nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28989_33144_31042_32238الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=2قيما موقع الافتتاح بهذا التحميد كموقع الخطبة يفتتح بها الكلام في الغرض المهم .
ولما كان إنزال القرآن على النبيء صلى الله عليه وسلم أجزل نعماء الله تعالى على عباده المؤمنين ; لأنه سبب نجاتهم في حياتهم الأبدية ، وسبب فوزهم في الحياة العاجلة بطيب الحياة وانتظام الأحوال ، والسيادة على الناس ، ونعمة على النبيء صلى الله عليه وسلم بأن جعله واسطة ذلك ومبلغه ومبينه ; لأجل ذلك استحق الله تعالى أكمل الحمد إخبارا وإنشاء ، وقد تقدم إفادة جملة " الحمد لله " استحقاقه أكمل الحمد في صدر سورة الفاتحة .
وهي هنا جملة خبرية ، أخبر الله نبيه ، والمسلمين بأن مستحق الحمد هو الله تعالى لا غيره ; فأجرى على اسم الجلالة الوصف بالموصول ; تنويها بمضمون الصلة ، ولما يفيده الموصول من تعليل الخبر .
[ ص: 247 ] وذكر النبيء صلى الله عليه وسلم بوصف العبودية لله ; تقريب لمنزلته ، وتنويه به بما في إنزال الكتاب عليه من رفعة قدره كما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=1تبارك الذي نزل الفرقان على عبده .
والكتاب : القرآن ، فكل مقدار منزل من القرآن فهو الكتاب ، فالمراد بالكتاب هنا ما وقع إنزاله من يوم البعثة في غار حراء إلى يوم نزول هذه السورة ، ويلحق به ما ينزل بعد هذه الآية ، ويزاد به مقداره .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=1ولم يجعل له عوجا معترضة بين الكتاب وبين الحال منه وهو
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=2قيما ، والواو اعتراضية ، ويجوز كون الجملة حالا ، والواو حالية .
والعوج بكسر العين وفتحها وبفتح الواو حقيقته : انحراف جسم ما عن الشكل المستقيم ، فهو ضد الاستقامة ، ويطلق مجازا على الانحراف عن الصواب والمعاني المقبولة المستحسنة .
والذي عليه المحققون من أيمة اللغة أن مكسور العين ومفتوحها سواء في الإطلاقين الحقيقي والمجازي ، وقيل : المكسور العين يختص بالإطلاق المجازي ، وعليه درج في الكشاف ، ويبطله قوله تعالى لما ذكر نسف الجبال
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=106فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا حيث اتفق القراء على قراءته بكسر العين ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت : أن المكسور أعم يجيء في الحقيقي والمجازي ، وأن المفتوح خاص بالمجازي .
والمراد بالعوج هنا : عوج مدلولات كلامه بمخالفتها للصواب ، وتناقضها ، وبعدها عن الحكمة ، وإصابة المراد .
والمقصود من هذه الجملة المعترضة أو الحالية إبطال ما يرميه به المشركون من قولهم : افتراه ، وأساطير الأولين ، وقول كاهن ; لأن تلك الأمور لا تخلو من عوج ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=82أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا .
[ ص: 248 ] وضمير " له " عائد إلى " الكتاب " .
وإنما عدي الجعل باللام دون " في " ; لأن العوج المعنوي يناسبه حرف الاختصاص دون حرف الظرفية ; لأن الظرفية من علائق الأجسام ، وأما معنى الاختصاص فهو أعم .
فالمعنى : أنه متصف بكمال أوصاف الكتب من صحة المعاني والسلامة من الخطأ والاختلاف ، وهذا وصف كمال للكتاب في ذاته ، وهو مقتض أنه أهل للانتفاع به ، فهذا كوصفه بأنه
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2لا ريب فيه في سورة البقرة .
و " قيما " حال من الكتاب أو من ضميره المجرور باللام ; لأنه إذا جعل حالا من أحدهما ثبت الاتصاف به للآخر ، إذ هما شيء واحد ، فلا طائل فيما أطالوا به من الإعراب .
والقيم : صفة مبالغة من القيام المجازي ، الذي يطلق على دوام تعهد شيء ، وملازمة صلاحه ; لأن التعهد يستلزم القيام لرؤية الشيء ، والتيقظ لأحواله ، كما تقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255الحي القيوم في سورة البقرة .
والمراد به هنا أنه قيم على هدي الأمة ، وإصلاحها ، فالمراد أن كماله متعد بالنفع ، فوزانه وزان وصفه بأنه
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هدى للمتقين في سورة البقرة .
والجمع بين قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=1ولم يجعل له عوجا وقوله " قيما " كالجمع بين
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2لا ريب فيه وبين
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هدى للمتقين ، وليس هو تأكيدا لنفي العوج .
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28989_33144_31042_32238الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=2قَيِّمًا مَوْقِعُ الِافْتِتَاحِ بِهَذَا التَّحْمِيدِ كَمَوْقِعِ الْخُطْبَةِ يُفْتَتَحُ بِهَا الْكَلَامُ فِي الْغَرَضِ الْمُهِمِّ .
وَلَمَّا كَانَ إِنْزَالُ الْقُرْآنِ عَلَى النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْزَلَ نَعْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ; لِأَنَّهُ سَبَبُ نَجَاتِهِمْ فِي حَيَاتِهِمُ الْأَبَدِيَّةِ ، وَسَبَبُ فَوْزِهِمْ فِي الْحَيَاةِ الْعَاجِلَةِ بِطِيبِ الْحَيَاةِ وَانْتِظَامِ الْأَحْوَالِ ، وَالسِّيَادَةِ عَلَى النَّاسِ ، وَنِعْمَةٌ عَلَى النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ جَعَلَهُ وَاسِطَةَ ذَلِكَ وَمُبَلِّغَهُ وَمُبَيِّنَهُ ; لِأَجْلِ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ اللَّهُ تَعَالَى أَكْمَلَ الْحَمْدِ إِخْبَارًا وَإِنْشَاءً ، وَقَدْ تَقَدَّمَ إِفَادَةُ جُمْلَةِ " الْحَمْدُ لِلَّهِ " اسْتِحْقَاقَهُ أَكْمَلَ الْحَمْدِ فِي صَدْرِ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ .
وَهِيَ هُنَا جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ ، أَخْبَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ ، وَالْمُسْلِمِينَ بِأَنَّ مُسْتَحِقَّ الْحَمْدِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى لَا غَيْرُهُ ; فَأَجْرَى عَلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ الْوَصْفَ بِالْمَوْصُولِ ; تَنْوِيهًا بِمَضْمُونِ الصِّلَةِ ، وَلِمَا يُفِيدُهُ الْمَوْصُولُ مِنْ تَعْلِيلِ الْخَبَرِ .
[ ص: 247 ] وَذِكْرُ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَصْفِ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ ; تَقْرِيبٌ لِمَنْزِلَتِهِ ، وَتَنْوِيهٌ بِهِ بِمَا فِي إِنْزَالِ الْكِتَابِ عَلَيْهِ مِنْ رِفْعَةِ قَدْرِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=1تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ .
وَالْكِتَابُ : الْقُرْآنُ ، فَكُلُّ مِقْدَارٍ مُنَزَّلٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَهُوَ الْكِتَابُ ، فَالْمُرَادُ بِالْكِتَابِ هُنَا مَا وَقَعَ إِنْزَالُهُ مِنْ يَوْمِ الْبَعْثَةِ فِي غَارِ حِرَاءٍ إِلَى يَوْمِ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ ، وَيُلْحَقُ بِهِ مَا يَنْزِلُ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ ، وَيُزَادُ بِهِ مِقْدَارُهُ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=1وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْكِتَابِ وَبَيْنَ الْحَالِ مِنْهُ وَهُوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=2قَيِّمًا ، وَالْوَاوُ اعْتِرَاضِيَّةٌ ، وَيَجُوزُ كَوْنُ الْجُمْلَةِ حَالًا ، وَالْوَاوِ حَالِيَّةً .
وَالْعِوَجُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا وَبِفَتْحِ الْوَاوِ حَقِيقَتُهُ : انْحِرَافُ جِسْمٍ مَا عَنِ الشَّكْلِ الْمُسْتَقِيمِ ، فَهُوَ ضِدُّ الِاسْتِقَامَةِ ، وَيُطْلَقُ مَجَازًا عَلَى الِانْحِرَافِ عَنِ الصَّوَابِ وَالْمَعَانِي الْمَقْبُولَةِ الْمُسْتَحْسَنَةِ .
وَالَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَيِمَّةِ اللُّغَةِ أَنَّ مَكْسُورَ الْعَيْنِ وَمَفْتُوحَهَا سَوَاءٌ فِي الْإِطْلَاقَيْنِ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ ، وَقِيلَ : الْمَكْسُورُ الْعَيْنِ يَخْتَصُّ بِالْإِطْلَاقِ الْمَجَازِيِّ ، وَعَلَيْهِ دَرَجَ فِي الْكَشَّافِ ، وَيُبْطِلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ نَسْفَ الْجِبَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=106فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا حَيْثُ اتَّفَقَ الْقُرَّاءُ عَلَى قِرَاءَتِهِ بِكَسْرِ الْعَيْنِ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابْنِ السِّكِّيتِ : أَنَّ الْمَكْسُورَ أَعَمُّ يَجِيءُ فِي الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ ، وَأَنَّ الْمَفْتُوحَ خَاصٌّ بِالْمَجَازِيِّ .
وَالْمُرَادُ بِالْعِوَجِ هُنَا : عِوَجُ مَدْلُولَاتِ كَلَامِهِ بِمُخَالَفَتِهَا لِلصَّوَابِ ، وَتَنَاقُضِهَا ، وَبُعْدِهَا عَنِ الْحِكْمَةِ ، وَإِصَابَةِ الْمُرَادِ .
وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ الْمُعْتَرِضَةِ أَوِ الْحَالِيَّةِ إِبْطَالُ مَا يَرْمِيهِ بِهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْلِهِمُ : افْتَرَاهُ ، وَأَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ، وَقَوْلُ كَاهِنٍ ; لِأَنَّ تِلْكَ الْأُمُورَ لَا تَخْلُو مِنْ عِوَجٍ ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=82أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا .
[ ص: 248 ] وَضَمِيرُ " لَهُ " عَائِدٌ إِلَى " الْكِتَابَ " .
وَإِنَّمَا عُدِّيَ الْجَعْلُ بِاللَّامِ دُونَ " فِي " ; لِأَنَّ الْعِوَجَ الْمَعْنَوِيَّ يُنَاسِبُهُ حَرْفُ الِاخْتِصَاصِ دُونَ حَرْفِ الظَّرْفِيَّةِ ; لِأَنَّ الظَّرْفِيَّةَ مِنْ عَلَائِقِ الْأَجْسَامِ ، وَأَمَّا مَعْنَى الِاخْتِصَاصِ فَهُوَ أَعَمُّ .
فَالْمَعْنَى : أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِكَمَالِ أَوْصَافِ الْكُتُبِ مِنْ صِحَّةِ الْمَعَانِي وَالسَّلَامَةِ مِنَ الْخَطَأِ وَالِاخْتِلَافِ ، وَهَذَا وَصْفُ كَمَالٍ لِلْكِتَابِ فِي ذَاتِهِ ، وَهُوَ مُقْتَضٍ أَنَّهُ أَهْلٌ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ ، فَهَذَا كَوَصْفِهِ بِأَنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2لَا رَيْبَ فِيهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَ " قَيِّمًا " حَالٌ مِنَ الْكِتَابِ أَوْ مِنْ ضَمِيرِهِ الْمَجْرُورِ بِاللَّامِ ; لِأَنَّهُ إِذَا جُعِلَ حَالًا مِنْ أَحَدِهِمَا ثَبَتَ الِاتِّصَافُ بِهِ لِلْآخَرِ ، إِذْ هُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ ، فَلَا طَائِلَ فِيمَا أَطَالُوا بِهِ مِنَ الْإِعْرَابِ .
وَالْقَيِّمُ : صِفَةُ مُبَالَغَةٍ مِنَ الْقِيَامِ الْمَجَازِيِّ ، الَّذِي يُطْلَقُ عَلَى دَوَامِ تَعَهُّدِ شَيْءٍ ، وَمُلَازَمَةِ صَلَاحِهِ ; لِأَنَّ التَّعَهُّدَ يَسْتَلْزِمُ الْقِيَامَ لِرُؤْيَةِ الشَّيْءِ ، وَالتَّيَقُّظَ لِأَحْوَالِهِ ، كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255الْحَيُّ الْقَيُّومُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا أَنَّهُ قَيِّمٌ عَلَى هَدْيِ الْأُمَّةِ ، وَإِصْلَاحِهَا ، فَالْمُرَادُ أَنَّ كَمَالَهُ مُتَعَدٍّ بِالنَّفْعِ ، فَوِزَانُهُ وِزَانُ وَصْفِهِ بِأَنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هُدًى لِلْمُتَّقِينَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَالْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=1وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا وَقَوْلِهِ " قَيِّمًا " كَالْجَمْعِ بَيْنَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2لَا رَيْبَ فِيهِ وَبَيْنَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ، وَلَيْسَ هُوَ تَأْكِيدًا لِنَفْيِ الْعِوَجِ .