nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=29010_28678_29687ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون بعد أن أجري على اسم الله تعالى من الأخبار والصفات القاضية بأنه المتصرف في الأكوان كلها : جواهرها وأعراضها ، ظاهرها وخفيها ، ابتداء من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5خلق السماوات والأرض بالحق ما يرشد العاقل إلى أنه المنفرد بالتصرف المستحق العبادة المنفرد بالإلهية أعقب ذلك باسم الإشارة للتنبيه على أنه حقيق بما يرد بعده من أجل تلك التصرفات والصفات .
والجملة فذلكة ونتيجة أنتجتها الأدلة السابقة ولذلك فصلت .
واسم الإشارة لتمييز صاحب تلك الصفات عن غيره تمييزا يفضي إلى ما يرد بعد اسم الإشارة على نحو ما قرر في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أولئك على هدى من ربهم في سورة البقرة .
والمعنى : ذلكم الذي خلق وسخر وأنشأ الناس والأنعام وخلق الإنسان أطوارا هو الله ، فلا تشركوا معه غيره إذ لم تبق شبهة تعذر أهل الشرك بشركهم ، أي : ليس شأنه بمشابه حال غيره من آلهتكم قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم .
والإتيان باسمه العلم لإحضار المسمى في الأذهان باسم مختص زيادة في البيان لأن حال المخاطبين نزل منزلة حال من لم يعلم أن فاعل تلك الأفعال العظيمة هو الله تعالى .
واسم الجلالة خبر عن اسم الإشارة . وقوله " ربكم " صفة لاسم الجلالة .
[ ص: 336 ] ووصفه بالربوبية تذكير لهم بنعمة الإيجاد والإمداد وهو معنى الربوبية ، وتوطئة للتسجيل عليهم بكفران نعمته الآتي في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر .
وجملة له الملك خبر ثان عن اسم الإشارة .
والملك : أصله مصدر ملك ، وهو مثلث الميم إلا أن مضموم الميم خصه الاستعمال بملك البلاد ورعاية الناس ، وفيه جاء قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=26تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وصاحبه : ملك ، بفتح الميم وكسر اللام ، وجمعه : ملوك .
وتقديم المجرور لإفادة الحصر الادعائي ، أي : الملك لله لا لغيره ، وأما ملك الملوك فهو لنقصه وتعرضه للزوال بمنزلة العدم ، كما تقدم في قوله تعالى الحمد لله ، وفي حديث القيامة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002253ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض " فالإلهية هي الملك الحق ، ولذلك كان ادعاؤهم شركاء للإله الحق خطأ ، فكان الحصر الادعائي لإبطال ادعاء المشركين .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6لا إله إلا هو بيان لجملة الحصر في قوله له الملك .
وفرع عليه استفهام إنكاري عن انصرافهم عن توحيد الله تعالى ، ولما كان الانصراف حالة استفهم عنها بكلمة " أنى " التي هي بمعنى كيف ؛ كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة .
والصرف : الإبعاد عن شيء ، والمصروف عنه هنا محذوف ، تقديره : عن توحيده ، بقرينة قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6لا إله إلا هو .
وجعلهم مصروفين عن التوحيد ولم يذكر لهم صارفا ، فجاء في ذلك بالفعل المبني للمجهول ولم يقل لهم : فأنى تنصرفون ، نعيا عليهم بأنهم كالمقودين إلى الكفر غير المستقلين بأمورهم يصرفهم الصارفون ، يعني أيمة الكفر أو الشياطين الموسوسين لهم . وذلك إلهاب لأنفسهم ليكفوا عن امتثال أيمتهم الذين يقولون لهم
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=26لا تسمعوا لهذا القرآن عسى أن ينظروا بأنفسهم في دلائل الوحدانية المذكورة لهم .
[ ص: 337 ] والمعنى : فكيف يصرفكم صارف عن توحيده بعدما علمتم من الدلائل الآنفة .
والمضارع هنا مراد منه زمن الاستقبال بقرينة تفريعه على ما قبله من الدلائل .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=29010_28678_29687ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ بَعْدَ أَنْ أُجْرِيَ عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْأَخْبَارِ وَالصِّفَاتِ الْقَاضِيَةِ بِأَنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ فِي الْأَكْوَانِ كُلِّهَا : جَوَاهِرِهَا وَأَعْرَاضِهَا ، ظَاهِرِهَا وَخَفِيِّهَا ، ابْتِدَاءً مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ مَا يُرْشِدُ الْعَاقِلَ إِلَى أَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ بِالتَّصَرُّفِ الْمُسْتَحَقِّ الْعِبَادَةِ الْمُنْفَرِدِ بِالْإِلَهِيَّةِ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ حَقِيقٌ بِمَا يَرِدُ بَعْدَهُ مِنْ أَجْلِ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتِ وَالصِّفَاتِ .
وَالْجُمْلَةُ فَذْلَكَةٌ وَنَتِيجَةٌ أَنْتَجَتْهَا الْأَدِلَّةُ السَّابِقَةُ وَلِذَلِكَ فُصِلَتْ .
وَاسْمُ الْإِشَارَةِ لِتَمْيِيزِ صَاحِبِ تِلْكَ الصِّفَاتِ عَنْ غَيْرِهِ تَمْيِيزًا يُفْضِي إِلَى مَا يَرِدُ بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ عَلَى نَحْوِ مَا قُرِّرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَالْمَعْنَى : ذَلِكُمُ الَّذِي خَلَقَ وَسَخَّرَ وَأَنْشَأَ النَّاسَ وَالْأَنْعَامَ وَخَلَقَ الْإِنْسَانَ أَطْوَارًا هُوَ اللَّهُ ، فَلَا تُشْرِكُوا مَعَهُ غَيْرَهُ إِذْ لَمْ تَبْقَ شُبْهَةٌ تَعْذُرُ أَهْلَ الشِّرْكِ بِشِرْكِهِمْ ، أَيْ : لَيْسَ شَأْنُهُ بِمُشَابِهٍ حَالَ غَيْرِهِ مِنْ آلِهَتِكُمْ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ .
وَالْإِتْيَانُ بِاسْمِهِ الْعَلَمِ لِإِحْضَارِ الْمُسَمَّى فِي الْأَذْهَانِ بَاسِمٍ مُخْتَصٍّ زِيَادَةً فِي الْبَيَانِ لِأَنَّ حَالَ الْمُخَاطَبِينَ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ حَالِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فَاعِلَ تِلْكَ الْأَفْعَالِ الْعَظِيمَةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَاسْمُ الْجَلَالَةِ خَبَرٌ عَنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ . وَقَولُهُ " رَبُّكُمْ " صِفَةٌ لِاسْمِ الْجَلَالَةِ .
[ ص: 336 ] وَوَصْفُهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ تَذْكِيرٌ لَهُمْ بِنِعْمَةِ الْإِيجَادِ وَالْإِمْدَادِ وَهُوَ مَعْنَى الرُّبُوبِيَّةِ ، وَتَوْطِئَةٌ لِلتَّسْجِيلِ عَلَيْهِمْ بِكُفْرَانِ نِعْمَتِهِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ .
وَجُمْلَةُ لَهُ الْمُلْكُ خَبَرٌ ثَانٍ عَنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ .
وَالْمُلْكُ : أَصْلُهُ مَصْدَرُ مَلَكَ ، وَهُوَ مُثَلَّثُ الْمِيمِ إِلَّا أَنَّ مَضْمُومَ الْمِيمِ خَصَّهُ الِاسْتِعْمَالُ بِمُلْكِ الْبِلَادِ وَرِعَايَةِ النَّاسِ ، وَفِيهِ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=26تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَصَاحِبُهُ : مَلِكٌ ، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ ، وَجَمْعُهُ : مُلُوكٌ .
وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ لِإِفَادَةِ الْحَصْرِ الِادِّعَائِيِّ ، أَيْ : الْمُلْكُ لِلَّهِ لَا لِغَيْرِهِ ، وَأَمَّا مُلْكُ الْمُلُوكِ فَهُوَ لِنَقْصِهِ وَتَعَرُّضِهِ لِلزَّوَالِ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى الْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002253ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ " فَالْإِلَهِيَّةُ هِيَ الْمُلْكُ الْحَقُّ ، وَلِذَلِكَ كَانَ ادِّعَاؤُهُمْ شُرَكَاءَ لِلْإِلَهِ الْحَقِّ خَطَأٌ ، فَكَانَ الْحَصْرُ الِادِّعَائِيُّ لِإِبْطَالِ ادِّعَاءِ الْمُشْرِكِينَ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ الْحَصْرِ فِي قَوْلِهِ لَهُ الْمُلْكُ .
وَفُرِّعَ عَلَيْهِ اسْتِفْهَامٌ إِنْكَارِيٌّ عَنِ انْصِرَافِهِمْ عَنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلَمَّا كَانَ الِانْصِرَافُ حَالَةً اسْتُفْهِمَ عَنْهَا بِكَلِمَةِ " أَنَّى " الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى كَيْفَ ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ .
وَالصَّرْفُ : الْإِبْعَادُ عَنْ شَيْءٍ ، وَالْمَصْرُوفُ عَنْهُ هُنَا مَحْذُوفٌ ، تَقْدِيرُهُ : عَنْ تَوْحِيدِهِ ، بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ .
وَجَعَلَهُمْ مَصْرُوفَيْنِ عَنِ التَّوْحِيدِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُمْ صَارِفًا ، فَجَاءَ فِي ذَلِكَ بِالْفِعْلِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَجْهُولِ وَلَمْ يَقُلْ لَهُمْ : فَأَنَّى تَنْصَرِفُونَ ، نَعَيًا عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ كَالْمَقُودِينَ إِلَى الْكُفْرِ غَيْرِ الْمُسْتَقِلِّينَ بِأُمُورِهِمْ يَصْرِفُهُمُ الصَّارِفُونَ ، يَعْنِي أَيِمَّةَ الْكُفْرِ أَوِ الشَّيَاطِينَ الْمُوَسْوِسِينَ لَهُمْ . وَذَلِكَ إِلْهَابٌ لِأَنْفُسِهِمْ لِيَكُفُّوا عَنِ امْتِثَالِ أَيِمَّتِهِمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=26لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ عَسَى أَنْ يَنْظُرُوا بِأَنْفُسِهِمْ فِي دَلَائِلَ الْوَحْدَانِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَهُمْ .
[ ص: 337 ] وَالْمَعْنَى : فَكَيْفَ يَصْرِفُكُمْ صَارِفٌ عَنْ تَوْحِيدِهِ بَعْدَمَا عَلِمْتُمْ مِنَ الدَّلَائِلِ الْآنِفَةِ .
وَالْمُضَارِعُ هَنَا مُرَادٌ مِنْهُ زَمَنُ الِاسْتِقْبَالِ بِقَرِينَةِ تَفْرِيعِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنَ الدَّلَائِلِ .