وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون .
يجوز أن يكون " وقيل " عطفا على الصلة . والتقدير : أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب ، وقيل لهم فإن " من " مراد بها جمع ، والتعبير بـ " الظالمين " إظهار في [ ص: 394 ] مقام الإضمار للإيماء إلى أن ما يلاقونه من العذاب مسبب على ظلمهم ، أي : شركهم .
والمعنى : أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب فلا يجد وقاية تنجيه من ذوق العذاب فيقال لهم : ذوقوا العذاب .
ويجوز أن يكون المراد بـ " الظالمين " جميع الذين أشركوا بالله من الأمم ؛ غير خاص بالمشركين المتحدث عنهم ، فيكون " الظالمين " إظهارا على أصله لقصد التعميم ، فتكون الجملة في معنى التذييل ، أي : ويقال لهؤلاء وأشباههم ، ويظهر بذلك وجه تعقيبه بقوله تعالى كذب الذين من قبلهم .
وجاء فعل " وقيل " بصيغة المضي وهو واقع في المستقبل لأنه لتحقق وقوعه نزل منزلة فعل مضى .
ويجوز أن يكون جملة " وقيل للظالمين " في موضع الحال بتقدير " قد " ولذلك لا يحتاج إلى تأويل صيغة المضي على معنى الأمر المحقق وقوعه .
والذوق : مستعار لإحساس ظاهر الجسد لأن إحساس الذوق باللسان أشد من إحساس ظاهر الجلد ؛ فوجه الشبه : قوة الجنس .
والمذوق : هو العذاب فهو جزاء ما اكتسبوه في الدنيا من الشرك وشرائعه ، فجعل المذوق نفس ما كانوا يكسبون مبالغة مشيرة إلى أن الجزاء وفق أعمالهم وأن الله عادل في تعذيبهم .
وأوثر " تكسبون " على تعملون لأن خطابهم كان في حال اتقائهم سوء العذاب ولا يخلو حال المعذب من التبرم الذي هو كالإنكار على معذبه . فجيء بالصلة الدالة على أن ما ذاقوه جزاء ما اكتسبوه قطعا لتبرمهم .