجل ذلك على زعماء المعاندين أعني
اليهود ابتداء بقوله يا بني إسرائيل مرتين ، وأدمج معهم
النصارى استطرادا مقصودا ، ثم أنصف المنصفون منهم الذين يتلون الكتاب حق تلاوته ، انتقل إلى توجيه التوبيخ والتذكير إلى العرب الذين يزعمون أنهم أفضل ذرية
إبراهيم وأنهم يتعلقون بملته ، وأنهم زرع
إسماعيل وسدنة
البيت الذي بناه ، وكانوا قد وخزوا بجانب من التعريض في خلال المحاورات التي جرت مع
أهل الكتاب للصفة التي جمعتهم وإياهم من حسد النبيء والمسلمين على ما أنزل عليهم من خير ، ومن قولهم : ليس المسلمون على شيء ، ومن قولهم : اتخذ الله ولدا ، ومن قولهم : لولا يكلمنا الله .
فلما أخذ
اليهود والنصارى حظهم من الإنذار والموعظة كاملا فيما اختصوا به ، وأخذوا مع المشركين حظهم من ذلك فيما اشتركوا فيه تهيأ المقام للتوجه إلى مشركي العرب لإعطائهم حظهم من الموعظة كاملا فيما
[ ص: 700 ] اختصوا به ، فمناسبة
nindex.php?page=treesubj&link=31851ذكر فضائل إبراهيم ومنزلته عند ربه ودعوته لعقبه عقب ذكر أحوال
بني إسرائيل ، هي الاتحاد في المقصد ، فإن المقصود من تذكير
بني إسرائيل بالنعم ، والتخويف ، تحريضهم على الإنصاف في تلقي الدعوة الإسلامية والتجرد من المكابرة والحسد وترك الحظوظ الدنيوية لنيل السعادة الأخروية .
والمقصود من ذكر قصة
إبراهيم موعظة المشركين ابتداء
وبني إسرائيل تبعا له ، لأن العرب أشد اختصاصا
بإبراهيم من حيث إنهم يزيدون على نسبهم إليه بكونهم حفظة حرمه ، ومنتمين قديما للحنيفية ولم يطرأ عليهم دين يخالف الحنيفية بخلاف أهل الكتابين . فحقيق أن نجعل قوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124وإذ ابتلى " عطفا على قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة كما دل عليه افتتاحه بإذ على نحو افتتاح ذكر خلق آدم بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة فإن الأول تذكير بنعمة الخلق الأول وقد وقع عقب التعجب من كفر المشركين بالخالق في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=28كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم عقبت تلك التذكرة بإنذار من يكفر بآيات الله من ذرية
آدم بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فإما يأتينكم مني هدى الآية ، ثم خص من بين ذرية
آدم بنو إسرائيل الذين عهد إليهم على لسان
موسى عهد الإيمان وتصديق الرسول الذي يجيء مصدقا لما معهم ، لأنهم صاروا بمنزلة الشهداء على ذرية
آدم .
فتهيأ المقام لتذكير الفريقين بأبيهم الأقرب وهو
إبراهيم أي وجه يكون المقصود بالخطاب فيه ابتداء العرب ، ويضم الفريق الآخر معهم في قرن ، ولذلك كان معظم الثناء على
إبراهيم بذكر بناء
البيت الحرام وما تبعه إلى أن ذكرت القبلة وسط ذلك ، ثم طوى بالانتقال إلى ذكر سلف
بني إسرائيل بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت ليفضي إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=135وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا فيرجع إلى تفضيل الحنيفية والإعلام بأنها أصل الإسلام وأن المشركين ليسوا في شيء منها وكذلك
اليهود والنصارى . وقد افتتح ذكر هذين الطورين بفضل
nindex.php?page=treesubj&link=31851_31807ذكر فضل الأبوين آدم وإبراهيم ، فجاء الخبران على أسلوب واحد على أبدع وجه وأحكم نظم . فتعين أن تقدير الكلام واذكر إذ ابتلى
إبراهيم ربه بكلمات .
ومن الناس من زعم أن قوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124وإذ ابتلى " عطف على قوله " نعمتي " أي اذكروا نعمتي وابتلائي
[ ص: 701 ] إبراهيم ، ويلزمه تخصيص هاته الموعظة
ببني إسرائيل ، وتخلل "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=123واتقوا يوما " بين المعطوفين وذلك يضيق شمول الآية ، وقد أدمج في ذلك قوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124ومن ذريتي " وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124لا ينال عهدي الظالمين وفي هذه الآية مقصد آخر وهو تمهيد الانتقال إلى
nindex.php?page=treesubj&link=31577_31854فضائل البلد الحرام والبيت الحرام ، لإقامة الحجة على الذين عجبوا من نسخ استقبال
بيت المقدس وتذرعوا بذلك إلى الطعن في الإسلام بوقوع النسخ فيه ، وإلى تنفير عامة أهل الكتاب من اتباعه لأنه غير قبلتهم ليظهر لهم أن
الكعبة هي أجدر بالاستقبال وأن الله استبقاها لهذه الأمة تنبيها على مزية هذا الدين . والابتلاء افتعال من البلاء ، وصيغة الافتعال هنا للمبالغة ، والبلاء الاختبار وتقدم في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم وهو مجاز مشهور فيه لأن الذي يكلف غيره بشيء يكون تكليفه متضمنا انتظار فعله أو تركه فيلزمه الاختبار فهو مجاز على مجاز ، والمراد هنا التكليف لأن الله كلفه بأوامر ونواه إما من الفضائل والآداب وإما من الأحكام التكليفية الخاصة به ، وليس في إسناد الابتلاء إلى الله تعالى إشكال بعد أن عرفت أنه مجاز في التكليف ، ولك أن تجعله استعارة تمثيلية ، وكيفما كان فطريق التكليف وحي لا محالة ، وهذا يدل على أن
إبراهيم أوحي إليه بنبوءة لتتهيأ نفسه لتلقي الشريعة فلما امتثل ما أمر به أوحي إليه بالرسالة وهي في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124إني جاعلك للناس إماما فتكون جملة "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124إني جاعلك للناس إماما " بدل بعض من جملة " وإذ ابتلى " ويجوز أن يكون الابتلاء هو الوحي بالرسالة ويكون قوله إني جاعلك للناس إماما تفسيرا لابتلى .
والإمام الرسول والقدوة .
nindex.php?page=treesubj&link=31860_31851وإبراهيم اسم الرسول العظيم الملقب بالخليل وهو
إبراهيم بن تارح وتسمي العرب تارح آزر بن ناحور بن سروج ، بن رعو ، بن فالح ، بن عابر بن شالح بن أرفكشاد ، بن سام بن نوح هكذا تقول التوراة ، ومعنى
إبراهيم في لغة الكلدانيين : أب رحيم أو أب راحم قاله
السهيلي وابن عطية ،
nindex.php?page=treesubj&link=28965وفي التوراة أن اسم إبراهيم إبرام وأن الله لما أوحى إليه وكلمه أمره أن يسمى إبراهيم لأنه يجعله أبا لجمهور من الأمم ، فمعنى
إبراهيم على هذا أبو أمم كثيرة . ولد في أور الكلدانيين سنة 1996 ست وتسعين وتسعمائة وألف قبل ميلاد المسيح ، ثم انتقل به والده إلى
أرض كنعان وهي أرض الفنيقيين فأقاموا
بحاران ( هي
حوران ) [ ص: 702 ] ثم خرج منها لقحط أصاب
حاران فدخل
مصر وزوجه
سارة وهنالك رام ملك
مصر افتكاك
سارة فرأى آية صرفته عن مرامه فأكرمها وأهداها جارية مصرية اسمها
هاجر وهي
أم ولده إسماعيل ، وسماه الله بعد ذلك
إبراهيم ، وأسكن ابنه
إسماعيل وأمه
هاجر بوادي مكة ثم لما شب
إسماعيل بنى
إبراهيم البيت الحرام هنالك .
وتوفي
إبراهيم سنة 1773 ثلاث وسبعين وسبعمائة وألف قبل ميلاد
المسيح ، وفي اسمه لغات للعرب : إحداها
إبراهيم وهي المشهورة وقرأ بها الجمهور ، والثانية : إبراهام وقعت في قراءة
هشام عن
ابن عامر حيثما وقع اسم
إبراهيم ، الثالثة : إبراهم وقعت في رجز
لزيد بن عمرو بن نفيل :
عذت بما عاذ به إبراهم مستقبل الكعبة وهو قائم
وذكر
أبو شامة في شرح حرز الأماني عن الفراء في
إبراهيم ست لغات : إبراهيم ، إبراهام ، إبراهوم ، إبراهم ، بكسر الهاء ، إبراهم بفتح الهاء ، إبراهم بضم الهاء . ولم يقرأ جمهور القراء العشرة إلا بالأولى ، وقرأ بعضهم بالثانية في ثلاثة وثلاثين موضعا سيقع التنبيه عليها في مواضعها ، ومع اختلاف هذه القراءات فهو لم يكتب في معظم المصاحف الأصلية إلا
إبراهيم بإثبات الياء ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12111أبو عمرو الداني لم أجد في مصاحف
العراق والشام مكتوبا
إبراهم بميم بعد الهاء ولم يكتب في شيء من المصاحف إبراهام بالألف بعد الهاء على وفق قراءة
هشام ، قال
أبو زرعة سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=11863عبد الله بن ذكوان قال : سمعت
أبا خليد القارئ يقول في القرآن ستة وثلاثون موضعا إبراهام قال
أبو خليد فذكرت ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك بن أنس فقال عندنا مصحف قديم فنظر فيه ثم أعلمني أنه وجدها فيه كذلك ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13579أبو بكر بن مهران روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس أنه قيل له إن أهل
دمشق يقرءون إبراهام ويدعون أنها قراءة
عثمان - رضي الله عنه - فقال
مالك ها مصحف
عثمان عندي ثم دعا به فإذا فيه كما قرأ أهل
دمشق .
وتقديم المفعول وهو لفظ
إبراهيم لأن المقصود تشريف
إبراهيم بإضافة اسم رب إلى اسمه مع مراعاة الإيجاز فلذلك لم يقل وإذ ابتلى الله
إبراهيم .
[ ص: 703 ] والكلمات الكلام الذي أوحى الله به إلى
إبراهيم إذ الكلمة لفظ يدل على معنى والمراد بها هنا الجمل كما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100كلا إنها كلمة هو قائلها وأجملها هنا إذ ليس الغرض تفصيل شريعة
إبراهيم ولا بسط القصة والحكاية وإنما الغرض
nindex.php?page=treesubj&link=31851بيان فضل إبراهيم ببيان ظهور عزمه وامتثاله لتكاليف فأتى بها كاملة فجوزي بعظيم الجزاء ، وهذه عادة القرآن في إجمال ما ليس بمحل الحاجة ، ولعل جمع الكلمات جمع السلامة يؤذن بأن المراد بها أصول الحنيفية وهي قليلة العدد كثيرة الكلفة ، فلعل منها الأمر بذبح ولده ، وأمره بالاختتان ، وبالمهاجرة بهاجر إلى شقة بعيدة ، وأعظم ذلك أمره بذبح ولده
إسماعيل بوحي من الله إليه في الرؤيا ، وقد سمي ذلك بلاء في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=106إن هذا لهو البلاء المبين وقوله " فأتمهن " جيء فيه بالفاء للدلالة على الفور في الامتثال وذلك من شدة العزم ، والإتمام في الأصل الإتيان بنهاية الفعل أو إكمال آخر أجزاء المصنوع .
وتعدية فعل أتم إلى ضمير كلمات مجاز عقلي ، وهو من تعليق الفعل بحاوي المفعول لأنه كالمكان له وفي معنى الإتمام قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=37وإبراهيم الذي وفى وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=105قد صدقت الرؤيا فالإفعال هنا بمعنى إيقاع الفعل على الوجه الأتم وليس المراد بالهمز التصيير أي صيرها تامة بعد أن كانت ناقصة إذ ليس المراد أنه فعل بعضها ثم أتى بالبعض الآخر ، فدل قوله " فأتمهن " مع إيجازه على الامتثال وإتقانه والفور فيه . وهذه الجملة هي المقصود من جزء القصة فيكون عطفها للدلالة على أنه ابتلى فامتثل كقولك دعوت فلانا فأجاب . وجملة قال إني جاعلك للناس إماما مستأنفة استئنافا بيانيا ناشئا عما اقتضاه قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات من تعظيم الخبر والتنويه به ، لما يقتضيه ظرف إذ من الإشارة إلى قصة من الأخبار التاريخية العظيمة فيترقب السامع ما يترتب على اقتصاصها ، ويجوز أن يكون الفصل على طريقة المقاولة لأن هذا القول مجاوبة لما دل عليه قوله ابتلى والإمام مشتق من الأم بفتح الهمزة وهو القصد وهو وزن فعال من صيغ الآلة سماعا كالعماد والنقاب والإزار والرداء ، فأصله ما يحصل به الأم أي القصد ولما كان الدال على الطريق يقتدي به الساير دل الإمام على القدوة والهادي .
والمراد بالإمام هنا الرسول فإن الرسالة أكمل أنواع الإمامة والرسول أكمل أفراد هذا النوع . وإنما عدل عن التعيين برسولا إلى إماما ليكون ذلك دالا على أن رسالته تنفع
[ ص: 704 ] الأمة المرسل إليها بطريق التبليغ ، وتنفع غيرهم من الأمم بطريق الاقتداء ، فإن
إبراهيم عليه السلام رحل إلى آفاق كثيرة فتنقل من بلاد
الكلدان إلى
العراق وإلى
الشام والحجاز ومصر ، وكان في جميع منازله محل التبجيل ولا شك أن التبجيل يبعث على الاقتداء ، وقد قيل إن دين برهما المتبع في
الهند أصله منسوب إلى اسم
إبراهم عليه السلام مع تحريف أدخل على ذلك الدين كما أدخل التحريف على الحنيفية ، وليتأتى الإيجاز في حكاية قول
إبراهيم الآتي " ومن ذريتي " فيكون قد سأل أن يكون في ذريته الإمامة بأنواعها من رسالة وملك وقدوة على حسب التهيؤ فيهم ، وأقل أنواع الإمامة كون الرجل الكامل قدوة لبنيه وأهل بيته وتلاميذه .
وقوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124قال ومن ذريتي " جواب صدر من
إبراهيم فلذا حكي بقال دون عاطف على طريق حكاية المحاورات كما تقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها والمقول معطوف على خطاب الله تعالى إياه يسمونه عطف التلقين وهو عطف المخاطب كلاما على ما وقع في كلام المتكلم تنزيلا لنفسه في منزلة المتكلم يكمل له شيئا تركه المتكلم إما عن غفلة وإما عن اقتصار فيلقنه السامع تداركه بحيث يلتئم من الكلامين كلام تام في اعتقاد المخاطب .
وفي الحديث الصحيح
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341154قال nindex.php?page=showalam&ids=97جرير بن عبد الله بايعت النبيء على شهادة أن لا إله إلا الله إلخ فشرط علي والنصح لكل مسلم ، ومنه قول
ابن الزبير للذي سأله فلم يعطه فقال لعن الله ناقة حملتني إليك فقال
ابن الزبير " إن وراكبها ، وقد لقبوه عطف التلقين كما في شرح
التفتزاني على الكشاف وذلك لأن أكثر وقوع مثله في موقع العطف ، والأولى أن تحذف كلمة عطف ونسمي هذا الصنف من الكلام باسم التلقين وهو تلقين السامع المتكلم ما يراه حقيقا بأن يلحقه بكلامه ، فقد يكون بطريقة العطف وهو الغالب كما هنا ، وقد يكون بطريقة الاستفهام الانكاري والحال كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=170قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا فإن الواو مع لو الوصلية واو الحال وليس واو العطف فهو إنكار على إلحاقهم المستفهم عنه بقولهم ودعواهم ، وقد يكون بطريقة الاستثناء كقول
العباس nindex.php?page=hadith&LINKID=2002137لما قال النبيء - صلى الله عليه وسلم - في حرم مكة " لا يعضد شجره " فقال العباس إلا الإذخر لبيوتنا وقيننا ، وللكلام المعطوف عطف التلقين من الحكم حكم
[ ص: 705 ] الكلام المعطوف هو عليه خبرا وطلبا ، فإذا كان كما هنا على طريق العرض علم إمضاء المتكلم له إياه ، بإقراره كما في الآية أو التصريح به كما وقع في الحديث إلا الإذخر ، ثم هو في الإنشاء إذا عطف معمول الإنشاء يتضمن أن المعطوف له حكم المعطوف عليه ، ولما كان المتكلم بالعطف في الإنشاء هو المخاطب بالإنشاء لزم تأويل عطف التلقين فيه بأنه على إرادة العطف على معمول لازم الإنشاء ففي الأمر إذا عطف المأمور مفعولا على مفعول الآمر كان المعنى زدني من الأمر فأنا بصدد الامتثال وكذا في المنهي . والمعطوف محذوف دل عليه المقام أي وبعض من ذريتي أو وجاعل بعض من ذريتي .
والذرية نسل الرجل وما توالد منه ومن أبنائه وبناته ، وهي مشتقة إما من الذر اسما وهو صغار النمل ، وإما من الذر مصدرا بمعنى التفريق ، وإما من الذرى والذرو بالياء والواو وهو مصدر ذرت الريح إذا سفت ، وإما من الذرء بالهمز وهو الخلق ، فوزنها إما فعلية بوزن النسب إلى ذر وضم الذال في النسب على غير قياس كما قالوا في النسب إلى دهر دهري بضم الدال ، وإما فعيلة أو فعولة من الذرى أو الذرو أو الذرء بإدغام اليائين أو الياء مع الواو أو الياء مع الهمزة بعد قلبها ياء وكل هذا تصريف لاشتقاق الواضع فليس قياس التصريف .
وإنما قال
إبراهيم " ومن ذريتي " ولم يقل وذريتي لأنه يعلم أن حكمة الله من هذا العالم لم تجر بأن يكون جميع نسل أحد ممن يصلحون لأن يقتدى بهم فلم يسأل ما هو مستحيل عادة لأن سؤال ذلك ليس من آداب الدعاء .
وإنما سأل لذريته ولم يقصر السؤال على عقبه كما هو المتعارف في عصبية القائل لأبناء دينه على الفطرة التي لا تقتضي تفاوتا فيرى أبناء الابن وأبناء البنت في القرب من الجد بل هما سواء في حكم القرابة ، وأما مبنى القبلية فعلى اعتبارات عرفية ترجع إلى النصرة والاعتزاز فأما قول :
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد
فوهم جاهلي ، وإلا فإن بني الأبناء أيضا بنوهم أبناء النساء الأباعد ، وهل يتكون نسل إلا من أب وأم . وكذا قول . . . .
[ ص: 706 ] وإنما أمهات الناس أوعية فيها خلقن وللأبناء أبناء
فذلك سفسطة . وقد
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341155nindex.php?page=treesubj&link=18006_18004قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للذي سأله عن الأحق بالبر من أبويه " أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك وقال الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124لا ينال عهدي الظالمين استجابة مطوية بإيجاز وبيان للفريق الذي تتحقق فيه دعوة
إبراهيم والذي لا تتحقق فيه بالاقتصار على أحدهما لأن حكم أحد الضدين يثبت نقيضه للآخر على طريقة الإيجاز ، وإنما لم يذكر الصنف الذي تحقق فيه الدعوة لأن المقصد ذكر الصنف الآخر تعريضا بأن الذين يزعمون يومئذ أنهم أولى الناس
بإبراهيم وهم أهل الكتاب ومشركو العرب هم الذين يحرمون من دعوته ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=67ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=68إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه ولأن المربي يقصد
nindex.php?page=treesubj&link=28850التحذير من المفاسد قبل الحث على المصالح ، فبيان الذين لا تتحقق فيهم الدعوة أولى من بيان الآخرين .
و " ينال " مضارع نال نيلا بالياء إذا أصاب شيئا والتحق به أي لا يصيب عهدي الظالمين أي لا يشملهم ، فالعهد هنا بمعنى الوعد المؤكد .
وسمي وعد الله عهدا لأن الله لا يخلف وعده كما أخبر بذلك فصار وعده عهدا ولذلك سماه النبيء عهدا في قوله أنشدك عهدك ووعدك ، أي لا ينال وعدي بإجابة دعوتك الظالمين منهم ، ولا يحسن أن يفسر العهد هنا بغير هذا وإن كان في مواقع من القرآن أريد به غيره ، وسيأتي ذكر العهد في سورة الأعراف .
ومن دقة القرآن اختيار هذا اللفظ هنا لأن
اليهود زعموا أن الله عهد
لإبراهيم عهدا بأنه مع ذريته ففي ذكر لفظ العهد تعريض بهم وإن كان صريح الكلام لتوبيخ المشركين . والمراد بالظالمين ابتداء المشركون أي الذين ظلموا أنفسهم إذ أشركوا بالله قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إن الشرك لظلم عظيم والظلم يشمل أيضا عمل المعاصي الكبائر كما وقع في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=113ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين وقد وصف القرآن
اليهود بوصف الظالمين في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون nindex.php?page=treesubj&link=28675_25985فالمراد بالظلم المعاصي الكبيرة وأعلاها الشرك بالله تعالى . [ ص: 707 ] وفي الآية تنبيه على أن أهل الكتاب والمشركين يومئذ ليسوا جديرين بالإمامة لاتصافهم بأنواع من الظلم كالشرك وتحريف الكتاب وتأويله على حسب شهواتهم والانهماك في المعاصي حتى إذا عرضوا أنفسهم على هذا الوصف علموا انطباقه عليهم . وإناطة الحكم بوصف الظالمين إيماء إلى علة نفي أن ينالهم عهد الله فيفهم من العلة أنه إذا زال وصف الظلم نالهم العهد .
وفي الآية أن المتصف بالكبيرة ليس مستحقا لإسناد الإمامة إليه أعنى سائر ولايات المسلمين : الخلافة والإمارة والقضاء والفتوى ورواية العلم وإمامة الصلاة ونحو ذلك . قال
فخر الدين : قال الجمهور من الفقهاء والمتكلمين
nindex.php?page=treesubj&link=7706_7643الفاسق حال فسقه لا يجوز عقد الإمامة له . وفي تفسير
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابن عرفة تسليم ذلك ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابن عرفة عن
المازري والقرطبي عن الجمهور إذا عقد للإمام على وجه صحيح ثم فسق وجار فإن كان فسقه بكفر وجب خلعه وأما بغيره من المعاصي فقال
الخوارج والمعتزلة وبعض أهل السنة يخلع وقال جمهور أهل السنة لا يخلع بالفسق والظلم وتعطيل الحدود ويجب وعظه وترك طاعته فيما لا تجب فيه طاعة وهذا مع القدرة على خلعه فإن لم يقدر عليه إلا بفتنة وحرب فاتفقوا على منع القيام عليه وأن الصبر على جوره أولى من استبدال الأمن بالخوف وإراقة الدماء وانطلاق أيدي السفهاء والفساق في الأرض وهذا حكم كل ولاية في قول علماء السنة وما نقل عن
أبي حنيفة من جواز كون الفاسق خليفة وعدم جواز كونه قاضيا قال
أبو بكر الرازي الجصاص هو خطأ في النقل .
وقرأ الجمهور من العشرة عهدي بفتح ياء المتكلم وهو وجه من الوجوه في ياء المتكلم وقرأه
حمزة وحفص بإسكان الياء .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124nindex.php?page=treesubj&link=28973_28914وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِيَ الظَّالِمِينَ
لَمَّا كَمُلَتِ الْحُجَجُ نُهُوضًا عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=29434_32424_32423_32431_30554_30549أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ وَمُشْرِكِي الْعَرَبِ فِي عَمِيقِ ضَلَالِهِمْ بِإِعْرَاضِهِمْ عَنِ الْإِسْلَامِ ، وَتَبْيِنِ سُوءِ نَوَايَاهُمُ الَّتِي حَالَتْ دُونَ الِاهْتِدَاءِ بِهَدْيِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِفَضْلِهِ ، وَسَجَّلَ ذَلِكَ عَلَى زُعَمَاءِ الْمُعَانِدِينَ أَعْنِي
الْيَهُودَ ابْتِدَاءً بِقَوْلِهِ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مَرَّتَيْنِ ، وَأَدْمَجَ مَعَهُمُ
النَّصَارَى اسْتِطْرَادًا مَقْصُودًا ، ثُمَّ أُنْصِفَ الْمُنْصِفُونَ مِنْهُمُ الَّذِينَ يَتْلُونَ الْكِتَابَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ، انْتَقَلَ إِلَى تَوْجِيهِ التَّوْبِيخِ وَالتَّذْكِيرِ إِلَى الْعَرَبِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ أَفْضَلُ ذُرِّيَّةِ
إِبْرَاهِيمَ وَأَنَّهُمْ يَتَعَلَّقُونَ بِمِلَّتِهِ ، وَأَنَّهُمْ زَرْعُ
إِسْمَاعِيلَ وَسَدَنَةُ
الْبَيْتِ الَّذِي بَنَاهُ ، وَكَانُوا قَدْ وُخِزُوا بِجَانِبٍ مِنَ التَّعْرِيضِ فِي خِلَالِ الْمُحَاوَرَاتِ الَّتِي جَرَتْ مَعَ
أَهْلِ الْكِتَابِ لِلصِّفَةِ الَّتِي جَمَعَتْهُمْ وَإِيَّاهُمْ مِنْ حَسَدِ النَّبِيءِ وَالْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِمْ مِنْ خَيْرٍ ، وَمِنْ قَوْلِهِمْ : لَيْسَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى شَيْءٍ ، وَمِنْ قَوْلِهِمُ : اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ، وَمِنْ قَوْلِهِمْ : لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ .
فَلَمَّا أَخَذَ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى حَظَّهُمْ مِنَ الْإِنْذَارِ وَالْمَوْعِظَةِ كَامِلًا فِيمَا اخْتَصُّوا بِهِ ، وَأَخَذُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ حَظَّهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا اشْتَرَكُوا فِيهِ تَهَيَّأَ الْمَقَامُ لِلتَّوَجُّهِ إِلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ لِإِعْطَائِهِمْ حَظَّهُمْ مِنَ الْمَوْعِظَةِ كَامِلًا فِيمَا
[ ص: 700 ] اخْتَصُّوا بِهِ ، فَمُنَاسَبَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=31851ذِكْرِ فَضَائِلِ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْزِلَتِهِ عِنْدَ رَبِّهِ وَدَعْوَتِهِ لِعَقِبِهِ عَقِبَ ذِكْرِ أَحْوَالِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، هِيَ الِاتِّحَادُ فِي الْمَقْصِدِ ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ تَذْكِيرِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالنِّعَمِ ، وَالتَّخْوِيفِ ، تَحْرِيضُهُمْ عَلَى الْإِنْصَافِ فِي تَلَقِّي الدَّعْوَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَالتَّجَرُّدِ مِنَ الْمُكَابَرَةِ وَالْحَسَدِ وَتَرْكِ الْحُظُوظِ الدُّنْيَوِيَّةِ لِنَيْلِ السَّعَادَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ .
وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِ قِصَّةِ
إِبْرَاهِيمَ مَوْعِظَةُ الْمُشْرِكِينَ ابْتِدَاءً
وَبَنِي إِسْرَائِيلَ تَبَعًا لَهُ ، لِأَنَّ الْعَرَبَ أَشَدُّ اخْتِصَاصًا
بِإِبْرَاهِيمَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمْ يَزِيدُونَ عَلَى نَسَبِهِمْ إِلَيْهِ بِكَوْنِهِمْ حَفَظَةَ حَرَمِهِ ، وَمُنْتَمِينَ قَدِيمًا لِلْحَنِيفِيَّةِ وَلَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِمْ دِينٌ يُخَالِفُ الْحَنِيفِيَّةَ بِخِلَافِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ . فَحَقِيقٌ أَنْ نَجْعَلَ قَوْلَهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124وَإِذِ ابْتَلَى " عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ افْتِتَاحُهُ بِإِذْ عَلَى نَحْوِ افْتِتَاحِ ذِكْرِ خَلْقِ آدَمَ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فَإِنَّ الْأَوَّلَ تَذْكِيرٌ بِنِعْمَةِ الْخَلْقِ الْأَوَّلِ وَقَدْ وَقَعَ عَقِبَ التَّعَجُّبِ مِنْ كُفْرِ الْمُشْرِكِينَ بِالْخَالِقِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=28كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ عُقِّبَتْ تِلْكَ التَّذْكِرَةُ بِإِنْذَارِ مَنْ يَكْفُرُ بِآيَاتِ اللَّهِ مِنْ ذُرِّيَّةِ
آدَمَ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى الْآيَةَ ، ثُمَّ خُصَّ مِنْ بَيْنِ ذُرِّيَّةِ
آدَمَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ عُهِدَ إِلَيْهِمْ عَلَى لِسَانِ
مُوسَى عَهْدُ الْإِيمَانِ وَتَصْدِيقُ الرَّسُولِ الَّذِي يَجِيءُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ ، لِأَنَّهُمْ صَارُوا بِمَنْزِلَةِ الشُّهَدَاءِ عَلَى ذُرِّيَّةِ
آدَمَ .
فَتَهَيَّأَ الْمَقَامُ لِتَذْكِيرِ الْفَرِيقَيْنِ بِأَبِيهِمُ الْأَقْرَبِ وَهُوَ
إِبْرَاهِيمُ أَيُّ وَجْهٍ يَكُونُ الْمَقْصُودُ بِالْخِطَابِ فِيهِ ابْتِدَاءً الْعَرَبَ ، وَيَضُمُّ الْفَرِيقَ الْآخَرَ مَعَهُمْ فِي قَرَنٍ ، وَلِذَلِكَ كَانَ مُعْظَمُ الثَّنَاءِ عَلَى
إِبْرَاهِيمَ بِذِكْرِ بِنَاءِ
الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَمَا تَبِعَهُ إِلَى أَنْ ذُكِرَتِ الْقِبْلَةُ وَسَطَ ذَلِكَ ، ثُمَّ طَوَى بِالِانْتِقَالِ إِلَى ذِكْرِ سَلَفِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ لِيُفْضِيَ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=135وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا فَيَرْجِعُ إِلَى تَفْضِيلِ الْحَنِيفِيَّةِ وَالْإِعْلَامِ بِأَنَّهَا أَصْلُ الْإِسْلَامِ وَأَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَيْسُوا فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَكَذَلِكَ
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى . وَقَدِ افْتَتَحَ ذِكْرَ هَذَيْنِ الطَّوْرَيْنِ بِفَضْلِ
nindex.php?page=treesubj&link=31851_31807ذِكْرِ فَضْلِ الْأَبَوَيْنِ آدَمَ وَإِبْرَاهِيمَ ، فَجَاءَ الْخَبَرَانِ عَلَى أُسْلُوبٍ وَاحِدٍ عَلَى أَبْدَعِ وَجْهٍ وَأَحْكَمِ نَظْمٍ . فَتَعَيَّنَ أَنَّ تَقْدِيرَ الْكَلَامِ وَاذْكُرْ إِذِ ابْتَلَى
إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ .
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124وَإِذِ ابْتَلَى " عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ " نِعْمَتِي " أَيِ اذْكُرُوا نِعْمَتِي وَابْتِلَائِي
[ ص: 701 ] إِبْرَاهِيمَ ، وَيَلْزَمُهُ تَخْصِيصُ هَاتِهِ الْمَوْعِظَةِ
بِبَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَتَخَلَّلَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=123وَاتَّقُوا يَوْمًا " بَيْنَ الْمَعْطُوفَيْنِ وَذَلِكَ يُضَيِّقُ شُمُولَ الْآيَةِ ، وَقَدْ أُدْمِجَ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124وَمِنْ ذُرِّيَّتِي " وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124لَا يَنَالُ عَهْدِيَ الظَّالِمِينَ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ مَقْصِدٌ آخَرُ وَهُوَ تَمْهِيدُ الِانْتِقَالِ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=31577_31854فَضَائِلِ الْبَلَدِ الْحَرَامِ وَالْبَيْتِ الْحَرَامِ ، لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَى الَّذِينَ عَجِبُوا مِنْ نَسْخِ اسْتِقْبَالِ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَتَذَرَّعُوا بِذَلِكَ إِلَى الطَّعْنِ فِي الْإِسْلَامِ بِوُقُوعِ النَّسْخِ فِيهِ ، وَإِلَى تَنْفِيرِ عَامَّةِ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنِ اتِّبَاعِهِ لِأَنَّهُ غَيَّرَ قِبْلَتَهُمْ لِيُظْهِرَ لَهُمْ أَنَّ
الْكَعْبَةَ هِيَ أَجْدَرُ بِالِاسْتِقْبَالِ وَأَنَّ اللَّهَ اسْتَبْقَاهَا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ تَنْبِيهًا عَلَى مَزِيَّةِ هَذَا الدِّينِ . وَالِابْتِلَاءُ افْتِعَالٌ مِنَ الْبَلَاءِ ، وَصِيغَةُ الِافْتِعَالِ هُنَا لِلْمُبَالَغَةِ ، وَالْبَلَاءُ الِاخْتِبَارُ وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ وَهُوَ مَجَازٌ مَشْهُورٌ فِيهِ لِأَنَّ الَّذِي يُكَلِّفُ غَيْرَهُ بِشَيْءٍ يَكُونُ تَكْلِيفُهُ مُتَضَمِّنًا انْتِظَارَ فِعْلِهِ أَوْ تَرْكِهِ فَيَلْزَمُهُ الِاخْتِبَارُ فَهُوَ مَجَازٌ عَلَى مَجَازٍ ، وَالْمُرَادُ هُنَا التَّكْلِيفُ لِأَنَّ اللَّهَ كَلَّفَهُ بِأَوَامِرَ وَنَوَاهٍ إِمَّا مِنَ الْفَضَائِلِ وَالْآدَابِ وَإِمَّا مِنَ الْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ الْخَاصَّةِ بِهِ ، وَلَيْسَ فِي إِسْنَادِ الِابْتِلَاءِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِشْكَالٌ بَعْدَ أَنْ عَرَفْتَ أَنَّهُ مَجَازٌ فِي التَّكْلِيفِ ، وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَهُ اسْتِعَارَةً تَمْثِيلِيَّةً ، وَكَيْفَمَا كَانَ فَطَرِيقُ التَّكْلِيفِ وَحْيٌ لَا مَحَالَةَ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِنُبُوءَةٍ لِتَتَهَيَّأَ نَفْسُهُ لِتَلَقِّي الشَّرِيعَةِ فَلَمَّا امْتَثَلَ مَا أُمِرَ بِهِ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِالرِّسَالَةِ وَهِيَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا فَتَكُونُ جُمْلَةُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا " بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ جُمْلَةِ " وَإِذِ ابْتَلَى " وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِابْتِلَاءُ هُوَ الْوَحْيُ بِالرِّسَالَةِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا تَفْسِيرًا لِابْتَلَى .
وَالْإِمَامُ الرَّسُولُ وَالْقُدْوَةُ .
nindex.php?page=treesubj&link=31860_31851وَإِبْرَاهِيمُ اسْمُ الرَّسُولِ الْعَظِيمِ الْمُلَقَّبِ بِالْخَلِيلِ وَهُوَ
إِبْرَاهِيمُ بْنُ تَارَحَ وَتُسَمِّي الْعَرَبُ تَارَحَ آزَرَ بْنَ نَاحُورَ بْنِ سُرُوجِ ، بْنِ رَعْوِ ، بْنِ فَالِحَ ، بْنِ عَابِرَ بْنِ شَالِحَ بْنِ أَرْفِكْشَادَ ، بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ هَكَذَا تَقُولُ التَّوْرَاةُ ، وَمَعْنَى
إِبْرَاهِيمَ فِي لُغَةِ الْكَلْدَانِيِّينَ : أَبٌ رَحِيمٌ أَوْ أَبٌ رَاحِمٌ قَالَهُ
السُّهَيْلِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28965وَفِي التَّوْرَاةِ أَنَّ اسْمَ إِبْرَاهِيمَ إِبْرَامُ وَأَنَّ اللَّهَ لَمَّا أَوْحَى إِلَيْهِ وَكَلَّمَهُ أَمَرَهُ أَنْ يُسَمَّى إِبْرَاهِيمَ لِأَنَّهُ يَجْعَلُهُ أَبَا لِجُمْهُورٍ مِنَ الْأُمَمِ ، فَمَعْنَى
إِبْرَاهِيمَ عَلَى هَذَا أَبُو أُمَمٍ كَثِيرَةٍ . وُلِدَ فِي أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ سَنَةَ 1996 سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ وَأَلْفٍ قَبْلَ مِيلَادِ الْمَسِيحِ ، ثُمَّ انْتَقَلَ بِهِ وَالِدُهُ إِلَى
أَرْضِ كَنْعَانَ وَهِيَ أَرْضُ الْفِنِيقِيِّينَ فَأَقَامُوا
بِحَارَانَ ( هِيَ
حَوْرَانُ ) [ ص: 702 ] ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا لِقَحْطٍ أَصَابَ
حَارَانَ فَدَخَلَ
مِصْرَ وَزَوْجُهُ
سَارَّةُ وَهُنَالِكَ رَامَ مَلِكُ
مِصْرَ افْتِكَاكَ
سَارَّةَ فَرَأَى آيَةً صَرَفَتْهُ عَنْ مَرَامِهِ فَأَكْرَمَهَا وَأَهْدَاهَا جَارِيَةً مِصْرِيَّةً اسْمُهَا
هَاجَرُ وَهِيَ
أُمُّ وَلَدِهِ إِسْمَاعِيلَ ، وَسَمَّاهُ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ
إِبْرَاهِيمَ ، وَأَسْكَنَ ابْنَهُ
إِسْمَاعِيلَ وَأُمَّهُ
هَاجَرَ بِوَادِي مَكَّةَ ثُمَّ لَمَّا شَبَّ
إِسْمَاعِيلُ بَنَى
إِبْرَاهِيمُ الْبَيْتَ الْحَرَامَ هُنَالِكَ .
وَتُوُفِّيَ
إِبْرَاهِيمُ سَنَةَ 1773 ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ وَأَلْفٍ قَبْلَ مِيلَادِ
الْمَسِيحِ ، وَفِي اسْمِهِ لُغَاتٌ لِلْعَرَبِ : إِحْدَاهَا
إِبْرَاهِيمُ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ وَقَرَأَ بِهَا الْجُمْهُورُ ، وَالثَّانِيَةُ : إِبْرَاهَامُ وَقَعَتْ فِي قِرَاءَةِ
هِشَامٍ عَنِ
ابْنِ عَامِرٍ حَيْثُمَا وَقَعَ اسْمُ
إِبْرَاهِيمَ ، الثَّالِثَةُ : إِبْرَاهِمُ وَقَعَتْ فِي رَجَزٍ
لِزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ :
عُذْتُ بِمَا عَاذَ بِهِ إِبْرَاهِمْ مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةِ وَهُوَ قَائِمْ
وَذَكَرَ
أَبُو شَامَةَ فِي شَرْحِ حِرْزِ الْأَمَانِيِّ عَنِ الْفَرَّاءِ فِي
إِبْرَاهِيمَ سِتَّ لُغَاتٍ : إِبْرَاهِيمُ ، إِبْرَاهَامُ ، إِبْرَاهُومُ ، إِبْرَاهِمُ ، بِكَسْرِ الْهَاءِ ، إِبْرَاهَمُ بِفَتْحِ الْهَاءِ ، إِبْرَاهُمُ بِضَمِّ الْهَاءِ . وَلَمْ يَقْرَأْ جُمْهُورُ الْقُرَّاءِ الْعَشَرَةِ إِلَّا بِالْأُولَى ، وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ بِالثَّانِيَةِ فِي ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا سَيَقَعُ التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا فِي مَوَاضِعِهَا ، وَمَعَ اخْتِلَافِ هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ فَهُوَ لَمْ يُكْتَبْ فِي مُعْظَمِ الْمَصَاحِفِ الْأَصْلِيَّةِ إِلَّا
إِبْرَاهِيمُ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12111أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ لَمْ أَجِدْ فِي مَصَاحِفِ
الْعِرَاقِ وَالشَّامِ مَكْتُوبًا
إِبْرَاهَمَ بِمِيمٍ بَعْدَ الْهَاءِ وَلَمْ يُكْتَبْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَصَاحِفِ إِبْرَاهَامُ بِالْأَلْفِ بَعْدِ الْهَاءِ عَلَى وَفْقِ قِرَاءَةِ
هِشَامٍ ، قَالَ
أَبُو زُرْعَةَ سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=11863عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ذَكْوَانَ قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا خُلَيْدٍ الْقَارِئَ يَقُولُ فِي الْقُرْآنِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ مَوْضِعًا إِبْرَاهَامُ قَالَ
أَبُو خُلَيْدٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فَقَالَ عِنْدَنَا مُصْحَفٌ قَدِيمٌ فَنَظَرَ فِيهِ ثُمَّ أَعْلَمَنِي أَنَّهُ وَجَدَهَا فِيهِ كَذَلِكَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13579أَبُو بَكْرِ بْنُ مِهْرَانَ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ إِنَّ أَهْلَ
دِمَشْقَ يَقْرَءُونَ إِبْرَاهَامَ وَيَدَّعُونَ أَنَّهَا قِرَاءَةُ
عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ
مَالِكٌ هَا مُصْحَفُ
عُثْمَانَ عِنْدِي ثُمَّ دَعَا بِهِ فَإِذَا فِيهِ كَمَا قَرَأَ أَهْلُ
دِمَشْقَ .
وَتَقْدِيمُ الْمَفْعُولِ وَهُوَ لَفْظُ
إِبْرَاهِيمُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَشْرِيفُ
إِبْرَاهِيمَ بِإِضَافَةِ اسْمِ رَبٍّ إِلَى اسْمِهِ مَعَ مُرَاعَاةِ الْإِيجَازِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ وَإِذِ ابْتَلَى اللَّهُ
إِبْرَاهِيمَ .
[ ص: 703 ] وَالْكَلِمَاتُ الْكَلَامُ الَّذِي أَوْحَى اللَّهُ بِهِ إِلَى
إِبْرَاهِيمَ إِذِ الْكَلِمَةُ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْجُمَلُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَأَجْمَلَهَا هُنَا إِذْ لَيْسَ الْغَرَضُ تَفْصِيلَ شَرِيعَةِ
إِبْرَاهِيمَ وَلَا بَسْطَ الْقِصَّةِ وَالْحِكَايَةِ وَإِنَّمَا الْغَرَضُ
nindex.php?page=treesubj&link=31851بَيَانُ فَضْلِ إِبْرَاهِيمَ بِبَيَانِ ظُهُورِ عَزْمِهِ وَامْتِثَالِهِ لِتَكَالِيفٍ فَأَتَى بِهَا كَامِلَةً فَجُوزِيَ بِعَظِيمِ الْجَزَاءِ ، وَهَذِهِ عَادَةُ الْقُرْآنِ فِي إِجْمَالِ مَا لَيْسَ بِمَحَلِّ الْحَاجَةِ ، وَلَعَلَّ جَمْعَ الْكَلِمَاتِ جَمْعُ السَّلَامَةِ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا أُصُولُ الْحَنِيفِيَّةِ وَهِيَ قَلِيلَةُ الْعَدَدِ كَثِيرَةُ الْكُلْفَةِ ، فَلَعَلَّ مِنْهَا الْأَمْرَ بِذَبْحِ وَلَدِهِ ، وَأَمَرَهُ بِالِاخْتِتَانِ ، وَبِالْمُهَاجَرَةِ بِهَاجَرَ إِلَى شَقَّةٍ بَعِيدَةٍ ، وَأَعْظَمُ ذَلِكَ أَمْرُهُ بِذَبْحِ وَلَدِهِ
إِسْمَاعِيلَ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ إِلَيْهِ فِي الرُّؤْيَا ، وَقَدْ سُمِّيَ ذَلِكَ بَلَاءٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=106إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ وَقَوْلُهُ " فَأَتَمَهُنَّ " جِيءَ فِيهِ بِالْفَاءِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْفَوْرِ فِي الِامْتِثَالِ وَذَلِكَ مِنْ شِدَّةِ الْعَزْمِ ، وَالْإِتْمَامُ فِي الْأَصْلِ الْإِتْيَانُ بِنِهَايَةِ الْفِعْلِ أَوْ إِكْمَالُ آخِرِ أَجْزَاءِ الْمَصْنُوعِ .
وَتَعْدِيَةُ فِعْلِ أَتَمَّ إِلَى ضَمِيرِ كَلِمَاتٍ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ ، وَهُوَ مِنْ تَعْلِيقِ الْفِعْلِ بِحَاوِي الْمَفْعُولِ لِأَنَّهُ كَالْمَكَانِ لَهُ وَفِي مَعْنَى الْإِتْمَامِ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=37وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=105قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا فَالْإِفْعَالُ هُنَا بِمَعْنَى إِيقَاعِ الْفِعْلِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَتَمِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْهَمْزِ التَّصْيِيرَ أَيْ صَيَّرَهَا تَامَّةً بَعْدَ أَنْ كَانَتْ نَاقِصَةً إِذْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ فَعَلَ بَعْضَهَا ثُمَّ أَتَى بِالْبَعْضِ الْآخَرِ ، فَدَلَّ قَوْلُهُ " فَأَتْمَهُنَّ " مَعَ إِيجَازِهِ عَلَى الِامْتِثَالِ وَإِتْقَانِهِ وَالْفَوْرِ فِيهِ . وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ هِيَ الْمَقْصُودُ مِنْ جُزْءِ الْقِصَّةِ فَيَكُونُ عَطْفُهَا لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ ابْتُلَى فَامْتَثَلَ كَقَوْلِكَ دَعَوْتُ فُلَانًا فَأَجَابَ . وَجُمْلَةُ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا نَاشِئًا عَمَّا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ مِنْ تَعْظِيمِ الْخَبَرِ وَالتَّنْوِيهِ بِهِ ، لِمَا يَقْتَضِيه ظَرْفُ إِذْ مِنَ الْإِشَارَةِ إِلَى قِصَّةٍ مِنَ الْأَخْبَارِ التَّارِيخِيَّةِ الْعَظِيمَةِ فَيَتَرَقَّبُ السَّامِعُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى اقْتِصَاصِهَا ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَصْلُ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُقَاوَلَةِ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مُجَاوَبَةٌ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ابْتَلَى وَالْإِمَامُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْأَمِّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ الْقَصْدُ وَهُوَ وَزْنُ فَعَّالٍ مِنْ صِيَغِ الْآلَةِ سَمَاعًا كَالْعِمَادِ وَالنِّقَابِ وَالْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ ، فَأَصْلُهُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْأَمُّ أَيِ الْقَصْدُ وَلَمَّا كَانَ الدَّالُّ عَلَى الطَّرِيقِ يَقْتَدِي بِهِ السَّايِرُ دَلَّ الْإِمَامُ عَلَى الْقُدْوَةِ وَالْهَادِي .
وَالْمُرَادُ بِالْإِمَامِ هُنَا الرَّسُولُ فَإِنَّ الرِّسَالَةَ أَكْمَلُ أَنْوَاعِ الْإِمَامَةِ وَالرَّسُولُ أَكْمَلُ أَفْرَادِ هَذَا النَّوْعِ . وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنِ التَّعْيِينِ بِرَسُولًا إِلَى إِمَامًا لِيَكُونَ ذَلِكَ دَالًّا عَلَى أَنَّ رِسَالَتَهُ تَنْفَعُ
[ ص: 704 ] الْأُمَّةَ الْمُرْسَلَ إِلَيْهَا بِطَرِيقِ التَّبْلِيغِ ، وَتَنْفَعُ غَيْرَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ بِطَرِيقِ الِاقْتِدَاءِ ، فَإِنَّ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَحَلَ إِلَى آفَاقٍ كَثِيرَةٍ فَتَنَقَّلَ مِنْ بِلَادِ
الْكَلْدَانِ إِلَى
الْعِرَاقِ وَإِلَى
الشَّامِ وَالْحِجَازِ وَمِصْرَ ، وَكَانَ فِي جَمِيعِ مَنَازِلِهِ مَحَلَّ التَّبْجِيلِ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّبْجِيلَ يَبْعَثُ عَلَى الِاقْتِدَاءِ ، وَقَدْ قِيلَ إِنَّ دِينَ بَرْهَمَا الْمُتَّبَعَ فِي
الْهِنْدِ أَصْلُهُ مَنْسُوبٌ إِلَى اسْمِ
إِبْرَاهَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ تَحْرِيفٍ أُدْخِلَ عَلَى ذَلِكَ الدِّينِ كَمَا أُدْخِلَ التَّحْرِيفُ عَلَى الْحَنِيفِيَّةِ ، وَلِيَتَأَتَّى الْإِيجَازُ فِي حِكَايَةِ قَوْلِ
إِبْرَاهِيمَ الْآتِي " وَمِنْ ذُرِّيَّتِي " فَيَكُونُ قَدْ سَأَلَ أَنْ يَكُونَ فِي ذُرِّيَّتِهِ الْإِمَامَةُ بِأَنْوَاعِهَا مِنْ رِسَالَةٍ وَمُلْكٍ وَقُدْوَةٍ عَلَى حَسَبِ التَّهَيُّؤِ فِيهِمْ ، وَأَقَلُّ أَنْوَاعِ الْإِمَامَةِ كَوْنُ الرَّجُلِ الْكَامِلِ قُدْوَةً لِبَنِيهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَتَلَامِيذِهِ .
وَقَوْلُهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي " جَوَابٌ صَدَرَ مِنْ
إِبْرَاهِيمَ فَلِذَا حُكِيَ بِقَالَ دُونَ عَاطِفٍ عَلَى طَرِيقِ حِكَايَةِ الْمُحَاوَرَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَالْمَقُولُ مَعْطُوفٌ عَلَى خِطَابِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ يُسَمُّونَهُ عَطْفَ التَّلْقِينِ وَهُوَ عَطْفُ الْمُخَاطَبِ كَلَامًا عَلَى مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِ تَنْزِيلًا لِنَفْسِهِ فِي مَنْزِلَةِ الْمُتَكَلِّمِ يُكْمِلُ لَهُ شَيْئًا تَرَكَهُ الْمُتَكَلِّمُ إِمَّا عَنْ غَفْلَةٍ وَإِمَّا عَنِ اقْتِصَارٍ فَيُلَقِّنُهُ السَّامِعُ تَدَارُكَهُ بِحَيْثُ يَلْتَئِمُ مِنَ الْكَلَامَيْنِ كَلَامٌ تَامٌّ فِي اعْتِقَادِ الْمُخَاطَبِ .
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341154قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=97جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بَايَعْتُ النَّبِيءَ عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَخْ فَشَرَطَ عَلَيَّ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
ابْنِ الزُّبَيْرِ لِلَّذِي سَأَلَهُ فَلَمْ يُعْطِهِ فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ نَاقَةً حَمَلَتْنِي إِلَيْكَ فَقَالَ
ابْنُ الزُّبَيْرِ " إِنَّ وَرَاكِبَهَا ، وَقَدْ لَقَّبُوهُ عَطْفَ التَّلْقِينِ كَمَا فِي شَرْحِ
التَّفْتَزَانِيِّ عَلَى الْكَشَّافِ وَذَلِكَ لِأَنَّ أَكْثَرَ وُقُوعِ مِثْلِهِ فِي مَوْقِعِ الْعَطْفِ ، وَالْأَوْلَى أَنْ تُحْذَفَ كَلِمَةُ عَطْفَ وَنُسَمِّي هَذَا الصِّنْفَ مِنَ الْكَلَامِ بِاسْمِ التَّلْقِينِ وَهُوَ تَلْقِينُ السَّامِعِ الْمُتَكَلِّمِ مَا يَرَاهُ حَقِيقًا بِأَنْ يُلْحِقَهُ بِكَلَامِهِ ، فَقَدْ يَكُونُ بِطَرِيقَةِ الْعَطْفِ وَهُوَ الْغَالِبُ كَمَا هُنَا ، وَقَدْ يَكُونُ بِطَرِيقَةِ الِاسْتِفْهَامِ الِانْكَارِيِّ وَالْحَالِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=170قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا فَإِنَّ الْوَاوَ مَعَ لَوِ الْوَصْلِيَّةِ وَاوُ الْحَالِ وَلَيْسَ وَاوَ الْعَطْفِ فَهُوَ إِنْكَارٌ عَلَى إِلْحَاقِهِمُ الْمُسْتَفْهَمَ عَنْهُ بِقَوْلِهِمْ وَدَعْوَاهُمْ ، وَقَدْ يَكُونُ بِطَرِيقَةِ الِاسْتِثْنَاءِ كَقَوْلِ
الْعَبَّاسِ nindex.php?page=hadith&LINKID=2002137لَمَّا قَالَ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَرَمِ مَكَّةَ " لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ " فَقَالَ الْعَبَّاسُ إِلَّا الْإِذْخِرَ لِبُيُوتِنَا وَقَيْنِنَا ، وَلِلْكَلَامِ الْمَعْطُوفِ عَطْفَ التَّلْقِينِ مِنَ الْحُكْمِ حُكْمُ
[ ص: 705 ] الْكَلَامِ الْمَعْطُوفِ هُوَ عَلَيْهِ خَبَرًا وَطَلَبًا ، فَإِذَا كَانَ كَمَا هُنَا عَلَى طَرِيقِ الْعَرْضِ عُلِمَ إِمْضَاءُ الْمُتَكَلِّمِ لَهُ إِيَّاهُ ، بِإِقْرَارِهِ كَمَا فِي الْآيَةِ أَوِ التَّصْرِيحِ بِهِ كَمَا وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ إِلَّا الْإِذْخِرَ ، ثُمَّ هُوَ فِي الْإِنْشَاءِ إِذَا عُطِفَ مَعْمُولُ الْإِنْشَاءِ يَتَضَمَّنُ أَنَّ الْمَعْطُوفَ لَهُ حُكْمُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ ، وَلَمَّا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ بِالْعَطْفِ فِي الْإِنْشَاءِ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِالْإِنْشَاءِ لَزِمَ تَأْوِيلُ عَطْفِ التَّلْقِينِ فِيهِ بِأَنَّهُ عَلَى إِرَادَةِ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولٍ لَازِمِ الْإِنْشَاءِ فَفِي الْأَمْرِ إِذَا عَطَفَ الْمَأْمُورُ مَفْعُولًا عَلَى مَفْعُولِ الْآمِرِ كَانَ الْمَعْنَى زِدْنِي مِنَ الْأَمْرِ فَأَنَا بِصَدَدِ الِامْتِثَالِ وَكَذَا فِي الْمَنْهِيِّ . وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَقَامُ أَيْ وَبَعْضٌ مِنْ ذُرِّيَّتِي أَوْ وَجَاعِلُ بَعْضٍ مِنْ ذُرِّيَّتِي .
وَالذُّرِّيَّةُ نَسْلُ الرَّجُلِ وَمَا تَوَالَدَ مِنْهُ وَمِنْ أَبْنَائِهِ وَبَنَاتِهِ ، وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ إِمَّا مِنَ الذَّرِّ اسْمًا وَهُوَ صِغَارُ النَّمْلِ ، وَإِمَّا مِنَ الذَّرِّ مَصْدَرًا بِمَعْنَى التَّفْرِيقِ ، وَإِمَّا مِنَ الذُّرَى وَالذَّرْوِ بِالْيَاءِ وَالْوَاوِ وَهُوَ مَصْدَرُ ذَرَتِ الرِّيحُ إِذَا سَفَتْ ، وَإِمَّا مِنَ الذَّرْءِ بِالْهَمْزِ وَهُوَ الْخَلْقُ ، فَوَزْنُهَا إِمَّا فُعْلِيَّةُ بِوَزْنِ النَّسَبِ إِلَى ذَرٍّ وَضَمِّ الذَّالِ فِي النَّسَبِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كَمَا قَالُوا فِي النَّسَبِ إِلَى دَهْرٍ دُهْرِيٍّ بِضَمِّ الدَّالِّ ، وَإِمَّا فُعِّيلَةٌ أَوْ فُعُّولَةٌ مِنَ الذُّرَى أَوِ الذَّرْوِ أَوِ الذَّرْءِ بِإِدْغَامِ الْيَائَيْنِ أَوِ الْيَاءِ مَعَ الْوَاوِ أَوِ الْيَاءِ مَعَ الْهَمْزَةِ بَعْدَ قَلْبِهَا يَاءً وَكُلُّ هَذَا تَصْرِيفٌ لِاشْتِقَاقِ الْوَاضِعِ فَلَيْسَ قِيَاسَ التَّصْرِيفِ .
وَإِنَّمَا قَالَ
إِبْرَاهِيمُ " وَمِنْ ذُرِّيَّتِي " وَلَمْ يَقُلْ وَذُرِّيَّتِي لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ حِكْمَةَ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ لَمْ تَجْرِ بِأَنْ يَكُونَ جَمِيعَ نَسْلِ أَحَدٍ مِمَّنْ يَصْلُحُونَ لِأَنْ يُقْتَدَى بِهِمْ فَلَمْ يَسْأَلْ مَا هُوَ مُسْتَحِيلٌ عَادَةً لِأَنَّ سُؤَالَ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ .
وَإِنَّمَا سَأَلَ لِذَرِّيَّتِهِ وَلَمْ يَقْصُرِ السُّؤَالَ عَلَى عَقِبِهِ كَمَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ فِي عَصَبِيَّةِ الْقَائِلِ لِأَبْنَاءِ دِينِهِ عَلَى الْفِطْرَةِ الَّتِي لَا تَقْتَضِي تَفَاوُتًا فَيَرَى أَبْنَاءَ الِابْنِ وَأَبْنَاءَ الْبِنْتِ فِي الْقُرْبِ مِنَ الْجِدِّ بَلْ هُمَا سَوَاءٌ فِي حُكْمِ الْقَرَابَةِ ، وَأَمَّا مَبْنَى الْقَبَلِيَّةِ فَعَلَى اعْتِبَارَاتٍ عُرْفِيَّةٍ تَرْجِعُ إِلَى النُّصْرَةِ وَالِاعْتِزَازِ فَأَمَّا قَوْلُ :
بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا وَبَنَاتُنَا بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الْأَبَاعِدِ
فَوَهْمٌ جَاهِلِيٌّ ، وَإِلَّا فَإِنَّ بَنِي الْأَبْنَاءِ أَيْضًا بَنُوهُمْ أَبْنَاءُ النِّسَاءِ الْأَبَاعِدِ ، وَهَلْ يَتَكَوَّنُ نَسْلٌ إِلَّا مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ . وَكَذَا قَوْلُ . . . .
