nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=28995_29382_18310_18796لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين استئناف لتوبيخ عصبة الإفك من المؤمنين وتعنيفهم بعد أن سماه إفكا .
[ ص: 174 ] و ( لولا ) هنا حرف بمعنى ( هلا ) للتوبيخ كما هو شأنها إذا وليها الفعل الماضي وهو هنا (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=12ظن المؤمنون ) . وأما ( إذ سمعتموه ) فهو ظرف متعلق بفعل الظن فقدم عليه ومحل التوبيخ جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=12ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا فأسند السماع إلى جميع المخاطبين وخص بالتوبيخ من سمعوا ولم يكذبوا الخبر .
وجرى الكلام على الإبهام في التوبيخ بطريقة التعبير بصيغة الجمع وإن كان المقصود دون عدد الجمع فإن من لم يظن خيرا رجلان ، فعبر عنهما بالمؤمنين وامرأة فعبر عنها بالمؤمنات على حد قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=173الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم .
وقوله : ( بأنفسهم خيرا ) وقع في مقابلة (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=12ظن المؤمنون والمؤمنات ) فيقتضي التوزيع ، أي ظن كل واحد منهم بالآخرين ممن رموا بالإفك خيرا إذ لا يظن المرء بنفسه .
وهذا كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=11ولا تلمزوا أنفسكم أي يلمز بعضكم بعضا ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم .
روي أن
nindex.php?page=showalam&ids=50أبا أيوب الأنصاري لما بلغه خبر الإفك قال لزوجه : ألا ترين ما يقال ؟ فقالت له : لو كنت بدل
صفوان أكنت تظن بحرمة رسول الله سوءا ؟ قال : لا . قالت : ولو كنت أنا بدل
عائشة ما خنت رسول الله
فعائشة خير مني
وصفوان خير منك . قال : نعم .
وتقديم الظرف وهو ( إذ سمعتموه ) على عامله وهو ( قلتم ) للاهتمام بمدلول ذلك الظرف تنبيها على أنهم كان من واجبهم أن يطرق ظن الخير قلوبهم بمجرد سماع الخير وأن يتبرءوا من الخوض فيه بفور سماعه .
والعدول عن ضمير الخطاب في إسناد فعل الظن إلى المؤمنين التفات ، فمقتضى الظاهرة أن يقال : ظننتم بأنفسكم خيرا ، فعدل عن الخطاب للاهتمام بالتوبيخ فإن الالتفات ضرب من الاهتمام بالخبر ، وليصرح بلفظ
[ ص: 175 ] الإيمان ، دلالة على أن الاشتراك في الإيمان يقتضي أن لا يصدق مؤمن على أخيه وأخته في الدين ولا مؤمنة على أخيها وأختها في الدين قول عائب ولا طاعن . وفيه تنبيه على أن حق المؤمن إذا سمع قالة في مؤمن أن يبني الأمر فيها على الظن لا على الشك ثم ينظر في قرائن الأحوال وصلاحية المقام فإذا نسب سوء إلى عرف بالخير ظن أن ذلك إفك وبهتان حتى يتضح البرهان . وفيه تعريض بأن ظن السوء الذي وقع هو من خصال النفاق التي سرت لبعض المؤمنين عن غرور وقلة بصارة فكفى بذلك تشنيعا له .
وهذا توبيخ على عدم إعمالهم النظر في تكذيب قول ينادي حاله ببهتانه وعلى سكوتهم عليه وعدم إنكاره .
وعطف (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=12وقالوا هذا إفك مبين ) تشريع لوجوب
nindex.php?page=treesubj&link=32526_18857_18796_18310المبادرة بإنكار ما يسمعه المسلم من الطعن في المسلم بالقول كما ينكره بالظن وكذلك تغيير المنكر بالقلب واللسان .
والباء في ( بأنفسهم ) لتعدية فعل الظن إلى المفعول الثاني ; لأنه متعد هنا إلى واحد إذ هو في معنى الاتهام .
والمبين : البالغ الغاية في البيان ، أي الوضوح كأنه لقوة بيانه قد صار يبين غيره .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=28995_29382_18310_18796لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ اسْتِئْنَافٌ لِتَوْبِيخِ عُصْبَةِ الْإِفْكِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَتَعْنِيفِهِمْ بَعْدَ أَنْ سَمَّاهُ إِفْكًا .
[ ص: 174 ] وَ ( لَوْلَا ) هُنَا حَرْفٌ بِمَعْنَى ( هَلَّا ) لِلتَّوْبِيخِ كَمَا هُوَ شَأْنُهَا إِذَا وَلِيَهَا الْفِعْلُ الْمَاضِي وَهُوَ هُنَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=12ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ ) . وَأَمَّا ( إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ) فَهُوَ ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلِ الظَّنِّ فَقُدِّمَ عَلَيْهِ وَمَحَلُّ التَّوْبِيخِ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=12ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا فَأَسْنَدَ السَّمَاعَ إِلَى جَمِيعِ الْمُخَاطَبِينَ وَخَصَّ بِالتَّوْبِيخِ مَنْ سَمِعُوا وَلَمْ يُكَذِّبُوا الْخَبَرَ .
وَجَرَى الْكَلَامُ عَلَى الْإِبْهَامِ فِي التَّوْبِيخِ بِطَرِيقَةِ التَّعْبِيرِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ دُونَ عَدَدِ الْجَمْعِ فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَظُنَّ خَيْرًا رَجُلَانِ ، فَعَبَّرَ عَنْهُمَا بِالْمُؤْمِنِينَ وَامْرَأَةٌ فَعَبَّرَ عَنْهَا بِالْمُؤْمِنَاتِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=173الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ .
وَقَوْلُهُ : ( بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا ) وَقَعَ فِي مُقَابَلَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=12ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ ) فَيَقْتَضِي التَّوْزِيعَ ، أَيْ ظَنَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالْآخَرِينَ مِمَّنْ رَمَوْا بِالْإِفْكِ خَيْرًا إِذْ لَا يَظُنُّ الْمَرْءُ بِنَفْسِهِ .
وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=11وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ أَيْ يَلْمِزُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ .
رُوِيَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=50أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ لَمَّا بَلَغَهُ خَبَرُ الْإِفْكِ قَالَ لِزَوْجِهِ : أَلَا تَرَيْنَ مَا يُقَالُ ؟ فَقَالَتْ لَهُ : لَوْ كُنْتَ بَدَلَ
صَفْوَانَ أَكُنْتَ تَظُنُّ بِحُرْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ سُوءًا ؟ قَالَ : لَا . قَالَتْ : وَلَوْ كُنْتُ أَنَا بَدَلَ
عَائِشَةَ مَا خُنْتُ رَسُولَ اللَّهِ
فَعَائِشَةُ خَيْرٌ مِنِّي
وَصَفْوَانُ خَيْرٌ مِنْكَ . قَالَ : نَعَمْ .
وَتَقْدِيمُ الظَّرْفِ وَهُوَ ( إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ) عَلَى عَامِلِهِ وَهُوَ ( قُلْتُمْ ) لِلِاهْتِمَامِ بِمَدْلُولِ ذَلِكَ الظَّرْفِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُمْ كَانَ مِنْ وَاجِبِهِمْ أَنْ يَطْرُقَ ظَنُّ الْخَيْرِ قُلُوبَهُمْ بِمُجَرَّدِ سَمَاعِ الْخَيْرِ وَأَنْ يَتَبَرَّءُوا مِنَ الْخَوْضِ فِيهِ بِفَوْرِ سَمَاعِهِ .
وَالْعُدُولُ عَنْ ضَمِيرِ الْخِطَابِ فِي إِسْنَادِ فِعْلِ الظَّنِّ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ الْتِفَاتٌ ، فَمُقْتَضَى الظَّاهِرَةِ أَنْ يُقَالَ : ظَنَنْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ خَيْرًا ، فَعَدَلَ عَنِ الْخِطَابِ لِلِاهْتِمَامِ بِالتَّوْبِيخِ فَإِنَّ الِالْتِفَاتَ ضَرْبٌ مِنَ الِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ ، وَلِيُصَرِّحَ بِلَفْظِ
[ ص: 175 ] الْإِيمَانِ ، دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الْإِيمَانِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُصَدِّقَ مُؤْمِنٌ عَلَى أَخِيهِ وَأُخْتِهِ فِي الدِّينِ وَلَا مُؤْمِنَةٌ عَلَى أَخِيهَا وَأُخْتِهَا فِي الدِّينِ قَوْلَ عَائِبٍ وَلَا طَاعِنٍ . وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ حَقَّ الْمُؤْمِنِ إِذَا سَمِعَ قَالَةً فِي مُؤْمِنٍ أَنْ يَبْنِيَ الْأَمْرَ فِيهَا عَلَى الظَّنِّ لَا عَلَى الشَّكِّ ثُمَّ يَنْظُرَ فِي قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَصَلَاحِيَّةِ الْمَقَامِ فَإِذَا نُسِبَ سُوءٌ إِلَى عُرْفٍ بِالْخَيْرِ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ إِفْكٌ وَبُهْتَانٌ حَتَّى يَتَّضِحَ الْبُرْهَانُ . وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِأَنَّ ظَنَّ السَّوْءِ الَّذِي وَقَعَ هُوَ مِنْ خِصَالِ النِّفَاقِ الَّتِي سَرَتْ لِبَعْضِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ غُرُورٍ وَقِلَّةِ بَصَارَةٍ فَكَفَى بِذَلِكَ تَشْنِيعًا لَهُ .
وَهَذَا تَوْبِيخٌ عَلَى عَدَمِ إِعْمَالِهِمُ النَّظَرَ فِي تَكْذِيبِ قَوْلٍ يُنَادِي حَالُهُ بِبُهْتَانِهِ وَعَلَى سُكُوتِهِمْ عَلَيْهِ وَعَدَمِ إِنْكَارِهِ .
وَعَطْفُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=12وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ) تَشْرِيعٌ لِوُجُوبِ
nindex.php?page=treesubj&link=32526_18857_18796_18310الْمُبَادَرَةِ بِإِنْكَارِ مَا يَسْمَعُهُ الْمُسْلِمُ مِنَ الطَّعْنِ فِي الْمُسْلِمِ بِالْقَوْلِ كَمَا يُنْكِرُهُ بِالظَّنِّ وَكَذَلِكَ تَغْيِيرُ الْمُنْكَرِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ .
وَالْبَاءُ فِي ( بِأَنْفُسِهِمْ ) لِتَعْدِيَةِ فِعْلِ الظَّنِّ إِلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي ; لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ هُنَا إِلَى وَاحِدٍ إِذْ هُوَ فِي مَعْنَى الِاتِّهَامِ .
وَالْمُبِينُ : الْبَالِغُ الْغَايَةَ فِي الْبَيَانِ ، أَيِ الْوُضُوحِ كَأَنَّهُ لِقُوَّةِ بَيَانِهِ قَدْ صَارَ يُبَيِّنُ غَيْرَهُ .