nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29012_29559_30549وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون .
عطف ( وقالوا ) على (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=4فأعرض ) ، أو حال من (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=4أكثرهم ) ، أو عطف على ( لا يسمعون ) ، أو حال من ضميره ، والمعنى : أنهم أعرضوا مصرحين بقلة الاكتراث وبالانتصاب للجفاء والعداء .
وهذا تفصيل للإعراض عما وصف به القرآن من الصفات التي شأنها أن تقربهم إلى تلقيه لا أن يبعدوا ويعرضوا ، وقد جاء بالتفصيل بأقوالهم التي حرمتهم من الانتفاع بالقرآن واحدا واحدا كما ستعلمه .
والمراد بالقلوب : العقول ، حكي بمصطلح كلامهم قولهم إذ يطلقون القلب على العقل .
والأكنة : جمع كنان مثل غطاء وأغطية وزنا ومعنى ، أثبتت لقلوبهم أغطية على طريقة التخييل ، وشبهت القلوب بالأشياء المغطاة على طريقة الاستعارة المكنية . ووجه الشبه حيلولة وصول الدعوة إلى عقولهم كما يحول الغطاء والغلاف دون تناول ما تحته .
وما يدعوهم إليه يعم كل ما دعاهم إليه من المدلولات وأدلتها ، ومنها
nindex.php?page=treesubj&link=28899دلالة معجزة القرآن وما تتضمنه من دلالة أمية الرسول - صلى الله عليه وسلم - من نحو قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك .
[ ص: 234 ] وجعلت القلوب في أكنة لإفادة حرف في معنى إحاطة الظرف بالمظروف . وكذلك جعل الوقر في القلوب لإفادة تغلغله في إدراكهم .
ومن في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5مما تدعونا إليه بمعنى عن مثل قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=22فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله وقوله قد كنا في غفلة من هذا ، والمعنى : قلوبنا في أكنة فهي بعيدة عما تدعونا إليه لا ينفذ إليها .
والوقر بفتح الواو : ثقل السمع وهو الصمم ، وكأن اللغة أخذته من الوقر بكسر الواو ، وهو الحمل لأنه يثقل الدابة عن التحرك ، فأطلقوه على عدم تحرك السمع عند قرع الصوت المسموع ، وشاع ذلك حتى ساوى الحقيقة ففتحوا له الواو تفرقة بين الحقيقة والمجاز ، كما فرقوا بين العض الحقيقي وعظ الدهر بأن صيروا ضاده ظاء .
وقد تقدم ذكر الأكنة والوقر في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=25وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا في الأنعام وفي سورة الإسراء .
والحجاب : الساتر للمرئي من حائط أو ثوب . أطلقوا اسم الحجاب على ما يمنع نفوسهم أن يأخذوا بالدين الذي جاء به النبيء - صلى الله عليه وسلم - من كراهية دينه وتجافي تقلده بجامع أن الحجاب يحول بين الرائي والمرئي فلا ينظر أحدهما الآخر ولا يصل إليه ، ومرادهم البراءة منه .
مثل نبو قلوبهم عن تقبل الإسلام واعتقاده بحال ما هو في أكنة ، وعدم تأثر أسماعهم بدعوته بصم الآذان . وعدم التقارب بين ما هم عليه وما هو عليه بالحجاب الممدود بينه وبينهم فلا تلاقي ولا ترائي .
وقد جمعوا بين الحالات الثلاث في التمثيل للمبالغة في أنهم لا يقبلون ما يدعوهم إليه .
واجتلاب حرف من في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5ومن بيننا وبينك حجاب لتقوية معنى الحجاب بين الطرفين وتمكن لازمه الذي هو بعد المسافة التي بين الطرفين لأن ( من ) هذه زائدة لتأكيد مضمون الجملة .
[ ص: 235 ] وضمير (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5بيننا ) عائد إلى ما عاد إليه ضمير (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=4أكثرهم ) .
وعطف (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5وبينك ) تأكيد لأن واو العطف مغنية عنه وأكثر استعمال بين أن يكون معطوفا عليه مثله كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=38قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين .
وقد جعل
ابن مالك " من " الداخلة على " قبل " و " بعد " زائدة فيكون " بين " مقيسا على " قبل " و " بعد " لأن الجميع ظروف . وهذا القول المحكي عنهم في القرآن بـ ( قالوا ) يحتمل أن يكون القرآن حكاه عنهم بالمعنى ، فجمع القرآن بإيجازه وبلاغته ما أطالوا به الجدال وأطنبوا في اللجاج ، ويحتمل أنه حكاه بلفظهم فيكون مما قاله أحد بلغائه في مجامعهم التي جمعت بينهم وبين النبيء - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا ظاهر ما في سيرة
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ، وزعم أنهم قالوه استهزاء وأن الله حكاه في سورة الكهف . .
ويحتمل أن يكونوا تلقفوه مما سمعوه في القرآن من وصف قلوبهم وسمعهم وتباعدهم كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=46وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا في سورة الإسراء ، فإن سورة الإسراء معدودة في النزول قبل سورة فصلت .
وكذلك قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا في سورة الإسراء أيضا ، فجمعوا ذلك وجادلوا به الرسول . فيكون ما في هذه الآية من البلاغة قد اقتبسوه من آيات أخرى .
قيل : إن قائله
أبو جهل في مجمع من
قريش فلذلك أسند القول إليهم جميعا لأنهم مشائعون له .
وقد جاء في حكاية أقوالهم ما فيه تفصيل ما يقابل ما ذكر قبله من صفات القرآن وهي
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=2تنزيل من الرحمن الرحيم nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا ، فإن كونه تنزيلا من الرحمن الرحيم يستدعي تفهمه والانتفاع بما فيه ، فقوبل بقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وكونه فصلت آياته يستدعي تلقيها والاستماع إليها فقوبل بقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5في آذاننا وقر ، أي فلا نسمع تفصيله ، وكونه قرآنا عربيا أشد إلزاما لهم بفهمه فقوبل ذلك بما يقطع هذه الحجة
[ ص: 236 ] وهو
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5من بيننا وبينك حجاب أي فلا يصل كلامه إليهم ولا يتطرق جانبهم ، فهذه تفاصيل إعراضهم عن صفات القرآن .
وقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5فاعمل إننا عاملون تفريع على تأييسهم الرسول من قبولهم دعوته وجعل قولهم هذا مقابل وصف القرآن بأنه بشير ونذير لظهور أنه تعين كونه نذيرا لهم بعذاب عظيم ؛ لأنهم أعرضوا فحكي ما فيه تصريحهم بأنهم لا يعبئون بنذارته فإن كان له أذى فليؤذهم به وهذا كقول فرعون
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=26ذروني أقتل موسى وليدع ربه .
وحذف مفعولا اعمل وعاملون ليعم كل ما يمكن عمله كل مع الآخر ما يناسبه .
والأمر في قوله فاعمل مستعمل في التسوية كقول
عنترة بن الأخرس المعني :
أطل حمل الشناءة لي وبغضي وعش ما شئت فانظر من تضير
وكقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير .
والخبر في قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5إننا عاملون مستعمل في التهديد .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29012_29559_30549وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ .
عَطْفُ ( وَقَالُوا ) عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=4فَأَعْرَضَ ) ، أَوْ حَالٌ مِنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=4أَكْثَرُهُمْ ) ، أَوْ عَطْفٌ عَلَى ( لَا يَسْمَعُونَ ) ، أَوْ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِهِ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّهُمْ أَعْرَضُوا مُصَرِّحِينَ بِقِلَّةِ الِاكْتِرَاثِ وَبِالِانْتِصَابِ لِلْجَفَاءِ وَالْعَدَاءِ .