[ ص: 706 ] وَإِنَّمَا أُمَّهَاتُ النَّاسِ أَوْعِيَةٌ فِيهَا خُلِقْنَ وَلِلْأَبْنَاءِ أَبْنَاءُ
فَذَلِكَ سَفْسَطَةٌ . وَقَدْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341155nindex.php?page=treesubj&link=18006_18004قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذِي سَأَلَهُ عَنِ الْأَحَقِّ بِالْبَرِّ مِنْ أَبَوَيْهِ " أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أَبُوكَ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَقَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124لَا يَنَالُ عَهْدِيَ الظَّالِمِينَ اسْتِجَابَةٌ مَطْوِيَّةٌ بِإِيجَازٍ وَبَيَانٍ لِلْفَرِيقِ الَّذِي تَتَحَقَّقُ فِيهِ دَعْوَةُ
إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِي لَا تَتَحَقَّقُ فِيهِ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا لِأَنَّ حُكْمَ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ يَثْبُتُ نَقِيضُهُ لِلْآخَرِ عَلَى طَرِيقَةِ الْإِيجَازِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يُذْكَرِ الصِّنْفُ الَّذِي تَحَقَّقَ فِيهِ الدَّعْوَةُ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ ذِكْرُ الصِّنْفِ الْآخَرِ تَعْرِيضًا بِأَنَّ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ يَوْمَئِذٍ أَنَّهُمْ أَوْلَى النَّاسِ
بِإِبْرَاهِيمَ وَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ وَمُشْرِكُو الْعَرَبِ هُمُ الَّذِينَ يُحْرَمُونَ مَنْ دَعْوَتِه ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=67مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=68إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَلِأَنَّ الْمُرَبِّي يَقْصِدُ
nindex.php?page=treesubj&link=28850التَّحْذِيرَ مِنَ الْمَفَاسِدِ قَبْلَ الْحَثِّ عَلَى الْمَصَالِحِ ، فَبَيَانُ الَّذِينَ لَا تَتَحَقَّقُ فِيهِمُ الدَّعْوَةُ أَوْلَى مِنْ بَيَانِ الْآخَرِينَ .
وَ " يَنَالُ " مُضَارِعُ نَالَ نَيْلًا بِالْيَاءِ إِذَا أَصَابَ شَيْئًا وَالْتَحَقَ بِهِ أَيْ لَا يُصِيبُ عَهْدِيَ الظَّالِمِينَ أَيْ لَا يَشْمَلُهُمْ ، فَالْعَهْدُ هُنَا بِمَعْنَى الْوَعْدِ الْمُؤَكَّدِ .
وَسُمِّيَ وَعْدُ اللَّهِ عَهْدًا لِأَنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ وَعْدَهُ كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ فَصَارَ وَعْدُهُ عَهْدًا وَلِذَلِكَ سَمَّاهُ النَّبِيءُ عَهْدًا فِي قَوْلِهِ أَنْشُدُكَ عَهْدُكُ وَوَعْدُكُ ، أَيْ لَا يَنَالُ وَعْدِي بِإِجَابَةِ دَعَوْتِكَ الظَّالِمِينَ مِنْهُمْ ، وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُفَسَّرَ الْعَهْدُ هُنَا بِغَيْرِ هَذَا وَإِنْ كَانَ فِي مَوَاقِعَ مِنَ الْقُرْآنِ أُرِيدَ بِهِ غَيْرُهُ ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ الْعَهْدِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ .
وَمِنْ دِقَّةِ الْقُرْآنِ اخْتِيَارُ هَذَا اللَّفْظِ هُنَا لِأَنَّ
الْيَهُودَ زَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَهِدَ
لِإِبْرَاهِيمَ عَهْدًا بِأَنَّهُ مَعَ ذُرِّيَّتِهِ فَفِي ذِكْرِ لَفْظِ الْعَهْدِ تَعْرِيضٌ بِهِمْ وَإِنْ كَانَ صَرِيحَ الْكَلَامِ لِتَوْبِيخِ الْمُشْرِكِينَ . وَالْمُرَادُ بِالظَّالِمِينَ ابْتِدَاءً الْمُشْرِكُونَ أَيِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِذْ أَشْرَكُوا بِاللَّهِ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَالظُّلْمُ يَشْمَلُ أَيْضًا عَمَلَ الْمَعَاصِي الْكَبَائِرِ كَمَا وَقَعَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=113وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ وَقَدْ وَصَفَ الْقُرْآنُ
الْيَهُودَ بِوَصْفِ الظَّالِمِينَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ nindex.php?page=treesubj&link=28675_25985فَالْمُرَادُ بِالظُّلْمِ الْمَعَاصِي الْكَبِيرَةُ وَأَعْلَاهَا الشِّرْكُ بِاللَّهِ تَعَالَى . [ ص: 707 ] وَفِي الْآيَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ يَوْمئِذٍ لَيْسُوا جَدِيرِينَ بِالْإِمَامَةِ لِاتِّصَافِهِمْ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الظُّلْمِ كَالشِّرْكِ وَتَحْرِيفِ الْكِتَابِ وَتَأْوِيلِهِ عَلَى حَسَبِ شَهَوَاتِهِمْ وَالِانْهِمَاكِ فِي الْمَعَاصِي حَتَّى إِذَا عَرَضُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَصْفِ عَلِمُوا انْطِبَاقَهُ عَلَيْهِمْ . وَإِنَاطَةُ الْحُكْمِ بِوَصْفِ الظَّالِمِينَ إِيمَاءً إِلَى عِلَّةِ نَفْيِ أَنْ يَنَالَهُمْ عَهْدُ اللَّهِ فَيَفْهَمُ مِنَ الْعِلَّةِ أَنَّهُ إِذَا زَالَ وَصْفُ الظُّلْمِ نَالَهُمُ الْعَهْدُ .
وَفِي الْآيَةِ أَنَّ الْمُتَّصِفَ بِالْكَبِيرَةِ لَيْسَ مُسْتَحِقًّا لِإِسْنَادِ الْإِمَامَةِ إِلَيْهِ أَعَنَى سَائِرَ وِلَايَاتِ الْمُسْلِمِينَ : الْخِلَافَةُ وَالْإِمَارَةُ وَالْقَضَاءُ وَالْفَتْوَى وَرِوَايَةُ الْعَلَمِ وَإِمَامَةُ الصَّلَاةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ . قَالَ
فَخْرُ الدِّينِ : قَالَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ
nindex.php?page=treesubj&link=7706_7643الْفَاسِقُ حَالَ فِسْقِهِ لَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِمَامَةِ لَهُ . وَفِي تَفْسِيرِ
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابْنِ عَرَفَةَ تَسْلِيمُ ذَلِكَ وَنَقَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابْنُ عَرَفَةَ عَنِ
الْمَازِرِيِّ وَالْقُرْطُبِيُّ عَنِ الْجُمْهُورِ إِذَا عُقِدَ لِلْإِمَامِ عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ ثُمَّ فَسَقَ وَجَارَ فَإِنْ كَانَ فِسْقُهُ بِكُفْرٍ وَجَبَ خَلْعُهُ وَأَمَّا بِغَيْرِهِ مِنَ الْمَعَاصِي فَقَالَ
الْخَوَارِجُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَبَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ يَخْلَعُ وَقَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ لَا يُخْلَعُ بِالْفِسْقِ وَالظُّلْمِ وَتَعْطِيلِ الْحُدُودِ وَيَجِبُ وَعْظُهُ وَتَرْكُ طَاعَتِهِ فِيمَا لَا تَجِبُ فِيهِ طَاعَةٌ وَهَذَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى خَلْعِهِ فَإِنْ لَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ إِلَّا بِفِتْنَةٍ وَحَرْبٍ فَاتَّفَقُوا عَلَى مَنْعِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَأَنَّ الصَّبْرَ عَلَى جَوْرِهِ أَوْلَى مِنَ اسْتِبْدَالِ الْأَمْنِ بِالْخَوْفِ وَإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَانْطِلَاقِ أَيْدِي السُّفَهَاءِ وَالْفُسَّاقِ فِي الْأَرْضِ وَهَذَا حُكْمُ كُلِّ وِلَايَةٍ فِي قَوْلِ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ وَمَا نُقِلَ عَنْ
أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ جَوَازِ كَوْنِ الْفَاسِقِ خَلِيفَةً وَعَدَمِ جَوَازِ كَوْنِهِ قَاضِيًا قَالَ
أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ الْجَصَّاصُ هُوَ خَطَأٌ فِي النَّقْلِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْعَشَرَةِ عَهْدِي بِفَتْحِ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَهُوَ وَجْهٌ مِنَ الْوُجُوهِ فِي يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَقَرَأَهُ
حَمْزَةُ وَحَفْصٌ بِإِسْكَانِ الْيَاءِ .