وجعلناهم أيمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون عطف على جملة واستكبر هو وجنوده أي استكبروا فكانوا ينصرون الضلال ويبثونه ، أي جعلناه وجنوده أيمة للضلالة المفضية إلى النار فكأنهم يدعون إلى النار فكل يدعو بما تصل إليه يده ; فدعوة فرعون أمره ، ودعوة كهنته باختراع قواعد الضلالة وأوهامها ، ودعوة جنوده ، بتنفيذ ذلك والانتصار له .
والأيمة : جمع إمام وهو من يقتدى به في عمل من خير أو شر قال تعالى ( وجعلناهم أيمة يهدون بأمرنا ) . ومعنى جعلهم أيمة يدعون إلى النار : خلق نفوسهم منصرفة إلى الشر ومعرضة عن الإصغاء للرشد وكان وجودهم بين ناس ذلك شأنهم . فالجعل جعل تكويني بجعل أسباب ذلك ، والله بعث إليهم الرسل لإرشادهم فلم ينفع ذلك فلذلك أصروا على الكفر .
والدعاء إلى النار هو الدعاء إلى العمل الذي يوقع في النار فهي دعوة إلى النار بالمآل . وإذا كانوا يدعون إلى النار فهم من أهل النار بالأحرى ، فلذلك قال ويوم القيامة لا ينصرون أي لا يجدون من ينصرهم فيدفع عنهم عذاب النار .
ومناسبة عطف " ويوم القيامة لا ينصرون " هي أن الدعاء يقتضي جندا وأتباعا يعتزون بهم في الدنيا ، ولكنهم لا يجدون عنهم يوم القيامة ، قال " وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا " .