nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28991_33952قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=58فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=59قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى .
هذه الجملة متصلة بجملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=51قال فما بال القرون الأولى ) وجواب
موسى عنها . وافتتاحها بفعل ( قال ) وعدم عطفه لا يترك شكا في أن هذا من تمام المحاورة .
nindex.php?page=treesubj&link=28991وقوله ( nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=57أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك ) يقتضي أنه أراه آية انقلاب العصا حية ، وانقلاب يده بيضاء . وذلك ما سماه
فرعون سحرا . وقد صرح بهذا المقتضى في قوله تعالى حكاية عنهما (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=29قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=29قال أولو جئتك بشيء مبين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=31قال فأت به إن كنت من الصادقين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=32فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=33ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=34قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=35يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره )
[ ص: 244 ] الآية في سورة الشعراء . وقد استغني عن ذكره هنا بما في جملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=56ولقد أريناه آياتنا كلها ) من العموم الشامل لآية انقلاب العصا حية .
وإضافته السحر إلى ضمير
موسى قصد منها تحقير شأن هذا الذي سماه سحرا . وأسند الإتيان بسحر مثله إلى ضمير نفسه تعظيما لشأنه . ومعنى إتيانه بالسحر : إحضار السحرة بين يديه ، أي فلنأتينك بسحر ممن شأنهم أن يأتوا بالسحر ، إذ السحر لا بد له من ساحر .
والمماثلة في قوله ( مثله ) مماثلة في جنس السحر لا في قوته .
وإنما جعل
فرعون العلة في مجيء
موسى إليه : أنها قصده أن يخرجهم من أرضهم قياسا منه على الذين يقومون بدعوة ضد الملوك أنهم إنما يبغون بذلك إزالتهم عن الملك وحلولهم محلهم ، يعني أن
موسى غرته نفسه فحسب أنه يستطيع اقتلاع
فرعون من ملكه ، أي حسبت أن إظهار الخوارق يطوع لك الأمة فيجعلونك ملكا عليهم وتخرجني من أرضي . فضمير المتكلم المشارك مستعمل في التعظيم لا في المشاركة ، لأن
موسى لم يصدر عنه ما يشم منه إخراجهم من أرضهم .
ويجوز أن يكون ضمير المتكلم المشارك مستعملا في الجماعة تغليبا ، ونزل
فرعون نفسه واحدا منها . وأراد بالجماعة جماعة
بني إسرائيل حيث قال له
موسى (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47فأرسل معنا بني إسرائيل ) ، أي جئت لتخرج بعض الأمة من أرضنا وتطمع أن يتبعك جميع الأمة بما تظهر لهم من سحرك .
[ ص: 245 ] والاستفهام في أجئتنا إنكاري ، ولذلك فرع عليه القسم على أن يأتيه بسحر مثله . والقسم من أساليب إظهار الغضب .
واللام لام القسم ، والنون لتوكيده . وقصد
فرعون من مقابلة عمل
موسى بمثله أن يزيل ما يخالج نفوس الناس من تصديق
موسى وكونه على الحق ، لعل ذلك يفضي بهم إلى الثورة على
فرعون وإزالته من ملك
مصر .
وفرع على ذلك طلب تعيين موعد بينه وبين
موسى ليحضر له فيه القائمين بسحر مثل سحره . والموعد هنا يجوز أن يراد به المصدر الميمي ، أي الوعد وأن يراد به مكان الوعد ، وهذا إيجاز في الكلام .
وقوله ( مكانا ) بدل اشتمال من ( موعدا ) بأحد معنييه ، لأن الفعل يقتضي مكانا وزمانا فأبدل منه مكانه .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=58لا نخلفه ) في قراءة الجمهور برفع الفعل صفة ل ( موعدا ) باعتبار معناه المصدري . وقرأه
أبو جعفر بجزم الفاء من ( نخلفه ) على أن لا ناهية . والنهي تحذير من إخلافه .