وَهَذَا تَفْصِيلٌ لِلْإِعْرَاضِ عَمَّا وُصِفَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِي شَأْنُهَا أَنْ تُقَرِّبَهُمْ إِلَى تَلَقِّيهِ لَا أَنْ يَبْعُدُوا وَيُعْرِضُوا ، وَقَدْ جَاءَ بِالتَّفْصِيلِ بِأَقْوَالِهِمُ الَّتِي حَرَمَتْهُمْ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِالْقُرْآنِ وَاحِدًا وَاحِدًا كَمَا سَتَعْلَمُهُ .
وَالْمُرَادُ بِالْقُلُوبِ : الْعُقُولُ ، حُكِيَ بِمُصْطَلَحِ كَلَامِهِمْ قَوْلُهُمْ إِذْ يُطْلِقُونَ الْقَلْبَ عَلَى الْعَقْلِ .
وَالْأَكِنَّةُ : جَمْعُ كِنَانٍ مِثْلُ غِطَاءٍ وَأَغْطِيَةٍ وَزْنًا وَمَعْنًى ، أُثْبِتَتْ لِقُلُوبِهِمْ أَغْطِيَةٌ عَلَى طَرِيقَةِ التَّخْيِيلِ ، وَشُبِّهَتِ الْقُلُوبُ بِالْأَشْيَاءِ الْمُغَطَّاةِ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِعَارَةِ الْمَكْنِيَّةِ . وَوَجْهُ الشَّبَهِ حَيْلُولَةُ وَصُولِ الدَّعْوَةِ إِلَى عُقُولِهِمْ كَمَا يَحُولُ الْغِطَاءُ وَالْغِلَافُ دُونَ تَنَاوُلِ مَا تَحْتَهُ .
وَمَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ يَعُمُّ كُلَّ مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْمَدْلُولَاتِ وَأَدِلَّتِهَا ، وَمِنْهَا
nindex.php?page=treesubj&link=28899دَلَالَةُ مُعْجِزَةِ الْقُرْآنِ وَمَا تَتَضَمَّنُهُ مِنْ دَلَالَةِ أُمَيَّةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ .
[ ص: 234 ] وَجُعِلَتِ الْقُلُوبُ فِي أَكِنَّةٍ لِإِفَادَةِ حَرْفٍ فِي مَعْنَى إِحَاطَةِ الظَّرْفِ بِالْمَظْرُوفِ . وَكَذَلِكَ جُعِلَ الْوَقْرُ فِي الْقُلُوبِ لِإِفَادَةِ تَغَلْغُلِهِ فِي إِدْرَاكِهِمْ .
وَمِنْ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ بِمَعْنَى عَنْ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=22فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَقَوْلِهِ قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا ، وَالْمَعْنَى : قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ فَهِيَ بَعِيدَةٌ عَمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ لَا يَنْفُذُ إِلَيْهَا .
وَالْوَقْرُ بِفَتْحِ الْوَاوِ : ثِقَلُ السَّمْعِ وَهُوَ الصَّمَمُ ، وَكَأَنَّ اللُّغَةَ أَخَذَتْهُ مِنَ الْوِقْرِ بِكَسْرِ الْوَاوِ ، وَهُوَ الْحِمْلُ لِأَنَّهُ يُثْقِلُ الدَّابَّةَ عَنِ التَّحَرُّكِ ، فَأَطْلَقُوهُ عَلَى عَدَمِ تَحَرُّكِ السَّمْعِ عِنْدَ قَرْعِ الصَّوْتِ الْمَسْمُوعِ ، وَشَاعَ ذَلِكَ حَتَّى سَاوَى الْحَقِيقَةَ فَفَتَحُوا لَهُ الْوَاوَ تَفْرِقَةً بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ ، كَمَا فَرَّقُوا بَيْنَ الْعَضِّ الْحَقِيقِيِّ وَعَظِّ الدَّهْرِ بِأَنْ صَيَّرُوا ضَادَهُ ظَاءً .
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْأَكِنَّةِ وَالْوَقْرِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=25وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا فِي الْأَنْعَامِ وَفِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ .
وَالْحِجَابُ : السَّاتِرُ لِلْمَرْئِيِّ مِنْ حَائِطٍ أَوْ ثَوْبٍ . أَطْلَقُوا اسْمَ الْحِجَابِ عَلَى مَا يَمْنَعُ نُفُوسَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا بِالدِّينِ الَّذِي جَاءَ بِهِ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ كَرَاهِيَةِ دِينِهِ وَتَجَافِي تَقَلُّدِهِ بِجَامِعِ أَنَّ الْحِجَابَ يَحُولُ بَيْنَ الرَّائِي وَالْمَرْئِيِّ فَلَا يَنْظُرُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَلَا يَصِلُ إِلَيْهِ ، وَمُرَادُهُمُ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ .
مَثَّلَ نُبُوَّ قُلُوبِهِمْ عَنْ تَقَبُّلِ الْإِسْلَامِ وَاعْتِقَادِهِ بِحَالِ مَا هُوَ فِي أَكِنَّةٍ ، وَعَدَمَ تَأَثُّرِ أَسْمَاعِهِمْ بِدَعْوَتِهِ بِصُمِّ الْآذَانِ . وَعَدَمَ التَّقَارُبِ بَيْنَ مَا هُمْ عَلَيْهِ وَمَا هُوَ عَلَيْهِ بِالْحِجَابِ الْمَمْدُودِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَلَا تَلَاقِيَ وَلَا تَرَائِيَ .
وَقَدْ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَالَاتِ الثَّلَاثِ فِي التَّمْثِيلِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي أَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ مَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ .
وَاجْتِلَابُ حَرْفِ مِنْ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ لِتَقْوِيَةِ مَعْنَى الْحِجَابِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ وَتَمَكُّنِ لَازِمِهِ الَّذِي هُوَ بُعْدُ الْمَسَافَةِ الَّتِي بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّ ( مِنْ ) هَذِهِ زَائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ .
[ ص: 235 ] وَضَمِيرُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5بَيْنِنَا ) عَائِدٌ إِلَى مَا عَادَ إِلَيْهِ ضَمِيرُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=4أَكْثَرُهُمْ ) .
وَعَطْفُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5وَبَيْنِكَ ) تَأْكِيدٌ لِأَنَّ وَاوَ الْعَطْفِ مُغْنِيَةٌ عَنْهُ وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَيْهِ مِثْلُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=38قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ .
وَقَدْ جَعَلَ
ابْنُ مَالِكٍ " مِنْ " الدَّاخِلَةَ عَلَى " قَبْلُ " وَ " بَعْدُ " زَائِدَةً فَيَكُونُ " بَيْنَ " مَقِيسًا عَلَى " قَبْلُ " وَ " بَعْدُ " لِأَنَّ الْجَمِيعَ ظُرُوفٌ . وَهَذَا الْقَوْلُ الْمَحْكِيُّ عَنْهُمْ فِي الْقُرْآنِ بِـ ( قَالُوا ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ حَكَاهُ عَنْهُمْ بِالْمَعْنَى ، فَجَمَعَ الْقُرْآنُ بِإِيجَازِهِ وَبَلَاغَتِهِ مَا أَطَالُوا بِهِ الْجِدَالَ وَأَطْنَبُوا فِي اللَّجَاجِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ حَكَاهُ بِلَفْظِهِمْ فَيَكُونُ مِمَّا قَالَهُ أَحَدُ بُلَغَائِهِ فِي مَجَامِعِهِمُ الَّتِي جَمَعَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَهَذَا ظَاهِرُ مَا فِي سِيرَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنِ إِسْحَاقَ ، وَزَعَمَ أَنَّهُمْ قَالُوهُ اسْتِهْزَاءً وَأَنَّ اللَّهَ حَكَاهُ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ . .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُوا تَلَقَّفُوهُ مِمَّا سَمِعُوهُ فِي الْقُرْآنِ مِنْ وَصْفِ قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَتَبَاعُدِهِمْ كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=46وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ ، فَإِنَّ سُورَةَ الْإِسْرَاءِ مَعْدُودَةٌ فِي النُّزُولِ قَبْلَ سُورَةِ فُصِّلَتْ .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ أَيْضًا ، فَجَمَعُوا ذَلِكَ وَجَادَلُوا بِهِ الرَّسُولَ . فَيَكُونُ مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الْبَلَاغَةِ قَدِ اقْتَبَسُوهُ مِنْ آيَاتٍ أُخْرَى .
قِيلَ : إِنَّ قَائِلَهُ
أَبُو جَهْلٍ فِي مَجْمَعٍ مِنْ
قُرَيْشٍ فَلِذَلِكَ أَسْنَدَ الْقَوْلَ إِلَيْهِمْ جَمِيعًا لِأَنَّهُمْ مُشَائِعُونَ لَهُ .
وَقَدْ جَاءَ فِي حِكَايَةِ أَقْوَالِهِمْ مَا فِيهِ تَفْصِيلُ مَا يُقَابِلُ مَا ذُكِرَ قَبْلَهُ مِنْ صِفَاتِ الْقُرْآنِ وَهِيَ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=2تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا ، فَإِنَّ كَوْنَهُ تَنْزِيلًا مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَسْتَدْعِي تَفَهُّمَهُ وَالِانْتِفَاعَ بِمَا فِيهِ ، فَقُوبِلَ بِقَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَكَوْنُهُ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ يَسْتَدْعِي تَلَقِّيَهَا وَالِاسْتِمَاعَ إِلَيْهَا فَقُوبِلَ بِقَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5فِي آذَانِنَا وَقْرٌ ، أَيْ فَلَا نَسْمَعُ تَفْصِيلَهُ ، وَكَوْنُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا أَشَدُّ إِلْزَامًا لَهُمْ بِفَهْمِهِ فَقُوبِلَ ذَلِكَ بِمَا يَقْطَعُ هَذِهِ الْحُجَّةَ
[ ص: 236 ] وَهُوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5مِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ أَيْ فَلَا يَصِلُ كَلَامُهُ إِلَيْهِمْ وَلَا يَتَطَرَّقُ جَانِبَهُمْ ، فَهَذِهِ تَفَاصِيلُ إِعْرَاضِهِمْ عَنْ صِفَاتِ الْقُرْآنِ .
وَقَوْلُهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ تَفْرِيعٌ عَلَى تَأْيِيسِهِمُ الرَّسُولَ مِنْ قَبُولِهِمْ دَعْوَتَهُ وَجَعَلَ قَوْلَهُمْ هَذَا مُقَابِلَ وَصْفِ الْقُرْآنِ بِأَنَّهُ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ لِظُهُورِ أَنَّهُ تَعَيَّنَ كَوْنُهُ نَذِيرًا لَهُمْ بِعَذَابٍ عَظِيمٍ ؛ لِأَنَّهُمْ أَعْرَضُوا فَحُكِيَ مَا فِيهِ تَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّهُمْ لَا يَعْبَئُونَ بِنِذَارَتِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ أَذًى فَلْيُؤْذِهِمْ بِهِ وَهَذَا كَقَوْلِ فِرْعَوْنَ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=26ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ .
وَحَذَفَ مَفْعُولَا اعْمَلْ وَعَامِلُونَ لِيَعُمَّ كُلَّ مَا يُمْكِنُ عَمَلُهُ كُلٌّ مَعَ الْآخَرِ مَا يُنَاسِبُهُ .
وَالْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ فَاعْمَلْ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّسْوِيَةِ كَقَوْلِ
عَنْتَرَةَ بْنِ الْأَخْرَسِ الْمَعْنِيِّ :
أَطِلْ حَمْلَ الشَّنَاءَةِ لِي وَبُغْضِي وَعِشْ مَا شِئْتَ فَانْظُرْ مَنْ تُضِيرُ
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ .
وَالْخَبَرُ فِي قَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5إِنَّنَا عَامِلُونَ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّهْدِيدِ .