nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=36nindex.php?page=treesubj&link=28992_19051وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون
هذا وصف آخر لما يؤذي به المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يرونه فهو أخص من أذاهم إياه في مغيبه ، فإذا رأوه يقول بعضهم لبعض :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=36أهذا الذي يذكر آلهتكم .
والهزؤ - بضم الهاء وضم الزاي - مصدر هزأ به ، إذا جعله للعبث والتفكه . ومعنى اتخاذه هزوا أنهم يجعلونه مستهزأ به ، فهذا من الإخبار
[ ص: 66 ] بالمصدر للمبالغة ، أو هو مصدر بمعنى المفعول كالخلق بمعنى المخلوق . وتقدم في سورة الكهف قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=106واتخذوا آياتي ورسلي هزوا ، وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=36أهذا الذي يذكر آلهتكم مبينة لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=36إن يتخذونك إلا هزوا فهي في معنى قول محذوف دل عليه إن يتخذونك إلا هزوا ؛ لأن الاستهزاء يكون بالكلام . وقد انحصر اتخاذهم إياه عند رؤيته في الاستهزاء به دون أن يخلطوه بحديث آخر في شأنه .
والاستفهام مستعمل في التعجيب ، واسم الإشارة مستعمل في التحقير ، بقرينة الاستهزاء .
ومعنى " يذكر آلهتكم " يذكرهم بسوء ، بقرينة المقام ؛ لأنهم يعلمون ما يذكر به آلهتهم مما يسوءهم ، فإن الذكر يكون بخير وبشر ، فإذا لم يصرح بمتعلقه يصار إلى القرينة كما هنا في قوله تعالى الآتي :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=60قالوا سمعنا فتى يذكرهم ، وكلامهم مسوق مساق الغيظ والغضب ؛ ولذلك أعقبه الله بجملة الحال وهي
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=36وهم بذكر الرحمن هم كافرون ، أي يغضبون من أن تذكر آلهتهم بما هو كشف لكنهها المطابق للواقع في حال غفلتهم عن ذكر الرحمن الذي هو الحقيق بأن يذكروه . فالذكر الثاني مستعمل في الذكر بالثناء والتمجيد بقرينة المقام . والأظهر أن المراد بذكر الرحمن هنا القرآن ، أي الذكر الوارد من الرحمن . والمناسبة الانتقال من ذكر إلى ذكر ; ومعنى كفرهم بذكر الرحمن إنكارهم أن يكون القرآن آية دالة على صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5فليأتنا بآية كما أرسل الأولون . وأيضا كفرهم بما جاء به القرآن من إثبات البعث .
وعبر عن الله تعالى باسم " الرحمن " توركا عليهم ؛ إذ كانوا يأبون أن يكون الرحمن اسما لله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا في سورة الفرقان .
[ ص: 67 ] وضمير الفصل في قوله تعالى : " هم كافرون " يجوز أن يفيد الحصر ، أي هم كافرون بالقرآن دون غيرهم ممن أسلم من
أهل مكة وغيرهم من العرب لإفادة أن هؤلاء باقون على كفرهم مع توفر الآيات والنذر ، ويجوز أن يكون الفصل لمجرد التأكيد تحقيقا لدوام كفرهم مع ظهور ما شأنه أن يقلعهم عن الكفر .
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=36nindex.php?page=treesubj&link=28992_19051وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ
هَذَا وَصْفٌ آخَرُ لِمَا يُؤْذِي بِهِ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ يَرَوْنَهُ فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ أَذَاهُمْ إِيَّاهُ فِي مَغِيبِهِ ، فَإِذَا رَأَوْهُ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=36أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ .
وَالْهُزُؤُ - بِضَمِّ الْهَاءِ وَضَمِّ الزَّايِ - مَصْدَرُ هَزَأَ بِهِ ، إِذَا جَعَلَهُ لِلْعَبَثِ وَالتَّفَكُّهِ . وَمَعْنَى اتِّخَاذِهِ هُزْوًا أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَهُ مُسْتَهْزَأً بِهِ ، فَهَذَا مِنَ الْإِخْبَارِ
[ ص: 66 ] بِالْمَصْدَرِ لِلْمُبَالَغَةِ ، أَوْ هُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ كَالْخَلْقِ بِمَعْنَى الْمَخْلُوقِ . وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=106وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا ، وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=36أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ مُبَيِّنَةٌ لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=36إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا فَهِيَ فِي مَعْنَى قَوْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا ؛ لِأَنَّ الِاسْتِهْزَاءَ يَكُونُ بِالْكَلَامِ . وَقَدِ انْحَصَرَ اتِّخَاذُهُمْ إِيَّاهُ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ فِي الِاسْتِهْزَاءِ بِهِ دُونَ أَنْ يَخْلِطُوهُ بِحَدِيثٍ آخَرَ فِي شَأْنِهِ .
وَالِاسْتِفْهَامُ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّعْجِيبِ ، وَاسْمُ الْإِشَارَةِ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّحْقِيرِ ، بِقَرِينَةِ الِاسْتِهْزَاءِ .
وَمَعْنَى " يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ " يَذْكُرُهُمْ بِسُوءٍ ، بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ مَا يَذْكُرُ بِهِ آلِهَتَهُمْ مِمَّا يَسُوءُهُمْ ، فَإِنَّ الذِّكْرَ يَكُونُ بِخَيْرٍ وَبِشَرٍّ ، فَإِذَا لَمْ يُصَرَّحْ بِمُتَعَلِّقِهِ يُصَارُ إِلَى الْقَرِينَةِ كَمَا هُنَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى الْآتِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=60قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ ، وَكَلَامُهُمْ مَسُوقٌ مَسَاقَ الْغَيْظِ وَالْغَضَبِ ؛ وَلِذَلِكَ أَعْقَبَهُ اللَّهُ بِجُمْلَةِ الْحَالِ وَهِيَ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=36وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ ، أَيْ يَغْضَبُونَ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ آلِهَتُهُمْ بِمَا هُوَ كَشْفٌ لِكُنْهِهَا الْمُطَابِقِ لِلْوَاقِعِ فِي حَالِ غَفْلَتِهِمْ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ الَّذِي هُوَ الْحَقِيقُ بِأَنْ يَذْكُرُوهُ . فَالذِّكْرُ الثَّانِي مُسْتَعْمَلٌ فِي الذِّكْرِ بِالثَّنَاءِ وَالتَّمْجِيدِ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ . وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُنَا الْقُرْآنُ ، أَيِ الذِّكْرُ الْوَارِدُ مِنَ الرَّحْمَنِ . وَالْمُنَاسَبَةُ الِانْتِقَالُ مِنْ ذِكْرٍ إِلَى ذِكْرٍ ; وَمَعْنَى كُفْرِهِمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ إِنْكَارُهُمْ أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ آيَةً دَالَّةً عَلَى صِدْقِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ . وَأَيْضًا كُفْرُهُمْ بِمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنْ إِثْبَاتِ الْبَعْثِ .
وَعَبَّرَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى بَاسِمِ " الرَّحْمَنِ " تَوَرُّكًا عَلَيْهِمْ ؛ إِذْ كَانُوا يَأْبَوْنَ أَنْ يَكُونَ الرَّحْمَنُ اسْمًا لِلَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ .
[ ص: 67 ] وَضَمِيرُ الْفَصْلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : " هُمْ كَافِرُونَ " يَجُوزُ أَنْ يُفِيدَ الْحَصْرَ ، أَيْ هُمْ كَافِرُونَ بِالْقُرْآنِ دُونَ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ أَسْلَمَ مِنْ
أَهْلِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعَرَبِ لِإِفَادَةِ أَنَّ هَؤُلَاءِ بَاقُونَ عَلَى كُفْرِهِمْ مَعَ تَوَفُّرِ الْآيَاتِ وَالنُّذُرِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَصْلُ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ تَحْقِيقًا لِدَوَامِ كُفْرِهِمْ مَعَ ظُهُورِ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُقْلِعَهُمْ عَنِ الْكُفْرِ .