يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله ترجع الأمور
جملة مقررة لمضمون جملة إن الله سميع بصير . وفائدتها - زيادة على التقرير - أنها تعريض بوجوب مراقبتهم ربهم في السر والعلانية لأنه لا تخفى عليه خافية .
و ما بين أيديهم
مستعار لما يظهرونه ، وما خلفهم هو ما يخفونه لأن الشيء الذي يظهره صاحبه يجعله بين يديه والشيء الذي يخفيه يجعله وراءه .
[ ص: 345 ] ويجوز أن يكون ما بين أيديهم مستعارا لما سيكون من أحوالهم لأنها تشبه الشيء الذي هو تجاه الشخص وهو يمشي إليه .
وما خلفهم مستعار لما مضى وغبر من أحوالهم لأنها تشبه ما تركه السائر وراءه وتجاوزه . وضمير ( أيديهم ) و ( خلفهم ) عائدان : إما إلى المشركين الذين عاد إليهم ضمير فلا ينازعنك في الأمر ، وإما إلى الملائكة والناس . وإرجاع الأمور إرجاع القضاء في جزائها من ثواب وعقاب إليه يوم القيامة . وبني فعل ( ترجع ) إلى النائب لظهور من هو فاعل الإرجاع فإنه لا يليق إلا بالله تعالى ، فهو يمهل الناس في الدنيا وهو يرجع الأمور إليه يوم القيامة . وتقديم المجرور لإفادة الحصر الحقيقي ، أي إلى الله لا إلى غيره يرجع الجزاء لأنه ملك يوم الدين . والتعريف في ( الأمور ) للاستغراق ، أي كل أمر . وذلك جمع بين البشارة والنذارة تبعا لما قبله من قوله يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم .