nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=29010ألا لله الدين الخالص استئناف للتخلص إلى
nindex.php?page=treesubj&link=19696_29428استحقاقه تعالى الإفراد بالعبادة وهو غرض السورة وأفاد التعليل للأمر بالعبادة الخالصة لله لأنه إذا كان الدين الخالص مستحقا لله وخاصا به كان الأمر بالإخلاص له مصيبا محزه فصار أمر النبيء - صلى الله عليه وسلم - بإخلاص العبادة له مسببا عن نعمة إنزال الكتاب إليه ومقتضى لكونه مستحق الإخلاص في العبادة اقتضاء الكلية لجزيئاتها . وبهذا العموم أفادت الجملة معنى التذييل فتحملت ثلاثة مواقع كلها تقتضي الفصل .
وافتتحت الجملة بأداة التنبيه تنويها بمضمونها لتتلقاه النفس بشراشرها وذلك هو ما رجح اعتبار الاستئناف فيها ، وجعل معنى التعليل حاصلا تبعا من ذكر إخلاص عام بعد إخلاص خاص وموردهما واحد .
واللام في
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3لله الدين الخالص لام الملك الذي هو بمعنى الاستحقاق ، أي : لا يحق الدين الخالص ، أي : الطاعة غير المشوبة إلا له على نحو الحمد لله .
[ ص: 318 ] وتقديم المسند لإفادة الاختصاص ؛ فأفاد قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3لله الدين الخالص أنه مستحقه وأنه مختص به .
والدين : الطاعة كما تقدم . والخالص : السالم من أن يشوبه تشريك غيره في عبادته ، فهذا هو المقصود من الآية .
ومما يتفرع على معنى الآية : إخلاص المؤمن الموحد في عبادة ربه ، أي : أن يعبد الله لأجله ، أي : طلبا لرضاه وامتثالا لأمره وهو آيل إلى أحوال النية في العبادة المشار إليها بقول النبيء - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002250إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه .
وعرف
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي nindex.php?page=treesubj&link=19694الإخلاص بأنه تجريد قصد التقرب إلى الله عن جميع الشوائب .
والإخلاص في العبادة أن يكون الداعي إلى الإتيان بالمأمور وإلى ترك المنهي إرضاء الله تعالى ، وهو معنى قولهم : لوجه الله ، أي : لقصد الامتثال بحيث لا يكون الحظ الدنيوي هو الباعث على العبادة مثل أن يعبد الله ليمدحه الناس بحيث لو تعطل المدح لترك العبادة . ولذا قيل : الرياء : الشرك الأصغر ، أي : إذا كان هو الباعث على العمل ، ومثل ذلك أن يقاتل لأجل الغنيمة فلو أيس منها ترك القتال ، فأما إن كان للنفس حظ عاجل وكان حاصلا تبعا للعبادة وليس هو المقصود فهو مغتفر وخاصة إذا كان ذلك لا تخلو عنه النفوس ، أو كان مما يعين على الاستزادة من العبادة .
وفي جامع العتبية في ما جاء من أن
nindex.php?page=treesubj&link=27212النية الصحيحة لا تبطلها الخطرة التي لا تملك . حدث
العتبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16741عيسى بن دينار عن
ابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني أن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنه ليس من بني سلمة إلا مقاتل ، فمنهم من القتال طبيعته ، ومنهم من يقاتل رياء ، ومنهم من يقاتل احتسابا ، فأي هؤلاء الشهيد من أهل الجنة ؟ فقال : يا nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل من قاتل على شيء من هذه الخصال أصل أمره أن تكون كلمة الله هي العليا فقتل فهو شهيد من أهل الجنة .
[ ص: 319 ] قال
ابن رشد في شرحه : هذا الحديث : فيه نص جلي على أن من كان أصل عمله لله وعلى ذلك عقد نيته لم تضره الخطرات التي تقع في القلب ولا تملك ، على ما قاله
مالك خلاف ما ذهب إليه
ربيعة ، وذلك أنهما سئلا عن
nindex.php?page=treesubj&link=18893_32499_18692الرجل يحب أن يلقى في طريق المسجد ويكره أن يلقى في طريق السوق فأنكر ذلك
ربيعة ولم يعجبه أن يحب أحد أن يرى في شيء من أعمال الخير .
وقال
مالك : إذا كان أول ذلك وأصله لله فلا بأس به إن شاء الله ؛ قال الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=39وألقيت عليك محبة مني وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=84واجعل لي لسان صدق في الآخرين .
قال
مالك ، وإنما هذا شيء يكون في القلب لا يملك وذلك وسوسة الشيطان ليمنعه من العمل فمن وجد ذلك فلا يكسله عن التمادي على فعل الخير ولا يؤيسه من الأجر وليدفع الشيطان عن نفسه ما استطاع ؛ أي : إذا أراد تثبيطه عن العمل ، ويجدد النية فإن هذا غير مؤاخذ به إن شاء الله اهـ .
وذكر قبل ذلك عن
مالك أنه رأى رجلا من أهل
مصر يسأل عن ذلك
ربيعة . وذكر أن
ربيعة أنكر ذلك . قال
مالك : فقلت له ما ترى في التهجير إلى المسجد قبل الظهر ؟ قال : ما زال الصالحون يهجرون .
وفي جامع المعيار : سئل
مالك عن الرجل يذهب إلى الغزو ومعه فضل مال ليصيب به من فضل الغنيمة ؛ أي : ( ليشتري من الناس ما صح لهم من الغنيمة ) فأجاب لا بأس به ونزع بآية التجارة في الحج قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم وأن ذلك غير مانع ولا قادح في صحة العبادة إذا كان قصده بالعبادة وجه الله ولا يعد هذا تشريكا في العبادة لأن الله هو الذي أباح ذلك ورفع الحرج عن فاعله مع أنه قال
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا فدل أن هذا التشريك ليس بداخل بلفظه ولا بمعناه تحت آية الكهف اهـ .
وأقول : إن قصد إلى العبادة ليتقرب إلى الله فيسأله ما فيه صلاحه في الدنيا أيضا لا ضير فيه ، لأن تلك العبادة جعلت وسيلة للدعاء ونحوه ، وكل ذلك تقرب إلى الله تعالى ، وقد شرعت صلوات لكشف الضر وقضاء الحوائج مثل صلاة الاستخارة وصلاة الضر والحاجة ، ومن المغتفر أيضا أن يقصد العامل من عمله
[ ص: 320 ] أن يدعو له المسلمون ويذكروه بخير . وفي هذا المعنى قال
nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة - رضي الله عنه - حين خروجه إلى غزوة
مؤتة ودعا له المسلمون حين ودعوه ولمن معه بأن يردهم الله سالمين :
لكنني أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فرع تقذف الزبدا أو طعنة من يدي حران مجهزة
بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا حتى يقولوا إذا مروا على جدثي
أرشدك الله من غاز وقد رشدا
وقد علمت من تقييدنا الحظ بأنه حظ دنيوي أن رجاء الثواب واتقاء العقاب هو داخل في معنى الإخلاص لأنه راجع إلى التقرب لرضى الله تعالى .
وينبغي أن تعلم أن فضيلة الإخلاص في العبادة هي قضية أخص من قضية صحة العبادة وإجزائها في ذاتها إذ قد تعرو العبادة عن فضيلة الإخلاص وهي مع ذلك صحيحة مجزئة ، فللإخلاص أثر في تحصيل ثواب العمل وزيادته ولا علاقة له بصحة العمل .
وفي مفاتيح الغيب : وأما الإخلاص فهو أن يكون الداعي إلى الإتيان بالفعل أو الترك مجرد الانقياد ، فإن حصل معه داع آخر ، فإما أن يكون جانب الداعي إلى الانقياد راجحا على جانب الداعي المغاير ، أو معادلا له ، أو مرجوحا . وأجمعوا على أن المعادل والمرجوح ساقط ، وأما إذا كان الداعي إلى الطاعة راجحا على جانب الداعي الآخر فقد اختلفوا في أنه هل يفيد أو لا اهـ .
وذكر
أبو إسحاق الشاطبي : أن
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي ( أي : في كتاب النية من الربع الرابع من الإحياء ) يذهب إلى أن ما كان فيه داعي غير الطاعة مرجوحا أنه ينافي الإخلاص . وعلامته أن تصير الطاعة أخف على العبد بسبب ما فيها من غرض ، وأن
أبا بكر بن العربي ( أي : في كتاب سراج المريدين كما نقله في المعيار ) يذهب إلى أن ذلك لا يقدح في الإخلاص .
قال
الشاطبي : وكان مجال النظر في المسألة يلتفت إلى انفكاك القصدين أو عدم انفكاكهما ،
فالغزالي يلتفت إلى مجرد وجود اجتماع القصدين سواء كان القصدان مما يصح انفكاكهما أو لا ،
وابن العربي يلتفت إلى وجه الانفكاك .
[ ص: 321 ] فهذه مسألة دقيقة ألحقناها بتفسير الآية لتعلقها بالإخلاص المراد في الآية ، وللتنبيه على التشابه العارض بين المقاصد التي تقارن قصد العبادة وبين إشراك المعبود في العبادة بغيره .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=29010أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ اسْتِئْنَافٌ لِلتَّخَلُّصِ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=19696_29428اسْتِحْقَاقِهِ تَعَالَى الْإِفْرَادَ بِالْعِبَادَةِ وَهُوَ غَرَضُ السُّورَةِ وَأَفَادَ التَّعْلِيلَ لِلْأَمْرِ بِالْعِبَادَةِ الْخَالصَةِ لِلَّهِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الدِّينُ الْخَالصُ مُسْتَحَقًّا لِلَّهِ وَخَاصًّا بِهِ كَانَ الْأَمْرُ بِالْإِخْلَاصِ لَهُ مُصِيبًا مَحَزَّهُ فَصَارَ أَمْرُ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لَهُ مُسَبَّبًا عَنْ نِعْمَةِ إِنْزَالِ الْكِتَابِ إِلَيْهِ وَمُقْتَضًى لِكَوْنِهِ مُسْتَحِقَ الْإِخْلَاصِ فِي الْعِبَادَةِ اقْتِضَاءَ الْكُلِّيَّةِ لِجُزَيْئَاتِهَا . وَبِهَذَا الْعُمُومِ أَفَادَتِ الْجُمْلَةُ مَعْنَى التَّذْيِيلِ فَتَحَمَّلَتْ ثَلَاثَةَ مَوَاقِعَ كُلَّهَا تَقْتَضِي الْفَصْلَ .
وَافْتُتِحَتِ الْجُمْلَةُ بِأَدَاةِ التَّنْبِيهِ تَنْوِيهًا بِمَضْمُونِهَا لِتَتَلَقَّاهُ النَّفْسُ بِشَرَاشِرِهَا وَذَلِكَ هُوَ مَا رَجَّحَ اعْتِبَارَ الِاسْتِئْنَافِ فِيهَا ، وَجَعَلَ مَعْنَى التَّعْلِيلَ حَاصِلًا تَبَعًا مِنْ ذِكْرِ إِخْلَاصٍ عَامٍّ بَعْدَ إِخْلَاصٍ خَاصٍّ وَمَوْرِدُهُمَا وَاحِدٌ .
وَاللَّامُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ لَامُ الْمِلْكِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الِاسْتِحْقَاقِ ، أَيْ : لَا يَحِقُّ الدِّينُ الْخَالصُ ، أَيْ : الطَّاعَةُ غَيْرُ الْمَشُوبَةِ إِلَّا لَهُ عَلَى نَحْوِ الْحَمْدُ لِلَّهِ .
[ ص: 318 ] وَتَقْدِيمُ الْمُسْنَدِ لِإِفَادَةِ الِاخْتِصَاصِ ؛ فَأَفَادَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ أَنَّهُ مُسْتَحِقُّهُ وَأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهِ .
وَالدِّينُ : الطَّاعَةُ كَمَا تَقَدَّمَ . وَالْخَالِصُ : السَّالِمُ مِنْ أَنْ يَشُوبَهُ تَشْرِيكُ غَيْرِهِ فِي عِبَادَتِهِ ، فَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةِ .
وَمِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَعْنَى الْآيَةِ : إِخْلَاصُ الْمُؤْمِنِ الْمُوَحِّدِ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ ، أَيْ : أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ لِأَجْلِهِ ، أَيْ : طَلَبًا لِرِضَاهُ وَامْتِثَالًا لِأَمْرِهِ وَهُوَ آيِلٌ إِلَى أَحْوَالِ النِّيَّةِ فِي الْعِبَادَةِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا بِقَوْلِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002250إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ .
وَعَرَّفَ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيُّ nindex.php?page=treesubj&link=19694الْإِخْلَاصَ بِأَنَّهُ تَجْرِيدُ قَصَدِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ عَنْ جَمِيعِ الشَّوَائِبِ .
وَالْإِخْلَاصُ فِي الْعِبَادَةِ أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي إِلَى الْإِتْيَانِ بِالْمَأْمُورِ وَإِلَى تَرْكِ الْمَنْهِيِّ إِرْضَاءَ اللَّهَ تَعَالَى ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ : لِوَجْهِ اللَّهِ ، أَيْ : لِقَصْدِ الِامْتِثَالِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ الْحَظُّ الدُّنْيَوِيُّ هُوَ الْبَاعِثُ عَلَى الْعِبَادَةِ مِثْلَ أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ لِيَمْدَحَهُ النَّاسُ بِحَيْثُ لَوْ تَعَطَّلَ الْمَدْحُ لَتَرَكَ الْعِبَادَةَ . وَلِذَا قِيلَ : الرِّيَاءُ : الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ ، أَيْ : إِذَا كَانَ هُوَ الْبَاعِثُ عَلَى الْعَمَلِ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ أَنْ يُقَاتِلَ لِأَجْلِ الْغَنِيمَةِ فَلَوْ أَيِسَ مِنْهَا تَرَكَ الْقِتَالَ ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ لِلنَّفْسِ حَظٌّ عَاجِلٌ وَكَانَ حَاصِلًا تَبَعًا لِلْعِبَادَةِ وَلَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودُ فَهُوَ مُغْتَفَرٌ وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ ذَلِكَ لَا تَخْلُو عَنْهُ النُّفُوسُ ، أَوْ كَانَ مِمَّا يُعِينُ عَلَى الِاسْتِزَادَةِ مِنَ الْعِبَادَةِ .
وَفِي جَامِعِ الْعُتْبِيَّةِ فِي مَا جَاءَ مِنْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27212النِّيَّةَ الصَّحِيحَةَ لَا تُبْطِلُهَا الْخَطْرَةُ الَّتِي لَا تُمْلَكُ . حَدَّثَ
الْعُتْبِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16741عِيسَى بْنِ دِينَارٍ عَنِ
ابْنِ وَهْبٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16566عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ إِلَّا مُقَاتِلٌ ، فَمِنْهُمْ مَنِ الْقِتَالُ طَبِيعَتُهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَاتِلُ رِيَاءً ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَاتِلُ احْتِسَابًا ، فَأَيُّ هَؤُلَاءِ الشَّهِيدُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ فَقَالَ : يَا nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ مَنْ قَاتَلَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ أَصْلُ أَمْرِهِ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ .
[ ص: 319 ] قَالَ
ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْحَدِيثُ : فِيهِ نَصٌّ جَلِيٌّ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ أَصْلُ عَمَلِهِ لِلَّهِ وَعَلَى ذَلِكَ عَقَدَ نِيَّتَهُ لَمْ تَضُرْهُ الْخَطَرَاتُ الَّتِي تَقَعُ فِي الْقَلْبِ وَلَا تُمْلَكُ ، عَلَى مَا قَالَهُ
مَالِكٌ خِلَافَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
رَبِيعَةُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمَا سُئِلَا عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=18893_32499_18692الرَّجُلِ يُحِبُّ أَنْ يُلْقَى فِي طَرِيقِ الْمَسْجِدِ وَيَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي طَرِيقِ السُّوقِ فَأَنْكَرُ ذَلِكَ
رَبِيعَةُ وَلَمْ يُعْجِبْهُ أَنْ يُحِبَّ أَحَدٌ أَنْ يُرَى فِي شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ .
وَقَالَ
مَالِكٌ : إِذَا كَانَ أَوَّلُ ذَلِكَ وَأَصْلُهُ لِلَّهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=39وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=84وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ .
قَالَ
مَالِكٌ ، وَإِنَّمَا هَذَا شَيْءٌ يَكُونُ فِي الْقَلْبِ لَا يُمْلَكُ وَذَلِكَ وَسْوَسَةُ الشَّيْطَانِ لِيَمْنَعَهُ مِنَ الْعَمَلِ فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَلَا يُكْسِلَهُ عَنِ التَّمَادِي عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ وَلَا يُؤَيِّسُهُ مِنَ الْأَجْرِ وَلِيَدْفَعَ الشَّيْطَانَ عَنْ نَفْسِهِ مَا اسْتَطَاعَ ؛ أَيْ : إِذَا أَرَادَ تَثْبِيطَهُ عَنِ الْعَمَلِ ، وَيُجَدِّدَ النِّيَّةَ فَإِنَّ هَذَا غَيْرُ مُؤَاخَذٍ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ اهـ .
وَذُكِرَ قَبْلَ ذَلِكَ عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا مِنْ أَهْلِ
مِصْرَ يَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ
رَبِيعَةَ . وَذَكَرَ أَنَّ
رَبِيعَةَ أَنْكَرَ ذَلِكَ . قَالَ
مَالِكٌ : فَقُلْتُ لَهُ مَا تَرَى فِي التَّهْجِيرِ إِلَى الْمَسْجِدِ قَبْلَ الظُّهْرِ ؟ قَالَ : مَا زَالَ الصَّالِحُونَ يُهَجِّرُونَ .
وَفِي جَامِعِ الْمِعْيَارِ : سُئِلَ
مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَذْهَبُ إِلَى الْغَزْوِ وَمَعَهُ فَضْلُ مَالٍ لِيُصِيبَ بِهِ مِنْ فَضْلِ الْغَنِيمَةِ ؛ أَيْ : ( لِيَشْتَرِيَ مِنَ النَّاسِ مَا صَحَّ لَهُمْ مِنَ الْغَنِيمَةِ ) فَأَجَابَ لَا بَأْسَ بِهِ وَنَزَعَ بِآيَةِ التِّجَارَةِ فِي الْحَجِّ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَانِعٍ وَلَا قَادِحٍ فِي صِحَّةِ الْعِبَادَةِ إِذَا كَانَ قَصْدُهُ بِالْعِبَادَةِ وَجْهَ اللَّهِ وَلَا يُعَدُّ هَذَا تَشْرِيكًا فِي الْعِبَادَةِ لِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَبَاحَ ذَلِكَ وَرَفَعَ الْحَرَجَ عَنْ فَاعِلِهِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا فَدَلَّ أَنَّ هَذَا التَّشْرِيكَ لَيْسَ بِدَاخِلٍ بِلَفْظِهِ وَلَا بِمَعْنَاهُ تَحْتَ آيَةِ الْكَهْفِ اهـ .
وَأَقُولُ : إِنْ قَصَدَ إِلَى الْعِبَادَةِ لِيَتَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ فَيَسْأَلُهُ مَا فِيهِ صَلَاحُهُ فِي الدُّنْيَا أَيْضًا لَا ضَيْرَ فِيهِ ، لِأَنَّ تِلْكَ الْعِبَادَةَ جُعِلَتْ وَسِيلَةً لِلدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ تَقَرُّبٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَدْ شُرِعَتْ صَلَوَاتٌ لِكَشْفِ الضُّرِّ وَقَضَاءِ الْحَوَائِجِ مِثْلَ صَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ وَصَلَاةِ الضُّرِّ وَالْحَاجَةِ ، وَمِنَ الْمُغْتَفَرِ أَيْضًا أَنْ يَقْصِدَ الْعَامِلُ مِنْ عَمَلِهِ
[ ص: 320 ] أَنْ يَدْعُوَ لَهُ الْمُسْلِمُونَ وَيَذْكُرُوهُ بِخَيْرٍ . وَفِي هَذَا الْمَعْنَى قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=82عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ خُرُوجِهِ إِلَى غَزْوَةِ
مُؤْتَةَ وَدَعَا لَهُ الْمُسْلِمُونَ حِينَ وَدَّعُوهُ وَلِمَنْ مَعَهُ بِأَنْ يَرُدَّهُمُ اللَّهُ سَالِمِينَ :
لَكِنَّنِي أَسْأَلُ الرَّحْمَنَ مَغْفِرَةً وَضَرْبَةً ذَاتَ فَرْعٍ تَقْذِفُ الزَّبَدَا أَوْ طَعْنَةً مِنْ يَدَيْ حَرَّانَ مُجْهِزَةً
بِحَرْبَةٍ تَنْفُذُ الْأَحْشَاءَ وَالْكَبِدَا حَتَّى يَقُولُوا إِذَا مَرُّوا عَلَى جَدَثِي
أَرْشَدَكَ اللَّهُ مِنْ غَازٍ وَقَدْ رَشَدَا
وَقَدْ عَلِمْتَ مِنْ تَقْيِيدِنَا الْحَظَّ بِأَنَّهُ حَظٌّ دُنْيَوِيٌّ أَنَّ رَجَاءَ الثَّوْابِ وَاتِّقَاءَ الْعِقَابِ هُوَ دَاخِلٌ فِي مَعْنَى الْإِخْلَاصِ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى التَّقَرُّبِ لِرِضَى اللَّهِ تَعَالَى .
وَيَنْبَغِي أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ فَضِيلَةَ الْإِخْلَاصِ فِي الْعِبَادَةِ هِيَ قَضِيَّةٌ أَخَصُّ مِنْ قَضِيَّةِ صِحَّةِ الْعِبَادَةِ وَإِجْزَائِهَا فِي ذَاتِهَا إِذْ قَدْ تَعْرُو الْعِبَادَةِ عَنْ فَضِيلَةِ الْإِخْلَاصِ وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ صَحِيحَةٌ مُجْزِئَةٌ ، فَلِلْإِخْلَاصِ أَثَرٌ فِي تَحْصِيلِ ثَوَابِ الْعَمَلِ وَزِيَادَتِهِ وَلَا عَلَاقَةَ لَهُ بِصِحَّةِ الْعَمَلِ .
وَفِي مَفَاتِيحِ الْغَيْبِ : وَأَمَّا الْإِخْلَاصُ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي إِلَى الْإِتْيَانِ بِالْفِعْلِ أَوِ التَّرْكِ مُجَرَّدَ الِانْقِيَادِ ، فَإِنْ حَصَلَ مَعَهُ دَاعٍ آخَرَ ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ جَانِبُ الدَّاعِي إِلَى الِانْقِيَادِ رَاجِحًا عَلَى جَانِبِ الدَّاعِي الْمُغَايِرِ ، أَوْ مُعَادِلًا لَهُ ، أَوْ مَرْجُوحًا . وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُعَادِلَ وَالْمَرْجُوحَ سَاقِطٌ ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ الدَّاعِي إِلَى الطَّاعَةِ رَاجِحًا عَلَى جَانِبِ الدَّاعِي الْآخَرِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ يُفِيدُ أَوْ لَا اهـ .
وَذَكَرَ
أَبُو إِسْحَاقَ الشَّاطِبِيُّ : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيَّ ( أَيْ : فِي كِتَابِ النِّيَّةِ مِنَ الرُّبْعِ الرَّابِعِ مِنَ الْإِحْيَاءِ ) يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ مَا كَانَ فِيهِ دَاعِيَ غَيْرِ الطَّاعَةِ مَرْجُوحًا أَنَّهُ يُنَافِي الْإِخْلَاصَ . وَعَلَامَتُهُ أَنْ تَصِيرَ الطَّاعَةُ أَخَفَّ عَلَى الْعَبْدِ بِسَبَبِ مَا فِيهَا مِنْ غَرَضٍ ، وَأَنَّ
أَبَا بَكْرٍ بْنَ الْعَرَبِيِّ ( أَيْ : فِي كِتَابِ سِرَاجِ الْمُرِيدِينَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ ) يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي الْإِخْلَاصِ .
قَالَ
الشَّاطِبِيُّ : وَكَانَ مَجَالُ النَّظَرِ فِي الْمَسْأَلَةِ يَلْتَفِتُ إِلَى انْفِكَاكِ الْقَصْدَيْنِ أَوْ عَدَمِ انْفِكَاكِهِمَا ،
فَالْغَزَالِيُّ يَلْتَفِتُ إِلَى مُجَرَّدِ وُجُودِ اجْتِمَاعِ الْقَصْدَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الْقَصْدَانِ مِمَّا يَصِحُّ انْفِكَاكُهُمَا أَوْ لَا ،
وَابْنُ الْعَرَبِيِّ يَلْتَفِتُ إِلَى وَجْهِ الِانْفِكَاكِ .
[ ص: 321 ] فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ دَقِيقَةٌ أَلْحَقْنَاهَا بِتَفْسِيرِ الْآيَةِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْإِخْلَاصِ الْمُرَادِ فِي الْآيَةِ ، وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى التَّشَابُهِ الْعَارِضِ بَيْنَ الْمَقَاصِدِ الَّتِي تُقَارِنُ قَصْدَ الْعِبَادَةِ وَبَيْنَ إِشْرَاكِ الْمَعْبُودِ فِي الْعِبَادَةِ بِغَيْرِهِ .