و ( سوى )
nindex.php?page=treesubj&link=28919_28920_28923_28926_28938قرأه نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي بكسر السين .
nindex.php?page=treesubj&link=28932_28935_28929_28942_28943_28919وقرأه عاصم ، وحمزة ، وابن عامر ، ويعقوب ، وخلف بضم السين وهما لغتان . فالكسر بوزن فعل ، قال
أبو علي : وزن " فعل " يقل في الصفات ، نحو : قوم عدى . وقال
أبو عبيدة ، وأبو حاتم ، والنحاس : كسر السين هو اللغة العالية الفصيحة ، وهو اسم وصف مشتق من الاستواء : فيجوز أن يكون الاستواء استواء التوسط بين جهتين . وأنشد
أبو عبيدة لموسى بن جابر الحنفي :
وإن أبانا كان حل ببلدة سوى بين قيس قيس عيلان والفزر
[ ص: 246 ] الفزر : لقب
لسعد بن زيد مناة بن تميم هو بكسر الفاء . والمعنى : قال
مجاهد : إنه مكان نصف ، وكان المراد أنه نصف من المدينة لئلا يشق الحضور فيه على أهل أطراف المدينة . وعن
ابن زيد : المعنى مكانا مستويا ، أي ليس فيه مرتفعات تحجب العين ، أراد مكانا منكشفا للناظرين ليشهدوا أعمال
موسى وأعمال السحرة .
ثم تعيين الموعد غير المخلف يقتضي زمانه لا محالة ، إذ لا يتصور الإخلاف إلا إذا كان للوعد وقت معين ومكان معين ، فمن ثم طابقه جواب
موسى بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=59موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى ) . فيقتضي أن محشر الناس في يوم الزينة كان مكانا معروفا . ولعله كان بساحة قصر
فرعون ، لأنهم يجتمعون بزينتهم ولهوهم بمرأى منه ومن أهله على عادة الملوك في المواسم .
فقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=59يوم الزينة ) تعيين للوقت ، وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=59وأن يحشر الناس ) تعيين للمكان ، وقوله ( ضحى ) تقييد لمطلق الوقت .
والضحى : وقت ابتداء حرارة الشمس بعد طلوعها .
ويوم الزينة كان يوم عيد عظيم عند
القبط ، وهو يوم كسر الخليج أو الخلجان ، وهي المنافذ والترع المجعولة على النيل لإرسال الزائد من مياهه إلى الأرضين البعيدة عن مجراه للسقي ، فتنطلق المياه في جميع النواحي التي يمكن وصولها إليها ويزرعون عليها .
وزيادة المياه في النيل هو توقيت السنة القبطية ، وذلك هو أول يوم من شهر " توت " القبطي . وهو " أيلول " بحسب التاريخ الإسكندري ، وذلك قبل
[ ص: 247 ] حلول الشمس في برج الميزان بثمانية عشر يوما ، أي قبل فصل الخريف بثمانية عشر يوما ، فهو يوافق اليوم الخامس عشر من شهر تشرين " سبتمبر " . وأول أيام شهر " توت " هو يوم النيروز عند
الفرس ، وذلك مبني على حساب انتهاء زيادة النيل لا على حساب بروج الشمس .
واختار
موسى هذا الوقت وهذا المكان لأنه يعلم أن سيكون الفلج له ، فأحب أن يكون ذلك في وقت أكثر مشاهدا وأوضح رؤية .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28991_33952قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=58فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سِوًى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=59قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى .
هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُتَّصِلَةٌ بِجُمْلَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=51قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى ) وَجَوَابُ
مُوسَى عَنْهَا . وَافْتِتَاحُهَا بِفِعْلِ ( قَالَ ) وَعَدَمُ عَطْفِهِ لَا يَتْرُكُ شَكًّا فِي أَنَّ هَذَا مِنْ تَمَامِ الْمُحَاوَرَةِ .
nindex.php?page=treesubj&link=28991وَقَوْلُهُ ( nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=57أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ ) يَقْتَضِي أَنَّهُ أَرَاهُ آيَةَ انْقِلَابِ الْعَصَا حَيَّةً ، وَانْقِلَابِ يَدِهِ بَيْضَاءَ . وَذَلِكَ مَا سَمَّاهُ
فِرْعَوْنُ سِحْرًا . وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا الْمُقْتَضَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُمَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=29قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=29قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=31قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=32فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=33وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=34قَالَ لِلْمَلَأِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=35يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ )
[ ص: 244 ] الْآيَةَ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ . وَقَدِ اسْتُغْنِيَ عَنْ ذِكْرِهِ هُنَا بِمَا فِي جُمْلَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=56وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا ) مِنَ الْعُمُومِ الشَّامِلِ لِآيَةِ انْقِلَابِ الْعَصَا حَيَّةً .
وَإِضَافَتُهُ السِّحْرَ إِلَى ضَمِيرِ
مُوسَى قُصِدَ مِنْهَا تَحْقِيرُ شَأْنِ هَذَا الَّذِي سَمَّاهُ سِحْرًا . وَأَسْنَدَ الْإِتْيَانَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ إِلَى ضَمِيرِ نَفْسِهِ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ . وَمَعْنَى إِتْيَانِهِ بِالسِّحْرِ : إِحْضَارُ السَّحَرَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، أَيْ فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِمَّنْ شَأْنُهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِالسِّحْرِ ، إِذِ السِّحْرُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَاحِرٍ .
وَالْمُمَاثَلَةُ فِي قَوْلِهِ ( مِثْلِهِ ) مُمَاثَلَةٌ فِي جِنْسِ السِّحْرِ لَا فِي قُوَّتِهِ .
وَإِنَّمَا جَعَلَ
فِرْعَوْنُ الْعِلَّةَ فِي مَجِيءِ
مُوسَى إِلَيْهِ : أَنَّهَا قَصْدُهُ أَنْ يُخْرِجَهُمْ مِنْ أَرْضِهِمْ قِيَاسًا مِنْهُ عَلَى الَّذِينَ يَقُومُونَ بِدَعْوَةٍ ضِدَّ الْمُلُوكِ أَنَّهُمْ إِنَّمَا يَبْغُونَ بِذَلِكَ إِزَالَتَهُمْ عَنِ الْمُلْكِ وَحُلُولَهُمْ مَحَلَّهُمْ ، يَعْنِي أَنَّ
مُوسَى غَرَّتْهُ نَفْسُهُ فَحَسِبَ أَنَّهُ يَسْتَطِيعُ اقْتِلَاعَ
فِرْعَوْنَ مِنْ مُلْكِهِ ، أَيْ حَسِبْتَ أَنَّ إِظْهَارَ الْخَوَارِقِ يُطَوِّعُ لَكَ الْأُمَّةَ فَيَجْعَلُونَكَ مَلِكًا عَلَيْهِمْ وَتُخْرِجَنِي مِنْ أَرْضِي . فَضَمِيرُ الْمُتَكَلِّمِ الْمُشَارِكِ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّعْظِيمِ لَا فِي الْمُشَارَكَةِ ، لِأَنَّ
مُوسَى لَمْ يَصْدُرْ عَنْهُ مَا يُشَمُّ مِنْهُ إِخْرَاجُهُمْ مِنْ أَرْضِهِمْ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ الْمُتَكَلِّمِ الْمُشَارِكِ مُسْتَعْمَلًا فِي الْجَمَاعَةِ تَغْلِيبًا ، وَنَزَّلَ
فِرْعَوْنُ نَفْسَهُ وَاحِدًا مِنْهَا . وَأَرَادَ بِالْجَمَاعَةِ جَمَاعَةَ
بَنِي إِسْرَائِيلَ حَيْثُ قَالَ لَهُ
مُوسَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ) ، أَيْ جِئْتَ لِتُخْرِجَ بَعْضَ الْأُمَّةِ مِنْ أَرْضِنَا وَتَطْمَعُ أَنْ يَتَّبِعَكَ جَمِيعُ الْأُمَّةِ بِمَا تُظْهِرُ لَهُمْ مِنْ سَحْرِكَ .
[ ص: 245 ] وَالِاسْتِفْهَامُ فِي أَجِئْتِنَا إِنْكَارِيٌّ ، وَلِذَلِكَ فَرَّعَ عَلَيْهِ الْقَسَمَ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ . وَالْقَسَمُ مِنْ أَسَالِيبِ إِظْهَارِ الْغَضَبِ .
وَاللَّامُ لَامُ الْقَسَمِ ، وَالنُّونُ لِتَوْكِيدِهِ . وَقَصَدَ
فِرْعَوْنُ مِنْ مُقَابَلَةِ عَمَلِ
مُوسَى بِمِثْلِهِ أَنْ يُزِيلَ مَا يُخَالِجُ نُفُوسَ النَّاسِ مِنْ تَصْدِيقِ
مُوسَى وَكَوْنِهِ عَلَى الْحَقِّ ، لَعَلَّ ذَلِكَ يُفْضِي بِهِمْ إِلَى الثَّوْرَةِ عَلَى
فِرْعَوْنَ وَإِزَالَتِهِ مِنْ مُلْكِ
مِصْرَ .
وَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ طَلَبَ تَعْيِينِ مَوْعِدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
مُوسَى لِيُحْضِرَ لَهُ فِيهِ الْقَائِمِينَ بِسِحْرٍ مِثْلِ سِحْرِهِ . وَالْمَوْعِدُ هُنَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَصْدَرُ الْمِيمِيِّ ، أَيِ الْوَعْدُ وَأَنْ يُرَادَ بِهِ مَكَانُ الْوَعْدِ ، وَهَذَا إِيجَازٌ فِي الْكَلَامِ .
وَقَوْلُهُ ( مَكَانًا ) بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ ( مَوْعِدًا ) بِأَحَدِ مَعْنَيَيْهِ ، لِأَنَّ الْفِعْلَ يَقْتَضِي مَكَانًا وَزَمَانًا فَأُبْدِلَ مِنْهُ مَكَانَهُ .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=58لَا نُخْلِفُهُ ) فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ بِرَفْعِ الْفِعْلِ صِفَةً لِ ( مَوْعِدًا ) بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ الْمَصْدَرِيِّ . وَقَرَأَهُ
أَبُو جَعْفَرٍ بِجَزْمِ الْفَاءِ مِنْ ( نَخْلِفْهُ ) عَلَى أَنَّ لَا نَاهِيَةً . وَالنَّهْيُ تَحْذِيرٌ مِنْ إِخْلَافِهِ .
وَ ( سِوًى )
nindex.php?page=treesubj&link=28919_28920_28923_28926_28938قَرَأَهُ نَافِعٌ ، وَابْنُ كَثِيرٍ ، وَأَبُو عَمْرٍو ، nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيِّ بِكَسْرِ السِّينِ .
nindex.php?page=treesubj&link=28932_28935_28929_28942_28943_28919وَقَرَأَهُ عَاصِمٌ ، وَحَمْزَةُ ، وَابْنُ عَامِرٍ ، وَيَعْقُوبُ ، وَخَلَفٌ بِضَمِّ السِّينِ وَهُمَا لُغَتَانِ . فَالْكَسْرُ بِوَزْنِ فِعَلْ ، قَالَ
أَبُو عَلِيٍّ : وَزْنُ " فِعَلْ " يَقِلُّ فِي الصِّفَاتِ ، نَحْوَ : قَوْمٌ عِدًى . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ ، وَأَبُو حَاتِمٍ ، وَالنَّحَّاسُ : كَسْرُ السِّينِ هُوَ اللُّغَةُ الْعَالِيَةُ الْفَصِيحَةُ ، وَهُوَ اسْمُ وَصْفٍ مُشْتَقٌّ مِنَ الِاسْتِوَاءِ : فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِوَاءُ اسْتِوَاءَ التَّوَسُّطِ بَيْنَ جِهَتَيْنِ . وَأَنْشَدَ
أَبُو عُبَيْدَةَ لِمُوسَى بْنِ جَابِرٍ الْحَنَفِيِّ :
وَإِنَّ أَبَانَا كَانَ حَلَّ بِبَلْدَةٍ سِوًى بَيْنَ قَيْسٍ قَيْسِ عَيْلَانَ وَالْفِزْرِ
[ ص: 246 ] الْفَزْرُ : لَقَبٌ
لِسَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ هُوَ بِكَسْرِ الْفَاءِ . وَالْمَعْنَى : قَالَ
مُجَاهِدُ : إِنَّهُ مَكَانٌ نَصِفٌ ، وَكَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ نِصْفٌ مِنَ الْمَدِينَةِ لِئَلَّا يَشُقَّ الْحُضُورُ فِيهِ عَلَى أَهْلِ أَطْرَافِ الْمَدِينَةِ . وَعَنِ
ابْنِ زَيْدٍ : الْمَعْنَى مَكَانًا مُسْتَوِيًا ، أَيْ لَيْسَ فِيهِ مُرْتَفَعَاتٌ تَحْجُبُ الْعَيْنَ ، أَرَادَ مَكَانًا مُنْكَشِفًا لِلنَّاظِرِينَ لِيَشْهَدُوا أَعْمَالَ
مُوسَى وَأَعْمَالَ السَّحَرَةِ .
ثُمَّ تَعْيِينُ الْمَوْعِدِ غَيْرُ الْمُخْلَفِ يَقْتَضِي زَمَانَهُ لَا مَحَالَةَ ، إِذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْإِخْلَافُ إِلَّا إِذَا كَانَ لِلْوَعْدِ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ وَمَكَانٌ مُعَيَّنٌ ، فَمِنْ ثَمَّ طَابَقَهُ جَوَابُ
مُوسَى بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=59مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ) . فَيَقْتَضِي أَنَّ مَحْشَرَ النَّاسِ فِي يَوْمِ الزِّينَةِ كَانَ مَكَانًا مَعْرُوفًا . وَلَعَلَّهُ كَانَ بِسَاحَةِ قَصْرِ
فِرْعَوْنَ ، لِأَنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ بِزِينَتِهِمْ وَلَهْوِهِمْ بِمَرْأًى مِنْهُ وَمِنْ أَهْلِهِ عَلَى عَادَةِ الْمُلُوكِ فِي الْمَوَاسِمِ .
فَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=59يَوْمُ الزِّينَةِ ) تَعْيِينٌ لِلْوَقْتِ ، وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=59وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ) تَعْيِينٌ لِلْمَكَانِ ، وَقَوْلُهُ ( ضَحًى ) تَقْيِيدٌ لِمُطْلَقِ الْوَقْتِ .
وَالضُّحَى : وَقْتُ ابْتِدَاءِ حَرَارَةِ الشَّمْسِ بَعْدَ طُلُوعِهَا .
وَيَوْمُ الزِّينَةِ كَانَ يَوْمُ عِيدٍ عَظِيمٍ عِنْدَ
الْقِبْطِ ، وَهُوَ يَوْمُ كَسْرِ الْخَلِيجِ أَوِ الْخُلْجَانِ ، وَهِيَ الْمَنَافِذُ وَالتُّرَعُ الْمَجْعُولَةُ عَلَى النَّيْلِ لِإِرْسَالِ الزَّائِدِ مِنْ مِيَاهِهِ إِلَى الْأَرَضِينَ الْبَعِيدَةِ عَنْ مَجْرَاهُ لِلسَّقْيِ ، فَتَنْطَلِقُ الْمِيَاهُ فِي جَمِيعِ النَّوَاحِي الَّتِي يُمْكِنُ وُصُولُهَا إِلَيْهَا وَيَزْرَعُونَ عَلَيْهَا .
وَزِيَادَةُ الْمِيَاهِ فِي النِّيلِ هُوَ تَوْقِيتُ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ ، وَذَلِكَ هُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ " تُوتَ " الْقِبْطِيِّ . وَهُوَ " أَيْلُولُ " بِحَسْبِ التَّارِيخِ الِإسْكَنْدَرِيِّ ، وَذَلِكَ قَبْلَ
[ ص: 247 ] حُلُولِ الشَّمْسِ فِي بُرْجِ الْمِيزَانِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، أَيْ قَبْلَ فَصْلِ الْخَرِيفِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، فَهُوَ يُوَافِقُ الْيَوْمَ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ تِشْرِينَ " سِبْتَمْبِرَ " . وَأَوَّلَ أَيَّامِ شَهْرِ " تُوتَ " هُوَ يَوْمُ النَّيْرُوزِ عِنْدَ
الْفُرْسِ ، وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى حِسَابِ انْتِهَاءِ زِيَادَةِ النِّيلِ لَا عَلَى حِسَابِ بُرُوجِ الشَّمْسِ .
وَاخْتَارَ
مُوسَى هَذَا الْوَقْتَ وَهَذَا الْمَكَانَ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنْ سَيَكُونُ الْفَلَجُ لَهُ ، فَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ أَكْثَرَ مُشَاهِدًا وَأَوْضَحَ رُؤْيَةً .