[ ص: 332 ] nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=29010_31753_28862وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج استدلال بما خلقه الله تعالى من الأنعام عطف على الاستدلال بخلق الإنسان لأن المخاطبين بالقرآن يومئذ قوام حياتهم بالأنعام ولا تخلو الأمم يومئذ من الحاجة إلى الأنعام ولم تزل الحاجة إلى الأنعام حافة بالبشر في قوام حياتهم .
وهذا اعتراض بين جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1خلقكم من نفس واحدة وبين
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6يخلقكم في بطون أمهاتكم لمناسبة أزواج الأنعام لزوج النفس الواحدة .
وأدمج في هذا الاستدلال امتنان بما فيها من المنافع للناس لما دل عليه قوله " لكم " لأن في الأنعام مواد عظيمة لبقاء الإنسان وهي التي في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5والأنعام خلقها لكم فيها دفء إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=7إلا بشق الأنفس وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80ومن أصوافها وأوبارها إلخ ؛ في سورة النحل .
والإنزال : نقل الجسم من علو إلى سفل ، ويطلق على تذليل الأمر الصعب كما يقال : نزلوا على حكم فلان ، لأن الأمر الصعب يتخيل صعب المنال كالمعتصم بقمم الجبال ، قال
خصاب بن المعلى من شعراء الحماسة :
أنزلني الدهر على حكمه من شاهق عال إلى خفض
فإطلاق الإنزال هنا بمعنى التذليل والتمكين على نحو قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=25وأنزلنا الحديد أي سخرناه للناس فألهمناهم إلى معرفة قينه يتخذونه سيوفا ودروعا ورماحا وعتادا مع شدته وصلابته . ويجوز أن يكون إنزال الأنعام إنزالها الحقيقي ، أي : إنزال أصولها من سفينة
نوح كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=11ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم أي : خلقنا أصلكم وهو
آدم ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=40قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين فيكون الإنزال هو الإهباط ؛ قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=48قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك فهذان وجهان حسنان لإطلاق الإنزال ، وهما أحسن من تأويل المفسرين إنزال الأنعام بمعنى : الخلق ، أي : لأن خلقها بأمر التكوين ينزل من حضرة القدس إلى الملائكة .
[ ص: 333 ] والأزواج : الأنواع ، كما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=3ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين والمراد أنواع الإبل والغنم والبقر والمعز .
وأطلق على النوع اسم الزوج الذي هو المثني لغيره لأن كل نوع يتقوم كيانه من الذكر والأنثى وهما زوجان أو أطلق عليها أزواج لأنه أشار إلى ما أنزل من سفينة
نوح منها وهو ذكر وأنثى من كل نوع كما تقدم آنفا .
[ ص: 332 ] nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=29010_31753_28862وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ اسْتِدْلَالٌ بِمَا خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْأَنْعَامِ عُطِفَ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِخَلْقِ الْإِنْسَانِ لِأَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِالْقُرْآنِ يَوْمَئِذٍ قِوَامُ حَيَاتِهِمْ بِالْأَنْعَامِ وَلَا تَخْلُو الْأُمَمُ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْحَاجَةِ إِلَى الْأَنْعَامِ وَلَمْ تَزَلِ الْحَاجَةُ إِلَى الْأَنْعَامِ حَافَّةً بِالْبَشَرِ فِي قِوَامِ حَيَاتِهِمْ .
وَهَذَا اعْتِرَاضٌ بَيْنَ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَبَيْنَ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لِمُنَاسِبَةِ أَزْوَاجِ الْأَنْعَامِ لِزَوْجِ النَّفْسِ الْوَاحِدَةِ .
وَأُدْمِجَ فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ امْتِنَانٌ بِمَا فِيهَا مِنَ الْمَنَافِعِ لِلنَّاسِ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ " لَكُمْ " لِأَنَّ فِي الْأَنْعَامِ مَوَادَّ عَظِيمَةً لِبَقَاءِ الْإِنْسَانِ وَهِيَ الَّتِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=7إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا إِلَخْ ؛ فِي سُورَةِ النَّحْلِ .
وَالْإِنْزَالُ : نَقْلُ الْجِسْمِ مِنْ عُلْوٍ إِلَى سُفْلٍ ، وَيُطْلَقُ عَلَى تَذْلِيلِ الْأَمْرِ الصَّعْبِ كَمَا يُقَالُ : نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ فُلَانٍ ، لِأَنَّ الْأَمْرَ الصَّعْبَ يُتَخَيَّلُ صَعْبَ الْمَنَالِ كَالْمُعْتَصِمِ بِقِمَمِ الْجِبَالِ ، قَالَ
خَصَّابُ بْنُ الْمُعَلَّى مِنْ شُعَرَاءِ الْحَمَاسَةِ :
أَنْزَلَنِي الدَّهْرُ عَلَى حُكْمِهِ مِنْ شَاهِقٍ عَالٍ إِلَى خَفْضِ
فَإِطْلَاقُ الْإِنْزَالِ هُنَا بِمَعْنَى التَّذْلِيلِ وَالتَّمْكِينِ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=25وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ أَيْ سَخَّرْنَاهُ لِلنَّاسِ فَأَلْهَمْنَاهُمْ إِلَى مَعْرِفَةِ قَيْنِهِ يَتَّخِذُونَهُ سُيُوفًا وَدُرُوعًا وَرِمَاحًا وَعَتَادًا مَعَ شِدَّتِهِ وَصَلَابَتِهِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِنْزَالُ الْأَنْعَامِ إِنْزَالَهَا الْحَقِيقِيَّ ، أَيْ : إِنْزَالُ أُصُولِهَا مِنْ سَفِينَةِ
نُوحٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=11وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ أَيْ : خَلَقْنَا أَصْلَكُمْ وَهُوَ
آدَمُ ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=40قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ فَيَكُونُ الْإِنْزَالُ هُوَ الْإِهْبَاطُ ؛ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=48قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ فَهَذَانِ وَجْهَانِ حَسَنَانِ لِإِطْلَاقِ الْإِنْزَالِ ، وَهُمَا أَحْسَنُ مِنْ تَأْوِيلِ الْمُفَسِّرِينَ إِنْزَالَ الْأَنْعَامِ بِمَعْنَى : الْخَلْقِ ، أَيْ : لِأَنَّ خَلْقَهَا بِأَمْرِ التَّكْوِينِ يَنْزِلُ مِنْ حَضْرَةِ الْقُدْسِ إِلَى الْمَلَائِكَةِ .
[ ص: 333 ] وَالْأَزْوَاجُ : الْأَنْوَاعُ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=3وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَالْمُرَادُ أَنْوَاعُ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْمَعْزِ .
وَأُطْلِقَ عَلَى النَّوْعِ اسْمُ الزَّوْجِ الَّذِي هُوَ الْمُثَنِّي لِغَيْرِهِ لِأَنَّ كُلَّ نَوْعٍ يَتَقَوَّمُ كِيَانُهُ مِنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَهُمَا زَوْجَانِ أَوْ أُطْلِقَ عَلَيْهَا أَزْوَاجٌ لِأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا أُنْزِلَ مِنْ سَفِينَةِ
نُوحٍ مِنْهَا وَهُوَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى مِنْ كُلِّ نَوْعٍ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا .