وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير
عطف على جملة ( ويستعجلونك بالعذاب ) أو على جملة ( ولن يخلف الله وعده ) باعتبار ما تضمنه استعجالهم بالعذاب من التعريض بأنهم آيسون منه لتأخر وقوعه ، فذكروا بأن أمما كثيرة أمهلت ثم حل بها العذاب . فوزان هذه الآية وزان قوله آنفا فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة إلخ ، إلا أن الأولى قصد منها كثرة الأمم التي أهلكت لئلا يتوهم من ذكر قوم نوح ومن عطف عليهم أن الهلاك لم يتجاوزهم ولذلك اقتصر فيها على ذكر الإهلاك دون الإمهال . وهذه الآية القصد منها التذكير بأن تأخير [ ص: 293 ] الوعيد لا يقتضي إبطاله ، ولذلك اقتصر فيها على ذكر الإمهال ثم الأخذ بعده المناسب للإملاء من حيث أنه دخول في القبضة بعد بعده عنها . وأما عطف جملة فكأين من قرية أهلكناها بالفاء وعطف جملة وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة بالواو فلأن الجملة الأولى وقعت بدلا من جملة فكيف كان نكير فقرنت بالفاء التي دخلت نظيرتها على الجملة المبدل منها ، وأما هذه الجملة الثانية فخلية عن ذلك فعطفت بالحرف الأصلي للعطف . وجملة ( وإلي المصير ) تذييل ، أي مصير الناس كلهم إلي والمصير مصدر ميمي لـ ( صار ) بمعنى : رجع ، وهو رجوع مجازي بمعنى الحصول في المكنة . وتقديم المجرور للحصر الحقيقي ، أي لا يصير الناس إلا إلى الله ، وهو يقتضي أن المصير إليه لا محالة ، وهو المقصود من الحصر لأن الحصر يقتضي بالأحرى فهو كناية عن عدم الإفلات .